تعتبر الشروط التي تضمنها العقود والأعراف والعادات التجارية الجارية مصدرا هام من مصادر القواعد الموضوعية التي تحكم المنازعات الناشئة عن هذه العقود سواء فى التجارى الوطنية او التجارة الدولية وبالرغم من أن تطبيق المحكم للقواعد المستمدة من هذه المصادر لا يحتاج إلى نص يقرره إلا أن بعض القوانين الوطنية وكثير من اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجارى الدولى قد عنيــت بالنص على ضرورة مراعاة المحكم لتلك القواعد فيما يصدرة من أحكام تحكيمية.
هذا ولم تنص المادة ۳۹ من قانون التحكيم صراحة على حق المحكم في تطبيق العادات التجارية ، إلا أن نص هذه المادة لم يمنع المحكم من تطبيق تلك العادات التجارية ذلك أن نص الفقرة ٣ من المادة ۳۹ تنص على أن يجب أن تراعى هيئة التحكيم عن الفصل فى موضوع النزاع شروط العقد محل والأعراف الجارية في نوع المعاملة.
وعلى هذا فإنه وكما يجب على المحكم مراعاة الشروط العقدية فإن يجب عليه مراعاة العرب الذي يحكم المعاملة، ونحن نعلم أن العرف يعد مصدرا تقليديا راسخا من مصادر القانون التجارى بمعناه الواسع حيث نشأ هذا القانون نشأة عرفية فى العصور الوسطى وإذا كانت حركة التقنين التي ظهرت خلال القرن السابع التجاري لم يفقد أهميته مع ذلك كمصدر من مصادر القاعدة القانونية حيث يوجد العرف دائما من خلف البيئة التجارية ذاتها فيأتي مستجيبا لحاجاتهـا إلــى السرعة والمرونة والفعالية مما قد لا يستطيع المشرع ملاحقة تطويرة .
والعرف قاعدة درج الناس على إتباعها في معاملاتهم وشعورا بضرورة احترامها والالتزام بها بغير نص فى العقد أو القانون الذي لا يتوقف إعمال القاعدة العرفية على اتجاه إرادة المتعاقدين إلى العمل بمقتضاها ولا يجوز لأحدها الأعتذار بجهله لها، لأنها والقانون سواء من حيث القوة الملزمة وعلى من يدعى وجود العرف إثبات ما يدعية.
أما العادة التجارية Usage commercialé التي يجب أيضا على المحكم مراعاتها عند الفصل فى موضوع النزاع فهي القاعدة التي توترات وذاعت كشرط درج المتعاقدين على تضمنية في عقودهم وأدى الدأب والأستمرار عليـه إلــى إغنائهم من النص عليه فى هذه العقود بحيث يكفى لتطبيق العادة اتجاه إرادتهم إيها حقيقة سواء كانت هذه الأرادة صرحية أو ضمنية ومن أمثلة العادات التجارية الجارية اضطراد العمل على طريقة معينة في حزم البضاعة أو تغليفها أو تحديـــد مهلة معينة لقبول الصفقة أو تحديد ربح حصة رأس المال في الشركة بنسبة معينة تختلف عن نسبة صاحب حصة العمل وتحتل العادة التجارية مرتبة أدنــــى مـــن العرف التجارى إذا بينما لا يتوقف إعمال العرف على اتجاه إرادة الطرفين إليه وبينما لا يجوز لأى منهما الإدعاء بجهله فإن إعمال العادة التجارية يتوقف على ثبوت اتجاه إرداه الطرفين إليها ومن ثم لا يجوز إعمالها إذا أثبت أحدهما عـدم علمة بها وهو فارق يتأتى من أن المادة على حد قول البعض عــرف ناقص إذا تعوزها شعور الناس بضرورة احترامها لتصير عرفا ومن ذلك يفترض اتجاه إرادة المتعاقدين إلى العادة التجارية الجارية حتى يثبت عكس ذلك ويجوز استبعاد تطبيق العرف التجارى والعادة التجارية فإذا لم يوجد شرط عقدى صريح طبق العرف بما له من قوة، ولو لم تتجة إليه إرادة الطرفين فإذا لم يوجد شرط صريح أو عرف طبقت العادة التجارية متى اتجهت إرادة الطرفين إليها صراحة أو ضمنا.
