ومن ذلك يتضح ان حكم المحكمين الصادر في النزاع المعروض عليهم يتميز بطبيعة خاصة هي أنه صادر عن محكمين معينيين من الخصوم فهم قضاة خاصون يمارسون جانبا من السلطة القضائية بتصريح من المشرع، وهذه الاحكام سواء أكانت احكاما تحكيمية محلية أو أجنبية تخضع بشكل أو بآخر الرقابة القضاء، اذ الأصل ان حكم التحكيم باعتباره وليد اتفاق الخصوم يكون نهائيا - في معظم الحالات باتفاق أطراف الخصومة - ولذا فانه ينفذ من الخصوم طواعية ودون اجبار، فاذا ما رفض أحد الاطراف ذلك فان للطرف الآخر أن يطلب من المحاكم تنفيذه وفق اجراءات معينة وفي ذات الوقت فان للطرف المحكوم عليه ان يستأنف الحكم في الحالات التي يجوز فيها الاستئناف أمام المحاكم ومن ثم يطعن بالتمييز في الحكم الصادر بالاستئناف وفقا للقواعد العامة، كما له ان يطعن ببطلان حكم التحكيم وفق الشروط المنصوص عليها في التشريع المحلي وباتباع الاجراءات المنصوص عليها في بلد المحكمة المختصة يرفع لها طلب التي البطلان .
ومهما قيل ويقال في التحكيم من مزايا تتمثل في سرية المعلومات التي يتداولها الخصوم أمام هيئة التحكيم وعدم اعلان حيثيات الحكم أو الحكم نفسه، كما تتمثل في الاختصار في النفقات وسرعة البت في المنازعات، فان هذه المزايا لا تتحقق الا اذا خلصت النوايا وأقدم الخصوم على التحكيم يحدوهم الأمل في الحصول على حكم ملزم لهم بدون اثارة مسائل كيدية وبدون لجوء الى الفضاء لاستئناف الحكم أو الطعن به بالبطلان ولعل هذه الاعتبارات هي التي قللت من اللجوء إلى التحكيم في سويسرا لطول اجراءاته التي تساوي في ذلك الاجراءات القضائية أمام المحاكم، ولزيادة التكاليف التي يتكبدها الخصوم حيث ان المحكمين يتقاضون أجورا على عملهم وهذه الاجور اذا اضيفت الى اجور المستشارين والمحامين الذين يتعامل معهم اطراف النزاع فانها تشكل عبئا ثقيلا يتحمله الخصوم أخيرا .
ولذا كان التحكيم هو الوسيلة المثلى لفض المنازعات ذات العنصر الاجنبي الاعتبارات تتعلق بالمشاكل التي تثور بشأن تنازع القوانين وتنفيذ احكام المحاكم الوطنية في البلدان الأجنبية .
وهذا الاتجاه الأخير يلعب دورا بارزا في الحياة الاقتصادية والتجارية عندنا في الكويت نظرا لتفاعل النشاطين الاقتصادي والتجاري فيها مع نظيرهما في البلدان الأجنبية، الأمر الذي ينجم عن ذلك منازعات يعتبر حلها باللجوء الى التحكيم هو الطريقة المثلى في مثل هذا النوع من العلاقات ذات العنصر الأجنبي .