الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / قواعد العدالة والإنصاف في القانون / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / خصومة التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية / سلطة هيئة التحكيم بالفصل طبقا لقواعد العدل والإنصاف عند تفويضها بالصلح

  • الاسم

    أمل بنت سعيد بنت سالم سعيد
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة القاهرة
  • عدد الصفحات

    457
  • رقم الصفحة

    263

التفاصيل طباعة نسخ

سلطة هيئة التحكيم بالفصل طبقا لقواعد العدل والإنصاف عند تفويضها بالصلح

   إن نظام التحكيم الطليق ليس بنظام جديد، وإنما هو نظام معروف ويجد جذوره القانونية في نظرية العقد بدون قانون، وهي نظرية معروفة في تنازع القوانين وتقوم على فكرة السماح للمتعاقدين في المعاملات الدولية بالتحرر من إسناد حكم العلاقة إلى أي قانون وطني، وهي تعد تعبير عن مبدأ سلطان الإرادة في نظرية العقود، ولكن في أقصى صور ممارسة هذه الحرية. وفي هذا التحكيم فإن حسم النزاع يتم وفقاً القواعد معيارية لا تستمد من تشريعات بذاتها، بقدر ما تستمد من عادات وأعراف التجارة الدولية، وهي قواعد تعلو على القوانين الوطنية، أو تعتبر بمثابة القانون الطبيعي الحديث على حد تعبير بعض قرارات التحكيم التجاري الدولي .

    ومن جهة أخرى، لا يقصد الطرفان من تخويل المحكم مهمة التحكيم بالصلح تعطيل تطبيق قواعد القانون الوطني الذي كان يحكم النزاع أصلا بزعم هذا القانون عن إعطاء حلول عادلة، بل يقصدان إتاحة الفرصة للمحكم بالصلح للبحث عن الحل العادل للنزاع المعروض عليه ولو لم يستمده من هذا القانون . ذلك أن المحكم بالصلح حين يحاول تطبيق الحل العادل فيضطر لتجاوز القانون الوطني، الذي لا يجد فيه هذا الحل إنما يفعل ذلك باسم القانون ذاته لأنه هو نفسه يجيز له القيام بتلك المحاولة إعمالا لإرادة الطرفين.

   وبما أن العدالة غاية وليست وسيلة فإن المحكم بالصلح يتمتع بحرية اختيار الوسائل التي تقوده إلى تحقيق هذه الغاية، فقد يجد المحكم القاعدة القانونية التي يترتب على تطبيقها تحقيق العدالة في العادات والأعراف التجارية الدولية أو من المبادئ المشتركة في القانون أو من قواعد قانون دولة أجنبية معينة أو من قواعد القانون الوطني ذاته الذي كان ينطبق أصلاً على النزاع فيما لو لم يتفق الطرفان على التحكيم بالصلح . ومن ثم فإن تقيد المحكم بعادات وأعراف التجارة الدولية والتزامه بتطبيقها، لا يحول دون قدرته في استبعاد هذه العادات والأعراف إذا رأى أنها لا تحقق العدالة. ومن ثم البحث عن قواعد العدالة في مصدر آخر. ومن جهة أخرى فإن اتفاق الطرفين على تطبيق المحكم لعادات وأعراف التجارة الدولية لا يعني بالضرورة أنهما قد خولاه مهمة المحكم الطليق، لأن مراعاة هذه العادات والأعراف واجب سواء على المحكم الطليق أو غير الطليق. لذلك لا يجوز اعتبار المحكم طليقاً لمجرد تخويله سلطة تطبيق هذه القواعد إلا إذا خوله الطرفان هذه المهمة باتفاق صريح . سواء جاء ذلك الاتفاق كشرط تحكيم في العقد أو كاتفاق مستقل . وبما أنه يتوجب أن يكون الاتفاق على التحكيم مكتوبا وإلا وقع باطلا، فإنه من باب أولى وجوب توافر شرط الكتابة في التحكيم بالصلح. ومن أجل ذلك اشترط القانون الكويتي والإماراتي لصحة الاتفاق على التحكيم بالصلح أن يذكر فيه المحكمون بأسمائهم وإلا كان الاتفاق باطلاً. ويظهر ذلك في المادة 176 مرافعات كويتي وتقابلها المادة 205 إجراءات مدنية إماراتي بقولها "لا يجوز التفويض للمحكمين بالصلح ولا الحكم منهم بصفة محكمين مصالحين إلا إذا كانوا مذكورين بأسمائهم في الاتفاق على التحكيم".

   كما أنه يجب على المحكم سواء كان طليقاً أو غيرطليق مراعاة شروط العقد تماماً كما يجب عليه مراعاة العادات والأعراف التجارة الدولية، والتزام المحكم الطليق بمراعاة شرط أو قاعدة معينة شيء و التزامه بتطبيقها شيء آخر، إذ قد تضطره غاية الوصول إلى العدالة إلى التضحية بشرط أو أكثر من شروط العقد متی رأى أنه يتعارض مع العدالة أو إلى تعديله بالنحو الذي يحقق العدالة عن طريق تحقيق توازن العقد. غير أنه لا يملك المحكم الطليق سلطة تخفيف صرامة شروط العقد حيث يؤدي إلى الاعتراف له بهذه السلطة إلى نتيجة خطيرة وهي تحريف العقد ومن ثم تغييراً لطبيعته. كما لا يجوز للمحكم الطليق مراجعة العقد لسد ثغراته أو إكمال نقوصه و إضافة شروط جديدة إليه لأن كل هذه المسائل تتجاوز منه ولا يملكها إلا الطرفين .

   ويلاحظ أن الحكم بمقتضى العدالة والإنصاف لا يعني ترك الحرية لهيئة التحكيم دون قيد، إذ يجب ألا يحكموا في غير ما طلب منهم، كذلك يجب على المحكم بالصلح أن يتقيد بحدود النزاع، فلا يجوز له أن يمد ولايته إلى مسائل لم يشملها اتفاق التحكيم، كما يجب أن يلتزم بالمبادئ الأساسية في التقاضي، كاحترام حق الدفاع ومبدأ المواجهة ومعاملة الخصوم على قدم المساواة وعدم اتخاذ إجراءات في غفلة من الخصوم أو من بعضهم ويجب إحاطتهم علماً بمواعيد الجلسات لتمكين كل من الطرفين من تقديم دفاعهم ومستنداتهم ودفوعهم فضلاً عن تقيد المحكم بالصلح بالقواعد الإجرائية الخاصة بخصومة التحكيم والتي اتفق عليها الطرفين .