أن من أهم الظواهر القانونية المعاصرة ظاهرة انتشار نظام التحكيم کوسيلة لحل النزاعات، والواقع أن هذا النظام نظام قدیم حيث عرف في المجتمعات القديمة التي عدته الوسيلة الوحيدة لحل النزاعات القائمة بين أفرادها وفقا للأعراف والتقاليد السائدة فيها.
كان يتم الفصل في هذه النزاعات من قبل ذوي الشأن کرجل الدين أو شيخ القبيلة وما يتوصل إليه هؤلاء فيما يتعلق بالنزاعات المعروضة عليهم ويكون محل قبول أطراف هذه النزاعات حيث كانت هذه الصورة البدائية لهذا النظام .
في عصرنا الحالي ورغم أن الدولة أصبحت تتولى مهمة الفصل في النزاعات عن طريق السلطة القضائية التابعة لها إلا أنها أقرت التحكيم كوسيلة أخرى للفصل في هذه النزاعات وسنت القوانين التي تتضمن القواعد التي تكفل سلامة إجراءات التحكيم والحكم الصادر بناء على هذه الإجراءات ، ويتميز التحكيم ببساطة الإجراءات والبعد عن الشكلية التي يتطلبها القضاء وهو الأفضل لحل النزاعات ذات العنصر الأجنبي نظرا لإمكانية عرض هذه النزاعات على هيئة تحكيم محايدة قد لا تنتمي إلى الدول التي ينتمي إليها الأطراف لغياب دور القضاء الدولي لحل مثل هذه النزاعات وقد أجمعت الدول على عدم تنفيذه داخل حدود إقليمها إلا بعد توافر شروط ناظمة للتنفيذ ويقع على القاضي الوطني التحقق منها عند عرض الأمر عليه لاكساء الحكم الصبغة التنفيذية .
في هذا البحث، وجدت انه حريا بي أن ابسط الجوانب المهمة في موضوع التصديق على حكم تحكيم أجنبي والإجابة عن الأسئلة التالية ما هو المقصود بالتحكيم الأجنبي أوهي شروط المصادقة على التحكيم الأجنبي؟ وما هي آلية وضمانات التنفيذ؟
وعليه، سينتظم الحديث تحت هذا العنوان في مبحثين:
المبحث الأول:
تحديد المقصود بحكم التحكيم الأجنب:
تحديد الصفة الأجنبية الحكم التحكيم أهمية بالغة حيث يترتب على التمييز بين حكم التحكيم الأجنبي وحكم التحكيم الوطنی اختلاف في القواعد القانونية المطبقة على كل منهما ، فالتحكيم الوطني يستبع تطبيق القانون الوطني بخلاف الحال لو اشتمل التحكيم على عنصر أجنبي أو أكثر فنكون أمام احتمال تطبيق قانون أو قوانين أجنبية .
استند الفقه القانوني على معياريين ينم على أساسهما لاكساء قرار التحكيم بالصبغة الأجنبية سيتم الخوض بهما من خلال المطليين التاليين.
يستند أنصار هذا المعيار إلى مكان صدور الحكم التحكيمي حيث يتم ربط حكم التحكيم بالدولة التي صدر قرار التحكيم على إقليمها فيعتبر أن قرار التحكيم هو مركز الثقل في مجمل عملية التحكيم ولكن في حال تعدد الدول التي ينعقد فيها التحكيم فانه يعتبر الدولة التي انعقدت فيها هيئة التحكيم بصفة رئيسية وخاصة الدولة التي أصدرت فيها هيئة التحكيم قرار.
على صعيد اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها لسنة ۱۹۵۸ز نیویورك ) أخذت بهذا المعيار حيث نصت المادة الأولى منها بالقول: « تنطبق هذه الاتفاقية على الاعتراف بقرارات التحكيم وتنفيذها مني صدرت هذه القرارات في أراضي دولة خلاف الدولة التي يطلب الاعتراف بهذه القرارات وتنفيذها مني فيها ، ومتى كانت ناشئة عن خلافات بين أشخاص طبيعيين أو اعتباريين وتنطبق أيضا على قرارات التحكيم التي لا تعبر قرارات محلية في الدولة التي يطلب فيها الاعتراف بهذه القرارات وتنفيذها.
أما فلسطین تبنى المشرع المعيار الجغرافي المنصب على مكان إجراء التحكيم إن كان بجري خارج فلسطين يكون تحكيما أجنبيا ووضع ضوابط خاصة للتنفيذ.
