المحاكم لا تملك ولاية الفصل في تفسير احكام المحكمين مهما شابها من غموض أو ابهام في هذا الشأن سواء قدم اليها طلب التفسير بدعوى مستقلة أو عند النظر في طلب المصادقة على تلك الأحكام.
(محكمة التمييز – دبي – الطعن رقم 240لسنة 2007مدني – جلسة 13/1/2008)
وحيث ان الطعن اقيم على سببين ينعي الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ قض بعدم قبول طلب الطاعن بتفسير الحكم الصادر من المحكم بمقولة ان المحاكم لا تختص بتفسيره ويقتصر اختصاصها على تفسير الأحكام الصادرة عنها فحسب، هذا في حين أن المحاكم هي صاحبة الولاية العامة في الفصل في كافة ما يطرح عليها من منازعات طالما أنه ليس في القانون نص يحول دون تفسير أحكام المحكمين بمعرفة المحاكم، بعد أن انتهت ولاية المحكم في النزاع بصدور حكمه فلا يجوز الالتجاء إليه بطلب تفسيره، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 138من قانون الإجراءات المدنية على أنه (يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إيهام ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً من كل الوجوه للحكم الذي يفسره...) وفي المادة 214من ذات القانون الواردة في الباب الخاص بالتحكيم على أنه (يجوز للمحكمة أثناء النظر في طلب تصدق حكم المحكمين أن تعيده إليهم للنظر فيما اغفلوا الفصل فيه من المسائل التحكيم أو لتوضيح الحكم المحكمين أن تعيده إليهم للنظر فيما أغفلوا الفصل فيه من مسائل التحكيم أو التوضيح الحكم إذا كان غير محدد بالدرجة التي يمكن فيها تنفيذه وعلى المحكمين في هاتين الحالتين أن يصدروا قرارهم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إبلاغهم بالقرار إلا إذا قررت المحكمة خلاف ذلك، ولا يجوز الطعن في قرارها إلا مع الحكم النهائي الصادر بتصديق الحكم أو إبطاله) يدل على أن المحاكم تختص بتفسير ما وقع في منطوق حكمها من غموض أو إبهام دون أن يمتد اختصاصها إلى تفسير ما قد يصدر من قرارات أو أحكم من أي جهات أخرى منحها المشرع ولاية الفصل في بعض المنازعات، طالما لم يرد نص خاص في القانون يخول المحاكم سلطة تفسيرها . وهو ما أكده المشرع في المادة 214 سالفة البيان بالنسبة لأحكام الصادرة من المحكمين حيث لم يمنح المحاكم سلطة تفسير هذه الأحكام إذا ما تبين للمحكمة عند نظر (طلب) الخصم بالتصديق عليها انها غير محددة لإمكان تنفيذها بما اشتملت عليه من الغموض أو إبهام في تحديد المسائل التي فصلت فيها، وأوجب المشرع على المحكمة في هذه الحالة إعادة الحكم إلى المحكمين الذين أصدروه لتحديد تلك المسائل تمهيداً لإمكان تنفيذها، دون أن يمنح المحكمة سلطة بت ذلك، مما مفاده أن المحاكم لا تملك ولاية الفصل في تفسير أحكام المحكمين مهما شابها من غموض أو إبهام في هذا الشأن سواء قدم إليها طلب التفسير بدعوى مستقلة أو عند النظر في طلب المصادقة على تلك الأحكام، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأورد بأسبابه أن المحكمة لا تختص بتفسير حكم المحكم – محل النزاع- فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ومن ثم فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.