لم تضع النصوص القانونية الصادرة في العديد من الدول والمنظمة للتحكيم التجاري الدولي تعريفا لما هو المقصود بحكم التحكيم.
كذلك فإن القانون النموذجي للتحكيم الذي أعدته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لم يضع أيضا تعريفا محددا لحكم التحكيم وذلك على الرغم من أن موضوع تعريف الحكم التحكيمي كانت قد تمت إثارته أثناء وضعه هذا القانون، وتم اقتراح التعريف الآتي:
يقصد بالحكم التحكيمي "كل حكم قطعي يفصل في جميع المسائل المعروضة على محكمة التحكيم، وأيضا كل قرار آخر صادر عن محكمة التحكيم يفصل بشكل نهائي في مسألة تتعلق بموضوع النزاع أيا ما كانت طبيعتها أو الفصل في مسألة اختصاص محكمة التحكيم أو أي مسألة أخرى تتعلق بالإجراءات، ولكن في هذه الحالة الأخيرة بعد قرار المحكمة حكما تحكيميا فقط إذا قامت محكمة التحكيم بتكييف القرار الصادر عنها بأنه كذلك".
ولما كان التعريف السابق محلا لخلافات عديدة، ولا سيما بشأن معرفة ما إذا كانت القرارات الصادرة من المحكمين بشأن الفصل في موضوع اختصاصهم أو تلك المنصبة على الإجراءات يتعين تكيفها بأنها أحكام تحكيمية، فإن الأمر انتهى بواضعي القانون النموذجي إلى ترك مسألة وضع أي تعريف لفكرة الحكم التحكيمي
وإذا كان القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، على اعتبار أنه أحدث الوثائق الدولية بشأن التحكيم التجاري الدولي، لم يضع تعريفا لفكرة الحكم التحكيمي فإن المعاهدات الدولية السابقة على هذه الوثيقة، لم تضع تعريفا لما هو المقصود بحكم التحكيم.
فمعاهدة نيويورك الموقعة في ۱۰ يونية ۱۹۵۸ والخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية تشير إلى أن المقصود بأحكام التحكيم ليس فقط أحكام التحكيم الصادرة من المحكمين المعينين للفصل في حالات محددة ولكن أيضا يشمل هذا اللفظ أحكام التحكيم الصادرة عن أجهزة التحكيم الدائمة التي يخضع لها الأطراف.
كذلك فإن لوائح التحكيم الأساسية لا تتضمن بدورها أي تعريف الفكرة الحكم التحكيمي، واكتفت فقط بتحديد كيفية إصدار حكم التحكيم وما يتضمنه من أوصاف ولتكييف القرارات الصادرة عن المحكم بأنها أحكام تحكيمية أهمية قصوى لما يترتب على هذا التكيف من آثار ومن أهم هذه الآثار أن أحكام التحكيم وحدها دون غيره من القرارات التي يمكن أن تصدر عن المحكم. تكون قابلة للطعن عليه بالطرق المقررة قانونا، وأهمها الطعن بالبطلان، وهي وحدها التي تخضع للمدد المقررة قانونا لممارسة هذا الحق في الطعن ومن الآثار المترتبة على وصف القرار الصادر عن المحكم بإنه حكم تحكيم أن الأحكام التحكيمية وحدها حتى التي تسري عليها قواعد المعاهدات الدولية شأن الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها.
يرتب كذلك فإن وصف القرار الصادر عن محكمة التحكيم بأنه حكم تحكيمي شانه ان آثارا أخرى متنوعة وذلك بالتطبيق لبعض نصوص لوائح من فعلى سبيل المثال تنص لائحة التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس أن مشروعات الأحكام التحكيمية يجب أن تخضع لفحص أولي من قبل محكمة غرفة التجارة الدولية بباريس فإذا اتضحت أهمية تحديد المقصود بحكم التحكيم، فإننا سوف منقسم دراستنا في إطار هذا الباب إلى فصلين: الفصل الأول ونكرسه لتحديد مفهوم حكم التحكيم. أما الفصل الثاني فإننا ستعالج فيه الرقابة القضائية على حكم التحكيم.