الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم / الكتب / بطلان القرار التحكيمي التجاري الدولي الأسباب والنتائج / صدور القرار التحكيمي بناء على اتفاق تحكيمي منقضي بانقضاء المدة 

  • الاسم

    د. ممدوح عبدالعزيز العنزي
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    440
  • رقم الصفحة

    153

التفاصيل طباعة نسخ

صدور القرار التحكيمي بناء على اتفاق تحكيمي منقضي بانقضاء المدة 

 

من المفترض أن القرار التحكيمي الذي يصدر بعد انقضاء مهلة التحكيم أي في وقت لم يعد يملك المحكمون فيه سلطة الفصل في النزاع المعروض عليهم، يكون باطلا طبقاً لنص المادة 1/800 (أصول مدنية لبناني.

أما عن الطريقة التي تحدد فيها المهلة، فإنها بالأصل تلحظ في اتفاقية التحكيم، وإلا تكون ستة أشهر من تاريخ قبول آخر محكم لمهمته (المادة (1/773) وهي قابلة للتمديد قانوناً أو اتفاقاً، وإلا فبقرار من رئيس الغرفة الابتدائية الكائن في منطقتها مركز التحكيم والذي يصدر بناء على طلب أحد الطرفين أو الهيئة التحكيمية (المادة (2/773) والمقدم قبل انتهاء المهلة الأصلية .

تجدر الإشارة هنا بالنسبة إلى البند التحكيمي الذي يرتبط دائماً .

وبالرغم من ذلك، وفي قرار صادر عن المحكمة الإدارية العليا في سوريا 1988، قضت فيه، بأن إعفاء العقود والعمليات التي تجريها المؤسسات العامة والشركات من تصديق مجلس الدولة، لا يعفى تلك الجهات من الحصول على إجازة التحكيم المنصوص عليها في المادة 44 من قانون مجلس الدولة، وإن جزاء تخلف شرط الحصول على إجازة التحكيم هو إعلان انعدام حكم المحكمين سواء كان التحكيم وطنياً أم أجنبياً بعكس قرار صدر عن العدلي متبنيا صحة البند التحكيمي المبرم من قبل مؤسسة عامة ذات طابع اقتصادي، عندما بحث مسألة تتعلق بالتنازل عن شرط التحكيم واللجوء إلى القضاء العدلي، معتبراً أن الاجتهاد القضائي مستقر على أن التحكيم ليس من النظام العام ودفاع الطرف الثاني أمام القضاء بعد لجوء الطرف الأول إليه يفيد موافقته على إلغاء الشرط التحكيمي

في التشريع السعودي

صدر التشريع الأول حول التحكيم في المملكة العربية السعودية عام 1963 وظل مستمرا العمل بأحكامه حتى العام 1982 حيث وضع نظام جديد ونصت المادة 3 منه على أنه:

«لا يجوز للجهات الحكومية اللجوء للتحكيم لفض منازعاتها مع الآخرين إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء مما يعني أن إمكانية التحكيم العلاقات الداخلية أم الدولية بالنص على أنه: «.. تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أياً كانت طبيعة هذه العلاقة التي يدور حولها النزاع إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر أو كان تحكيمياً تجارياً دولياً يجري في الخارج، واتفق أطرافه على إخضاعه لنظام هذا القانون وهكذا يعني سريان أحكام القانون على التحكيم الذي يجري بين أشخاص عامين أو بين شخص عام وشخص خاص، مهما كانت طبيعة العلاقة موضوع النزاع وإن كانت متعلقة بعقود إدارية وغير إدارية، وسواء تعلق الأمر بعلاقة قانونية داخلية أو دولية.

في التشريع السوري

نصت المادة 507 من قانون أصول المحاكمات المدنية على أنه لا يصح التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف بحقوقه. ومع أنه يستفاد من هذه المادة أنها لم تميز بين الأشخاص العموميين والخصوصيين فيما يتعلق بأهلية اللجوء إلى التحكيم، فإن المادة 44 من القانون رقم 55 الصادر عام 1959 الخاص بمجلس الدولة القضاء الإداري في سوريا نصت في فقرتها الثانية على منع الوزارات أو مصالح الدولة بإبرام أو قبول أو إجازة عقد أو مصالحة أو تحكيم دون طلب رأي الإدارة المختصة.

إلا أنه بموجب المادة 35 من المرسوم الاشتراعي رقم 20 لعام 1994 أعفيت العقود والعمليات المبرمة من قبل أياً من المؤسسات والمشروعات العامة من تصديق مجلس الدولة، ما يعني أن إعفاء هذه العقود من هذا التصديق يشتمل على إعفائها من العودة إلى اللجنة الخاصة بمجلس الدولة لأخذ رأيها في مسألة تنفيذ هذه العقود.

في التشريع اللبناني

نصت المادة 809 من قانون أصول المحاكمات المدنية فقرتها الثانية. على أنه يجوز للدولة ولسائر الأشخاص المعنويين العامين اللجوء إلى التحكيم الدولي، وهذا يظهره الواقع العملي، حيث لجأت الدولة اللبنانية وبعض المؤسسات العامة فيها إلى التحكيم في بعض العقود والاتفاقيات التي أبرمتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر العقدين الموقعين مع شركتي الهاتف الخليوي واللذين لحظا في المادة 26 في كل منهما إمكانية اللجوء إلى التحكيم في غرفة التجارة الدولية، وكذلك الاتفاقية الموقعة بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة بشأن مقر "الأسكوا" في وسط بيروت والتي لحظت أيضاً أنه في حال عدم حصول تسوية ودية للنزاع، يتم اللجوء لعرض الأمر على هيئة تتكون من ثلاثة محكمين بالإضافة إلى اتفاقية القرض الموقعة بين الدولة اللبنانية والبنك الأوروبي للاستثمار بهدف الحد من تلوث الشاطئ والتي لحظت اللجوء إلى التحكيم في حال الخلاف. وقد تم توقيع هذه الاتفاقيات سنداً إلى قوانين أصدرها مجلس النواب .

تجدر الإشارة هنا إلى أن الدولة اللبنانية لجأت إلى اعتماد التحكيم الدولي (حاصلة على الأهلية (لذلك في الاتفاقيات الدولية سنداً إلى قوانين أقرها مجلس النواب، لكن ذلك لا يعني أن إقرار مجلس النواب كان ضرورياً لا تكون هذه الإمكانية محصورة بأية عقود مهما كان نوعها والمادة 8, مفتوحة على جميع المنازعات بشرط موافقة رئيس مجلس الوزراء وبحيث 2 و3 من هذا النظام تلحظ إجازة صدور موافقة مماثلة قبل نشوء المنازعة بموجب شرط تحكيمي يدرج في العقد المبرم مع الإدارة .

 

في التشريع الكويتي

بالنظر إلى التطبيقات العملية الحاصلة في دولة الكويت يتبين جواز لجوء الهيئات الرسمية فيها إلى التحكيم مع صدور القانون رقم 95/11 وقد جاء في المادة الثانية فقرتيها 1 و 3 بأن تختص هيئة التحكيم بالمسائل الآتية :

- الفصل في المنازعات التي يتفق ذوو الشأن على عرضها عليها بالإضافة إلى الفصل في المنازعات المتأتية في العقود التي تبرم بعد العمل بالقانون المذكور أعلاه وتتضمن حل هذه المنازعات بطريق التحكيم ما لم ينص في العقد أو في نظام خاص بالتحكيم على غير ذلك.

الفصل في طلبات التحكيم التي يقدمها الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة ضد الوزارات أو الجهات الحكومية في المنازعات التي تقوم بينهم، وتلتزم هذه الجهات بالتحكيم ما لم تكن المنازعة قد سبق رفعها أمام القضاء.

إن المقصود بذوي الشأن هنا، الأشخاص الطبيعيون أو المعنويون العامون أو الخاصون، وسواء تعلق الأمر بمنازعة ذات طبيعة داخلية أو دولية،المحكمين من قبل المحاكم السويسرية.

علماً أن الكثير من البلدان العربية أجازت قوانينها لجوء الأشخاص العموميين المعنويين إلى التحكيم التجاري الدولي ومنها الأردن والجزائر وتونس وعمان والإمارات العربية المتحدة ودولة قطر.

هذا، وقد أثر موضوع تمسك الدولة في بعض الأحيان لاستبعاد التحكيم بعدم أهليتها لتكون فريقاً فيه، وقد حاول الكثير من المحكمين غالباً الاستناد إلى فكرة الـ «Estoppel ) وحسن النية لاستبعاد الدفوع المقدمة من الأشخاص المعنوية العامة المتعلقة بعدم أهليتها لإبرام الاتفاقات التحكيمية في حال نشوب النزاع مع الفريق الآخر Arbitration Agreement» بالرغم من وجود بند تحكيمي في العقد الأساسي «Arbitration clause».

ومضمون فكرة الـ «Estoppel » أو مبدأ الحيلولة هو عدم قبول الادعاء بما يتعارض مع الإقرار قولاً وفعلاً، بمعنى أنه إذا اعتقد شخص بوجود حالة معينة دفعته للتعاقد مع شخص آخر، فإنه لا يجوز لهذا الأخير أن يدعي بوجه معاقده بحالة تخالف الحالة التي كانت موجودة وقت التعاقد أو أن يعمد إلى إنكار صحة التصريحات التي أدلى بها .

لتقرير صحة اتفاق التحكيم بل كان تكريساً للمادتين 52 و 88 من الدستور واللتين تتضمنان وجوب عرض المعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بالمسائل المالية أو يترتب عليها انفاق مالي للحصول على موافقته.

إن ما يعزز هذه الوجهة هو لجوء الإدارة اللبنانية ممثلة المؤسسات العامة إلى التحكيم دون الاستحصال على موافقة مجلس النواب، ومنها على سبيل المثال:

  • الاتفاقيات الثلاثة الموقعة بين مجلس الإنماء والإعمار ومصرف كريدي أنسلت الألماني.

- الاتفاقية الموقعة بين نفس المجلس والشركة المالية الفرنسية والبنك الفرنسي للتجارة الخارجية والخاصة بفتح اعتماد مالي.

العقد الموقع بين المجلس إياه وشركة هوكيف س.س.س لتوسيع وتحديث مطار بيروت الدولي، وفي العقد أصول موسعة ومفصلة في المادة 67 لأجل تنظيم بت المنازعات خلال سير العمل أو بعد التوقف عن التنفيذ بدءاً بالتسوية وانتهاء بالتحكيم وفقاً لنظام الـ «يونيسترال».

- وكان مجلس تنفيذ المشاريع الكبرى قبل دمجه بمجلس الإنماء والإعمار، قد وقع مع بعض الشركات الفرنسية عقداً لتنفيذ أوتوستراد بيروت حتى الحدود السورية والذي ورد فيه وجوب حل الخلافات الناشئة عن العقد وفقاً لدفتر الشروط وتطبيق نظام «اليونيسرال» عليه.

علماً أن بعض المؤسسات العامة، وحتى قبل دخول قانون الأصول المدنية حيز التنفيذ وفيه نص المادة 809 التي أتاحت للمؤسسات العامة اللجوء إلى التحكيم، عمدت، ومنها مثلاً مؤسسة كهرباء لبنان في العام 1984 إلى إبرام عقد تلزيم وشراء مع شركة « Alstome » لأجل تنفيذ إحدى الوحدات الحرارية لمعمل الإنتاج في منطقة الذوق، حيث نصت المادة 44 على أنه في حال عدم التوصل إلى حل الخلافات الناشئة من جراء تفسير أو تنفيذ العقد، تكون المحاكم اللبنانية هي الصالحة لفض الخلافات، إلا إذ قدَّر الفريقان إخضاعه للتحكيم العادي، وفي هذه الحالة يتم التحكيم في سويسراً، ويتم تعيين وهذا يعني أنه إذا ادعى أحد الطرفين أن الاتفاقية هي باطلة وبحكم غير الموجودة ولا أثر لها مع الطرف الآخر، فإن البند التحكيمي المحكي عنه ,The Arbitration clause يبقى قائماً، والغاية من استمرارية قيامه معرفة مدى صحة ما يدعيه أحد الطرفين لجهة بطلان العقد الأساسي الذي ربطه بالطرف الآخر.

ويبقى العقد الأساسي قائماً لاستمرار إحياء الوسائل المطلوبة لحل النزاع، فإذا كانت الغاية من التعاقد بين الأطراف قد فشلت، فإن البند التحكيمي الذي تضمنه العقد ليس غاية هذا العقد( )، ولا علة وجوده. وقد كرس هذا الاتجاه بنصوص الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقيات الأمم المتحدة المعروفة بالـ Unicitral في المادة 21 فقرتها الثانية. أما لجهة القانون الذي يرعى العقد التحكيمي، فإنه من المستحسن كر ذلك القانون في العقد المذكور تسهيلاً للطرفين وبالتالي لأعضاء الهيئة التحكيمية المفترض أن النزاع سيحل بواسطتها وفي حال عدم الإشارة إلى القانون المرغوب بتطبيقه فإن على الهيئة المذكورة اختيار القانون «الأنسب» سواء لجهة مواد القانون المنطبق على العقد من ناحية الموضوع أو مواد القانون المتعلقة بالأصول المطلوب تطبيقها، واختيار القانون الأنسب يعني ذلك الذي يتناسب مع الأوضاع المختلفة لكلا الطرفين الجنسية، مكان إجراء العقد، مكان تنفيذه ،موضوعه علاقته بالأعراف والعادات التجارية وما إلى ذلك من معايير قد يتفق حولها أعضاء الهيئة التحكيمية قبل مباشرة لإجراءات التحكيم الأساسية.

من جهتها الاتفاقية الأوروبية لعام 1961 أشارت إلى إمكانية عقد الدول الأعضاء للاتفاقيات التحكيمية، وأنه إذا كان لدى أي من هذه الدول التوقيع

تحفظ على ذلك بأية طريقة كانت وجب عليها الإشارة إلى ذلك عند أو الإبرام للاتفاقية المذكورة.

ولقد كرست بعض الدول ذلك في قوانينها ومنها سويسرا حيث جاء في المادة 177 من القانون الدولي الخاص السويسري الصادر في 1987/12/18 الفصل الثاني عشر التحكيم الدولي ما معناه أنه إذا كان أحد أطراف الاتفاق التحكيمي دولة أو جهة ذات طابع استثماري أو مؤسسة مدارة بواسطتها لا يمكنها الاستناد على قانونها لتقرير أهليتها على أن تكون فريقاً في العملية التحكيمية أم لا.

هذا وقد وضعت بعض الدول قيوداً واضحة على بعض المواضيع لمنع الفرقاء فيها من اللجوء إلى التحكيم كما في القضايا التالية:

- الاحتكار وقوانين المنافسة.

- براءات الاختراع والعلامات الفارقة.

- التأمينات الاجتماعية.

- الرشوة والفساد.

- الغش.

تجدر الإشارة هنا إلى مسألة هامة جداً يقتضي ملاحظتها في نفس السياق، لما لها من تأثير على مسار العملية التحكيمية، وهي أن البند التحكيمي الموجود عادة في الاتفاقيات التجارية ذات الطابع الدولي هو بند منفصل ومستقل تماماً عن الاتفاقية الأساسية للطرفين المتنازعين.

شورى الدولة وفى هذا المجال يرى البعض جواز التحكيم في جميع القضايا المدنية والتجارية والإدارية خاصة بعدما جاء تعديل المادة 795 لعام 1985 ليؤكد ذلك مخالفة البعض من الذين حصروا هذا الموضوع بالتحكيم الدولي

غير أن مجلس شورى الدولة في قراره رقم 2000/9573 تاريخ 17/ 2001/7 المتعلق بالنزاع الذي حصل بين الدولة اللبنانية وشركتي الهاتف النقال سیلیس و ،لیبانسل رأى خلاف ذلك واعتبر أن البنود التحكيمية المدرجة في عقدي .B.O.T الموقعين مع الشركتين باطلة لكونهما إداريين وقد أثار هذا الاجتهاد معارضة مختلفة الشدة، خاصة وأن نتائجه سلبية على صعيد الاستثمار المالي الأجنبي والعلاقات الخارجية وهذا ما دفع الحكومة اللبنانية إلى التخفيف من أثر هذا القرار والسعي لتعديل نص القانون ليكون اكثر وضوحاً وحزماً لمصلحة جعل الدولة اللبنانية مهيأة لدخول المخاصمة التحكيمية في الاستثمارات مع الشركات الأجنبية، وذلك بموجب المادة 2/89 قانون أصول المحاكمات المدنية المعدل.

ففي هاتين القضيتين وقعت الحكومة اللبنانية عقدي امتياز بعد ستدراج عروض دولية أجازت بموجبها إلى شركتين أجنبيتين (تنازلتا فيما بعد إلى شركتين وطنيتين تملكان حصصاً فيهما تحقيق مشروع نظام الراديو الخلوي الرقمي المتطور GSM في لبنان استثمار الهاتف النقال على أساس قاعدة الـ Build-operate- transfer) B.O.T) لمدة محدودة من الزمن تنتقل الملكية بعدها إلى الدولة اللبنانية وذلك بموجب القانون رقم 218 تاريخ .1993/5/13 لكن العام 2000 حصل خلاف بين الجهتين المتعاقدتين، إذ اعتبرت الدولة أن الشركتين خالفتا شروط العقد المادة (13) بتجاوزها عدد الخطوط المتفق عليها، ولجأت في حزيران 2000 بإصدار أوامر تحصيل بقيمة /300 مليون دولار أميركي بوجه كل من الشركتين كتعويضات خزينة، فاعترضتا، اتفاقية نيويورك لعام 1958.

على أن بعض الفقه لا يجد مبرراً ولا حقيقة في القول بالانفصال الكلي بين مواد الاتفاقية الأساسية والبند التحكيمي الوارد فيها، معتبراً أن هذا البند هو بحكم وجود جزء من تلك الاتفاقية الأساسية .

والذي يجب أن يشار إليه هو أن القواعد التحكيمية المعتمدة مثل «اليونسترال» و محكمة التحكيم البريطانية» وغرفة التجارة الدولية، هي قواعد ملزمة ونهائية.

فإذا كان الأطراف يفتشون عن حلول توافقية فعليهم اتباع الوساطة (Mediation)، وإذا كان بنيتهم مراجعة المحاكم العادية حتى نهاياتها فعليهم اللجوء إلى القضاء، وإلا، وباختيارهم التحكيم عليهم أن ينتظروا حكماً نهائياً وملزماً لكلاً منهم، ذلك أن التحكيم ليس أول درجة من درجات المحاكمة القضائية العادية.

إن الأخاذ باتفاقية نيويورك وبالقانون النموذجي، يعني أن محاولة إيجاد أعذار لمن خسر القضية بالتحكيم يجب أن تكون محددة جداً.

وبالعودة إلى لبنان فيما يتعلق بأهلية الدولة ومؤسساتها العامة إمكانية اللجوء إلى التحكيم في حال حصول نزاع مع إحدى الشركات، نشير إلى أنه كانت قد ألغيت بموجب القانون (تاريخ (1983/9/16 الخاص بالمحاكمات المدنية الجديد المواد 408 كانت تحرم التحكيم على الإدارة في قانون أصول لمحاكمات القديم، لا بل أن المادة 795 منه المتعلقة بموضوع اختصاص المحاكم اللبنانية للنظر في موضوع إعطاء الصيغة التنفيذية للقرارات التحكيمية تنص على أنه إذا كان النزاع موضوع التحكيم من اختصاص القضاء الإداري تعطى الصيغة التنفيذية من قبل رئيس مجلس قد تثور مشكلة بطلان اتفاقية التحكيم لخلوها مثلاً من المحكمين والملاحظ أن القانون المصري في المادة 3/53 لم ينص على البطلان جراء ذلك مثلما نصت على ذلك هذه المادة ذاتها على البطلان جزاء المخالفة في عدد المحكمين.

كما قد يسند الطعن بالإبطال إلى مخالفة الشروط المفروضة لصحة اتفاقات التحكيم وفق القواعد الخاصة بكل من البند التحكيمي وعقد التحكيم، فبطلان البند التحكيمي يمكن أن ينتج عن كونه بنداً غير مكتوب على ما جاء في المادة 1/763 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني) أو عدم اشتماله على تعيين المحكم أو المحكمين أو على بيان الطريقة التي يعين بها هؤلاء (المادة 2/763 من نفس (القانون أو كونه يتعلق بنزاع غير قابل للتحكيم.

تجدر الملاحظة هنا إلى أن المادة 785 أصول مدنية قد خولت المحكم النظر في المنازعة المثارة حول اختصاصه للفصل في القضية المعروضة عليه والمستندة إلى بطلان الاتفاق التحكيمي الذي يستمد ولايته منه إما لعيب فيه أو لبطلان العقد الأساسي الذي يندرج فيه أو يستند إليه، فيمكنه وفقاً ا للمادة المذكورة أن يدقق في صحة هذا الاتفاق أو في صحة هذا العقد، حتى إذا وجده باطلا اعتبر نفسه غير مختص في نظر النزاع لبطلان الاتفاق التحكيمي وقضى بالتالي بعدم اختصاصه وإلا قرر العكس وانصرف إلى فصل النزاع في موضوعه، ويكون قراره في كل ذلك خاضعا لرقابة محكمة الاستئناف لدى الطعن فيه أمامها .

ثم تقدمنا بمعاملة تحكيمية بوجه الدولة أمام غرفة التجارة الدولية ICC سنداً إلى المادة 30 من العقدين، فتقدمت الدولة اللبنانية بمراجعة بوجه الشركتين تطلب فيها تقصير المهل وإعلان بطلان البند التحكيمي الواردة بالمادة 30 المذكورة وبالتالي إعلان عدم صلاحية المجلس المذكور للنظر في النزاعات المتعلقة بتعليمات الإدارة.

اعتبر مجلس الشورى آنذاك أن مسألة الاختصاص تتعلق بالنظام العام وتقتضي إثارتها عفواً، وإن منع التحكيم في العقود الإدارية يشكل مبدأ راسخاً في العلم والاجتهاد الإداريين، وإن المبررات الأساسية لمبدأ منع التحكيم في العقود الإدارية هي أن مقتضيات النظام العام توجب على الدولة ألا تخضع إلا للمحاكم التي أنشأها القانون.... وأنه إذا كان لا يعود للقضاء العدلي النظر فيها فيدخل ضمن اختصاص القضاء الإداري، فكيف يمكن السماح للمحكمين النظر إلى هذه المسائل؟! كذلك القول بأن العلم والاجتهاد في لبنان يؤكدان أن مبدأ التحكيم في العقود الإدارية يرتبط بالنظام العام، لأن من يتولى السلطة العامة لا يمكن أن يتنازل عن امتيازاتها المتعلقة بالمصالح العليا للمجتمع، ولأن التحكيم يفترض في ذاته تنازلا عن امتيازاتها المتعلقة بالمصالح العليا للمجتمع من الإدارة عن بعض حقوقها أو التسليم للخصم بحقوق قد لا يكون لها نصيب من الصحة بالإضافة إلى أن مبدأ منع التحكيم في العقود الإدارية يتسم بأهمية خاصة في عقود الامتياز، لأن التحكيم لا يفترض تنازلاً عن اختصاص القضاء الوطني وعن حقوق الإدارة فحسب، بل يتضمن أيضاً تنازلاً عن سلطتها التنظيمية وإخضاعها لرقابة المحكمين، وفيما يتعلق بأحكام المادة 809 أصول مدنية، فإن تطبيقها ينحصر بالعقود التي تجريها الدولة وتخضع فيها للقانون الخاص ولا تمارس فيها امتيازاتها كسلطة عامة ويعود النظر فيها إلى القضاء العدلي، من دون العقود الإدارية التي تخضع للقانون العام ويعود النظر فيها إلى القضاء الإداري.

بعقد أساسي، أنه لا يتصور سقوطه إلا تبعاً لانقضاء هذا العقد، طالما هو يرمي إلى حل المنازعات الناشئة عن تنفيذ هذا العقد أو تفسيره، ويمكن أن تنتج عن العقد الأساسي آثار تستمر حتى بعد انقضائه، فالمنازعات التي قد تنشأ في نطاق هذه الآثار والتي تكون لاحقة لانقضاء العقد، يكون حلها عن طريق البند التحكيمي إياه والذي يستمر نافذاً بعد انتهاء العقد المذكور الذي يرتبط به.

يستفاد من ذلك، أن البند التحكيمي يستمر قائماً طالما أن هناك نزاعات يمكن أن تنشأ في صدد العقد الأساسي كي يعمل على حل كل منها طريق التحكيم.  

على أنه إذا حصل بعد نشوء النزاع وعرضه على المحكمين طبقا للبند التحكيمي، أن طرأ سبب من الأسباب سيما الوارد في نص المادة 781 أصول مدنية (لبناني ولا سيما انقضاء مهلة التحكيم، فإن المحاكمة التحكيمية هي التي تسقط، أما البند التحكيمي فيظل قائماً، ويبقى الطرفان ملتزمان على أساسه بأن يلجأوا إلى التحكيم لحل النزاع الناشئ بينهما بخصوص العقد الأساسي.

أما عقد التحكيم الذي يتعلق بنزاع معين وقد تحددت فيه مهلة معينة للفصل في هذا النزاع، فهو يسقط بانقضاء هذه المهلة وتسقط معه المحاكمة التحكيمية التي أقيمت على أساسه (المادة 3/781 أصول مدنية لبناني). ويتعرض القرار الذي يصدر بعد ذلك للإبطال طبقاً لما ورد في نص المادة 1/800 من القانون نفسه.

يستنتج مما تقدم أن سبب إبطال القرار التحكيمي الناتج عن صدور هذا القرار بناء على اتفاق تحكيمي ساقط بإنقضاء المهلة يتوافر في نطاق عقد التحكيم أكثر منه في نطاق تطبيق البند التحكيمي.