الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / الكتب / التحكيم في المنازعات البحرية / إعداد حكم التحكيم البحرى الدولى

  • الاسم

    د. عاطف محمد الفقي
  • تاريخ النشر

    2007-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    842
  • رقم الصفحة

    525

التفاصيل طباعة نسخ

إعداد حكم التحكيم البحرى الدولى

  تقع مهمة إعداد حكم التحكيم البحري الدولي على عاتق هيئة التحكيم وحدها إذا كان التحكيم البحرى مؤسسياً أمام المنظمة الدولية للتحكيم البحرى أو أمام هيئة اللويدز للتحكيم البحرى.

دور هيئة التحكيم البحري فى إعداد الحكم

   فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد كان الأمر يسيراً حث لا يتداول المحكم ولا يتناقش إلا مع نفسه في حوار داخلي يقوم بعده منفرداً بإعداد الحكم، أما إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من محكم كان الأمر ولاشك أكثر تعيقـداً حيث يؤدى التشكيل المتعدد لهيئة التحكيم إلى حتمية المناقشات والمداولات بين جميع المحكمين الذين تتشكل منهم هيئة التحكم تمهيداً للوصول إلى إجماع أو أغلبية حول شكل الحكم ومضمونه.

 وبالتالي فإن المداولات التي تتم بين المحكمين البحريين غالباً ماتتم بالمراسلة عن طريق تبادل الخطابات أو التلكسات أو الفاكسات أو غيرها من وسائل الاتصال المختلفة التي تتم بين أعضاء الهيئة التحكيمية الواحدة .

  وبالتالي فإنه لا ينبغى السماح لمثل هذا المحكم الذي رفض الاشتراك في عملية المداولة بتعطيل العملية التحكيمية، والحيلولة دون صدور الحكم طالما أنه قد أبدى كل مالديه حول شكل الحكم ومضمونه أى حول الفصل في النزاع، وذلك استناداً علي أمرين: 

  (الأمر الأول) : توسيع مفهوم المداولة ومـجـالـهـا بإعطائهـا مفهوماً ملموساً وأكثر اتساعاً واعتبار أنها تتم بين المحكمين من خلال مناقشاتهم حول الفصل في الموضوع منذ أول يوم في الإجراءات التحكيمية.

  (والأمر الثاني) القياس على مبدأ احترام حق الأطراف في المواجهة، فإذا كان مبدأ المواجهة يتم احترامه بإعطاء كل طرف الحق في تقديم طلباته، وادعاءاته، والعلم بطلبات وادعاءات الطرف الآخر، وأخذ فرصته في الرد عليها ومناقشتها فإنه ينبغي قياساً على ذلك اعتبار أن المحكم قد اشترك في المداولة وأخذ حقه في ممارستها طالما أنه تمكن شأنه شأن باقي المحكمين الاخرين في هيئة التحكيم من إبداء رأيه حول كل النقاط التي تثيرها الدعوى المنظورة من أول يوم تبدأ فيه الإجراءات التحكيمية.

 اتجاه لا يعـرف مـبـدأ سرية المداولة وهو الاتجاه الأنجلو – أمريكي حيث صمت قانون التحكيم الانجليزي، وقانون التحكيم الفيدرالي الأمريكي، ولائحة تحكيم جمعية المحكمين البحرين بلندن، ولائحة تحكيم جمعية المحكمين البحريين بنيويورك عن اقتضاء سرية المداولة ، وحيث لا يمنع رفض أحد المحكمين التوقيع علي الحكم .

