الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / القانون الذي يقرر المحكم مناسبته لموضوع النزاع / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم / قانون مقر التحكيم

  • الاسم

    هشام محمد ابراهيم السيد الرفاعي
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    332
  • رقم الصفحة

    160

التفاصيل طباعة نسخ

قانون مقر التحكيم باعتباره ضابط الإسناد الأصلي

أولا : أن نظام التحكيم نظام اتفاقي طليق لا يرتبط بدولة معينة، وهو ما قد يعرقل فاعليته.  ولابد لتلافي ذلك من ربطه بنظام أساسي Système de base ينطلق منه، وهذا النظام يجب أن يكون هو السائد في دولة مقر التحكيم، أي المكان الذي تدور فيه عملية التحكيم.

ثانيا: أنه يصعب قياس نظام التحكيم على نظام العقود الدولية، وإخضاعه من ثم لمبدأ قانون الإرادة لاختلاف طبيعة كل منهما، فالتحكيم وإن كان جوهره يمر بإجراء وينتهي بقضاء، فهو نظام مختلط من عناصر اتفاقاً، إلا أنه تعاقدية وقضائية.

ثالثا : أن دولة مقر التحكيم هي الدولة التي تتركز فيها عملية التحكيم، ويرتبط بها نظام التحكيم أكثر من غيرها، حسب النظرية الموضوعية في تحديد القانون واجب التطبيق عموماً، وقد لاقى هذا الاتجاه صدى في مجمع القانون الدولي الذي قرر في أحد أدوار انعقاده عام 1959 تبنى هذا الاتجاه مقرراً أنه يحكم صحة اتفاق التحكيم قانون مقر محكمة التحكيم".

إلا أن هذا الاتجاه ما لبث أن هجر بسبب النقد الذي وجه إليه .

قانون مقر التحكيم باعتباره قانون الإرادة الضمنية

يستفاد ذلك من تركيز علاقتهم في دولة مقر التحكيم بحسبانها المؤهلة لتقديم الدعم لعملية التحكيم، من خلال تطبيق قانونها فضلاً عن أنها تشهد بداية عملية التحكيم وسريانها حتى صدور حكمها.

وقد أخذ بهذا الاتجاه بعض التشريعات الوطنية مثل القانون الدولي الخاصالسويسري لعام 1٩٨٧ في المادة 1/178 منه وقانون التحكيم الجزائري لعام ١٩٩٣ في المادة 458 مكرر/1.

كما أخذت به بعض الاتفاقيات الدولية: مثل اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية الموقعة بتاريخ 10 يونيو ١٩٥٨ وذلك في المادة 1/5 وكذلك القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لعام 1985 "أونسترال" في المادة رقم ١/٢٦.

وقد اعتبر بعض الفقه أن قانون دولة مقر التحكيم على ذلك النحو الذي تبنته الاتفاقيات المشار إليها لا يعد قانون الإرادة الضمنية، إذ أنه لا يعبر عن نية الأطراف في ذلك الإسناد. كما أن العديد من القوانين المقارنة لا تعرف البحث عن الإرادة الضمنية.

وهو بذلك يعد ضابط إسناد احتياطي قاطع يجب الالتزام به خارج إطار الإرادة الضمنية.

إلا أن أنصار هذا الاتجاه دافعوا عن كون قانون دولة مقر التحكيم هو قانون الإرادة الضمنية لأطراف التحكيم، وأنه يقف على قدم المساواة مع القانون الذي يحكم العلاقة الأصلية خارج إطار تطبيق اتفاقية نيويورك، والاتفاقية الأوروبية التي أخذت به.

إعمال قانون التحكيم باعتبار اتفاق التحكيم جزءا من الإجراءات :

اتجه رأي إلى أن "اتفاق التحكيم" يخضع لقانون دولة مقر التحكيم؛ استناداً إلى أن اتفاق التحكيم جزء من إجراءاته والإجراءات تخضع لقانون محل التحكيم.

وقد أخذت محكمة النقض المصرية بهذا الاتجاه مقررة خضوع اتفاق التحكيم لقانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه وذلك استناداً إلى المادة ٢٢ من القانون المدني، التي وضعت قواعد الإسناد الخاصة بالإجراءات، والتي تنص على أنه: "يسري على قواعد الاختصاص وجميع المسائل المتعلقة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات".

ومن تطبيقات القضاء المصري لذلك:

أولا : حكم محكمة النقض المصرية الصادر في 9 فبراير ۱۹۸۱ حيث قضت بأنه:

لما كان شرط التحكيم قد نص على أن يسوى النزاع في لندن طبقاً لقواعد قانون التحكيم الإنجليزي لسنة 1950 ، وكان المشرع قد اقر إجراء التحكيم في الخارج ، ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام ، فإنه يرجع في تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه وبشرط عدم مخالفة تلك القواعد للنظام العام".

