اجراءات خصومة التحكيم / العقد والأعراف التجارية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / تطبيق المحكم الدولي لعادات وأعراف التجارة الدولية / عادات واعراف التجارة الدولية
ومن خلال تواجد تلك العادات وكثرة استخدام المحكمون لها لفض النزاعات المتعلقة بالتجارة الدولية والمعروضة عليهم يمكننا أن نقول أنه وأخيراً بدأ نظام التحكيم الدولي في أن يجد ضالته وأن يتحرر من سطوة القوانين الوطنية التي تفقد النظام مزاياه ومصداقيته بالأخص فيما يتعلق بنزاعات التجارة الدولية. لذلك يجب أن تتم بعض المحاولات الجادة لكي تصبح هذه القواعد قانونا غاصا بالتجار يطبقه المحكمين في نزاعات التجارة الدولية.
تعريف عادت وأعراف التجارة الدولية:
في البداية يمكننا أن نقول أن عادات وأعراف التجارة الدولية من وجهة نظر الباحث هي "مجموعة من القواعد الناتجة عن التعاملات التجارية الدولية والتي استمر العمـل بـهـا وتـواتـر عليهـا حـتـى أصبح من الصعب وغير المألوف الخروج عليهـا ومخالفتها حتى أصبح لها هيبة القواعد القانونية الملزمة في مجتمع التجارة الدولية".
ويتضح أيضا من تعريف الفقه الفرنسي للعادات والأعراف التجارية ما ذكرناه آنفا من أنها من صنع مجتمع التجارة الدولية ومن هنا تكمن أهميتها بالنسبة لهذا المجتمع فهي ولدت من رحم هذا المجتمع وتعبر عن رغبات أفراده وتطلعاتهم.
ومن الملاحظ أن هذه العادات والأعراف ليست وليده اللحظة. بل أنها قديمة النشأة وأستمر عمل التجار بها زمنا طويلاً ولكنا نعتقد أنها في تطور مستمر لتلائم حركة التقدم الذي يشهده ميزان التجار الدولية وهذه هي الميزة الشديدة الأهمية التي تجعل منها كالسفينة التي تعبر بركابها إلى بر الأمان.
يستبان مما سبق الأهمية القصوى لعادات وأعراف التجارة الدولية كعنصر من عناصر تحقيق الانضباط للمعاملات التجارية الدولية ،ان مثل هذه العادات والأعراف هي الأقدر على تحقيق ذلك الانضباط في السوق الدولية وأن أحدا من المتعاملين في تلك السوق لا يمكنه مخالفتها وإلا فيسخضع إلى المسألة والمحاسبة جراء مخالفة تلك القواعد.
ومن المتعارف عليه أن نظام التحكيم الدولي أو يمكنني أن أطلق عليه "قضاء التجارة الدولية" يعتمد اعتمادا في الغالب الأعم كليا على عادات وأعراف التجارة الدولية في فض ما يثور أمامه من منازعات متعلقة بمسألة من مسائل التجارة الدولية.
ولكن بعض الفقه لا يريد أن يضفي على تلك القواعد "عادات وأعراف التجارة الدوليـة" صفة القانون والبعض الآخر يقـول بـأن تلك العادات والأعراف هي بمثابة قانون جديد للتجارة الدولية" ... ولكن التساؤل الذي يثور الآن هو هل تصلح عـادات وأعراف التجارة الدولية لأن تصبح قانونا موحـدا لحكم علاقات التجارة الدولية يطبقه المحكم حينما يعرض عليه نزاع متعلق بعقد من عقود التجارة الدولية؟ ( يمكننا الإجابة على هذا التساؤل في حينه لاحقا )؟
ولكن علينا أولا أن نعرف من أين وجدت عادات وأعراف التجارة الدولية؟ وما هي مصادرها ؟ وذلك سوف نقوم بتوضيحه .
ثانيا: مصادر عادات وأعراف التجارة الدولية:
كما أوضحنا سلفا فإن عادات وأعراف التجارة الدولية هي وليدة مجتمع التجارة الدولية ولكن كيف ولدت هذه الأعراف والعادات؟ ما هي مصادرها ؟ هل هي مجرد قواعد وعادات عشوائية؟
نعتقد أن مثل هذه القواعد لا يمكن أن تكون عشوائية وأن رجالات مجتمع التجارة الدولية قد اعتادا على السير على هدي هذه العادات لملاءمتها الفعلية لاحتياجات هذا المجتمع ... وتواءمها مع متطلبات أكثر بكثير من القوانين الوطنية، ولما كان ذلك فما هي مصادر عادات وأعراف التجارة الدولية .