الفرع الثاني:
المعيار القانوني:
انصار هذا المعيار اعتبروا المعيار الإجرائي أو القانوني اساس لاعتماده على القانون الواجب التطبيق بمعنی أن الحكم يكتسب جنسية الدولة التي طبق قانونها الإجرائي عليه فيعتبر الحكم وطنيا إذا تم وفقا للقانون الوطني حتى لو صدر في الخارج ويكون أجنبيا إذا خضع إجرائيا لقانون دولة أخرى ويكون حكم التحكيم وطنيا رغم صدوره في الخارج إذا تم وفقا للقانون الوطني وهذا المعيار يمكن للأفراد من خلاله التحكم في الصفة الأجنبية أو الوطنية لحكم التحكيم بطريقة غير مباشرة من خلال اختيار مكان إجراء التحكيم لأنه سيتم في هذه الحالة تطبيق القانون الإجرائي الخاص بهذا المكان على إجراءات التحكيم.
المطلب الثاني: تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي:
يكتسب قرار التحكيم متى صار نهائيا حجية الشيء المقضي به شانه في ذلك شان الحكم القضائي بيدا أن الحكم القضائي يكون قابلا للتفية لذاته مباشرة أما أن قرار التحكيم يحتاج لأكسائه الصبغة التنفيذية من جهة رسمية في الدولة تختلف باختلاف تشريعات الدول في تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي و مدى الرقابة التي تباشر الجهة المختصة بمنح أمر التنفيذ و ماهية الشروط الواجب توافرها في الحكم المراد تنفيذه .
سيتم الحديث على الحو الآتي:
الفرع الأول الشروط الواجب توفرها في حكم التحكيم الأجنبي المراد تنفيذه:
يجب على فاضي الموضوع قبل إصدار الأمر بالتنفيذ أن يتأكد من توافر جملة من الشروط و الحكم المراد تنفيذه وهي تختلف من تشريع إلى آخر، وموانع التنفيذ. على صعيد قانون التنفيذ الفلسطيني.
اشترطت المادة (۳۷) على ضرورة توافر شروط معينة في حكم التحكيم الأجنبي المزمع تنفيذه والتي تفرض على القاضي الموضوع التحقق من وجودها قبل الأمر بالتنفيذ وهي:
1- أن تكون محاكم دولة فلسطين غير مختصة وحدها بالفصل في المنازعة التي صدر فيها الحكم أو القرار أو الأمر وان المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها.
۲- أن يكون الحكم أو القرار أو الأمر حاز قوة الأمر المقضي به طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته
3- أن يكون الحكم أو القرار أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو قرار أو أمر سبق صدوره من محكمة فلسطينية وانه لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة في فلسطين.
كذلك ذهبت المادة (۳۸) من ذات القانون باشتراطها أن يكون الحكم صادر في مسالة يجوز فيها التحكيم طبقا لأحكام قانون التحكيم الفلسطيني الذي حدد بدوره المسائل التي لا تخضع للتحكيم وهي المسائل التي تتعلق بالأحوال الشخصية والمسائل التي لا يجوز فيها الصلح والمسائل التي تتعلق بالنظام العام".
الفرع الثاني: موانع تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي
في بعض الأحيان يمتنع تنفيذ الحكم التحكيمي الأجنبي لعدة أسباب منها مخالفته لفكرة النظام العام و الدولة المطلوب تنفيذه لديها او يطلب من الخصم المطلوب التنفيذ ضده وهي فكرة ماخوذة عن اتفاقية نيويورك لتنفيذ قرارات المحكمين والتي عالجت هذه الحالات ونظرا لأهمية ما جاء بالمادة الخامسة سوف نلقي الضوء تحديدا على المادة الخامسة منها، والتي نصت بالقوله
1- لا يجوز رفض الاعتراف بالقرار وتنفيذه بناء على طلب الطرف المحتج ضده بهذا القرار الا أذا قدم ذلك الطرف إلى السلطة المختصة التي يطلب إليها الاعتراف والتنفيذ ما يثبت.