   فحول مفهوم مبدأ سرية المداولة في المجال التحكيمي انقسم الفقه إلى رأيين : 

   الرأى الأول يرى اختلاف مقتضیات سرية المداولة المفروضة علي المحكمين عنها بالنسبة للقضاة في المحاكم الوطنية : بحيث ينصرف مفهوم سرية المداولة المفروضة على المحكمين إلى إجراء المحكمين لعملية المداولة في غياب الأطراف أو الغير وليس في حضور أي منهم، 

والرأي الثاني): يرى ضرورة التشدد في توافر مقتضيات سرية المداولة لدى المحكمين كما لدى القضاة فى المحاكم الوطنية ، وعدم توسيع مفهوم هذه السرية عن مفهومها الأساسي. حيث تعد سرية المداولة مبدأ أساسياً يشكل أحد ركائز التحكيم بوصفه نظام قضائي يفصل في المنازعات وإجراء جوهرياً من إجراءات التحكيم يؤدى إغفاله الى الإضرار بالأطراف والتقييد من احترام حقوق الدفاع.

  يرى أن سرية المداولات التحكيمية تنصرف فقط إلي الآراء الفردية لكل محكم عضو في هيئة التحكيم، بحيث يمتنع عليه إفشاء آرائه الشخصية الفردية أو آراء المحكمين الآخرين معه في هيئة التحكيم للأطراف أو الغير، وذلك حتى يسمح لكل محكم بالتعبير عن رأيه بكل حرية، في حين أن هذه السرية لا تنصرف إلى الرأى الجماعي للمحكمين والمتمثل في مشروع الحكم التحكيمي.. 

   في حين نجد الفقه اللاتينى قد اختلف بشأن هذه المسألة - 

  فذهب رأى إلى أن تحرير الآراء المخالفة ليس في صالح التحكيم حيث ينتقص هذا التحرير من نطاق استقلال المحكم .

 

دور مركز التحكيم البحرى المؤسسى فى إعداد حكم التحكيم

١- أنها رقابة إجبارية : 

حيث لا تستطيع هيئة التحكيم التابعة لغرفة التحكيم البحرى بباريس أن توقع الحكم وتعلنه للأطراف بعد تمام عملية المداولة إلا بعد إرساله للجنة العامة للغرفة لإبداء مقترحاتها حول الشكل أو الموضوع ورد اللجنة سواء بإبداء المقترحات أم بالتصديق والموافقة.

2- أنها رقابة سابقة: 

   حيث إنها تسبق إصدار الحكم بل تتم على الحكم وهو مازال في مرحلة المشروع حيث مازال هناك محل لعمل مداولة ثانية بين المحكمين بشأن الاقتراحات التي تبديها اللجنة العامة للغرفة.

3- أنها رقابة تتم دون تدخل الأطراف : 

 حيث يتم إرسال مشروع الحكم إلى اللجنة العامة للغرفة، ثم يرجع المشروع إلى هيئة التحكيم سواء بالموافقة أم باقتراح إدخال أية تعديلات تتعلق بالشكل أو بالموضوع. كل ذلك دون إعلان الأطراف بهذه المراسلات، وتلك المقترحات.

4- أنها رقابة غير مباشرة : 

  حيث لا تتدخل اللجنة العامة للغرفة في إعادة صياغة الحكم بل يقتصر دورها على التدخل غير المباشر الذي يتمثل في الاقتراح على الهيئة التحكيمية بإدخال أية تعديلات تراها من حيث الشكل أو الموضوع، فإن رأت الهيئة التحكيمية الأخذ بهذه المقترحات فإنه يناط بها وحدها تنفيذها وإعادة صياغة الحكم مع مراعاتها حيث إن اللجنة العامة للغرفة ليست هيئة استئناف للحكم بل هيئة إدارية لرقابة صحة مشروع الحكم قبل أن يصير حكماً.

5- أنها رقابة استشارية : 

   حيث إن هيئة التحكيم وإن كانت مجبرة على إرسال مشروع الحكم إلى اللجنة العامة للغرفة قبل إصداره لإبداء مقترحاتها حول الشكل ، أو لفت نظرها حول أية نقاط تتعلق بالموضوع، إلا أنها ليست ملزمة بالأخذ بمقترحات اللجنة ، فالهيئة التحكيمية بالخيار بين الأخذ بهذه المقترحات، وتعديل الحكم بما يتمشى معها ، أو رفض هذه المقترحات وتوقيع الحكم كما هو ، وإعلانه للأطراف دون تعديل .

