عند تخلف الشروط التي تحدد سلطات المحكم فإنه يتعين علية، أن يقضى في النزاع على أساس احترام القانون ولهذا لا يجوز لهيئة التحكيم الفصل في النزاع وفق لمبادئ العدالة والإنصاف أى كمحكم غير مقيد بقواعد القانون إلا إذا اجاز ذلك الطرفان صراحة وهذا هو التحكيم بالصلح أو ما يطلق علية المحكم الطليق.
فإذا ثار الشك فى تحقق الإرادة الصريحة في اختيار التحكيم بالصلح يجرى التحكيم طبقا للقانون.
ولقد بينت المادة ٤/٣٩ من قانون التحكيم المصرى القواعد التي يحكم المحكم الطليق على مقتضاها فقالت ويجوز لهيئة التحكيم إذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويضها بالصلح أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة دون التقيد بأحكام القانون .
شروط وصحة التحكيم الطليق
تتمثل هذه الشروط فى وجود اتفاق صريح على التحكيم الطليق.. ووجوب التقيد بحدود النزاع المعروض على التحكيم وإحترام المحكم لخصومة التحكيم فضلا على القواعد الإجرائية الإتفاقية والقواعد الإجرائية الواردة في باب
التحكيم ومراعاة قواعد النظام العام المتصلة بموضوع النزاع ونتناول هذه الشروط بالقدر اللازم لبيان خصوصية التحكيم الطليق.
1 وجود اتفاق صريح بين الطرفين على التحكيم الطليق :
لما كان التحكيم الطليق يعنى ولاية المحكم بالفصل في النزاع وفقا لقواعد العدالة والإنصاف مما قد يترتب عليه عدم إخضاعه لقواعد أي قانون وطني فإنه يلزم لتمتع المحكم بهذه الولاية وجود اتفاق صريح Expresse بين الطرفين أو اتجاه إرادتهما المشتركة إلى تحويلها إيه بصورة واضحة جلية لا لبس بها وذلك سواء جاء ذلك الأتفاق كشرط تحكيم في العقد مثار النزاع او كإتفاق مستقل فإذا لم يتوافر هذا الشرط وفصل المحكم في النزاع كمحكم طليق وقع حكمة باطلا بسبب عدم تخويلة مهمة المحكم الطليق لكن لا يكفي لأبطال حكم التحكيم في هذه الحالة أن يكون المحكم قد وصف نفسة بحكم طليق أو بأن التحكيم الذي يقوم به تحكيم طليق أو أن يكون قد إستخدم بعض العبارات أو بعض الألفاظ الى يستخدمها المحكم الطليق بل يجب لإبطالة أن يكون المحكم قد استخدم فعلا السلطات الواسعة التي يتمتع بها الطليق بأن يكون فصل في النزاع وفقا لقواعد العدالة والإنصاف كذلك يجب لإبطال الحكم أن يكون الحل الذي تنازل الطرفين على وجوة التقابل عن جزء من الحق الذي يدعى به كل منهما قبل الأخر شرط المحكم الطليق بأن يكون فصل في النزاع وفقا لقواعد العدالة والإنصاف.
2 - تقيد المحكم الطليق بحدود النزاع المعروض عليه:
يجب على المحكم الطليق شأنه شأن المحكم المقيد إحترام مبدأ محدودية النزاع immutabilite du litige فلا يجوز له أن يمد ولايته إلى مسائل لــم يشملها اتفاق التحكيم وبالتالي يجب عليه التقيد بطلبات الخصوم كما يجب كقاضي الدولة ان يفسر الطلب الضمنى تفيسيرا ضيقا بحيث لا يفصل في ضمنى لأحد الخصوم ما لم يكن هذا الطلب نتيجة حقيقية مباشرة للطلب الأصلي.
