اجراءات خصومة التحكيم / القانون الذي يقرر المحكم مناسبته لموضوع النزاع / الكتب / شرط التحكيم بالإحالة / قيام هيئة التحكيم بتحديد القانون المطبق على موضوع النزاع
قيام هيئة التحكيم بتحديد القانون المطبق على موضوع النزاع
في حالة عدم اتفاق أطراف العلاقة التحكيمية على اختيار القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع، تقوم هيئة التحكيم باختيار القواعد الموضوعية في القانون الذى ترى أنه الأكثر اتصالا بالموضوع.
وعلى ذلك نصت م ۲۳۹ من قانون التحكيم المصرى، إلا أننا نجد في المقابل نص م ۲/۲۸ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي والتي تشير إلى قيام هيئة التحكيم بتطبيق القانون المحدد بواسطة قاعدة تنازع القوانين التي تقدر قابليتها للتطبيق على موضوع النزاع.
ومن ثم نلاحظ أن المحكم في ظل القانون المصرى يختار القانون الذي يراه أكثر اتصالا بالنزاع بينما نجده في ظل القانون النموذجي ملزما بتطبيق القانون الذى تفضي إليه قواعد التنازع في القانون الذى يرى إمكان تطبيقه على النزاع وهذا يعنى أن المحكم قد يجد أن قانون مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه أو قانون بلد المصدر أو المستورد أو قانون مكان إجراء التحكيم هو أكثر اتصالا بالموضوع.
وأخيرا فإنه يمكن للمحكم التحرر من التقيد بأى نصوص تشريعية أو أى قواعد قانونية أيا كان مصدرها ليجرى المحكم نوعا من التسوية للنزاع المعروض عليه مستلهما ما يراه محققا للعدالة. وما يرضى ضميره، طالما أنـه حقق مبدأ المساواة، وأتاح للأطراف مكنة إبداء أوجه دفاعهم.
إلا أن إطلاق سلطات المحكم على النحو السابق يجب ألا تهدر معه المبادئ الأساسية التي تعرف بقواعد العدالة الطبيعية أو بالمبادئ الأساسية الموجه لنظر الخصومة .
وغالبا ما تنقسم الأنزعة المعروضة على التحكيم البحرى إلى أنزعة ناشئة عن العقود البحرية وأخرى ناشئة عن الحوادث البحرية. فبالنسبة للنوع الأول فهى تلك الأنزعة التى تنشأ عن عقود النقل البحرى بمختلف أشكاله سواء من حيث تلف البضاعة أو هلاكها أو وصولها متأخرة أو كيفية حساب غرامات التأخير أو مكافأة كسب الوقت وما يستتبع ذلك من تعويض وهناك أيضا عقود بناء السفن وإصلاحها وعقود التأمين، وعقود البيوع البحرية على اختلاف أنواعها.
أما النوع الثاني من الأنزعة فهى تلك التي تنشأ عن الحوادث البحرية مثل التصادم أو الجنوح أو تقديم المساعدة البحرية أو عمليات إنقاذ السفن والممتلكات البحرية وكذلك تسوية الخسارات البحرية المشتركة.
لذلك نشأت الرغبة عند كل من أطراف النزاع والمحكم البحرى في البعد عن منهج التنازع المقرر في القانون الدولي الخاص بل والبعد أصلا عن تطبيق القوانين الوطنية، وذلك بالاتجاه إلى تطبيق أحكام القانون البحري الدولي الذي لجأ إليه المحكمون في حل المنازعات البحرية الدولية.
هناك أيضا العديد من العقود البحرية النموذجية التي تنظم كافة الأنشطة البحرية من بناء سفن وإصلاحها وشرائها ونقل بحرى طبقا لسندات الشحن و / أو مشارطات الإيجار، وتأمين بحرى هذا بخلاف العديد من العقود البحرية النموذجية التي وضعتنها التجمعات البحرية الإنجليزية والتي تشتمل في الغالب على شروط تحكيم تقضى بالتحكيم في لندن، وكذلك نماذج اللويدز الخاصة بإنقاذ السفن.
