وبالتالي فإن على هيئة التحكيم أن تنظر إلى شروط العقد عند اختيار القانون الواجب التطبيق، وهذا يساعد أصلاً على اختيار القانون؛ لأن المحكم يصبح لديه المعرفة بما تتضمنه شروط العقد، ولا يقع في خطأ الاختيار للقانون الواجب التطبيق؛ فمثلاً في التحكيم التجاري الدولي لا ينظر المحكم إلى النظام العام الداخلي إلا باعتباره مكملاً لإرادة الأطراف ولذلك إذا تضمن العقد نصوصاً تخالف النظام العام فإن على المحكم أن يحترم هذه النصوص حتى لو خالفت النظام العام.
أما مراعاة المحكم أو هيئة التحكيم الأعراف الجارية نلاحظ من خلال المواد السابقة أنه لم يفرض على هيئة التحكيم تطبيق الأعراف الجارية وإنما أشارت إلى مراعاة هذه الأعراف.
والسؤال الذي يطرح هنا هو مدى التزام المحكم أو هيئة التحكيم بقواعد المعاملات الإلكترونية إن وجدت؟
بالنسبة للمعاملات الإلكترونية والقانون الواجب التطبيق فإن ما ينطبق على التحكيم العادي ينطبق على التحكيم الإلكتروني، حيث إن على هيئة التحكيم أن تلجأ إلى قانون المعاملات الإلكتروني لفض النزاع وليس إلى القانون المدني أو التجاري وذلك لما تتمتع به المعاملات الإلكترونية من طبيعة خاصة، حيث إنها تتم في بيئة تختلف عن البيئة التي تتم فيها المعاملات المدنية والتجارية،
ونرى الكثير من التشريعات تنص على أن يسري على الالتزامات التعاقدية الإلكترونية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك، فإن اختلفا يسري قانون الدولة التي تم فيها العقد.
نستخلص من ذلك أنه في حالة عدم اتفاق الأطراف على تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع فإن المعيار الذي تأخذ به هيئة التحكيم هو قانون الدولة التي تم فيها العقد ولكن ذلك غير ممكن، وذلك لأن العقد الإلكتروني بمعنى أن مكان إبرام العقد هو افتراضي.
وخلاصة القول إن التحكيم الإلكتروني لا يختلف عن التحكيم العادي فيما يتعلق باختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، وأنه حالة عدم اتفاق الأطراف على تحديد القانون فإن هيئة التحكيم تقوم بتحديده، على أن تراعي شروط العقد والأعراف الجارية وهذا ما نص عليه التحكيم العادي أيضاً، وهذا يسهل على أطراف النزاع التحكيم الإلكتروني تحديد القانون الموضوعي التقليدي لتطبيقه على التحكيم الإلكتروني.