اجراءات خصومة التحكيم / القانون الذي يقرر المحكم مناسبته لموضوع النزاع / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / خصومة التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية / سلطة المحكم في تحديد القواعد الإجرائية لخصومة التحكيم
سلطة المحكم في تحديد القواعد الإجرائية لخصومة التحكيم
كذلك فإن القانون النموذجي خول هيئة التحكيم أيضا سلطة البت في قبول الأدلة المقدمة وصلتها بالموضوع وجدواها وأهميتها، وقد خول المشرع البحريني والقطري ذات السلطة لهيئة التحكيم في المادة 19 وهي مطابقة لنص المادة 19 في القانون النموذجي. وبهذا فإن الهيئة التحكيم الحرية في جواز قبول هذه الأدلة، وذلك عن طريق قيام المحكمة بتقدير هذه الأدلة ومدى اتصالها بموضوع النزاع وبأهميتها باعتبارها منتجة في الدعوى، فالمحكم يعتمد في قبوله لهذه الأدلة على مدى قناعته التي كونها بخصوصها، والتي بموجب هذه القناعة يملك سلطة الموازنة بين الأدلة مفضلا بعضها على بعض فيأخذ بما اطمئن إليه ويطرح ما عداه .
كما أن سلطة هيئة التحكيم في اختيار القواعد الإجرائية تخول لهم الحق في الاختيار المباشر لذلك القانون، طالما قدرت ملامته الظروف القضية المعروضة، وبموجب هذه السلطة المخولة لهيئة التحكيم فقد ترى تطبيق قانون الإجراءات للدولة التي يجري فيها التحكيم، وذلك بالنظر إلى الروابط العضوية بين دولة مقر التحكيم وعملية التحكيم ذاتها التي لا يمكن إنكارها، حيث تتجسد خلالها مراحل التحكيم المختلفة، وتتمثل في تدخل محاكم دولة مقر التحكيم في المساعدة لتشكيل هيئة التحكيم عند إخفاق الأطراف في اختيارهم. كما تدخل في الأمر باتخاذ التدابير الوقتية أو التحفظية أو الحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة، كذلك تختص محاكم دولة مقر التحكيم بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم.
كما قد ترى هيئة التحكيم تطبيق القانون الإجرائي للدولة التي يطبق قانونها على موضوع النزاع، وبهذا فإنه يتم تطبيق قانون موحد على كل من مسائل الإجراءات ومسائل الموضوع في التحكيم، وذلك تحقيقاً للاقتصاد في حل تنازع القوانين، وتجنيب هيئة التحكيم تقطيع أوصال خصومة التحكيم بين الموضوع والإجراءات، فضلا عن تيسير الأمر على هيئة التحكيم في دراسة وفهم النظام القانوني لدولة واحدة، تبدأ أو تنتهي وفقا لأحكامه عملية التحكيم، إلا أنه من جهة أخرى فإن القول بهيمنة القانون الذي يحكم موضوع النزاع وتعميمه على مسائل الإجراءات، يحمل في طياته ترجيح للجانب التعاقدي والاتفاقي للتحكيم على الجانب القضائي فيه، مع أن الطابع المختلط لنظام التحكيم يوجب تحقيق التوازن بين الجانب الاتفاقي والقضائي كلاهما.
توثيق هذا الباحث
وصفوة القول، أن عدم تولي هيئة التحكيم مهمة تعيين إجراءات التحكيم بناء على تفويض الأطراف الهم بذلك، فإن هيئة التحكيم تتمتع بنفس الحرية أو الإمكانيات التي كانت متاحة للأطراف في هذا الخصوص، ومن ثم فإنه يمكنها أن تضع بنفسها القواعد الإجرائية التي تراها مناسبة لظروف النزاع، ولها أن تقرر إتباع الإجراءات النافذة في قانون إجرائي لدولة معينة أو إتباع إجراءات لائحة مركز معين أو الإشارة إلى تطبيق قواعد تحكيم نموذجية معينة.