ثانيا : حكم محكمة النقض المصرية الصادر في 13 يونيو ١٩٨٣ حيث قضت بأنه :

" لما كان الثابت أن شرط التحكيم المدرج في سند الشحن قد نص على أن يحال أي نزاع ينشأ عن هذا السند إلى ثلاثة محكمين في مرسيليا وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام فإنه يرجع في شأن تقرير صحة شرط التحكيم إلى قواعد القانون الفرنسي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه طبقاً لما تنص عليه المادة ٢٢ مدني بشرط عدم مخالفة تلك القواعد للنظام العام ".

ثالثا: حكم محكمة النقض المصرية الصادر في ۱۹۹۱/۱۲/۲۳

حيث قضت بأنه:

لما كان الثابت أن شرط التحكيم المدرج في سند الشحن قد نص على إلغاء شرط الاختصاص القضائي الوارد بالسند والإحالة إلى ثلاثة محكمين في "جوتبرج" وكان المشرع المصري قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج بانضمامه إلى الاتفاقية الخاصة بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها المنعقدة في نيويورك سنة 1950 والتي أصبحت نافذة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 - ولم تتضمن مواد الباب الثالث "الخاص بالتحكيم" الوارد بقانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 تعديلاً أو إلغاء لذلك التشريع الخاص - وإذ أوجبت المادتان ٢، ٢/٥ من تلك الاتفاقية على محاكم الدول المنضمة إليها إحالة الموضوع محل الاتفاق على التحكيم وذلك ما لم يكن الاتفاق عليه باطلاً أو غير قابل للتنفيذ، لو كان موضوعه من المسائل التي لا تجوز تسويتها عن طريق التحكيم، أو تمس النظام العام، وكان المرجع في شأن تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره الى قواعد القانون السويدي باعتبار البلد التي اتفق على إجراء التحكيم فيها شريطة ألا يكون موضوع التحكيم مخالفاً للنظام العام أو مما لا يجوز تسويته عن طريق التحكيم في مصر طبقاً لما تقضي به المادتان ٢، ٢/٥ سالفتا الذكر والمادة ٢٢ من القانون المدني، وكانت الطاعنة لم تقدم الدليل على القانون السويدي المشار إليه حتى يتبين للمحكمة مدى ما ادعته من بطلان شرط التحكيم".

رأي الباحث

يرى الباحث أن لمعيار قانون دولة مقر دولة التحكيم أهمية معتبرة، تقوم على توافر

مصلحة عملية للأطراف في اختيار قانون دولة مقر التحكيم ذلك أنه لا يمكن بحال

الاستغناء عن طلب المعونة والمساعدة من قضاء دولة مقر التحكيم.

كما أن دولة مقر التحكيم هي التي تشهد صدور حكم التحكيم، وهذا الحكـم تتوقـف صحته على صحة اتفاق التحكيم، ومن هنا يظهر أن قانون دولة مقر التحكــم هـو الأقرب لحكم اتفاق التحكيم مع الوضع في الاعتبار التحفظات الآتية:

التحفظ الأول:

أن قانون دولة مقر التحكيم لا يمكن بحال أن يتقدم على قانون الإرادة الصريحة للأطراف، أو يحل محله ليصبح هو ضابط الإسناد الأصلي.

لما في ذلك من إهدار لمبدأ "الرضائية" الذي تقوم عليه فلسفة التحكيم، وتعلي به من شأن إرادة الأطراف بحسبانها الأساس الذي يقوم عليه نظام التحكيم، والمصدر الذي يستمد منها شرعيته.

التحفظ الثاني:

أنه لا يمكن تأسيس تطبيق قانون دولة مقر التحكيم على "اتفاق التحكيم"، على أن الاتفاق جزء من إجراءات التحكيم.

ذلك أن الثابت أن "اتفاق التحكيم" هو تصرف قانوني وليس عملاً إجرائياً، فهو عقد حقيقي لا يغير طبيعته الخاصة المتمثلة في أن محله يتصل بمسألة إجرائية - من طبيعته العقدية التي يسري عليه بمقتضاها ما يسري على كافة العقود الدولية من قواعد تنازع القوانين.

وعلى ذلك فلا يمكن بحال أن يحمل قضاء محكمة النقض بتطبيق قانون دولة مقر التحكيم على اتفاق التحكيم، على أنه أسس ذلك على اعتبار اتفاق التحكيم

عملاً إجرائياً.

يؤكد ذلك استناد الحكم الصادر في ۱۹۹۱/۱۲/۲۳ المشار إليه إلى اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية الموقعة بتاريخ 10 يونيو ١٩٥٨ والتي لم تعتبر اتفاق التحكيم عملاً إجرائياً.

كما تواترت أحكام محكمة النقض على التقرير لاتفاق التحكيم بصفته العقدية.

ومن ثم فإن قانون دولة مقر التحكيم يطبق عند تخلف الإرادة الصريحة للأطراف باعتباره قانون الإرادة الضمنية الذي اتجهت نيتهم إلى تطبيقه، بما عمدوا

إليه من تركيز علاقتهم بشأن العملية التحكيمية في تلك الدولة التي يجري فيها

التحكيم.