ونرى أن المحكم يلتزم بالترتيب المتقدم فى تطبيقه الشروط العقدية والأعراف والعادات التجارية الجارية على موضوع النزاع مادام كان الحكم مقيداً بالحكم على مقتضى القانون حيث يستند هذا الترتيب إلى تفاوت القوة القانونية الملزمة لكل من العقد والعرف والعادة التجارية والجارية يستوى في ذلك أن يكون التحكيم وطنيا أو دوليا.
ومما هو جدير بالذكر أنه قد حرصت بعض اتفاقيات وأنظمة القانون التجارى الدولى الحديث على الإشارة إلى الشروط العقدية والأعراف والعادات التجارية الجارية بإعتبارها من مصادر القواعد القانونية التي يجب على المحكم مراعاتها عند الفصل في النزاع فلقد نصت المادة 7 من الأتفاقية الأوربية للتحكيم التجارى الدولى عام ١٩٦١ على أن يراعى المحكم سواء الطرفين القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع أو حددة المحكم نفسه وفق شروط العقــد والعادات التجارية وهو نفس النص المقرر في المادة ٥/١٣ من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية والمادة ۳/۳۳ من قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة والمادة ٤/٢٨ من القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى والأمر الذي يؤكد أهمية المــــصــادر المذكورة بالنسبة لهذا التحكيم. وإذا كانت الاتفاقيات والأنظمة الدولية المتقدمة قد أوجبت على المحكم الدولى مراعاة الشروط العقدية والعادات التجارية الجارية ولم تشر إلى الأعراف التجارية فإذا وجوب مراعاة المحكم لهذه الأعراف لا يثير أى جدل لأنها أعلى في المرتبة القانونية من العادات التجارية الجارية ومن ثم تكون أولى بالتطبيق عند عدم وجود شرط عقدى يحكم النزاع.
ولكن ما هي مصادر أعراف وعادات التجارة الدولية الحديثة؟
لقد أضطلعت بوضع لهذه القواعد الغرف التجارية والجمعيات النوعية التي ينتمي إليها التجار الذين يزاولون التجارة فى سلع معينة ومن ثم توجد بينهم روابط خاصة تحكمها اعتبارات خاصة تتفق وطبيعة التعامل على كل سلعة من ذلك مثلا قواعد يروك بتجارة الحبوب والحرير والأقطان والأصواف والجلود والأخشاب فضلا على القواعد الموحدة للأعتمادات المستندية وبذلك نشأت قواعد تجارية عرفيه دولية منبته الصلة بالقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية.