۲- أن طريع الاتفاق المشار إليه في المادة الثانية كانا بمقتضى القانون المنطبق عليهما ، في حالة من حالات انعدام الأهلية أو كان الاتفاق المذكور غير صحيح بمقتضى القانون الذي اخضع له الطرفان الاتفاق أو إذا لم يكن هناك ما يشير إلى ذلك بمقتضى قانون البلد الذي صدر فيه القرار ،أو أن الطرف الذي يحتج ضده بالقرار لم يخطر على الوجه الصحيح بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان لأي سبب آخر غير قادر على عرض قضيته ،أو أن القرار يتناول خلافا لم تتوقعه أو لم تتضمنه شروط الإحالة إلى التحكيم، أو انه يتضمن قرارات بشان مسائل تتجاوز نطاق الإحالة إلى التحكيم ، على أن يراعي في الحالات التي يمكن فيه فصل القرارات المتعلقة بالمسائل التي تخضع للتحكيم عن المسائل التي لا تخضع له أنه يجوز الاعتراف بجزء القرار الذي يتضمن قرارات تتعلق بمسائل تخضع للتحكيم وتنفيذ هذا الجزء، أو أن تشكيل هيئة التحكيم أو أن إجراءات التحكيم لم تكن وفقا لاتفاق الطرفين أو لم تكن في حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق وفقا لقانون البلد الذي جرى فيه التحكيم أو أن القرار لم يصبح بعد ملزما للطرفين أو انه نقض أو أوقف تنفيذه من قبل سلطة مختصة في البلد الذي يطلب الاعتراف بالقرار وتنفيذه.
3- يجوز كذلك رفض الاعتراف بقرار التحكيم ورفض تنفيذه إذا تبين للسلطة المختصة في البلد الذي يطلب فيه الاعتراف بالقرار وتنفيذه.
4- أنه لا يمكن تسوية موضوع النزاع بالتحكيم طبقا لقانون ذلك البلد أو أن الاعتراف بالقرار أو تنفيذه يتعارض مع السياسة العامة لذلك البلد.
و يبدو جليا أن المشرع الفلسطيني قد تأثر كثيرا في اتفاقية نيويورك المذكورة وأجاز للمحكوم عليه أن يطلب من المحكمة المختصة عدم تنفيذ قرار التحكيم استنادا إلى الأسباب المنصوص عليها وفق احكام المادة (44) من قانون التحكيم الفلسطيني التي نصت على:
1- إذا ثبت للمحكمة توفر سبب من الأسباب الواردة في المادة (34) من قانون التحكيم المذكور.
۲- اذا ثبت أن القرار قد أبطلته أو أوقفت تنفيذه إحدى المحاكم في البلد الذي صدر فيه.
٣- إذا أثبت المحكوم عليه أن القرار المراد تنفيذه استؤنف في البلد الذي صدر فيه ولم يفصل بعد فعلى المحكمة وقف التسجيل لحين البت في الاستئناف .
4- إذا كانت احدى المحاكم فلسطين قد أصدرت حكما يناقض ذلك القرار في دعوى أقيمت بين ذات الفرقاء وتناول الحكم نفس الموضوع والوقائع".
المبحث الثاني: آلية تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي:
أن تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي فقد يأخذ شكل التنفيذي الأختياري أو الرضائي بمعنى أن المحكوم عليه يقوم بتنفيذ الحكم الصادر بحقه مباشرة وأما أن يتخذ شكل التنفيذ القضائي. سيستقيم الحديث في هذا المبحث في مطلبين اثنين
الأصل أن يتم التنفيذ حكم التحكيم تنفيذيا اختياريا نظرا للطابع الاختياري في اللجوء إلى التحكيم بوصفه وسيلة لحل النزاع ويتطلب هذا قبول المحكم عليه للحكم وهذا القبول قد يكون صريحا كإرسال خطاب من المحكوم عليه إلى المحكوم له يعلمه بالقبول والاستعداد للتنفيذ وقد يكون ضمنيا كان يقوم المحكوم عليه بتنفيذ الحكم.
على أنه يقف وراء ذلك دوافع عديدة منها :
إن تنفيذ حكم التحكيم اختياريا ربما يكون الطريق الأسهل أو الأقل صعوبة بالنسبة للمحكوم عليه وذلك تغليبا المتطلبات التجارة الدولية والاستمرار المعاملات وخصوصا إذا كانت هناك تعاملات مستمرة بين الأطراف إضافة إلى أن عدم التنفية قد يكون فيه مساس بسمعته التجارية".
۲) من الأمور التي تدفع الطرف المحكوم عليه إلى التنفيذ الاختياري احتمال انتقاده من قبل مجموعة تجارية أو اتحادات تجارية أو مهنية.
