الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / الكتب / القوة التنفذية لحكم التحكيم / حجية أحكام التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد محمد حشيش
  • تاريخ النشر

    2001-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الفكر الجامعي
  • عدد الصفحات

    191
  • رقم الصفحة

    32

التفاصيل طباعة نسخ

 

 وحجية حكم التحكيم مقررة بالنص، سواء في القانون المصري أو في القانون الفرنسي، فقد نصت المادة 55 تحكيم على أنه «تحوز أحكام المحكمين الصادرة طبقاً لهذا القانون حجية الأمر ...». كما نصت المادة ۱۹۷۹ مرافعات فرنسي على أن «لحكم التحكيم منذ صدوره حجية الأمر...».

وحجية حكم التحكيم هي تطبيق خاص من تطبيقات مبدأ حجية الحكم الإجرائي منذ صدوره. لذا تكون الحكم التحكيم حجيته منذ صدوره. مما يعني أن هذه الحجية، لا تتوقف على إيداع الحكم، ولا على استصدار أمر بتنفيذه.

بينما كان القضاء المصري مستقرأ على أن حكم التحكيم يحوز الحجية منذ ما دوره. إذ قضت محكمة النقض بأن «التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية.

 ولئن كان في الأصل وليد إرادة الخصوم، إلا أن أحكام التحكيم شان أحكام القضاء تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجية طالما بقي الحكم قائمًا....».

بهذا تختلف حجية حكم التحكيم عن قوته التنفيذية التي لا يحوزها إلا بعد إيداعه واستصدار أمر قضائي بتنفيذه ووضع الصيغة التنفيذية على صورته وتوقيعها وختمها بخاتم المحكمة. وأيضاً تختلف عنها في أن حجية حكم التحكيم ليست حكرا على أحكام التحكيم الصادرة بإلزام، إنما لكل حكم تحكيم حجيته، حتى لو لم يكن صادرة بإلزام. بينما تطلب القوة التنفيذية أن يكون حكم التحكيم صادرة بإلزام، بل كذلك يعطى القانون هذه القوة التنفيذية للعمل الذي يجريه المحكم وفقا للمادة 41 تحكيم، رغم أن هذا العمل ليس حكمة تحكيمية.

وهذا، كما يعني أنه لا تلازم هناك بين حجية حكم التحكيم وقوته التنفيذية، يعني أن القوة الملزمة لحكم التحكيم (أي حجيته) ليست أساس قوته التنفيذية.

وحجية حكم التحكيم باعتبارها قوته الملزمة، فهي تخضع لقاعدة نسبية القوة الملزمة. مما يعني أن حجية حكم التحكيم نسبية، سواء من الناحية الشخصية أو من الناحية الموضوعية.

بيد أن ذلك كله لا يعني بالضرورة أن الحكم التحكيم حجية الحكم القضائي، أي حجية الأمر المقضي به

l'autorite de la chose jugee، خاصة إذا كانت القاعدة أن حجية الحكم القضائي تحظر خضوعه لنظام دعوى البطلان المبتدأة، بينما القاعدة العامة أن حجية حكم التحكيم لا تحظر خضوعه النظام دعوى البطلان المبتدأة.

٣- قوة الرسمية في الإثبات:

حكم التحكيم باعتباره حكمة إجرائية، فهو بمعناه الشكلي ورقة مرافعات.

والقاعدة أن عمومية العمل هي أساس رسميته (م۱۰ إثبات). مما يعني أنه لا رسمية بلا عمومية. فحكم التحكيم باعتباره حكماً إجرائياً، فهو بمعناه نوعا عمل إجرائي ذو طابع عام. مما يعني أنه ليس فقط عمل إجرائي إنما أيضاً عمل عام acte public ومن ثم فهو عمل رسمي acte authentique.

 وأن له هذه الطبيعة منذ صدروه.

لكن الطبيعة العمومية وبالتالي الرسمية الحكم التحكيم لم تعد من ينكرها في الفقه، وبالأخص فقه مدرسة التحكيم العقدية حيث المحكم مجرد وكيل عادي، وهو من ثم يقوم بعمل خاص acte prive، لا عمل عام.

وحكم التحكيم عمل عام، ولو أنه يصدر عن قائم بمهمة إجرائية عامة عرضية وموقوتة ومأجورة ويمكن أن يقوم بها رجل أو امرأة، وطني أو أجنبي، مما يعني أن هذا الحكم لا يصدر عن قائم بوظيفة عامة أو خدمة عامة دائمة.

. لذا فإن القانون يتطلب في المحكم شرطة لازما لعمومية حكم التحكيم وقد نصت عليه المادة

۱/۱6 تحكيم بقولها «لا يجوز أن يكون المحكم قاصراً أو محجوراً عليه أو محرومة من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفلاسه ما لم يرد إليه اعتباره». وهذا الشرط أخف من الشرط اللازم لعمومية الحكم القضائي. وقد نصت عليه المادة 38 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة ۱۹۷۲، وذلك بقولها يشترط فيمن يولي القضاء: ..... ۲- ألا يقل سنه عن ثلاثين سنة ........

4- ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره. 5- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة». لكن هذا الشرط أو ذاك هو شرط لازم لعمومية عمل، لا لمجرد صحته. وهو شرط الثقة القانونية في القائم بالعمل العام.