ولقد فرض المجتمع الدولى للتجارة وجوده بماله من قواعد ونظم ذاتية على الواقع الدولي الذي تحكمة السيادات الوطنية حتى حظى بإهتمام الأمم المتحدة التي عنيت بتمثيل لجنة تختص بإزالة العقبات التي تعترض تقدم وأزدهار التجارة الدولية وتوحد قواعدها وحث التجار الدوليين على إبرام عقودهم على مدى هـذه القواعد ودعوتهم إلى قبولها في المعاملات التجارية الدولية ألا وهى لجنة الأمم المتحدة للقانون التجارى الدولى UNCITRAL وفى مؤتمر الأمم المتحدة لعام ۱۹۹۲ بشأن القانون التجارى الموحد للقرن الحادى والعشرين لفت المؤتمرون الذين دعتهم اللجنة لمناقشة هذا القانون الأنطمة إلى أهمية تبنى التجار الدولية للأعراف والممارسات الدولية التي وضعتها الغرف والجمعيات والأتحادات الدولية في السنوات الأخيرة مثل القواعد التي يتضمنها الدليل القانوني للجنة الأمم المتحدة للقانون التجارى الدولى بشأن التحويلات الإلكترونية للأموال وشـــروط أشغال الهندسة المدنية فى أعمال التشييد التي وضها الأتحاد الدولي للمهندسين الأستشاريين الشروط المعروفة بأسم ال فيديك FIDIC والشروط التجاريــــة الموحدة التي وضعتها غرفة التجارة الدولية لعقود البيع الدولية المعروفة باسم ICC incoterms لعام ۱۹۹۰ وهى شروط تتعلق بالنقل وما يتصل به من مسائل دولية كالمستندات والرسائل والتأمين والإجراءات الشكلية للتصدير والإستيراد والقواعد الموحدة لتفسير عقد البيع على ضوء العرف التجارى الدولى فضلا على العلاقة المتبادلة بين الشروط التجارية وغيرها من شروط عقد البيع وذلك ناهيك عن القواعد المعيارية بشأن المسائل المتصلة بإستخدام التبادل الإلكتروني في التجارة الدولية.
الأسس التي استند إليها قضاء التحكيم فى استخلاص تلك المبادئ العامة:
استطاع قضاء التحكيم أن يستخلص العديد من هذه المبادئ من الدراســـات القانونية في مختلف النظم القانونية التي لا يمكن تجاهلها في إطار علاقات التجارة الدولية، وعلى الأخص بالنسبة لعقد الأستثمار والتنمية ، واستنادا إلى أنها تستجيب
إلى التطور الحديث وأن هناك تقاربا بين النظم بحيث يسمح بتحقق هذه المبادئ المشتركة
ومتى تم استخلاص هذه المبادئ من النظم القانونية المختلفة فإنها تقيد كل رابطة بهذه النظم الأخيرة ويكون لها كيانها المستقل الذي يسمح لها بأدارء وظيفتها في إطار التجارة الدولية بمعنى أنها تستقل عن النظم القانونية الداخلية التي تستقى منها.
وقد عرف الفقة هذه المبادئ العامة بإنها القواعد التشريعية الــــى تــصادف قبولا في الكثير من النظم القانونية أيا كانت درجة تقدمها وهي قواعد تطبــق مباشرة على الانزعة دون وساطة قواعد التنازع .
وهذه المبادئ تجد سندها فى المبادئ العامة فى القانون المدنى المصرى وهي لا تقتصر على المبادئ السائدة فى مصر بل يعنى المبادئ السائدة بالنسبة لتنازع القوانين في مختلف البلاد.
والذي يسعف هيئات التحكيم فى استخلاص هذه المبادئ هي أنها ليس لها قانون اختصاص يقيدها.
ويتوافر لهذه المبادئ طابع العمومية من خلال الأعتراف بها من جانب التشريعات الوطنية لمعظم الدول.
وشرط تطبيق قواعد الأمم المتمدينة قد تم الاتفاق عليه بين مـصـر وهيئــة بترول إسو كما حواه اتفاق البترول بين الكويت وشركة بترول أسبانية.
وجرى تطبيق هذه المبادئ على عقود القروض المبرمة بين البنك الدولي للإنشاء والتعمير والأفراد في الدول المختلفة.
وجاء باتفاق القرض بهيئة قناة السويس وصندوق أبو ظبي ما يفيد تطبيق المبادئ العامة المشتركة بين قوانين الدول الغربية.
تطبيقات قضاء التحكيم للمبادئ العامة
وغالبا ما تطبق هيئات التحكيم على النزاع الدولى المبادئ العامة المشتركة للأمم المتحدة وتعتبرها من مصادر قانون التجارة الدولية
والأصل أن الالتجاه إلى هذه القواعد الموضوعية لا يجد محلا إذا استحال تطبيق قانون معين على النزاع فى وجود فراغ تشريعى فى القانون الواجب التطبيق، أى بسبب إهمال المشرع تنظيم المسألة موضوع النزاع بمعنى أن القانون المختار غير قابل للتطبيق لعدم وجود قاعدة قانونية مناسبة تنطبق على النزاع.
