الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / قواعد العدالة والإنصاف في القانون / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم بالصلح / قواعد العدالة والإنصاف في القانون

  • الاسم

    رشا أحمد حسين ابراهيم
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    16

التفاصيل طباعة نسخ

   أما بالنسبة لقواعد العدالة والإنصاف - القائم عليها التحكيم بالصلح - فهي لم تنشأ بمعرفة سلطة محددة بذاتها وإنما بمعرفة المجتمع الدولي كله وعما يعتقده عادل ومنصف ، في حين أن أي تطور وتعديل التشريعات الوطنية الخاصة بعمليات التجارة الدولية - إن وجدت - يستلزم تدخل مشرعها الوطني للقيام بهذا التعديل .

   ومع الاعتراف بأن تطبيق القوانين الوطنية على المنازعات التي تتعلق بعمليات التجارة الدولية كان مبرراً خلال فترات زمنية سابقة بسبب علم اكتمال الهيكل القانوني لقواعد بديلة تتصف بالصفة الدولية ولها السمعة الطيبة ، فإن هذا التبرير يتلاشى بعد ظهور قواعد العدالة والإنصاف التي تتصف بالصفة القانونية ، وبعد اكتمال هيكلها القانوني .

   وبمراجعة قواعد العدالة والإنصاف يلاحظ توافر صفة الإلزام فيها ، وإذا كانت قواعد العدالة والإنصاف غير ملزمة في كافة منازعات التجارة الدولية ويلزم اتفاق الأطراف صراحة على تطبيقها لكي تكون واجبة التطبيق على النزاع فيما بينهم ، فهذا لا يؤثر على صفة الإلزام فيها ، لأنه بالمقارنة بالقواعد القانونية المكملة.

   وإذا كان هناك اختلاف بين قواعد العدالة والإنصاف فيما بينها باختلاف الأوساط التجارية فهذا لا يتعارض مع طبيعتها ، لأن التعبير عن العدل يمكن أن يتغير من وقت لآخر ومن مجتمع لآخر ، إلا أن هذا الاختلاف لا يتعارض مع تجريدها لأنها تتوجه بالخطاب إلى جميع المشتغلين بهذه الأوساط ودون تمييز بينهم .

  أن هذه العادات والأعراف وجدت أساساً لتتلائم مع معطيات التجارة الدولية - بعكس القوانين الوطنية - إذ لا غنى عنها لتنظيم عمليات التجارة الدولية ولسد النقص التشريعي للقانون الوطني واجب التطبيق ، ومع الاعتراف بأن سبب الخوف من هذه القواعد لا ينصب في مضمونها وإنما في النتيجة التي قد تؤدي إليها من رعاية مصالح الأقوياء ومصالح أعضاء مجتمع التجارة الدولية من التجار ورجال الأعمال الغربيين.

   ويتضح من هذا أن قواعد العدالة والإنصاف التي يرتكز عليها التحكيم بالصلح تهدف إلى العدالة في معناها الخاص ، إذ أن العمل الذي يهدف إليه القانون هو العدل الذي يتحقق منه تجسيد قاعدة المساواة الشكلية ، فيعبر عن حكم منطقي يقوم على المساواة المجردة ، وهذا ما يلائم القاعدة القانونية العامة المجردة ، أما العدالة التي تتحقق من خلال قواعد العدالة والإنصاف فهي لا تعبر عن حكم منطقی بل بتشكيل ذاتها في صورة القضية الفردية .

   فالعدالة التي يهدف إليها المحكم بالصلح في التحكيم وفقاً لقواعد العدالة والإنصاف تنبع من شعور كامن في النفس يوحي بها الضمير النقي ويكشف عنها العقل الراجح للمحكم بالصلح ، فقواعد العدالة والإنصاف مرجعها مثل عليا تهدف إلى تحقيق التوازن في العلاقة التحكيمية ، بما توحی بها من حلول منصفة ومساواة واقعية تقوم على مراعاة دقائق ظروف المنازعات التحكيمية.

   لذلك يسمى الإنصاف العدالة الحقيقية لأنه يحكم بروح القانون وليس بنصه ويتعامل بشكل عادل ومنصف بين أطراف النزاع التحكيمي ، إذ أن قواعد العدالة والإنصاف تتفادى النقائص المترتبة على تطبيق القانون التي لا تميز أو تراعي الظروف والوضعيات الخاصة .