3) فد يخشى المحكوم عليه أن يعد عدم التنفيذ دليلا على وضع مالي سيء له مما يسبب له مشاكل
كبيرة في نطاق المعاملات التجارية".
4 ) الخشية من الجزاءات التي تفرضها مؤسسات التحكيم التابعة لبعض غرف التجارة والتي تأخذ شكل نشر رفض التنفيذ وهذا الجزاء فيه مساس يسمعته أو قد يأخذ شكل حرمان الطرف الممتنع عن التنفيذ من خدمات التحكيم او من المزايا الأخرى .
5) قد تصل هذه الجزاءات إلى حد طرد الطرف الممتنع عن التنفيذ من اتحاد التجارة المعني أو سوق البضاعة المعينة فهذه الدوافع كامنة للتنفيذ الرضائي لحكم التحكيم.
لم تتبع القوانين أسلوبا واحدا بشان التنفيذ الجبري لحكم التحكيم منها بعد هذا الحكم واجب التنفيذ فورا دون حاجة إلى أي إجراء من أي جهة أو سلطة عامة ، مثل القانون النمساوي والترويجي ومنها ما بستوجب اتخاذ إجراء إداري بالتأشير على الحكم من قبل موظف إداري مثل القانون السويدي والفنلندي أما الأسلوب الشائع والذي أخذت به اغلب القوانين العربية فهو أن التنفيذ الجبري لحكم التحكيم يتطلب صدور أمر بذلك من جهة قضائية.
وهذا ما اخذ به كل من فوائيين التحكيم الفلسطيني، الأردن، المصري حيث جاء في المادة (47) من قانون التنفيذ الفلسطيني بالقول ، يكون القرار التحكيم بعد تصديقه من المحكمة المختصة القوة والمفعول التي القرارات المحاكم ويتم تنفيذه بالصورة التي ينفذ بها أي حكم أو قرار صادر عن محكمة مختصة وفقا للأصول المرعية.
وبما أن التحكيم الجبري يخضع لأحكام خاصة سيتم بحثه في فرعين التاليين التاليين .
بما أن هذا التنفيذ لا يتم إلا بعد صدور أمر يتنفيذه من المحكمة المختصة، بناء على طلب بقدم إليها فان دراسته تتطلب بحث القواعد التالية:
أولا : وفق أحكام المادة الأولى من قانون التحكيم الفلسطيني فان المحكمة المختصة أصلا ينظر النزاع المعروض على هيئة التحكيم إذا كان التحكيم محليا وإذا كان دوليا يجري في فلسطين فالمحكمة المختصة هي محكمة البداية التي يجري التحكيم ضمن اختصاصها المكاني أما إذا كان التحكيم أجنبيا فالمحكمة المختصة في تسجيل قرار التحكيم وتنفيذه هي محكمة البداية في القدس العاصمة دولة فلسطين أو ا المقر المؤقت في غزة".
ثانيا: میعاد تقديم طلب تنفيذ الحكم، يتضح من نص المادة 1/45 من قانون التحكيم الفلسطيني انه لا يجوز تقديم طلب تصديق حكم التحكيم وإكسابه الصيغة التنفيذية إلا بعد انقضاء المدة المحددة للطعن به.
حيث يقدم طلب الطعن وفقا لنص المادة 44 من قانون التحكيم الفلسطيني خلال ثلاثين يوم من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم إن كان وجاهيا وإلا فمن اليوم التالي لتاريخ تبليفه وإذا بني الطعن على أساس الغش أو الخداع يبدأ ميعاد الطعن من تاريخ اكتشاف الغش أو الخداع".
هنا قد بثار تساؤل هل يجوز تقديم طلب التنفيذ بعد انقضاء المدة المحدد للطعن حتى لو تم الطعن الحكم فعلا ام يجب الانتظار حتى الفصل في هذا الطعن.
بتقديري المتواضع وفق صریح المادة 1/45 من قانون التحكيم الفلسطيني إذا انقضت المدة المحددة للطعن حكم التحكيم دون الطعن به تصدر المحكمة بناء على طلب أحد الأطراف قرارا بتصديقه بمفهوم المخالفة لنص هذه المادة إذا تم الطعن خلال المدة المحددة لذلك لا يجوز تقديم الطلب ، إنما بجب الانتظار لحين الفصل في طلب التعيين بمعنى آخر أن تصديق الحكم أو عدمه يتوقف على نتيجة الطعن به وهذا ما أكدته الفقرة الثانية من المادة المذكورة حين نصت « إذا قضت المحكمة المختصة برفض طلب الطعن فانه تقرر صحته وإكسابه الصيغة التنفيذية".