ويعتبر هذا المبدأ من المبادئ الموجهة لخصومة التحكيم بأنها شأن الخصومة القضائية حيث يتعلق بمبدأ آخر هو مبدأ إحترام حقوق الدفاع وفي هـذا الصدد قضى ببطلان حكم تحكيم كان قد اعتبر أحد الطرفين مسئولا عن عدم تنفيذ العقد مثار النزاع بسبب تجاوز هذا الحكم لموضوع النزاع الذي كان محصورا في نزاع الطرفين حول تفسير هذا العقد من اجل ذلك يجب على المحكم ولــو كــان طليقا التعبير عن العقد الذي أستخدمة الطرفان لتجسد النزاع المعروض علية وإلا تعرض حكمة للبطلان إذا تجاز هذا التعبير.
ومع ذلك يتمتع المحكم الطليق بحرية الحركة في نطاق موضوع النزاع فيقرر بعض المسائل التي يقتضيها سعيه نحو الوصول إلى حل عادل للنزاع ولو لم يثر الخصوم تلك المسائل في طلباتهم، كما لو قرر المحكم المقاصة بين حقوق الطرفين بما لم يخرج عن موضوع النزاع أو قرر قيام التضامن في الدين ولو لم يطلب ذلك أحد الخصوم أو قرر عدم التزام رئيس الشركة بإرسال صــــورة مـــــن جدول الأعمال مع الدعوة التي يوجهها لعقد جميتها العمومة متى لم ينشأ هذا الإلتزام من قاعدة متعلقة بالنظام العام وتستند هذه الحرية التي يتمتع به المحكم الطليق إلى إعتبارات مختلفة منها أن يتمتع بنفس السلطات التي يستمدها الخصوم من القواعد المكملة أو المفسرة في القانون، ومن ثم يملك إستبعاد هذه القواعد بغير اتفاق ومنها أن المحكم الطليق مطالب كالمحكم المقيد بحل جميع المشكلات التي يكون حلها مسبقا لا زما للفصل في النزاع الذى يتصدى له والمشكلات التـى يعتبر حلها مسألة تبعية أو مسالة لا مناص من تعرضه لها بحسب طبيعة النزاع المعروض عليها بإتفاق التحكم.
يتقيد المحكم الطليق شأنه شأن المحكم المقيد بالقواعد المتعلقة بالنظام ليس فقط القواعد المتعلقة بالنظام العام الموضوعي وإنما أيضا بالنظام العام الإجرائي وبالتالي يلتزم المحكم الطليق بإحترام المبادئ الموجهه لخصومة التحكيم وإلا ترتب على مخالفته لهذه المبادئ بطلان إجراءات التحكيم ومن ثم بطلان حكم التحكيم بطلانا مطلقا.
وعلى ما تقدم لا يجوز للمحكم الطليق مباشرة ولايته بالنزاع دون أن يدعو الخصوم لابداء دفاعهم وإحاطتهم علما بمواعيد الجلسات فى الوقت المفيد لتمكينهم من ذلك كما يجب عليه تمكين كل من الطرفين من العلم بدفاع ومستندات الطرف الآخر في الوقت المفيد أيضا لإعداد دفاعه لكن ليس ما يمنع المحكــــم الطليـــق أن يلجأ مباشرة إلى بعض الأجراءات ولو لم يطلب أحد الخصوم اتخاذها كان يستمع المحكم إلى أحد الشهود أو يستجوب أحد الخصوم أو يستثير أحد الخبراء أو يستبدله بغيرة وذلك كله دون إخلال بمبدأ المواجهة لا سيما بعد إقفال بــاب المرافعة، حيث يمتنع على المحكم ولو كان طليقا قبول أي دفاع او أي مستند أو القيام بأى عمل إجرائي آخر في غيبة الخصوم فإذا عن له شئ من ذلك فلا مناص أمامة من إعادة الدعوى إلى المرافعة لكفالة مبدأ المواجهة.
4- مراعاة القواعد الإجرائية والقواعد الإجرائية الواردة فى باب التحكيم
تنص القوانين الوطنية على إعفاء المحكم من قواعد المرافعات بمــا يعنــــى إعترافها له بحرية تحديد الإجراءات الواجبة الإتباع امامة في خصومة التحكيم إلا إذا اتفق الطرفان على الأجراءات التي يلتزم المحكم بإتباعها من ذلك مـا نـصت المادة ١٦٤٠ مرافعات فرنسى من أن يحدد المحكمون إجراءات خصومة التحكيم ما لم يقرر الطرفان غير ذلك في الاتفاق على التحكيم.
