اجراءات خصومة التحكيم / القانون الذي يقرر المحكم مناسبته لموضوع النزاع / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر النظام العام عل اتفاق التحكيم ( دراسة مقارنة ) / سلطة المحكمين في تحديد القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم
سلطة المحكمين في تحديد القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم:
تجد أهمية القانون واجب التطبيق في جميع مراحل التحكيم ، فقد يكون لهذه القواعد دور هام في تحديد ما إذا كان الحكم التحكيمي حكماً وطنياً أو أجنبياً ، كما قد يحدد المحكمة المختصة عند الحاجة للمساعدة القضائية سواء مرحلـة تشكيل هيئة التحكيم ، أو لاتخاذ بعض الإجراءات التحفظية والتدابير الوقتية.
ومن التشريعات ما يعلق مسألة تسبيب حكم التحكيم على القانون واجب التطبيق كقانون التحكيم المصري في المادة (٢/٤٣) التي تنص على أنه " يجب أن يكون حكم التحكيم مسببا إلا إذا اتفق أطراف التحكيم على غير ذلك أو كـان القانون واجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم " .
وكذلك المادة (٢٠٢) من قانون التحكيم القطري رقم 13 لسنة 1990 والتي تنص على أنه: " يصدر حكم المحكمين بعد المداولة بأغلبية الآراء ويجب أن يكون الحكم مكتوباً وأن يشتمل بوجه خاص على صورة من وثيقة التحكــم وعلى ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقه والمكان الذي صدر فيه وتاريخ صدوره وتوقيعات المحكمين .
فإذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه ويكون الحكم صحيحاً إذا وقعته أغلبية المحكمين .
ويعتبر الحكم صادراً من تاريخ توقيع المحكمين عليه بعد كتابته ولو قبل النطق به أو إيداعه.
وتظهر أهمية القانون واجب التطبيق – بشكل واضح – لدى تنفيذ حكـم التحكيم ، الذي قد يطعن به بالبطلان ، بحجة أن هذا الحكم قد صدر مـن هيئـة تحكيم شكلت على وجه مخالف للقانون واجب التطبيق على إجراءات التحكيم ، أو صدر بناء على إجراءات لم تكن مطابقة للقانون ( المادة 53هـ تحكــم مصرى والتي يقابلها نص المادة ٢٠٧ تحكيم قطرى ) الأمر الذي يثيـر –دون شك- التنازع شأن القانون واجب التطبيق على إجراءات التحكيم بسبب تبـاين مواقف التشريعات الوطنية والدولية .
وباعتبار التحكيم يعتمد في جوهره على اتفاق المحتكمين ، فلا يمكن بأي حال من الأحوال ، إنكار دور إرادة المحتكمين في تحديد إجراءاته ، إلا أن هذه الإرادة قد تتخلف أو يشوبها القصور .
فإن الاستثناء على ذلك أن تتولى هيئة التحكيم مهمـة تحديـد القواعـد الإجرائية التي تطبق على إجراءات التحكيم ، وذلك عند غياب قـانون الإرادة ، أو بعبارة أخرى عند عدم الاتفاق بين الأطراف على تحديـد القـانون الواجـب التطبيق على المسائل الإجرائية.
وبعبارة أخرى فإنه يتعين على المحكم الالتزام بالنصوص الإجرائيـة الأمرة في قانون دولة المقر ، وكذلك يتوجب على المحكم احترام حدود السلطة المخولة له في اتفاق التحكيم ذاته في مسألة تنظيم إجراءات التحكيم ، وكـذلك احترام القواعد الإجرائية في قانون الدولة المرجح تنفيذ الحكم فيها .
حيث تنص المادة (١٩٨) من قانون التحكيم القطـري علـى أنـه : " يصدر المحكمون حكمهم غير مقيدين بإجراءات المرافعات المنصوص عليها في هذا القانون عدا ما نص عليه في هذا الباب ويكون حكمهم على مقتضى قواعـد القانون ما لم يكونوا مفوضين بالصلح وبشرط عدم مخالفة قواعد النظـام العـام والآداب .
وإذا تم الاتفاق على التحكيم في قطر كانت قوانين دولة قطر هي الواجبة التطبيق على عناصر المنازعة ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك " .
هذا وتنص المادة (٢٥) من قانون التحكيم المصرى على أنه : " لهيئة التحكيم ، مع مراعاة أحكام هذا القانون ، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة .
أما القانون الفرنسي ، فقد ميز بين التحكيم الداخلي والتحكــم الـدولي ، حيث أفرد لكل منهما نصاً خاصاً به ، فالمادة (1460) من قانون المرافعات الجديد تجيز للمحكمين حرية اختيار القواعد المطبقة على إجـراءات التحكيم دون التقيد باحترام إجراءات التقاضي أمام المحاكم ، إلا فـي حالـة أن اتفـق الأطراف على ذلك .
على أنه يتحتم دائماً احترام المبادئ الواجب مراعاتها أمـام القـضاء ، وذلك بناء على ما قررته الفقرة الثانية من المادة (١٤٦٠).
أما في حالة التحكيم الدولي ، فإن المادة (1494) من نفـس القـانون(۲) تقرر إمكانية أن يتولى المحكمون اختيار وتحديد القواعد الإجرائية التـي تـنظم " إجراءات التحكيم ، سواء بطريق مباشر أو بالإحالة لقانون أو تنظيم معـيـن دون أن يكون على المحكمين مراعاة ما جاء النصوص المتعلقة بالتحكيم الداخلي .
فالذي يدفع الأطراف لاتخاذ التحكيم طريقاً لحسم منازعاتهم ، هو سعيهم للوصول لفض منازعاتهم بأسرع الطرق وأيسرها ، وهـذا لا يكـون بتفويض المحكم في اختيار إجراءات التحكيم وإطلاق يده في تسيير إجراءات النزاع دون ضوابط أو قيود ، إلا تلك التي حددها القانون أو المبادئ الأساسية في التقاضـي والمبادئ المتفق على احترامها . .
يعرض هيئة التحكيم أو أحد أعضائها للرد أو العزل ، كما يعرض الحكم الصادر عنها للبطلان ، لمخالفة قواعد النظام العام.
وهذا ما يمكن استخلاصه من نص المادة (۲/۱/۱۹) من نموذج القانون (Model Law ) ، والتي تنص على أنه : " فإن لم يكن ثمة مثل هذا الاتفاق ، كان لهيئة التحكيم ، مع مراعاة أحكام هذا القانون ، أن تسير في التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة ، وتشمل السلطة المخولة لهيئة التحكيم ، سلطة تقرير جـواز قبول الأدلة المقدمة . وصلتها بالموضوع وجدواها وأهميتها " .