وتتم بصدد أحكام التحكيم البحرى الصادرة عن محكمي جمعية المحكمين البحريين بنيويورك، وبموجب لائحة تحكيمها حيث تقوم الجمعية بنشر كافة أحكام التحكيم البحرى الصادرة عن محكميها وفقاً للائحة تحكيمها بكامل نصوصها وبياناتها على هيئة مجموعات سنوية.
وفي الحقيقة فإن السبب الرئيسي وراء عدم نشر أحكام التحكيم البحرى يكمن في ضرورة المحافظة على خصوصيات الأطراف وأسرارهم حيث إن التحكيم البحرى نظام خاص لتسوية المنازعات البحرية قصد الأطراف باللجوء إليه حل نزاعهم الناتج عن تعاقداتهم البحرية الخاصة أمام محكمين يقومون بتعيينهم بأنفسهم ليفصلوا في نزاعهم الخاص الذي يحتوى علي مبالغ مالية كبيرة .
إن نشر الأحكام التحكيـمـيـة ستؤدى في النهاية إلى تكوين مجموعة من السوابق التحكيمية البحرية تعد دليلاً ومرشداً للأطراف ومستشاريهم يساعدهم في الاختيار سواء بين التحكيم البحرى المؤسسى أم التحكيم البحرى الحر، وفى داخل هذا النوع التحكيمي أو ذاك في الاختيار بين هذا المركز التحكيمى المؤسسي أو ذاك.
وبالتالي فإنه ينبغى على الأطراف ومستشاريهم وكذا ينبغى علي المحكمين ومراكز التحكيم البحرى المختلفة أن تعيد النظر في مسألة عدم نشر أحكام التحكيم البحرى، والتفكير في ضرورة نشرها إلا لو أصر الأطراف على عدم نشرها بمبررات معقولة حيث إن إحدى الدراسات قد أظهرت أن %۸٥٪ من أطراف التحكيمات البحرية يؤيدون أو في الغالب لا يبالون بما إذا كانت أحكامهم ستنشر أم ستبقى طى الكتمان.
وخلاصة القول أنه رغم أن عدم نشر أحكام التحكيم البحرى مازال هوا القاعدة إلا أننا لسنا مع هذه القاعدة حيث إن نشر هذه الأحكام سيأتي بفائدة كبرى على الأطراف، وعلى المحكمين ، وعلى التحكيم البحرى كنظام لحل المنازعات البحرية إن نشر لوائح التحكيم البحرى ، وعقد المؤتمرات البحرية الدولية ، والندوات ، ونشر مقالات التحكيم البحرى المتناثرة هنا وهناك لن يأتى إلا بفائدة يسيرة علي التحكيم البحرى فى حين أن نشر الأحكام التحكيمية سيؤدى إلى بلورة هذا التحكيم وتطوره واستقلاله بديناميكيته وإجراءاته وقانونه المطبق كتحكيم بحری علنی مزاياه تفوق عيوبه بكثير.