الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / القانون الذي يقرر المحكم مناسبته لموضوع النزاع / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) / تفویض هيئة التحكيم باختيار القانون الذي يحكم الإجراءات

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ أحمد بشير الشرايري
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    400
  • رقم الصفحة

    111

التفاصيل طباعة نسخ

 

تفویض هيئة التحكيم باختيار القانون الذي يحكم الإجراءات

   بينا أن الأصل هو لإرادة الأطراف في الاتفاق على القواعد التي تحكم إجراءات التحكيم، ولكن قد يحدث ألا يكون هناك اتفاق بين الأطراف على ذلك، وهذا قد يكون إما بسبب اختلاف الأطراف على تحديد ذلك، أو بسبب عدم اهتمام الأطراف بهذا الموضوع، ففي هذه الحالات يترك الأمر لهيئة التحكيم لتختار القواعد التي تراها الأنسب لتطبق على سير إجراءات التحكيم، بمعنى إن الهيئة التحكيم في هذه الحالة أن تضع بنفسها ولنفسها القواعد الإجرائية، التي ترى أنها الأنسب لظروف النزاع، ويعود لها الأمر هنا أيضا في أن تضع هذه القواعد جملة واحدة عند اتصالها بالنزاع.

   وقد منح المشرع المصري هذه الصلاحية لهيئة التحكيم من خلال ما قررته الفقرة الثانية من نص المادة (25) من قانون التحكيم المصري، والتي تنص على الآتي: "... فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم، مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة".

   هذا ويبرز، في حال إن ترك الأمر لهيئة التحكيم لاختيار الإجراءات التي تسير إجراءات التحكيم، أهمية المكان الذي يجري فيه التحكيم، وخصوصاً في حال إن تم اختياره من قبل الأطراف، إذ أنه يعتبر في هذه الحالة - من أحد المؤشرات على انصراف إرادة الأطراف لتطبيق قانون الدولة، محل التحكيم ليحكم الإجراءات، بيد أن هذا لا يعني أن هذا المؤشر لا يمكن دحضه؛ بل هناك مؤشرات أخرى قد تكون أقوى منه، وذلك لأن اختيار مكان التحكيم يخضع عادة لرغبات الأطراف أو المحكمين، ويمكن أن يتم هذا الاختيار دون أن يتضمن ذلك أي ارتباط أو نية للارتباط بالقانون المحلي لمكان انعقاد هيئة التحكيم.

   لذا فإنه إن لم تكن إرادة أطراف اتفاق التحكيم صريحة في اختيار القانون، والقواعد التي تسري على إجراءات التحكيم، وجب على هيئة التحكيم - في هذه الحالة - البحث عن ذلك فيما يستشف من إرادة الأطراف الضمنية في اختيار قانون معين، أو قواعد تسري على الإجراءات).

     هذا وقد أرجع قانون المرافعات الكويتي ومن خلال استقراء هذه المادة يتضح بأن لهيئة التحكيم السلطة في وضع القواعد الإجرائية، والسير عليها دون التقيد بإجراءات التقاضي أمام قضاء الدولة، والتي ينص عليها قانون المرافعات، وذلك فيما عدا بعض القيود التي ترد على هذه السلطة، والتي يمكن ردها إلى اتفاق الأطراف، أو نص القانون، أو فكرة النظام العام، ويسري هذا الحكم على المحكم المقيد بالقانون وغير المقيد به لعموم هذا النص.

   ليمنح هيئة التحكيم صلاحية تسيير إجراءات التحكيم بالوضع الذي تراه مناسبا في حال إن لم يكن هناك اتفاق بين الأطراف على تنظيم هذه الإجراءات، فقررت أنه: إذا لم يكن ثمة مثل هذا الاتفاق، كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تسير في التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة، وتشمل السلطة المخولة لهيئة التحكيم سلطة تقرير جواز قبول الأدلة المقدمة وصلتها بالموضوع وجدواها وأهميتها".

   إلا أن السؤال هنا عن مدى قبول الطعن في حكم التحكيم؛ على أساس أن هيئة التحكيم قد استبعدت القانون الإجرائي الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على إجراءات التحكيم؟

   في الإجابة على السؤال المطروح ذهب جانب من الفقه إلى أن استبعاد هيئة التحكيم للقانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على الإجراءات، لا يعد سبباً من الأسباب التي ذكرها المشرع المصري في المادة (53) من قانون التحكيم؛ إلا فيما يتعلق بالحالات التي حددها القانون، ومنها تشكيل هيئة التحكيم، أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون، أو لاتفاق الأطراف .

    وفي طرح آخر يرى بعض الفقه أن استبعاد هيئة التحكيم للقانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على إجراءات التحكيم، لا يمكن أن يكون بعيداً عن النعي، بل يؤدي ذلك إلى بطلان حكم التحكيم الذي بني على إجراءات مخالفة لتلك التي اتفق عليها الأطراف، ويمكن للطرف صاحب المصلحة، أن يبني طعنه في هذه الحالة على أساس إن هيئة التحكيم قد تجاوزت اتفاق التحكيم .

   وباستطلاعنا الموقف بعض الفقه، فيما يتعلق بموقف بعض القوانين العربية والأجنبية في هذا المضمار، نجد أن البعض يرى فيما يتعلق بقانون المرافعات الكويتي، بأنه إذا خالفت هيئة التحكيم ما اتفق عليه الأطراف، بعدم التزامها بالقواعد الإجرائية بالرغم من أن الخصوم قد ألزموها باتباعها فأنها تكون قد خرجت عن حدود اتفاق التحكيم .

    ونجد أيضا أن البعض يرى فيما يتعلق بقانون المرافعات الفرنسي، أن عدم تقييده هيئة التحكيم بالقواعد الإجرائية، التي طلب منها الأطراف اتباعها تأخذ وفقاً الأحكام قانون المرافعات الفرنسي، صورة أو حالة الإبطال التي تتعلق بتجاوز هيئة التحكيم للمهمة المخولة لها من قبل الأطراف، والمنصوص عليها في نص المادة ( 3/2/1484 ) من قانون المرافعات الفرنسي المتعلقة بالتحكيم الداخلي.

   ونعتقد من جهتنا - أن هناك قصوراً في نص القانون المصري وكذلك الأردني، وذلك من منطلق أن التحكيم قوامه اتفاق الأطراف، وأن إرادة الأطراف في اختيار التحكيم لا تنصرف إلى مجرد اختيار قانون ما ليطبق على اتفاقهم، وإنما ينصرف أيضا إلى قانون معين يستمدون ثقتهم منه، رغبة منهم في أن يجري التحكيم بينهم استناداً إلى إجراءاته، فالقواعد الإجرائية التي تطبق على إجراءات التحكيم .