ثالثا: إجراءات تقديم طلب التنضيد :
حدد قانون التحكيم الفلسطيني في المادة (۵۰) إجراءات تقديم طلب تنفيذ قرار التحكيم الأجنبي بالنص يجب على طالب الأمر بتنفيذ قرار التحكيم الأجنبي أن يبرز للمحكمة المختصة ما بلي 1- قرار التحكيم الأجنبي مصدقا عليه من المعتمد السياسي أو القنصلي الفلسطيني في ذلك البلد إن وجد ۲- أن يكون القرار مثرجما إلى اللغة العربية من مترجم قانوني معتمد لدى جهات الاختصاص ومصدق على صحة توقيع المترجم من المعتمد السياسي أو القنصلي للدولة التي ينتمي إليها طالب التسجيل ،أو أن يكون القرار مترجما بعد حلف اليمين من مترجم قانوني فلسطيني"
رابعا: إجراءات الفصل في طلب التنفيذ :
لم يتضمن قانون التحكيم الفلسطيني نصوصا خاصة بكيفية الفصل في هذا الطلب إذا كان التحكيم محليا وبالرجوع إلى قانون التحكيم الأردني رقم 18 لسنة ۱۹۵۲ فانه يتوجب على المحكمة لدى تقديم استدعاء لتنفيذ هذا الحكم إصدار إعلان للمستدعي ضده يعلن فيه بان له الحق في الاعتراض على هذا الطلب خلال سبعة أيام من تاريخ التبليغ ويترتب على عدم الاعتراض خلال المدة المذكورة قيام المحكمة بتصديق الحكم دون مرافعة وفي حال تم تقديم الاعتراض تستمع المحكمة إلى وجهة نظر أطراف النزاع وتتخذ قرار إما بتصديق الحكم كليا أو جزئيا أو برد طلاب التصديق". عالج قانون التحكيم الفلسطيني في المادتين 4 - 44 أسباب رفض تنفيذ قرار التحكيم الأجنبي تعرضنا لها في الصفحات السابقة ولا داعي لتكرار شرحها و حال لم يتوفر سبب من الأسباب لعدم تصديقه تصدر أمرا بتنفيذ قرار التحكيم الأجنبي ويجري تبليغ المحكوم عليه نسخة من الأمر بالتنفيذ ومرفقاته حسب الأصول".
ويجوز للمحكوم عليه متى تبلغ الأمر بالتنفيذ وفقا للأصول ان يقدم رده إلى المحكمة خلال ثلاثين يوما من تاريخ تبليفه ويبلغ المحكوم له نسخة عن هذا الرد حسب الأصول".
خامسا: الطعن في الحكم الصادر بالأمر بالتنفيذ:
بقراءة متأنية للمادة (45) من قانون التحكيم الفلسطيني نجد أن قرار المحكمة بتصديق حكم التحكيم يكون نهائيا وبالتالي لا يكون خاضعا لأي طريق من طرق الطعن".
في حين ذهبت المادة (46) من ذات القانون على سريان قواعد وإجراءات الاستئناف المعمول بها أمام المحكمة المستانف إليها على استئناف الحكم الصادر من المحكمة المختصة مما يشكل تناقض واضح بين هذين النصيين وهو أمر غير محمود".
بينما نصت المادة (۵۳) من قانون التحكيم الفلسطيني على جواز استئناف قرار المحكمة الصادر بالأمر بالتنفيذ قرار تحكيم الأجنبي أو رفض تنفيذه وذلك خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ صدوره إذا كان وجاهيا وإلا من اليوم التالي لتاريخ تبليغة إذا كان غيابيا".
الفرع الثاني، ضمانات تنفيذ التحكيم الأجنبي:
نظرا لاختلاف وتباين القوانين الداخلية في كل دولة فيما يتعلق بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي وصعوبة وجود قواعد موحدة أدى ذلك إلى عدم وجود آلية فاعلة لضمان تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وهذا يتعارض من الغاية الأساسية التي تقوم عليها فكرة التحكيم.