وبهذا قضت هيئة التحكيم في الدعوى المرفوعة من شركة السكك الحديدية ضد إثيوبيا أنها لم تعثر على قانون إدارى فى أثيوبيا وهى الدولة مانحة الإمتياز ولذلك فإنها تطبق قوانين الدول الأوروبية المتعلقة بامتياز المرافق العامة .
ويحدث هذا عادة في عقود نقل التكنولوجيا، التي يقتضى تنفيذها وقتا طويلا بحيث تطرأ أثناء التنفيذ مسائل لم يتوقعها الأطراف، ولم تحظ في الوقت ذاتــــه بتنظيم من جانب المشرع أو كان تنظيما غير كاف.
ومع ذلك تعسفت هيئات التحكيم فى تطبيق هذه المبادئ فطبقتهــا علــى الأنزعة رغم وجود نص قانونى يحكمها بحجة أن هذا النص لا يتلاءم مع النظم القانونية الحديثة أو المتطورة .
وانطلاقا من هذا المفهوم طبقت محمكة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية بباريس سنة ۱۹۷۹ بمبدأ حسن النية فى تنفيذ العقود بوصفة من المبادئ العامة المشتركة لقوانين الأمم المتحدة التي تندرج في قانون التجارة الدولية بعد استبعاد كل من القانون التركي والقانون الفرنسى وكان مقطع النزاع ينحصر في بيان مــا إذا كان إنهاء الوكالة يرجع إلى خطأ الطرف المنهى وما إذا كان قد لحق الطــرف الآخر ضرر يستوجب التعويض.
وقد أستبعد المحكمون في بعض المنازعات الدولية القوانيين الوطنية للدول النامية متى كانت هذه القوانين لا تتلاءم مع حل النزاع أو كانت تتضمن فراغا تشريعيا أو قصورا.
وهذا هو ما ذهب إليه المحكم قضية شركة التنمية البترولية ضد شيخ أبو ظبي بتاريخ ۲۸ أغسطس ۱۹۵۱ حيث تم استبعاد قانون أبو ظبي استنادا إلى أن الشيخ يمارس القضاء بسلطة تقديرية واسعة طبقا لمبادئ القرآن وليس مــن المعقول أن نفترض في مثل هذا المكان القبلى وجود مجموعة قانونية تحكـــم النزاع، وإن قانون أبو ظبي متخلف لا يقوى على التصدى للمعاملات التجارية الحديثة وأنتهى المحكم إلى تطبيق القانون الإنجليزى وهو قانون جنسيته بوصفة تعبيرا عن المبادئ المشتركة للأمم المتمدنية أى أن المحكم طبــق قـانون دولتــــه بوصف أن هذا القانون يمثل المبادئ المشتركة بين الأمم المتحضرة
وفي تحكيم أرامكو والسعودية قرر المحكم بتاريخ ٢٣ أغسطس ١٩٥٨ عدم كفاية مبادئ القرآن لحل مشاكل الإنتاج البترولى، إستنادا إلى أن هذه الدول النامية تعوزها الثقافة القانونية الكافية.
والواقع أن ما يعملة المحكم على منازعات التجارة الدولية بشأن المبادئ العامة المشتركة للأمم المتحدة ، إنما هو رد فعل لثقافته القانونية وانعكاس للنظم القانونية التي يعرفها ويكون على إلمام بها.
ومن ناحية أخرى فإن إعمال هذه المبادئ باعتبارها قواعد ثابتة يصادر حق الدولة في تعديل قوانينها وهو من الحقوق التي كفلها الدســـتور فـــي الــدولي المختلفة.