 

 خرق مبدأ سرية المداولة : 

  حيث إن مشروع الحكم التحكيمي، منذ إرساله بواسطة هيئة التحكيم إلى اللجنة العامة للغرفة حتى إعادته إليها ثانية مازال مشروعاً لحكم ، وبالتالي مازلنا فى مرحلة المداولة وبالتالي فإن هذه الرقابة السابقة يترتب عليها بالضرورة أن يشترك أعضاء اللجنة العامة للغرفة في المداولة مع المحكمين.

 

خرق مبدأ المواجهة 

  وهكذا فإنه يحق للأطراف وهم أصحاب المصلحة أن يناقشوا المقترحات التي قد تبديها اللجنة في مداولة جديدة أمام هيئة التحكيم حيث إن اللجنة لا تملك سلطة قضائية، فإن غاب هذا الإعلان للمقترحات للأطراف ولم يتم تمكينهم من الرد عليـهـا كـمـا هو الحال بصدد تقارير الخبراء فإنه يترتب على ذلك الإخلال بمبدأ المواجهة.

 

 خرق مبدأ استقلال المحكم :

    حيث إن المحكم كما يريد أن يباشر مهمته. مستقلاً عن الأطراف فإنه يود كذلك أن يفصل في النزاع مستقلاً عن تدخل أي شخص آخر حتى تكون لديه حرية التقرير، وبالتالي فإن تدخل اللجنة العامة للغرفة ينال استقلال من المحكم أو هيئة التحكيم حيث إن المحكم يفقد استقلاله منذ أن يتم السماح للغير بالتدخل فى مهمته حتى ولو كان هذا التدخل بصفة استشارية.

 

تقييد الطبيعة القضائية للتحكيم

    حيث إن تدخل اللجنة العامة للغرفة يخل بحجية الأمر المقضى المترتبة علي الأحكام التحكيمية حيث يقرر الأستاذ "Kassis " أن هذه الرقابة السابقة لاتتم ممارستها على مشروع حكم بل علي حكم تحكيمي حقيقي لما يلي:

أ- لأن القاضى في معظم الأنظمة القانونية لا يعد قاضياً عاماً أو خاصاً إذا خضع قراره رغماً عنه إلى فحص سابق من جهة أخرى سواء أكان هذا الفحص السابق ملزماً أم إستشارياً. 

ب- لأن كل الدول تعرف مبدأ تدرج المحاكم حيث يخضع الحكم الصادر عن المحكمة الدنيا إلى المراجعة القضائية أمام المحكمة الأعلى، ولكن في طعن قضائي علي الحكم بعد أن يصبح حكماً وليس على مشروع الحكم.

 جـ- لأن هناك بعض المحاكم الاستثنائية التي لا تصبح أحكامها نافذة إلا بعد تصديق سلطة أخرى غير قضائية ، ولكنه أيضاً تصديق على حكم وليس على مشروع حكم، وبالمثل بالنسبة لتصديق اللجنة العامة للغرفة فإنه يتم على حكم تحكيمي .

 

 الرقابة السابقة لا تخرق مبدأ سرية المداولة 

   حيث إن الرقابة السابقة تعد رقابة علي مشروع حكم التحكي الذي يمثل الرأى الجماعى للمحكمين أو لأغلبيتهم وبالتالي فإن هذه الرقابة لاتخرق سرية المداولة حيث إن سرية المداولة يقصد بها سرية الآراء الفردية الصادرة عن كل محكم علي حدة حتي يعبر كل محكم عن رأيه بحرية وأمان.

 

الرقابة السابقة لاتخرق مبدأ المواجهة :

  حيث إن هذه الرقابة على مشروع الحكم التحكيمي هي رقابة ذات طبيعة تعاقدية ناتجة عن اتفاق الأطراف علي قبولها باتفاقهم علي التحاكم أمام غرفة التحكيم البحرى بباريس وبموجب لائحة تحكيـمـهـا التي تنص على هذه الرقابة .

  - كما أن رقابة اللجنة العامة للغرفة ليست رقابة قضائية بل رقابة إدارية تنظيمية حيث لاتفصل اللجنة بنفسها في النزاع، ولا تلعب دور المحكم أو هيئة التحكيم ، وليست هيئة تحكيمية استئنافية، كما أنها لا تعطى أكثر من مقترحات يحتفظ المحكم بحقه فـي قـبـولـهـا أو رفضها .

 

الرقابة السابقة لاتخل بمبدأ استقلال المحكمين: 

   حيث إن المحكم سيكون غير مستقل إذا كان في موقف يفقده حريته في التقرير أي عندما تتمكن اللجنة العامة من التأثير على حل النزاع، وهذا غير متحقق حيث إن اللجنة العامة لا يمكنها أن تفرض شيئاً على هيئة التحكيم حيث تملك الهيئة حرية قبول مقترحات اللجنة أو رفضها.

 

الرقابة السابقة لا تخرق حجية الأمر المقضى: 

   حيث يتم ممارستها على مشروع حكم تحكيمي، وليس على حكم تحكيمي - كما يذكر الأستاذ "Kassis " وذلك لما يلى:

أ - لأنه لو كان حكماً لحاز قوة الشيئ المقضي به ، ولامتنع علي هيئة التحكيم أن ترجع فيه بالتعديل تنفيذاً لمقترحات اللجنة ، حيث إن هيئة التحكيم بإصدارها للحكم تستنفد ولايتها في نظر موضوعه إلا لأسباب استثنائية ليس من بينها مانحن بصدده.

ب- لا يعتبر حكم التحكيم قد صدر لا بالموافقة من المحكمين على مضمونه كما ذهب الأستاذ "Kassis" ، ولا بالتوقيع عليه أو تأريخه، حيث إن المحكمين إذا كانوا قد اتفقوا على مضمون الحكم فإنهم يمكنهم الاتفاق من جديد علي تعديله

   وفي الحقيقة، وإزاء هذين الاتجاهين السابقين تجاه الرقابة السابقة من اللجنة العامة لغرفة التحكيم البحرى بباريس، واشتراكها مع هيئة التحكيم في إعداد الحكم، فإننا إذا كنا لا نشكك في شرعية هذه الرقابة السابقة التي اتفق عليها الأطراف، وقبلوها، باتفاقهم علي التحكيم البحرى أمام غرفة التحكيم البحرى بباريس وبموجب لائحتها.

  أن هذه الرقابة السابقة وإن لم تكن ملزمة للمحكمين إلا أنهم سيعملون منذ بداية الإجراءات التحكيمية وحتى نهايتها وهم يتسلط على تفكيرهم مثل هذه الرقابة، وقد يتمثل إلزامها لهم في الإلزام الأدبي والمعنوى تجاه الغرفة التي يعمل المحكمون في كنفها .

    قد يجد الطرف الخاسر في المقترحات التي أبدتها اللجنة العامة والتي لم توافق هيئة التحكيم على الأخذ بها.

   وأخيراً فإن هذه الرقابة السابقة بهذه الكيفية غير مبررة على الإطلاق في التحكيم البحرى الدولى حيث إنه - كما ذكرنا سابقاً - يشترط في المحكم البحرى الخبرة والتخصص إلى أقصى الحدود بالنسبة للموضوع المعروض على التحكيم علي وجه الخصوص .

   وهكذا فإننا نرى قصر مهمة إعداد حكم التحكيم البحرى علي هيئة التحكيم وحدها التي اختارها الأطراف لتفصل في نزاعهم دون تدخل سابق من أحد، بحيث يقتصر دور مركز التحكيم المؤسسي علي تنظيم وإدارة العملية التحكيمية، وعلي أن تختم الأحكام بخاتمه دليلاً علي صدورها في كنفه وبموجب لائحته .