ومن بين القواعد الإجرائية المنصوص عليها في باب التحكيم في القوانين الوطنية تلك التى تتعلق بالنظام العام الأجرائى، كالقاعدة التي توجب تسبيب الحكم ذلك أنه تسبيب حكم المحكم ، ولو كان طليقا يعد هو الوسيلة الوحيده التي تسمح لقاضي الدولة بالرقابة على هذا الحكم ضمان عدم تأسيسه على أسباب تحكمية من جانب المحكم أو عدم إعتماد على إجراءات لم تراع فيها المبادئ الأساسية الموجهة للخصوم كمبدأ المواجهة ومبدأ كفالة حقوق الدفاع ومع ذلك يلاحظ أن المحكم سواء مقيدا أو طليقا ، لا يلتزم بتسبب حكمة إذا اتفق الطرفان علـــى عـدم ذكر الأسباب سواء ورد هذا الإتفاق فى شرط تحكيم أو مشارطة تحكـيم أو في اتفاق مستقل، كما يلاحظ أن المحكم الطليق وإن التزم بتسبيب حكمه إلا أنه يتمتع بقدر من المرونة في ذكر أسبابة إذ يكفي فيها أن تكون كافية لحمل الحكم ولو لـــم تتضمن بالتفصيل جميع العناصر التي اعتمد عليها الحكم. يتمتع بقدر من المرونة في ذكر أسبابة إذ يكفي فيها أن تكون كافية لحمل الحكم ولو لم تتضمن بالتفصيل جميع العناصر التي اعتمد عليها الحكم.
وجوب التقيد بقواعد النظام العام أو قوانين البوليس:
ولا يجوز لمحكم عند الحكم وفقا لمبادئ العدالة استبعاد نصوص النظام العام أو قوانين البوليس والأمن المدنى هذه لا يجوز المساس بها أو الأتفاق على ما يخالفها ، ومن هذا القبيل المسائل المتعلقة بالفوائد والرقابة على النقد والصرف والقوانين الجمركية وقوانين المنافسه والقوانين التي تهدف إلى حماية الطرف الضعيف كقوانين حماية المستهلك وقوانين العمل فمثل هذه القوانين يستحيل تفاديها أو التحرر منها متى كانت تنطبق على العلاقة أو تشكل جزءا منها، وكذللك القيود الآمرة التي تضها التشريعات الخاصة بشأن نقل التكولوجيا ، والمعرفة الفنية مــن حيث الأستخدام والحجم أو البحث والتطوير ذلك أن التحكيم وإن كان عنصرا مخففا لتنازع القوانين إلا أنه لا يعد سببا لأختفائة تماما في علاقات التجارة الدولية إذ هذه القواعد يرتبط بها الأطراف شاءوا أم لم يشاءوا لهذا تعد من القوانين ذات التطبيق الفورى التى ترتبط بتنظيم الدولة.
التحكيم استنادا إلى العدالة لا يتجرد من طابعة القضائي:
والتحكيم استنادا إلى مبادئ العدالة لا يتجرد من طابعة القضائي إذ يتعين على المحكم بالصلح مراعاة القواعد الإجرائية المتعلقة باحترام حقوق الدفاع وتمكين الأطراف من إبداء دفاعهم ودفوعهم في إطار مبدأ المواجهة بين الخصوم وبوجه عام الألتزام بالضمانات الأساسية للتقاضي، وإلا تعرض حكمة للبطلان والمحكم بالصلح هذا يستوى تماما في أداء مهمته مع المحكم بالقانون كمـايجب عليه بيان الأسباب التي اقتنع بها أو استند إليها في تكون عقيدته في الحكم بموجب مبادئ العدالة بمعنى أنه يجب أن يكون قراره مسببا وعلى الأخص إذا كان تنفيذه في بلد يتطلب ذلك ومن ناحية أخرى، فإن تفويض المحكمين بالصلح يحتاج إلى توكيل خاص ولكن لا يترتب عليه تحررهم من اتباع قواعد الإجراءات التي اتفق الأطراف على خضوع التحكيم لها.