هناك العديد من المؤسسات التحكيمية التى تحتوى على قواعدها وأحكامها الخاصة فهناك غرفة التحكيم البحرى التي أنشأتها مؤسسة اللويدز للتأمين البحرى والتي تختص بالفصل في المنازعات البحرية الناشئة عن العقود البحرية النموذجية للمساعدة البحرية والإنقاذ والتصادم البحرى، وتسوية الخسارات البحرية المشتركة.
أضف إلى ذلك غرفة التحكيم البحرى بباريس والتي تتولى الفصل في المنازعات البحرية الدولية في تحكيم بحرى مؤسسى بناء على لائحة تحكيمية وضعتها الغرفة التي تنظم وتدير وتشرف على العملية التحكيمية في كافة مراحلها.
ونظرا لعدم وجود معاهدات تحكيمية دولية تقوم بعملية التوحيد للأحكام المطبقة على التحكيمات البحرية المختلفة نجد أن مراكز التحكيم البحرى المؤسسي والحر في لندن ونيويورك وباريس تعمل في إطار من المنافسة فيما بينها.
أيضا هناك لائحة تحكيم الانسترال لسنة ١٩٧٦، والقانون النموذجي لسنة ١٩٨٥ ومدى المساهمة الفعالة في عملية التحكيم التجارى الدولى بصفة عامة والتحكيم البحرى الدولى بصفة خاصة إلا أن هذه اللوائح ليست لها صفة الإلزام سواء بالنسبة للأطراف أم للدول.
ونظرا لأن المعاهدات البحرية الدولية كانت خالية من أي نص على التحكيم البحرى أو حتى عن تنظيمه فإننا نجد أن التحكيم البحرى الدولى في لندن ونيويورك وباريس قد استقر على المبادئ المقررة في لائحة تحكيم أى من هذه المراكز التحكيمية وذلك بناء على اتفاق الأطراف وأيضا على القواعد القانونية المقررة في قوانين التحكيم الإنجليزية والأمريكية والفرنسية التي تحكم العملية التحكيمية الدولية.
وأخيرا فقد جاءت اتفاقية هامبورج لسنة ۱۹۷۸ بنص يفيد باستخدام التحكيم كوسيلة لحل المنازعات البحرية الناشئة عن عقود النقل البحري الدولي بسند شحن وهذا النص (م ۲۲) من اتفاقية هامبورج) قد أعطى الحرية للمدعى في تحديد مكان التحكيم وذلك من بين عدة خيارات أتاحتها له المعاهدة، كذلك من حيث القانون المطبق على الموضوع مع فرض قيود على المحكم البحرى وإلزامه بتطبيق الأحكام الواردة في الاتفاقية .
ففيما يتعلق بمكان إجراء التحكيم، تقضى الفقرة الثالثة من المادة ٢٢ بأن يجرى التحكيم، بحسب اختيار المدعى في دعوى المسئولية: أ - إمــا فـي مكان يقع في دولة يوجد فيها المركز الرئيسي للمدعى عليه، أو محل إقامته المعتاد إن لم يوجد له فيه مركز رئيسي، أو محل إبرام عقد النقل البحرى، بشرط أن يكون للمدعى عليه في هذه الدولة منشأة أو فرع أو وكالة أبرم العقد بواسطتها، أو ميناء الشحن أو ميناء التفريغ ب- وإما في مكان آخر يعين لذلك الغرض في شرط أو في اتفاق التحكيم.
وفيما يخص القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، تقضى م ٢٢/ ٤ بأن يلتزم المحكم أو هيئة التحكيم بتطبيق نصوص هذه الاتفاقية على موضوع النزاع.
ولتحقيق فعالية هذين النصين، فإن م ٥/٢٢ تقضى بأنه من خلال نصوص م ٣/٢٢، ٤ أن يلتزم المحكم أو هيئة التحكيم بتطبيق نصوص هذه الاتفاقية على موضوع النزاع.
ولتحقيق فعالية هذين النصين، فإن م ٥/٢٢ تقضى بأن نصوص م ٣/٢٢، ٤ تعتبر جزءا لا يتجزأ من كل شرط أو اتفاق على التحكيم، وتدفع بالبطلان كل نص في شرط أو في اتفاق التحكيم يخالف ذلك الحكم، لذلك فإن الاتفاق على التحكيم مع تفويض المحكمين بالصلح لا يكون صحيحا، لأنه يؤدى إلى التحلل من أحكام الاتفاقية.