وكذلك فإن تطبيق المبادئ العامة المذكورة يخالف مبدأ تدرج القواعد القانونية، وتعددها انه من المقرر ، أنه إذا لم يوجد نص تشريعي ، يمكن تطبيقة حكم القاضي بمقتضى العرف فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعى والعدالة، ولا يقصد من جميع
المصادر على هذا النحو مجرد تعدادها بل يراد بوجه خاص تدرجا من حيث الأولوية في التطبيق.
إن اتساع نطاق التجارة الدولية وتنوع المعاملات التي تقوم عليها أدى إلى زيادة لا يستهان بها من العلاقات المذكورة بين التجار الذين ينتمون إلى دول متباعدة تختلف اختلافا جوهريا في نظمها الاقتصادية والإجتماعية وكذلك التشريعية مما يصعب معه في إطار هذه الظروف استخلاص مبادئ عامة مشتركة بين النظم لحكم علاقة التجارة التشريعية وغير المتناهية.
وفي الحقيقة فإن هيئات التحكيم فى الأحكام المشار إليها إنما تستخلص هذه المبادئ العامة من الأنظمة القانونية السائدة فى الدول الرأسمالية الصناعية الكبرى وتعملها رغم اختلاف مفهومها في هذه الدول على الأنزعة المرتبطة بدول نامية الدور الذي يؤدى فى النهاية إلى عجز الدول الأخيرة فى استغلال ثوراتها الطبيعية.
ولعل هذه الأعتبارات هى التى أدت بالدول الاشتراكية وشركاتها إلى رفض إبرام اتفاقيات التحكيم التي تجعل الاختصاص إلى هيئات التحكيم المذكورة بشأن تعاقداتها مع الشركات في الغرب.
ولهذا فقد عادت محكمة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية في الدعوى رقم ١٥٢٦ لسنة ١٩٦٨ في عقد امتياز إدارى إلى تطبيق قانون الدولة مانحة الأمتياز باعتبار أن عقد الأمتياز المشار إليه يجد مجالة في التنفيذ فى هذه الدوله ولأن هذه إرادة الأطرف الضمنية.
وهذا الاتجاه يعتبر مخالفا للأتجاه في حكم سنة ١٩٥١ في قضية أبو ظبي ضد شركة التنمية البترولية وقديمثل نوعا من العدول عن التجاه الذي يضمنه هذا الحكم الأخير.
العلاقة بين المبادئ العامة للقانون وقانون الدول المتعاقدة :
ويتجه قضاء التحكيم في بعض الأحيان إلى التصريح في أسباب الحكم إلى أن المبادئ العامة المشتركة تماثل تماما قانون الدولة المتعاقدة.
ففى دعوى "لينا" جولد" ضد روسيا، قالت هيئة التحكيم إن مبدأ الإثراء بلا سبب معترف به فى روسيا وفى قضية Sapphire أنتهت هيئة التحكيم إلى أن قاعدة العقد شريعة المتعاقدين ومبدأ وفاء أحد المتعاقدين بالتزامه يجيز للطرف الآخر فسخ العقد مع التعويض إن كان له مقتضى معترف بهما في القانون الإيراني وذهب الحكم في نفس الوقت أن المبادئ العامة هى التطبيق المشترك بين الدول المتمدينة.
وذهبت محكمة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية في الدعوى رقم ١٥١٢ سنة ۱۹۷۱ إلى أن القواعد المشتركة للنظم القانونية للدول المتمدينة ليست غريبة في القوانين الوطنية الأطراف المتنازعة الهند والباكستان موضحة أن هذه المبادئ تجد مكانها فى النظامين القانونين المشار إليها.
ولهذا لا نرى في المبادئ العامة سوى قواعد مدرجة في القوانين الوطنيه وعلى ذلك يمكن القول بأن الأستناد إلى المبادئ العامة للقانون لا يتنافى مع قانون الدولة المتعاقدة لأن هذه المبادئ تمثل قواعد أساسية وقانونا مشتركا متحققا في غالبية النظم القانونية.