ومبنى لزوم هذا الشرط أن العمل العام هو بطبيعته عمل رسمي والرسمية هي قوة الثقة القانونية في العمل العام. وهي قوة مطلقة، يفرضها القانون فرضا على الناس كافة erga omnes (م ۱۱ إثبات). ولكنه لا يفرضها عليهم إلا إذا توافرت نقلته هو في القائم بالعمل. وهذه الثقة القانونية لا تتوافر إلا إذا كان الشخص كامل الإدراك والتمييز والاعتبار القانوني على الأقل وذلك على نحو ما تطلبه القانون في المحكم.

وبهذا فإن القوة الإقناعية a force probanteالحكم التحكيم، هي قوة، الثقة القانونية المطلقة في العمل العام، أي قوة الرسمية. ومسلم أن هذه القوة لا تتهدم إلا بطريق الطعن بالتزوير. وقد قضت محكمة النقض بأن «التاريخ الذي يثبته المحكم لحكمه يعتبر حجة على الخصم ولا يستطيع جحده إلا باتخاذ طريق الطعن بالتزوير في الحكم، لأن حكم المحكم يعتبر ورقة رسمية شان في ذلك شأن الأحكام التي يصدرها القضاء».

وقوة رسمية حكم التحكيم تختلف عن قوته الملزمة أي حجيته. فالأولى مطلقة، بينما الثانية نسبية، ولو أن هذه أو تلك يحوزها الحكم منذ صدوره، كما أنها ليست حكرا على حكم التحكيم الصادر بالإلزام إنما يحوزها كل حكم تحكيم، وذلك خلافا للقوة التنفيذية لحكم التحكيم.

وليس مبنى هذا الاختلاف، هو عدم كفاية حكم التحكيم الترتيب ونه التنفيذية عند صدوره، وكفايته لترتيب حجيته وقوته الرسمية عند صدوره، إنما ميناء أن القوة التنفيذية ليست أثراً مباشراً لحكم التحكيم، بينما حجية هذا الحكم وقوة رسميته أثران مباشران له. فيما لا يرتبه حكم التحكيم من أثار وقت صدوره، لا يعد من آثاره المباشرة.

وبعبارة أخرى مبنى هذا الاختلاف أن حكم التحكيم هو المصدر العاشر الحجيته وقوة رسميته وبالتالي فهذه أو تلك تترتب عليه مباشرة ومن ثم تترتب عليه منذ صدوره، بينما هذا الحكم ليس هو المصدر المباشر لقوته التنفيذية وبالتالي فهي لا تترتب عليه مباشرة ومن ثم لا تترتب عليه عند صدروه.

وحكم التحكيم لا يختلف عن الحكم القضائي، في هذا الشأن.

  بينما المسلم أن للحكم القضائي حجيته وقوته الرسمية منذ صدوره مما يعني أن هذا الحكم هو المصدر المباشر لحجيته وقوته الرسمية.

وهكذا فإن الحكم الإجرائي (قضائياً كان أو تحكيمية) ليس هو المصدر المباشر لقوته التنفيذية. لذا فإن القوة التنفيذية، ليست حكراً على الأحكام القضائية والأحكام التحكيمية، ولا هي أثر يترتب على كل الأحكام القضائية والأحكام التحكيمية، ولا هي أثر يترتب على الأحكام القضائية والأحكام التحكيمية عند صدورها: ولا هي أثر يختلف تبعاً للاختلاف بين الأحكام القضائية وبين الأحكام التحكيمية.

 - القانون مصدر القوة التنفيذية:

القوة التنفيذية باعتبارها أثر تنفيذية وبالتالي أثرة قانونية، لا بد لها من مصدر مباشر.

 مما يعني أن القانون هو المصدر المباشر للقوة التنفيذية للسند، سواء كان هذا السند سندا قضائياً أو تحكيمية أو توثيقية. كما يعني أن هذه القوة هي قوة القانون التنفيذية، وبالتالي فالقانون هو الذي يزود من لدنه السند بقوته التنفيذية مباشرة.

۲- القانون هو وحده الذي يحدد لا قوة التنفيذية مفترض وجودها، ووقت وجودها، وشكل وجودها، ومضمونها، وحالات وقفها وكيفية انقضائها:

ب - كما يحدد القانون وقت وجود القوة التنفيذية. إذ نصت المادة ۳/۲۸۰

مرافعات على أنه «لا يجوز التنفيذ .... إلا بمرجب صورة من السند... عليها صيغة التنفيذ». مما يعي أن وقت وجود هذه القوة يتحدد بوضع الصيغة التنفيذية وتوقيعها وختمها (م ۱۸۱ مرافعات)، وليس قبل ذلك.

ج- كما يحدد القانون شكل القوة التنفيذية، وهو يتمثل في الصيغة التنفيذية (م 4/۲۸۰ مرافعات).

د- ويحدد القانون أحوال وقف القوة التنفيذية، سواء وقفها بقوة القانون، أو بحكم القضاء.

بيد أن هذا التأصيل يثير التساؤل عما هو مركز الحكم الإجرائي، سواء بالنسبة للسند le titre، أو بالنسبة للقوة التنفيذية، إذا كان هذا الحكم ليس هو المصدر المباشر للقوة التنفيذية:

لهذا رأينا فيما تقدم أنه ليس للحكم القضائي أو الحكم | التحكيمي عند صدوره أية قوة تنفيذية.

۲- والحكم الإجرائي (قضائيا كان أو تحكيميا) ليس سوى مفترضا القوة التنفيذية، وبالتالي فهي ليست أثرا مباشرا له، إنما هي أثرا غير المباشر على أكثر تقدير.