إن سلطة تنفيذ حكم التحكيم ضد الممتنع عن التنفيذ قد تتضمن الحجز على أمواله أو بيعها أو الحبس او غير ذلك من الإجراءات التي تعد من اختصاص الدولة كسلطة عامة ولا يمكن للدولة أن تفوض غيرها للقيام به، وبالتالي فان تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي يكون في محاكم الدولة ووفقا للقواعد القانونية المطبقة فيها والتي تختلف من بلد الى اخر.
حيث كان من ضرورة وجود ضمانات لتنفيذ حكم التحكيم في دولة غير الدولة التي أصدرته من توافر ضمانات تكفل له التنفيذ الفاعل مما أدى إلى نشاط مكثف من قبل المنظمات والمؤسسات المعنية بالتحكيم لحث الدول على الدخول في اتفاقيات دولية تتضمن النقاد الدولي لأحكام التحكيم وقد تنوعت هذه الاتفاقيات على المستوى الدولي وانضمت اليها معظم دول العالم وهي اتفاقية نيويورك للاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية لسنة 1958 ومنها على المستوى الإقليمي.
سوف تتعرض لأراء فقهية في هذا الموضوع ميزت بین عده افتراضات :
1- أن ينشا التامين تلقائيا وبقوة القانون كأثر للحكم وهنا يعتبر التامين من ضمانات التنفيذ المقترنة بالحكم وبما أن إجراءات التنفيذ الجبري تخضع لمبدأ الإقليمية فان هذه التأمينات لا يتجاوز أثرها إقليم الدولة التي صدر الحكم فيها.
ومن مقتضى منح الأمر بالتنفيذ أن ينزل حكم التحكيم الأجنبي منزلة الأحكام الوطنية بما يترتب عليه كافة الضمانات التي يرتبها قانون المحكمة التي أصدرت الأمر ولو كان الحكم الأجنبي مجردا من كل تامین
۲. إذا كان مصدر التامين القانون الذي يحكم الحق محل النزاع مثل قانون العقد أو قانون محل وقوع الفعل الضار بحيث يجعل المسئولين عن الالتزام متضامنين في هذه الحالة يعتبر الحكم كاشفا للتامين وليس منشا له عندئذ يكون التضامن منتجا لأثاره عبر حدود الدولة التي أصدر قضاؤها الحكم .
۳، حق الاختصاص لا يعد من ضمانات التنفيذ لأنه يعتبر من الآثار القانونية المترتبة على الحكم"
الاستنتاجات:
1، قانون التحكيم الأردني رقم 18 لسنة ۱۹۵۳ ما زال ساري المفعول في فلسطين بما لا يتعارض مع قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة ۲۰۰۰.
۲، قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية الأردني رقم 8 لسنة ۱۹۵۲ ما زال ساري المفعول في فلسطين بما لا يتعارض مع قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة ۲۰۰۰.
3، تطبيق المشرع الفلسطيني المعيار الجغرافي لتحديد إذا كان التحكيم أجنبيا لاكسائه الصيغة التنفيذية
4، معظم الدول وضعت ضوابط لتنفيذ واكساء حكم التحكيم الأجنبي الصبغة التنفيذية وأهمها عدم التضارب مع فكرة النظام العام.
5 ، عدم مراعاة فكرة وسمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الداخلية في معرض التعامل او تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي في كثير من الدول.
6، معظم الدول العربية ومنها فلسطين اخذت بفكرة التنفيذ الجبري أي يتطلب صدور أمر من جهة
قضائية للتنفيذ.
۷. التباين في وجهات نظر الدول في تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وهذا يتعارض مع الفكرة الأساسية
التي يقوم عليها التحكيم.
۸، وجود تناقض واضح ما بين المادة 45-46 وغيرها من مواد قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة ۲۰۰۰ مما يؤدي لخلق حالة من الفوضى والتشتت لقاضي الموضوع.
9 ، المادة (53) من قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة ۲۰۰۰ أجازت استئناف الأمر بتنفيذ قرار التحكيم الأجنبي، أو رفض تنفيذه مما يؤدي لهدر المقصد الحقيقي من التحكيم وهي سهولة الإجراءات والبت في المنازعات (تناقض).
التوصيات:
1، ضرورة إجراء تعديل على قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة ۲۰۰۰ والنص صراحة على إلغاء قانون التحكيم الأردني رقم 18 لسنة ۱۹۵۳ و الغاء قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية الأردني رقم 8 لسنة ۱۹۵۲ وعدم الاكتفاء بالغاء كل ما يتعارض معهما حتى لا تظل القواعد التي تنظم الأحكام المتعلقة بالتحكيم متناثرة بين رزمة قوانین.
