الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / الكتب / قضاء التحكيم - الكتاب الثاني / حكم التحكيم وآثاره

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    مكتبة القانون والاقتصاد
  • عدد الصفحات

    692
  • رقم الصفحة

    5

التفاصيل طباعة نسخ

حكم التحكيم وآثاره

     بعد أن تنتهى خصومة التحكيم أمام هيئة التحكيم تقوم الهيئة بحجز التحكيم لإصدار الحكم فيه وقد نظم المشرع المصرى فى الباب الخامس من القانون رقــــم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ حيث نظمت المادة ۳۹ وما بعدها ضوابط اصدار الحكم وأثاره .

    يجوز اتفاق الطرفين على حل مغاير كاقتضاء إجماع المحكمين على الحكــم أو الاكتفاء بموافقة عدد يقل عن الأغلبية. ويظهر ذلك مما نصت عليه المادة ۲۹ من القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى .

    وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للأحكام الصادرة فى موضوع النزاع، حيث أحتمل الأمر الاستثناءات المذكورة، فإن الأحكام أو القرارات الصادرة في مسائل إجرائية تحتمل أيضا بعض الاستثناءات على قاعدة الأغلبية من ذلك ما نصت عليه المادة ۲/۳۱ من قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة .

    ومن ذلك أيضاً ما نصت عليه المادة ۲۹ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي من أنه " يجوز أن تصدر القرارات فى المسائل الإجرائية من المحكم الذي يرأس الهيئة إذا إذن له الطرفان أو جميع أعضاء محكمة التحكيم بذلك.

    وكما هو الحال في النظام الوطنی تطلبت اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجارى الدولى كتابة حكم التحكيم وتوقيعه من المحكمين الذين أصدروه أو من أغلبيتهم.

    وجاء نص القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى - في هذا الصدد - بعبارة أدق، إذ يقول: يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكم أو المحكمون (إذا تعددوا)، وفى إجراءات التحكيم التي يشترك فيها أكثر من محكم واحد يكفى أن توقعه أغلبية جميع أعضاء محكم التحكيم شريطة بيان سبب غياب أي توقيع".

   هذا وقد عالجت المادة الثامنة من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجارى الدولى أسباب حكم التحكيم معالجة خاصة. فقد أرست مبدأ عاما بمقتضاه يفترض أن الطرفين يتطلبان أن يكون الحكم مسببا، ثم أعفت المحكم من ذكر أسباب الحكم إذا أعلن الطرفان صراحة عدم ذكر أسباب الحكم أو إذا كانت إجراءات التحكيم التي اتبعت قد انبثقت من نظام قانوني معين لم تجر فيه العادة على تسبيب الحكم ولم يطلب الطرفان أو أحدهما، صراحة تسببه قبل انتهاء الإجراءات، وهو ما يعنى عدم وجوب تسبيب الحكم إذا كان القانون الواجب التطبيق على الإجراءات لا يتطلب تسبيبه ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك .

    ويجب اشتمال حكم التحكيم على منطوقه، وهو ما أكدته المادة ٣/٤٨ من اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ بما نصت عليه من أنه يجب أن يفصل حكم التحكــيم في جميع الطلبات التي أبديت أمام محكمة التحكيم ، كما أوجب نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية أن يتضمن حكم التحكيم قرارا واضحا بالنسبة لجميع المسائل أو الأمور الواردة في طلب التحكيم وجميع المسائل المرتبطة بهذا الطلب.

    ولقد عالجت اتفاقايت وأنظمة التحكيم التجارى الدولى تسليم حكم التحكـيم وإعلانه إيداعه ونشره معالجة مختلفة تعكس مدى اهتمام واضعيها بهذه المسائل بدرجات متفاوته فلقد انفردت المادة ٤/٣١ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي بالنص على مسألة تسليم حكم التحكيم .

      ولم تتكلم قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة عن تسليم الطرفين نسخة موقعة من الحكم وإنما تكلمت عن إعلانها للطرفين عن طريق محكمة التحكيم، حيث صت المادة ٦/٣٢ من هذه القواعد  وعرجت الفقرة السابعة من نفس المادة إلى موضوع ايداع حكم التحكيم وقيد فقالت أنه "إذا تطلب قانون التحكيم في البلد الذي صدر فيه الحكم إيداعه أو قيده عن طريق محكمة التحكيم وجب عليها القيام بذلك خلال المدة التي حددها القانون".

    وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسات التحكيم الدولية الدائمة هي التي تتولى إعلان حكم التحكيم إلى كل من الطرفين وفقا لنظامها الداخلي فقد نصت المادة ٢٣ من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية على أنه "بعد إصدار الحكم تتولى أمانة الهيئة تبليغ الطرفين بنصه الموقع من المحكم على أن يسبق ذلك قيام الطرفين أو أحدهما بدفع كامل مصاريف التحكيم. ويجوز فى أى وقت تسليم من يطلبهــا مــن الطرفين صور اضافية يصادق عليها الأمين العام للهيئة على مطابقتها للأصل ويفيد التبليغ .... تنازل الطرفين عن أى تبليغ آخر أو إيداع يقوم به المحكم"... بيد أن النظام المذكور قد أوجب إيداع أصل كل حكم تحكيم يصدر وفقا له أمانة الهيئة (المادة (١/٢٥) ، كما أوجب على المحكم وأمانة الهيئة مساعدة الطرفين على إتمام جميع الإجراءات الأخرى الضرورية المادة (۲/۲۵). ويلاحظ أن التبليغات التـى تقوم بها أمانة الهيئة للطرفين تكون بطريق الخطابات المسجلة، كما تراعى الأمانة الشكليات الأخرى التى قد ينص عليها قانون أحدا لطرفين.

     كذلك أوجبت المادة ١/٤٩ من اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ بشأن تسوية منازعات الاستثمار على الأمين العام للمركز أن يخطر الطرفين، بدون تأخير، بنسخة مصدقة ومطابقة لحكم التحكيم، وقد رتبت هذه المادة على هذا الاخطار أثرا هاما، حيث نصت على أن الحكم يكون قد صدر اعتبارا من يوم الإخطار.

     والأصل أنه لا يجوز للغير الاطلاع على أحكام التحكيم أو طلب نسخ منها، وهو الأصل المتبع في ظل نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية، حيث تحافظ دائما على سرية جميع الأوراق والوثائق المتعلقة بالتحكيم، الأمر الذي يسمح بالقول بأن الأصل عدم جواز نشر أحكام التحكيم إلا بـوافقة الطرفين.

     وتقرر اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجارى الدولى للمحكم الدولي سلطة اصدار الأحكام الوقتية وهو ما يظهر مما تقرر الماده ٤/٦ من الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجارى الدولى. لعام ١٩٦١ والمادة ٤٧ من اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ بشأن تسوية منازعات الاستثمار والمادة ٥/٨ من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية والمادة ۱/۳۲ من قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة . والمادتين ۹ و ۱۷ من بمو القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى.

    ولقد أجازت بعض أنظمة لتحكيم التجارى الدولى للمحكم الدولى إصدار أحكام التسوية الودية من ذلك ما نصت عليه المادة ۱۷ من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية. ويخول هذا النص للطرفين مزية حصولهما على الحكم المذكور كوثيقة ملزمة مما يسمح لأى منهما بطلب تنفيذ ذلك الاتفاق جبرا إذا امتنع الطرف الأخر عن تنفيذه رضاء. كذلك نصت المادة ٣٠٠ من القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى على أنه إذا اتفق الطرفان خلال إجراءات التحكيم على تسوية النزاع فيما بينهما وجب على محكمة التحكيم أن تنهى إجراءات التحكيم وأن تثبت التسوية في حكم تحكيم بشروط متفق عليها، وذلك بناء على طلب الطرفين وعدم اعتراضهما. ويصدر هذا الحكم وفقا لذات القواعد المقررة فى هذا القانون لإصدار الأحكام النهائية و تكون له نفس صفتها وأثرها باعتبارها أحكاما صادرة في موضوع الدعوى.

    كما أقرت نفس السلطة للمحكم المادة ۳۳ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي مع اهتمامها ببيان دور إرادة الطرفين فى هذا الخصوص، حيث نصت هذه المادة على أنه خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلم حكم التحكيم، وما لم يتفق الطرفان على مدة أخرى، يجوز لكل من الطرفين، بشرط اخطار الطرف الآخر، أن يطلب من محكمة التحكيم تفسير نقطة معينة في حكم التحكيم أو في جزء معين منه إن كان الطرفان قد اتفقا على ذلك. فإذا رأت محكمة التحكيم أن للطلب ما يبررره فإنها تصدر التفسير خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلم الطلب، ويكون التفسير جزءا من حكم التحكيم، ويجوز لها أن تمدد الفترة التى يجب فيها إصدار التفسير إذا اقتضى الأمر ذلك.

    كذلك اعترفت قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة للمحكـ الدولي بسلطة تصحيح الحكم correction of the awards .