وفي إطار منازعات نقل التكنولوجيا تم الاعتراف بقواعد عامة مشتركة بين الدولة المتمدينة ، منها مبدأ حرية المتلقى في استخدام التكنولوجيا وفي بيع منتجاته في أي مكان دون تدخل من المورد والكيفية التي يراها وله حرية التطوير التكنولوجيي والتحسينات والأستقلال بمشروعه، وقد نصت معاهدة رومــا سـنة ١٩٥٧ على حظر شروط الإنتاج الأسواق او الأستثمار أو التطوير التكنولوجيي. وكذلك تقرر التشريعات الوطنية المختلفة مبدأ حق المتلقى بالأستمرار فـــي دفع الإتاوة ، بعد أن نفقد التكنولوجيا السرية أو بعد انقضاء أجل حقوق الملكية الصناعية أو بعد تقرر إبطالها .
ومن المبادئ المتعارف عليها بين الدول مبدأ تحديد مدة العقد، وحظر إبرام العقد لمدة غير محددة وذلك بهدف حماية المتلقى من الأرتباط بالعقد عندما تفقد التكنولوجيا حداثتها أو قيمتها الاقتصادية أو سريتها ، أو لظهور ما هو أحدث منها ومن هذه المبادئ أيضا بطلان كل شرط يؤدى إلى حرمان المتلقى من الطعن في صحة حقوق الملكية الصناعية أو حقوق المعرفة سواء بالطريق القضائي ام الإدارى.
تطويع فكرة المبادئ العامة:
وقد أسهم قضاء التحكيم فى تطويع فكرة المبادئ القانونية العامة دون الخروج عن مضمونها حتى تتلاءم مع معطيات التجارة الدولية فإذا كانت نظرية الحوادث الطارئة المستخلصة من المبادئ العامة تخول للقاضى سلطة مطلقة في تعديل العقود، برد الألتزام المرهق إلى الحد المقعول فإذا قضاء التحكيم كثيرا ما قد يحجم عن إعمال هذه النظرية في إطار طائفة من عقود التجارة الدولية ، التي تجرى في مجتمعه مهنى محترف يتوقع افراده عادة الظروف الأستثنائية ومخاطر ارتفاع الاسعار ذلك أن معطيات التجارة الدولية قد تقيد سلطة المحكم في تعديل عقود المدة ذات التنفيذ المؤجل وأيضا عقود تسليم المفتاح في اليد طويلة الأجل.
والزلزال يعتبر حادثاً استثنائيا متى حدث في منطقة لا تتعرض عادة للزلازل والحدث الأستثنائى قد يكون عملا قانونيا كقرار إدارى وقد يكون تشريعيا مثل قانون الإصلاح الزراعى رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢.
(نقض ١٩٦٥/٢/١٨ س ١٦ ص ١٩١)
ومن ناحية أخري فقد رأي قضاء التحكيم أن التأخير في الوفاء لا يعد إخلالا بعقود التجارة الدولية طويلة المدي، لأنها مسألة يجب أن يتوقعها الأطراف في هذا النمط من العقود.
نخلص إلى أن المبادئ العامة للقانون تنحصر في ثلاث طوائف الطائفة:
الطائفة الأولى: هي تلك التى يشير إليها أطراف العقد بغرض إعتاق العلاقات الناشئة عنده من الخضوع لأي قانون وطني.
أما الطائفة الثانية : هى طائفة المبادئ العامة فى القانون التي تمثل في مجموعها نظاما عاما عبر دولى يفرض نفسة بالضرورة بحيث لا يجوز الأطراف العقد تجارة او الاقتتاب عليه.
أما الطائفة الثالثة : وهى طائفة أكثر اتساعا من الطائفتين السابقتين بـل وأكثر أهمية منها فهى طائفة المبادئ العامة التي تمثل العناصر المكونة أو المنشئة لبنيان قانون خاص يملا الفراغ القانونى للنطاق الجديد عبر الدولي لعلاقات التجارة التجارية الدولية .