۲، إزالة التناقض ما بين مواد قانون التحكيم الفلسطيني ومنها (45-46- ۵۳) رقم 3 لسنة ۲۰۰۰ وإجراء
تعديل تشريعي بعدم جواز الطعن في قرار الصادر بالتنفيذ لأن التحكيم يتميز بالمرونة وبسهولة الإجراءات والبعد عن الإجراءات المتبعة أمام المحاكم من اجل تحقيق مزاياه في سرعة البت إنهاء النزاع وتنفيذ الحكم الفاصل فيه.
3، النص على أن حجية حكم التحكيم تعد من النظام العام بحيث لا يجوز الاتفاق على مخالفتها انطلاقا من إقرار القانون للتحكيم بوصفه وسيلة لحسم النزاعات واستقرار الحقوق والمراكز القانونية مما يؤكد فاعليته في ذلك.
4، خلق قنوات اتصال مع مراكز التحكيم في الدول للاستفادة من تجاربها في هذا المجال والمشاركة وجميع المؤتمرات التي تتناول موضوعات التحكيم والاطلاع على كل ما هو جديد في هذا المجال .
5، عقد الندوات وتوزيع النشرات بهدف توعية المواطنين بأهمية التحكيم وما يتمتع به من مزايا وهذا بحد ذاته يساعد في إنجاح مراكز التحكيم والقيام بدورها على اكمل وجه.
6 ، تفعيل دور موضوع التامين كضمائة لتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي على المستوى الدولي، الإقليمي، الوطني.
7، أن يتوافق قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة ۲۰۰۰ مع اتفاقية نيويورك من خلال اعادة صياغة وترتيب مواده واعتبار احكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها له اثر في اعتبارها قانونا واجب التطبيق ما لم تتوافر الحالات المنصوص عليها في المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك المذكورة.
۸. التوصية بتبني المعيار القانوني إلى جانب المعيار الجغرافي عند التمييز بين قرارات التحكيم ومخالفة اتفاقية نيويورك والرياض فكلاهما اطلق العنان للمعيار الجغرافي لاكساء قرار التحكيم الأجنبي.
قضية رقم (7)|
دولة فلسطين السلطة القضائية محكمة الاستئناف
الحكم
الصادر عن محكمة استئناف رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره باسم الشعب العربي الفلسطيني
الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيد رائد عصفور وعضوية السادة القضاة راشد عرفة و وسام السلايمة
المستأنف: مجلس الخدمات المشترك مشروع الصرف الصحي لمحافظة طولكرم والمعروف باسم مجلس خدمات مشترك وادي الزومر.
وكلاؤها المحامون عميد عناني وشاكر دار على وبراء مخو ومحمد دحادحة المستأنف ضده:
جميل يوسف مصلح الطريفي بصفته المفوض بالتوقيع عن شركة الطريفي للمقاولات والأعمار المساهمة الخصوصية المحددة وكلاؤها المحامين:
أحمد شرعب و/ أو فارس شرعب
يتم نشر هذا الحكم بالتنسيق مع كلية القانون،
جامعة النجاح الفلسطينية (موقع مقام)
موضوع الاستئناف:
الحكم الصادر بتاريخ ۲۰۱۸/۱/۱۱ عن محكمة بداية طولكرم في الطلب رقم ۲۰۱۹/۱۰۹ المقدم لرد الدعوى قبل الدخول في الأساس المتفرع عن الدعوى الحقوقية رقم ۲۰۱۹/۹۰ والقاضي برد الطلب والانتقال لرؤية الدعوى المدنية رقم ۲۰۱۹۰۰/۹۰
تتلخص أسباب الاستئناف بما يلي:
الحكم المستأنف مخالف للأصول والقانون ومشوب القصور
٢. الحكم المستأنف حريا بالالغاء كونه صدر دون الاستناد الى اية بينة ولم يعلل تعليلا كافيا وواضحا
3. الحكم المستأنف جاء ضد وزن البينة . اخطات المحكمة بعدم رد الدعوى لثبوت وجود اتفاق تحكيم.
الاجراءات وبالمحاكمة الجارية علنا وبجلسة ۳/6/ ۲۰۱۸ التمس وكيل الجهة المستأنفه قبول الاستئناف
في حين التمس وكيل المستأنف عليه عدم قبول الاستئناف شكلا وبجلسة ۲۰۱۸/۳/۲5 ختمت اجراءات المحاكمة.
