اجراءات خصومة التحكيم / قانون الإرادة / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / بطلان حكم التحكيم / دور إرادة الأطراف في اختيار القواعد القانونية الواجبة التطبيق
دور إرادة الأطراف في اختيار القواعد القانونية الواجبة التطبيق
انطلاقا من الفلسفة التي يقوم عليها التحكيم، والتي تعطي من شأن إرادة الأطراف ، سواء الصريحة أم الضمنية في العملية التحكيمية، وتمشية مع مقتضيات التحكيم، في العصر الحديث، تنص الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994 على أن :
«1- تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان . وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق على غير
ذلك » .
ويمكن القول ، بداءة في هذا المقام ، أن نص المادة 39، يتفق مع الكثير من القوانين الوطنية المنطقة بالتحكيم (المادة 1/46/أ من قانون التحكيم الإنجليزي ، والمادة 1496 من المرسوم الفرنسي في 81/5/12 والمتعلق بالتحكيم الدولي والمادة 1474 المتعلقة بالتحكيم الداخلى ، والمادة 187 من القانون الفيدرالي السويسري ، والمادة 890 من قانون الإجراءات المدنية اليوناني ، والمادة 1694 من قانون الإجراءات المدنية البلجيكي ، والمادة الرابعة من قانون التحكيم الأسباني ، والمادة 1051من قانون الإجراءات المدنية الألماني ، والمادة 1054 من قانون الإجراءات المدنية الهولندي).
وتجدر الإشارة، إلى أن هناك فارقا بين عبارة اختيار القواعد، التي تسري على موضوع النزاع، واختيار الأطراف قانون دولة معينة و الواردتين في نص المادة 39 تحكيم مصرى، فالأولى أشمل من الثانية، لأنها بالإضافة ، إلى شمولها الثانية ، فإنها تشمل أيضا ، قيام الأطراف باختيار، أو بخلق قواعد معينة، تجابه، ما قد ينشأ بينهم من منازعات، أو يقومون، باختيار هذه القواعد، من خليط من التشريعات الوطنية، أو الأجنبية، أو يحيلون، إلى الشروط العامة والعقود النموذجية ، أو إلى القواعد ، التي وضعتها مؤسسة أو منظمة أو مركز مني بموضوع التحكيم، مثل غرفة التجارة الدولية - عادات وأعراف التجارة الدولية - المادة 3/22 من نظام محكمة لندن للتحكيم الدولى ، والمادة 3/29 من نظام الهيئة الأمريكية للتحكيم) ، ويتفق أيضا مع نص المادة 1/46/ب من قانون التحكيم الإنجليزي الصادر سنة 1996.
ونظرا للأهمية الكبيرة، لعادات وأعراف التجارة الدولية، في حقل التحكيم، فسوف نتطرق إليها، بشئ من التفصيل على النحو الآتي :
يمكن تعريف أعراف وعادات التجارة الدولية، بأنها عبارة عن قواعد متوارثة، نشأت نتيجة الممارسة العملية بين التجار، في مجال التجارة الدولية من القرون الوسطى، وغير مرتبطة بقانون أي دولة، ويعمل بها بين أبناء المهنة الواحدة، وتختلف باختلاف السلعة .
ويختار الأطراف الالتجاء، إلى عادات وأعراض التجارة الدولية، للبعد عن مشكلة تنازع القوانين، ذلك أن قواعد الإسناد ستشير، إلى قانون وطنی ما، لكي يطبق على موضوع النزاع . وهذا القانون، قد لا يتوافق مع التجارة الدولية، حيث أنه، نابع من ظروف المجتمع، الذي قام بإصداره . أما عادات وأعراض التجارة الدولية فهي منسجمة، ومتوافقة، ومتطورة، مع التجارة الدولية، وتعتبر تجسيدا حيا، لما يدور بين أشخاصها؟).
ومن الأمور المعروفة في حقل التجارة الدولية، اختيار أطراف النزاع، لتلك القواعد مع أحكام أحد القوانين الوطنية ، بحيث أنه لو وجد نقص فيها، فيمكن للمحكم في حالة اختيارها، من جانب الأطراف، تكملة هذا النقص ، من القانون الوطنى .
وتحذر، طائفة من الفقه، من اختيار الأطراف لها وحدها لحكم موضوع النزاع، نظرا لعدم وضوحها، واكتمالها (قواعد هلامية)، باستثناء بعض القواعد المتكاملة دوليا مثل معاهدة فيينا الخاصة بالبيع الدولى للبضائع، أو القواعد الدولية للاعتمادات المستندية. وإن تظل الحاجة قائمة عند تطبيقها أيضا، إلى القوانين الوطنية، لسد ما بها من نقص أو ما يعتريها من قصور.
وبالرغم من ذلك، يذهب رأى (إلى القول، بأن قانون التحكيم المصري يساعد الأطراف على الهروب من قواعد القانون المصرى، لاسيما القواعد التي تتصف منه بالصفة الآمرة، والتي تهدف إلى حماية النظام القانوني المصري في مجمله .
ويمكن لأطراف النزاع، الاتفاق على اختيار أكثر من قانون نحكم موضوع النزاع، بحيث يمكن تطبيق قانون معين، على بعض عناصر النزاع، وقانون آخر، يطبق على العناصر الأخري ..
كما يمكن للأطراف الاتفاق، على تطبيق قانون معين، ولكن بحالته في تاريخ توقيع العقد، أي مع استبعاد، أية تعديلات قد تطرأ على ذلك القانون. ويجب أن يكون الاتفاق على ذلك صريحا .
على أنه إذا اتجهت إرادة الأطراف، إلى اختيار قانون دولة معينة، ليطبق على موضوع النزاع، فإن القواعد الموضوعية في هذا القانون، هي التي تطبق دون قواعد التنازع، إلا إذا اتجهت إرادة الأطراف، إلى غير ذلك المادة 39). وهذا ما يتفق مع نص المادة 46 من قانون التحكيم الإنجليزي.
وبناء على ذلك، فلا يوجد أدني تفرقة، من الناحية القانونية، بين الإرادة الصريحة والإرادة الضمنية، عند اختيار القانون الواجب التطبيق، لذا إذا استبدت هيئة التحكيم القانون الواجب التطبيق والمختار من قبل الأطرف، سواء عن طريق الإرادة الصريحة أم الضمنية، فإنه يجوز النعی على حكم التحكيم بالبطلان.