الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / الكتب / المسئوليةالإجرائية والمدنية للمحكم / حكم التحكيم

  • الاسم

    محمود علي عبدالسلام الوافي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    371

التفاصيل طباعة نسخ

حكم التحكيم:

وهديا بما سبق فإنه يقصد بحكم التحكيم - شأنه شأن أحكام القضاء وينحسم به - القرار الذي يحسم النزاع بين الخصوم فهو ثمرة اتفاقهم على اللجوء إلى التحكيم وسلوك إجراءاته، ومن ثم وجب أن يشمل العناصر الجوهرية للأحكام بصفة عامة، فيتضمن الفصل في خصومة محدّدة النزاع بصفة نهائية ويكون قابلاً للتنفيذ مباشرة بعد شموله بالصيغة التنفيذية يتمتع بحجية الأمر المقضي، فلا يعتبر حكم تحكيم القرار الذي يصدر في غير الشكل الذي يتطلبه القانون كأن يكون شفاهة غير مكتوب أو خلواً من بيان أسماء المحكمين وتوقيع أغلبيتهم والقرار الذي يخلو من بيان موضوع النزاع وأسماء الخصوم والإلزام الذي يفرضه عليهم أو بعضهم، يتمثل في تعهد أحد الخصوم أو جميعهم بالقيام بأداء معين مع الإلتزام بشرط جزائي في حالة الإخلال بذلك التعهد ولذلك فقد قُضي بعدم اعتبار حكم تحكيم المحرر الذي خلا من بيان أسماء الخصوم اكتفاء بذكر اسم العائلتين المتخاصمتين، ولم يشتمل على ذكر موضوع النزاع ودفاع الخصوم بشأنه وما فرضه من الزام على كل خصم منهم، وانطوى - بدلاً من كل ذلك تنازلات متبادلة من العائلتين وشرط جزائي في حالة الإخلال بما تعهدت به كل عائلة . وتجدر الإشارة إلى أن محاكم الدولة لا تلتزم بالوصف الذي يطلقه المحكمون أو أطراف النزاع على القرار الصادر بشأنه، لما قانوناً سلطة المحاكم المذكورة وحدها في إعطاء التكييف القانوني من السليم لما يُقدم إليها من محررات وتفسير الغامض منها.

6- وإلى جانب حكم التحكيم المنهي للنزاع كله The Final Award فإن المحكمين قد يصدرون أحكاماً أخرى سواء قبل هذا الحكم وبعده. ومن الطائفة الأولى الأحكام التمهيدية interlocutory التي تصدر بإجراء من إجراءات الإثبات كندب خبير مثلاً، والأحكام الوقتية interim التي تقرر تدابير وقتية أو تحفظية كالأمر بإيداع بضاعة أحد المخازن أو الثلاجات أو بيعها خشية تلفها والأحكام الجزئية Partial التي تفصل في جزء النزاع كالحكم الذي يصدر بتقرير مبدأ المسؤولية ثم إرجاء الفصل في شأن تقدير قيمة التعويض المترتب على تلك المسؤولية أو الذي يُحدد قيمة الأضرار أو الخسائر وإرجاء الفصل من شأن المسؤولية عنهما. وتجدر الإشارة إلى ما هو مقرر في القانون المصري مثلاً من عدم جواز الطعن في أحكام المحكمين التي تصدر قبل إصدار الحكم المنهي للنزاع كله، إلا مع الطعن في هذا الحكم الأخير، بينما تذهب تشريعات أخرى إلى عكس ذلك فتجيز الطعن استقلالاً في أحكام التحكيم القطعية التي تصدر قبل الحكم النهائي کله المنهي للنزاع ومن ذلك مثلاً قانون التحكيم التجاري الدولي لدولة البحرين وقانون المرافعات الهولندي والقانون الدولي الخاص الفيدرالي السويسري .

كما لا تفوت الإشارة كذلك إلى القرار الذي قد تصدره هيئة التحكيم بإثبات شروط التسوية التي تنهي النزاع باتفاق الطرفين وتضمنه تلك الشروط وبه تنتهي إجراءات التحكيم حيث يكون لهذا القرار ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة للتنفيذ المادة ٤١) من قانون التحكيم المصري رقم ٢٧/ ١٩٩٤) والمادة ٢٦ من لائحة الـ ICC). - وفيما يتعلق بأحكام التحكيم التي تصدر بعد صدور الحكم المنهي للنزاع كله، فإنه يجوز لهيئة التحكيم أن تصدر حكماً يُحدد الملزم بمصاريف التحكيم، ولها أن تصدر قراراً تصحح به ما وقع في قضائها من أخطاء مادية بحتة، كتابية أو حسابية سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم. كما أن لها - ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم – أن إضافياً في طلبات قدمت خلال الإجراءات وأغفلت الفصل فيها. (المادتان ۳۱، ۳۳ من قانون التحكيم التجاري الدولي البحريني، والمواد ٤٩، ٥٠، ٥١ من قانون التحكيم المصري، كما أنها قد تصدر حكماً بتفسير ما وقع في منطوق الحكم المنهي للنزاع من غموض. وسنتناول في هذه الدراسة حكم التحكيم المنهي كله للنزاع حيث إجراءات إصداره من مداولة وصياغة وتسبيب وبيانات جوهرية يلزم إدراجها فيه وميعاد صدوره وإجراءات النطق به وإبلاغه للخصوم وإيداعه إحدى الجهات التي ينص عليها القانون، ثم نعرض لصور الإخلال بالشروط الثقافة الشكلية لصحة حكم التحكيم والعيوب التي قد تصيب صياغته، ودور القانونية في إحكام صياغة الحكم المذكور، وأخيراً ما قد يعتري هذا الحكم من قصور أو تناقض في أسبابه وأثر ذلك فيما يتعلق بصحته وبطلانه.

8- ولعله من المفيد الإشارة مقدماً إلى أن حكم التحكيم يعتبر التوقيع عليه فتسري آثاره وتكون له حجية الأمر المقضي منذ ذلك اليوم يوم شأه شأن أحكام القضاء - ومع ذلك فإن هناك بعض الفروق أهمها أنه لا ينطق بأحكام التحكيم في جلسة علنية، ولا يجوز نشرها أو أي جزء منها إلا بموافقة طرفي التحكيم، ولا يلزم إصدارها باسم الشعب، ولا يشترط عمل مسودة لها وإيداعها ملف التحكيم، ويجوز الإتفاق على صدورها دون تسبيب، ولا يلزم توقيع جميع المشكلة المحكمين هيئة التحكيم بل بل أن لائحة تحكيم غرفة التجارة يكفي توقيع الأغلبية - كما سيجيء الدولية بباريس مثلاً تجيز لرئيس التحكيم إصدار الحكم بمفرده في حالة تحقق الأغلبية). ولا يشترط كذلك حضور كاتب النطق بحكم التحكيم أو توقيعه عليه – وأيضاً فإنه يلزم تدخل قاضي التنفيذ لوضع الصيغة التنفيذية على الحكم المذكور وذلك من أجل ضمان عدم تعارضه مع حكم سبق صدوره من محاكم الدولة في موضوع النزاع وعدم اشتماله على ما يخالف النظام العام، وللتأكد من إيداعه الجهة التي حدّدها القانون وأنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً .