الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / قواعد العدالة والإنصاف في القانون / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / فاعلية القضاء المصري في مسائل التحكيم التجاري الدولي / اتفاق الأطراف على منح الحكم سلطة الفصل في النزاع وفق قواعد العدل والإنصاف 

  • الاسم

    محمد عبدالله الطيب
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    570
  • رقم الصفحة

    301

التفاصيل طباعة نسخ

اتفاق الأطراف على منح الحكم سلطة الفصل في النزاع وفق قواعد العدل والإنصاف 

   إذا كان المحكم شأنه شأن القاضي، ملزما بالفصل في النزاع وفق القانون الواجب التطبيق سواء كان قانون الإرادة أم القانون المختار من قبل هيئة التحكيم - على النحو المبين سلفاً - إلا أنه بناء على اتفاق الأطراف صراحة، منح هيئة التحكيم سلطة الفصل في النزاع وفق العدالة والإنصاف وفق نص المادة (39) من قانون التحكيم.

   أن التحكيم قد يكون وفقاً الأحكام القانون أو مع التفويض بالصلح أي وفقا لقواعد العدل والإنصاف، فالتحكيم بالقانون هو الأصل، وفيه يطبق المحكم قواعد القانون الموضوعي الواجب التطبيق على موضوع النزاع، شأنه في ذلك شأن القاضي الوطني. وطبقاً لنص المادة المذكور تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين.

    وتجدر الإشارة إلى أن الخيار بين التحكيم بالقانون أو التحكيم مع التفويض بالصلح هذه المكنه للأطراف فقط، هذا وفي حالة خلو اتفاق التحكيم من هذا التفويض فإن هيئة التحكيم تكون ملزمة بالفصل في النزاع وفقاً لقواعد القانون .

   وهنا يلزم أن يكون اتفاق الأطراف صريحاً على تفويض هيئة التحكيم على الفصل في النزاع بالصلح، أي لا يشوبه غموض ويستوي أن يكون شرط التفويض بالصلح قبل نشأة النزاع أو بعد نشأة النزاع، وفي هذا الصدد يثور التساؤل هل الوكالة الخاصة بالاتفاق على التحكيم تسمح للوكيل اشتراط التحكيم مع التفويض بالصلح؟ 

   يری جانب من الفقه أن التوكيل الخاص بالتحكيم بالقانون لا يخول الوكيل الاتفاق على التحكيم بالصلح، وذلك بسبب اختلاف الضمانات المقررة في كل منهما. فمن يرضى بالتحكيم بالقانون قد لا يعتبر راضية بالتحكيم مع التفويض بالصلح والعكس صحيح ويذهب هذا الراي إلى أن التوكيل الخاص بالاتفاق على التحكيم دون تحديد وصف هذا التحكيم يكون صالحاً للاتفاق على التحكيم بالقانون والتحكيم مع التفويض بالصلح، ذلك لأن مثل هذا التوكيل يشف عن قبول الموكل لأي منهما وإلا كان قد حدد نوع التحكيم صراحة. 

 

مفهوم العدل والإنصاف 

   تعد العدالة من أكثر الموضوعات قدسية لما لها من سيادة على غيرها من المفاهيم كالحرية والمساواة وذلك لأن العدالة لا تقف عند حد معين فهي مطلقة.

    والعدالة مفهوم متعدد الأوجه إذ ميز البعض أنه يظل تحريرة في عالم العقل لا سبيل في تطبيقه في عالم الواقع وأن ما جرى تطبيقه من العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ما هو إلا معادلات يقصد من ورائها الحفاظ على الحقوق التي أقرها القانون الطبيعي والأخلاقي.

    كما أنه ينظر إلى العدالة من منظورات فلسفية واجتماعية مختلفة فهناك العدالة القائمة على فكرة الحق، وهناك العدالة القائمة على العدالة الطبيعية التي تمنح للإنسان لمجرد كونه إنساناً أو العدالة الاتفاقية من منظور استحقاق الإنسان لحقه وإذا كان هذا الحق يستند إلى قاعدة تجعل من ينتهكها مسئولاً عن فعله أمام السلطة العامة فالعدالة هنا عدالة قانونية، أو عدالة تبادلية نابعة من علاقات تعاقدية با تلزم كل فرد أن يعطي غيره حقه كاملاً وهناك أوجه للعدالة؛ كالعدالة السياسية أو الاقتصادية أو العدالة الجنائية يشيع أيضاً مصطلح العدالة المطلقة أو الأنصاف بوصفها عدلاً طبيعياً لا شرعياً، فالإنصاف يوجب الحكم على الأشياء بحسب روح القانون أما العدل فيوجب الحكم معها بحسب القانون.

     ومفهوم العدل ورد في أكثر من موضع في القرآن الكريم وقد جعله الله الغاية من إرسال الرسل وإنزال الكتب إذ قال تعالى و لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز".

   والميزان عند ابن كثير هو العدل وهو الحق الذي تشهد به العقول الصحية المستقيمة المخالفة للآراء السطحية".

   ومنزلة العدل في السنة المباركة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله أمام عادل" واقتفاء أثر الرسول الكريم فقد كان حكم الخلفاء الراشدين والتابعين هم من ضربوا أروع الأمثلة في العدل والمساواة.

    أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - أرسل أحد ولاته قائلاً "إن الوالي إذا اختلف هواه منعه ذلك كثيراً من العدل فليكن أمر الناس عندك في الحق سواء... إلخ ما جاء بالرسالة من الدعوة إلى العدل والإنصاف .

   والسؤال الذي يطرح نفسه انه طالما التحكيم بالصلح هو إعفاء المحكم من تطبيق القانون وترك الحرية له لتطبيق وتحقيق العدالة كما يراها على موضوع النزاع هل يتعين عليه استبعاد تطبيق القواعد القانونية؟

  توثيق هذا الباحث

  ويرى الباحث أنه طالما أن طرفي التحكيم قد اختارا التحكيم بالصلح الذي يعفي المحكم من تطبيق القانون ونصوصه مما يعني تنازل طرفي التحكيم عن تطبيقه وجعل التحكيم يسري خارج نطاقه، فإذا ما حاول المحكم الدخول إلى أجواء القانون ونصوصه فإنه يكون قد خرج عن إرادة الطرفين اللذين لو أرادا تطبيق القانون ونصوصه لكانا قد اختارا التحكيم بالقانون، لذا تكون إرادتهم صريحة نحو التحكيم بالصلح مما يتعين التزام المحكم بهذا الطريق. وهذا ما يتسق ومفهوم العدالة المطلقة التي تكمن في ضمير المحكم. وهذا ما دعا البعض - وبحق - إلى أنه يجب قبل تفويض المحكمين بالصلح يلزم توافر شروط عديدة في شخص المحكم وحسن تقديره و استقامته الشخصية والخلقية وتكوينه الثقافي، لأنه يقوم بعمل إنشائي مبتدع لا يخضع فيه إلا لما يرضي ضميره ويرتاح إليه وجدانه.