الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / القانون الذي يقرر المحكم مناسبته لموضوع النزاع / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / القانون الذي يراه المحكم أنه الأكثر اتصالا بموضوع النزاع

  • الاسم

    د.حسنى المصري
  • تاريخ النشر

    1996-01-01
  • عدد الصفحات

    665
  • رقم الصفحة

    354

التفاصيل طباعة نسخ

القانون الذي يراه المحكم أنه الأكثر اتصالا بموضوع النزاع

   رأينا أنه إذا أتفق الطرفان على "القانون" أو "قواعد القانون" التي وقع اختيارهما عليها لتحكم موضوع النزاع وجب على المحكم التقيد بذلك القانون أو بقواعد القانون . إلا أن المحكم يتحرر من هذا القيد إذا لم يوجد بين الطرفين اتفاق صريح أو ضمني في هذا الشان ، حيث يمكنه حينئذ اختيار القانون الأكثر اتصالا بموضوع النزاع دون أن يلتزم بالضرورة بتطبيق المؤشرات التقليدية المستخدمة في تفسير الإرادة الضمنية للطرفين. ولقد عنيت بعض القوانين الوطنية ومعظم اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجاري الدولي بالنص على حرية المحكم في إختيار القانون الأكثر اتصالا بموضوع النزاع عند عدم وجود اتفاق بين الطرفين في هذا الشأن ، ونتناول ذلك في النظامين الوطني والدولي. .

في النظام الوطني :

   حيث يتمتع هذا المحكم بحرية كبيرة في هذا المجال، ومع ذلك فإنه ولئن تتمتع المحكــم بهذه الحرية الكبيرة في أختيار قواعد القانون" إذا لم يوجد اتفاق بشأنها بين الطرفين إلا أن هذه الحرية يرد عليها قيدان الأول هو أنه يجب على المحكم أن يراعي في تطبيق تلك القواعد على موضوع النزاع شروط العقد محل النزاع والأعراف الجارية في نوع المعاملة .

(ب) في النظام الدولي

    تضمنت معظم اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجاري الدولي النص على حرية المحكم في اختيار : القانون" أو " قواعد القانون" الأكثر ارتباطا بموضوع النزاع عند عدم اتفــــــاق الطرفين على تحديد هذا القانون أو هذه القواعد فلقد نصت المادة 7 من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي على أنه في حالة عدم إشارة الطرفين إلى "القانون" الواجب التطبيق على موضوع النزاع طبق المحكم القانون الذي تعينه قاعدة التنازع التي رآها المحكم مناسبة للقضية " وهو نفس النص المقرر في المادة ٣/١٣ من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية  والمقرر أيضاً في المادة ۱/۳۳ من قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة ، بيد أن هذه النصوص ولئن كانت تقرر للمحكم الدولي حرية كاملة في اختيار قاعدة الإسناد" التي يراها مناسبة لموضوع النزاع دون التقيد بالقانون الدولي الخاص الدولة معينة إلا أنه متى أعمل هذه القاعدة الإسنادية التي رأها مناسبة يكون مقيداً بتطبيق القانون الذي تعينه هذه القاعدة بمعنى أن المحكم الدولي لا يملك في - هذه الحالة - تطبيق قانون آخر - أو الجمع بين القانون الذي عينته قاعدة الإسناد وقانون آخر أو أكثر .. وعلى الرغم من أن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي قد اعترف للطرفين بحرية اختيار الواعد القانون التي يران تطبيقها على موضوع النزاع (المادة ۱/۲۸) مما كان يتصور معه اعترافه للمحكم الدولي بحرية اختيار لقواعد القانون" الأكثر اتصالا بموضوع النزاع عند عدم وجود اتفاق بين الطرفين بشأنها بحيث يكون له اختيار القواعد الموضوعية في قانون وطني معين أو المزاوجة بينها وبين القواعد الموضوعية المستمدة من قانون وطني أخر يختاره بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر باستخدام قاعدة إسناد أو أكثر في قانون وطني أو أكثر دون أن يتقيد في هذا الشأن بتحديد معين فإن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لم يعترف بهذه الحرية الواسعة فيما يبدو - للمحكم  الدولي .

   ويظهر ذلك مما نصت عليه المادة ۲/۲۸ من هذا القانون من أنه "إذا لم يعين الطرفان أي قواعد وجب على محكمة التحكيم أن تطبق القانون الذي تقرره ، قواعد تنازع القوانين التى ترى أنها واجبة التطبيق  وعلى ذلك تنحصر حرية المحكم الدولي وفقاً لهذا النص في اختيار قاعدة الإسناد التي يراها ملاءمة لموضوع النزاع بحيث إذا انتهى أعمال هذه القاعدة إلى تعيين قانون وطني التزم المحكم الدولي بتطبيق هذا القانون ، كما هو الحال في الاتفاقيات والأنظمة الدولية المشار إليها.

   بل وأحياناً ما يفقد المحكم الدولي حرية اختيار قاعدة الإسناد التي يراها هو أنها الأنسب لموضوع النزاع وذلك حينما يكون مقيداً بتطبيق قواعد الإسناد في القانون الذي حددته الاتفاقية الدولية التى تحكم العلاقة بين الطرفين مثال ذلك ما نصت عليه المادة ١/٤٢ من اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الاستثمار من أنه " في حالة عدم اتفاق الطرفين على قواعد القانون التي تطبق على النزاع طبقت محكمة التحكيم قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع بما فيه من القواعد المتعلقة بتنازع القوانين  و وهو ما يعنى تقيد المحكم الدولي بهذه القواعد دون غيرها من قواعد التنازع في أي قانون وطني آخر ومن جهة أخرى يتقيد المحكم الدولي بالضرورة بقواعد تنازع القوانين التي قد يتفق عليها الطرفان في اتفاق التحكيم صراحة ، وهو ما بعد إعمالاً لنص المادة ۱/۲۸ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، إذ تقول أن أي اختيار (للطرفين) لقانون دولة معينة أو نظامها القانوني يجب أن يؤخذ على أنه إشارة مباشرة إلى القانون الموضوعي لتلك الدولة وليس إلى قواعدها الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق الطرفان صراحة على خلاف ذلك .

    غير أن إستخدام المحكم الدولي لهذه السلطة التقديرية لا يجب أن يكون استخداما مزاجياً أو عشوائياً ، إذ يلزم أن يكون اختياره للقانون الذي ينطبق على موضوع النزاع - طبقاً لقاعدة الإسناد التي يعملها - ملائماً لهذا الموضوع على ضوء ظروف القضية وملابساتها مما يستدعي من المحكم الاهتداء بهذه الظروف والملابسات عند ترجيحه لقانون وطني على آخر لاختيار قاعدة الإسناد المناسبة.

    وأياً كان الاتجاه أو المعيار الذي يستخدمه المحكم الدولي، في هذا الخصوص ، فإنه يتقيد في تطبيقه بمراعاة الشروط العقدية بين طرفي التحكيم والأعراف والعادات التجارية الجارية في المعاملات الدولية.