نحن نعلم تماما وكما ذكرنا سلفا الطابع الرضائي لنظام التحكيم والذي هو أساسه طرفي النزاع.
وفي الواقع أن هذا المبدأ مبدأ الرضائية هو من مميزات نظام التحكيم وهو الذي يميزه عن غيره من الأنظمة القضائية الوطنية وبموجب هذا المبدأ يستطيع أطراف النزاع الاتفاق مسبقا على القانون الذي يريدون تطبيقه على النزاع. ويمكنهم الاتفاق على ذلك سواء قبل نشوب النزاع أو بعد نشوبه في مشارطة مستقلة عن العقد الأصلي.
وفي الحقيقة أن ذلك الاختيار يسمى بالاختيار الصريح للقانون الواجب التطبيق على النزاع ... وفي هذه الحالة لا يستطيع المحكم مخالفة إرادة طرفي النزاع في هذا الصدد وعليه أن يقوم بتطبيق قانون الإرادة بصريحة.
ويرى الباحث وبحق أن هذا الأمر يعد ميزة من ميزات نظام التحكيم وما يؤيد ذلك هو أن أطراف الخصومة هم الأقدر على تحديد القانون الذي يتناسب وطبيعة النزاع المثار بينهم والمطروح على هيئة التحكيم ... وإن هذه الحرية تتيح لهم القدر الكافي للتأكد من تطبيق القواعد التي تصل بالنزاع المثار بينهم إلى الحل الأمثل على ضوء القواعد التي قاموا باختيارها.
ويرى الباحث أن فرص اختيار الأطراف لقانون ليس له أية صلة بينه وبين العقد مثار المنازعة هو فرض نظري أكثر من كونه فرض عمليا لأنه من غير المتصور عملاً أن يقوم الأطراف باختيار قانونا يضر بمصالحهم ولا يحقق لهم العدالة المنشودة.
ولا يتصور ذلك إلا في فرض وحيد هو وجود طرف قوي وآخر ضعيف في الرابطة التعاقدية فيملي الطرف القوي على الطرف الضعيف شروطه ومن بينها القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع والذي يتناسب ورغبات الطرف القوي دون الطرف الضعيف وأظن هنا أن العيب ليس في نظام التحكيم أو مبدأ سلطان الإرادة ولكن العيب يكون في الظروف الخارجية المحيطة بالعقد والتي لا دخل لنظام التحكيم فيها.