اجراءات خصومة التحكيم / القانون الذي يقرر المحكم مناسبته لموضوع النزاع / الكتب / الوجيز في شرح نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية / تصدي هيئة التحكيم لتحديد القانون الواجب التطبيق
ذكرنا آنفاً أنه إذا اتفق طرفا التحكيم على القواعد الموضوعية التي ستحكم النزاع، فإنه يجب إعمال إرادتها، ويجب على هيئة التحكيم التقيد بذلك.
ولكن إذا لم يتفق الأطراف على القانون الواجب التطبيق، فأي القواعد القانونية سيطبقها الحكم على موضوع النزاع؟
تحرر هيئة التحكيم من قيد اتفاق الأطراف على القواعد النظامية التي تحكم موضوع النزاع، وقيام سلطتها في اختيار هذه القواعد وتصديها لذلك.
وسلطة هيئة التحكيم في ذلك ليست مطلقة، وإنما مقيدة بما قيدها به النظام، فأوجب عليها اختيار القواعد الموضوعية في النظام الذي ترى أنه الأكثر اتصالا بموضوع النزاع.
ونرى أنه في العقود غالباً ما يكون النظام الأكثر اتصالاً بالنزاع هو نظام مكان إبرام العقد، إذا كان الخلاف حول صحة هذا العقد و قانون بلد التنفيذ، إذا كان النزاع حول تنفيذ الالتزام.
فإذا ما اختارت هيئة التحكيم نظاماً معيناً لأنه الأكثر اتصالاً بموضوع النزاع، فلا يكون لها إضافة قواعد أخرى من أنظمة قانونية متنوعة.
أوجب النظام على هيئة التحكيم عند الفصل في النزاع مراعاة الشروط التي تضمنها العقد، وأن تأخذ بالاعتبار العرف والعادات المتبعة وما جرى عليه التعامل بين الطرفين.
وسواء طبقت هيئة التحكيم ما اتفق عليه الأطراف من قواعد نظامية، أو تلك التي هي أكثر اتصالاً بموضوع النزاع، عند عدم اتفاق الأطراف، فهي قواعد نظامية عامة تطبق على موضوع النزاع.
فيجب مراعاة القواعد الموضوعية التي ترد في شروط العقد، وهي الشروط الخاصة بموضوع النزاع، باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين، وهو الذي يحدد حقوق والتزامات طرفيه، سواء اتفق الأطراف على القانون الواجب التطبيق أم لم يتفقوا.
ويجب كذلك على هيئة التحكيم أن تأخذ بالاعتبار القواعد الموضوعية التي ترد في الأعراف الجارية في نوع المعاملة، سواء اتفق الأطراف على القانون الواجب التطبيق، أو اختارت هي القانون الواجب التطبيق.
والعرف قاعدة درج الناس على اتباعها في معاملاتهم حتى شعروا أنها واجبة الاتباع بغير نص عليها في العقد، أو في القواعد النظامية .
كذلك يجب على هيئة التحكيم أن تأخذ بالاعتبار القواعد الموضوعية التي ترد في: "العادات المتبعة"، وهي القواعد التي تواترت کشرط درج المتعاقدون على تضمينه في عقودهم، واستمروا عليه حتى أغناهم عن النص عليه، بحيث اتجهت إرادتهم إليه لتطبيقه.
وعند قيام هيئة التحكيم بمراعاة القواعد الموضوعية في شروط العقد، والأعراف الجارية، والعادات المتبعة، فإن ذلك مشروط بعدم مخالفة الشريعة الإسلامية الغراء أو النظام العام.
والخلاصة في موضوع اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع ما يلي:
- الأصل أنه يتم اختياره وفقاً لاتفاق الطرفين.
- فإن لم يتفق الطرفان اختارت هيئة التحكيم القانون الأكثر اتصالاً بموضوع النزاع.
- تراعي هيئة التحكيم عند الفصل في الموضوع شروط العقد.
- تأخذ هيئة التحكيم عند الفصل في الموضوع الأعراف الجارية في نوع المعاملة، ثم العادات المتبعة وما جرى عليه التعامل بين الطرفين، وذلك حسب الترتيب الوارد في نص المادة الثامنة والثلاثين من النظام.