    وأكدت المادة ۳۳ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي نفس السلطة للمحكم الدولى مع بعض التفاصيل، إذ نصت على أنه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استلام حكم التحكيم وما لم يتفق الطرفان على مدة أخرى يجوز لكل من الطرفين، بشرط إخطار الطرف الآخر، أن يطلب من محكمة التحكيم أن تصحح ما قد يكون قد وقع فى هذا الحكم من أخطاء حاسبية أو كتابية أو طباعية أو أى أخطاء أخرى مماثلة. فإذا رأت المحكمة أن لهذا الطلب ما يبرره فإنها تجرى التصحيح خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلم الطلب، ويجوز لها أن تصحح أى خطأ من الأخطاء المشار إليها من تلقاء نفسها خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور حكم التحكيم، وفي جميع الأحوال يجوز لمحكمة التحكيم أن تمدد الفترة التي يجب عليها إجراء التصحيح خلالها إذا اقتضى الأمر ذلك، وتسرى على حكم التي صحيح قواعد حكم التحكيم.

    كما يتمتع المحكم الدولى، وفقا لقواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة، بسلطة الفصل فيما أغفل الفصل فيه من طلبات موضوعية بإصدار حكم إضافي يتضمن هذا القضاء . ويظهر ذلك مما نصت عليه المادة ۳۷ من هذه القواعد .ولقد تقررت نفس الأحكام في المادة ۳/۳۳ من القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى بالنسبة للحكم الإضافي بفارق واحد هو أنه يجوز لمحكمة التحكيم، وفقا لهذا القانون تمديد الفترة التى يجب عليها إصدار الحكم الإضافي خلالها إذا اقتضى الأمر ذلك (المادة ٤/٣٣) .

     وغالبا ما تسرى الأحكام المتقدمة المقررة في قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة والقانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى على تحكيم الحالات الخاصة Ad Hoc، اما تحكيم مؤسسات التحكيم الدولى الدائمة فيتقيد تفسير حكم التحكيم وتصحيحه والفصل فيما أغفل الحكم الفصل فيه من طلبات ببعض القواعد الإجرائية المنصوص عليها في أنظمة هذه المؤسسات بل ويظهر من نظام تحكــيم غرفة التجارة الدولية أنه جاء خلوا من نصوص صريحة تعالج تلك المسائل، الأمر الذي يرجع - فيما يبدو - إلى أن هذا النظام قد عنى بإخضاع حكم التحكيم، قبل إصداره الرقابة سابقة تباشرها هيئة التحكيم الدائمة، حيث يجوز لها إدخال أى تعديلات عليه من حيث الشكل وتوجيه انتباه المحكم إلى بعض النقاط (الموضوعية) المتعلقة بالقضية لضمان إمكان تنفيذ الحكم المنهى للخصومة وبذا يمكن تفادى صدور أحكام تحكيم غامضة أو مبهمة أو متضمنة لاخطاء حسابية أو مادية أو مطبعية أو معيبة بخلوها من الفصل في بعض الطلبات الموضوعية مما يحتاج إلى تفسير حكم التحكيم أو تصحيحه أو تكملته. ولقد عالجت هذه الرقابة السابقة المادة ٢١ من نظام الغرفة .

     ونرى أن هذه الرقابة لا تحول دون حرية أي طرف من طرفي التحكيم في طلب تفسير حكم التحكيم أو تصحيحه أو تكملته دون أن يقدح في ذلك خلو نظام الغرفة من النصوص التي تعالج هـذه المسائل، نستند في ذلك إلى ما نصت عليه المادة ٢٦ من نظام الغرفة من أنه "في جميع الحالات التي لم يتناولها هذا النظام صراحة يتصرف المحكم وهيئ التحكيم بوحي من هذا النظام ويبذلان قصارى جهدهما لكى يحظى الحكم بتأييد قانوني فلما كان هذا النص يقرر قاعدة عامة، وكان غموض أو إبهام حكم التحكيم النهائى أو اشتماله على أخطاء حسابية أو مادية أو مطبعية أو إغفاله الفصل في بعض الطلبات الموضوعية مؤديا إلى صعوبات تعترض تنفيذه غالبا فانه ليس ما يمنع أى من الطرفين من طلب إزالة هذا العارض.

     وعلى ذلك لا يعنى صدور حكم التحكيم من مؤسسة تحكيم دولية دائمة عدم جواز طلب تفسيره أو تصحيحه أو تكملته بل يعنى فقط خضوع إجراءات هذا الطلب للنظام الداخلى لهذه المؤسسة. ولقد أكدت ذلك اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ المنشئة لمركز تسوية منازعات الاستثمار، حيث شرعت طلب التفـسير أو التصحيح أو إصدار حكم اضافى ونظمت الإجراءات اللازمة لذلك في المادتين ٢/٤٩ و ٥٠ منها :