المحكمة
بالتدقيق المداولة، نجد أن هذا الاستئناف ينصب على قرار محكمة أول درجة برد طلب الجهة المستأنفه بعدم قبول الدعوى لوجود شرط تحكيم و الانتقال لرؤية الدعوى المدنية ۲۰۱۹/۹۰، وحيث أن الدفع بوجود شرط التحكيم يكون لأجل الوقف المؤقت النظر الدعوى من قبل المحكمة فهو لا يتعلق بعيب في الدعوى ذاتها أو في مدى توافر الشروط التي يتطلبها القانون القبول الدعوى ، فالحكم الصادر بوقف الإجراءات والإحالة التحكيم لا يستنفذ سلطة المحكمة فهو لا ينهي الدعوى ولا يزيل الخصومة وتبقى الدعوى قائمة أمام المحكمة بدليل إمكانية العودة إلى التقاضي أمام المحكمة التي أقيمت الدعوى أمامها في حال تعذر مواصلة التحكيم وكذلك إمكانية مراجعة المحكمة المختصة أثناء سير اجراءات التحكيم الإصدار قرارات فيما يطلب منها اتخاذه من تدابير وقتية أو تحفظية وغيرها من الإجراءات تتعلق بالتحكيم وفق ما نصت عليه المواد ۱۷ و ۲۹ و ۳۳ و ۳ من قانون التحكيم الفلسطيني وذلك دون الحاجة الإقامة دعوى جديدة ودفع رسوم عنها، كما أننا نجد أن المشرع الفلسطيني وعلى الرغم مما ثار من جدل فقهي واضطراب بالأحكام القضائية حول طبيعة الدفع بشرط التحكيم قبل صدور قانون التحكيم وعلى الرغم من تأثره بنص المادة (۱۳) من قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة 1994 الا انه لم ينص صراحة على عدم قبول الدعوى في نص المادة السابعة ، كما فعل المشرع المصري بنص بالمادة ۱۳ من القانون المذكور حيث أوجب على المحكمة الحكم بعدم قبول الدعوى ، و بذلك يكون المشرع الفلسطيني قد اغضل وبشكل مقصود اعتبار هذا الدفع من الدفوع المتعلقة بعدم القبول ومن المعلوم أن المشرع منزه عن اللغو وإذا أراد قال فسكوته يدلل ويؤكد على عدم اعتباره لدفع بشرط التحكيم دفعا بعدم القبول .
وعليه واستنادا لما تقدم فإننا نرى أن الدفع بوجود شرط التحكيم لا يعتبر دفعا بعدم القبول ولا يخضع بذلك الأحكام المادة 40 من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم ۲ لسنة ۲۰۰۱، كما أن القول بان الدفع بوجود شرط التحكيم هو دفع ذو طبيعة خاصة او دفعا بعدم الاختصاص فان مثل هذا القول لا يجعل من الحكم الصادر برد الطلب المتصل بوجود شرط التحكيم قابلا للاستئناف استقلال طالما انه يصدر أثناء سير الدعوى و لا تنتهي به الخصومة وإنما يخضع في ذلك للقواعد العامة المتعلقة بالطعن بالأحكام، وفقا للمادة ۱۹۲ من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم ۲ لسنة ۲۰۰۱ و التي وضعت فقاعدة عامة مفادها عدم جواز في الطعن في القرارات التي تصدر أثناء سير الدعوى إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام المستعجلة والأحكام الصادرة بوقف الدعوى و القرارات القابلة للتنفيذ الجبري والأحكام المتعلقة بعدم الاختصاص والإحالة، وحيث أن قرار المحكمة برد طلب و الانتقال لرؤية الدعوى لا يعتبر من ضمن القرارات التي عددتها المادة ۱۹۲ المشار إليها، و لا ينهي النزاع في الدعوى الأصلية ولا ترتفع به يد المحكمة عن القضية، وحيث لم يرد نص على جواز الطعن به استقلالا الأمر الذي نجد معه بأنه لا يجوز الطعن بالقرار موضوع هذا الاستئناف إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها.
لذلك تقرر المحكمة وسندا لما تم بيانه عدم قبول الاستئناف على أن تعود الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة على الفريق الخاسر بالنتيجة .
حكمة حضوريا صدر وتلي علنا باسم الشعب العربي الفلسطيني وافهم في ۲۰۱۸/۳/۲۰