الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / قانون الإرادة / الكتب / التحكيم الدولي في تسوية المنازعات التجارية / قانون الإرادة

  • الاسم

    أحمد علي أحمد صلاح المقدشي
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    135

التفاصيل طباعة نسخ

لعل من السمات البارزة في نظام التحكيم التجاري الدولي أن الأطراف يختارون القانون الذي يطبق على نزاعهم، ويلتزم المحكم بالتقيد بما اتفق عليه الأطراف وعدم الخروج عنه أو تجاوزه إلى غيره وإلا كان حكمه باطلًا. ويمكن أن تخضع الإجراءات موضوع النزاع لذلك القانون كما يمكن أن يخضع كل منهما لقانون مختلف يكون اختياره خاضعًا لإرادة الأطراف. ويجوز للمحكم أن يستبعد أحكام القانون دون أن يؤدي ذلك إلى إبطال حكمه في الحالتين الآتيتين:- 
1- إذا لم يوجد نص قانوني في القانون الواجب التطبيق الذي حدده الأطراف يصلح للتطبيق على النزاع، أو إذا خلا القانون كلية من نص قابل للتطبيق على النزاع.
٢- إذا كانت القاعدة الواجبة التطبيق تنطوي على مخالفة للنظام العام، ومع ذلك فالمحكم عندما يقوم باستبعادها فإنه يطلع الأطراف وينبههم إلى ذلك، إذ إنه لا يملك استبعادها من دون الرجوع إليهم احترامًا لحق الدفاع.
وفي هاتين الحالتين فإن المحكم يستبعد القانون الواجب التطبيق دون أن يأخذ موافقة الأطراف، ولكن يشعرهم فقط باستبعاده للقانون الواجب التطبيق حتى لا يفاجئهم القرار. وقد أخذت قواعد التحكيم في الاتفاقيات الدولية بدرجة أساسية بالاتجاه العام المتمثل بإعطاء الأولوية لسلطات الإرادة في اختيار القانون الواجب التطبيق في موضوع النزاع، أي أن القانون الواجب التطبيق في موضوع النزاع هو قانون إرادة الأطراف الصريحة أو الضمنية.
وعندما يكون المحكم مفوضًا للحكم بين الأطراف صلحًا "Amiable Composition"، ودون التقيد بقانون أو وفقًا لمبادئ العدل والإنصاف فيجوز له استبعاد القانون واجب التطبيق وهذا ما نصت عليه اتفاقية البنك الدولي في المادة (3-42).
المادة (٢٢/٤) على أنه لا يجوز لمحكمة التحكيم الفصل في النزاع وفقًا لمبادئ العدل والإنصاف، أو كمحكم بالصلح إلا إذا أجازها الأطراف صراحة على ذلك.
وقد يحدث ألا يتفق الطرفان على القانون الواجب التطبيق سواء على موضوع النزاع Applicable law to substance of dispute، أو على إجراءات التحكيم Applicable law to the procedures، ولذلك حرصت التشريعات الوطنية والمؤسسية على منح المحكم اختصاصًا احتياطيًا في أن يحدد القانون الواجب التطبيق في هذه الحالة.
وكان موقف المشرع اليمني متفقًا، مع هذا التوجه حيث نص قانون التحكيم اليمني رقم (٢٢) لسنة ١٩٩٢م المعدل بالقانون رقم (٣٢) لسنة ١٩٩٧م في المادة
(45) "على لجنة التحكيم أن تفصل في النزاع استنادًا إلى القواعد التي يتفق عليها الطرفان ،إذا اتفق الطرفان على قانون آخر غير قانون الجمهورية اليمنية فعليها
أن تتبع القواعد الموضوعية فيه، وإذا لم يتفق على القانون الواجب التطبيق طبقت  اللجنة القانون الذي تحدده قواعد تنازع القوانين في القانون اليمني، ويجوز للجنة التحكيم أن تفصل في موضوع النزاع بمقتضى قواعد القانون الدولي ومبادئ العدالة والإنصاف إذا أجازها في ذلك طرفا التحكيم. وفي جميع الأحوال على لجنة التحكيم أن تفصل في النزاع وفقا للقانون اليمني أو لشروط العقد المبرم بين الطرفين وأن تأخذ بعين الاعتبار الأعراف والعادات التجارية المتبعة في مثل ذلك النوع من المعاملات ويشترط في كل حال عدم التعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. وهكذا نجد أن المشرع اليمني أخذ بمبدأ حرية الطرفين في اختيار القواعد التي يحددانها أما إذا اتفقا على تطبيق قانون آخر غير القانون اليمني فتطبق لجنة التحكيم القواعد الموضوعية فيه. وفي حالة عدم اتفاق الطرفين على قواعد معينة أو قانون معين واجب التطبيق على النزاع، فإن اللجنة تتمتع بحرية مقيدة في تطبيق القانون الذي تحدده قواعد تنازع القوانين في القانون اليمني، ويجوز لها أن تفصل في النزاع بموجب قواعد القانون الدولي ومبادئ العدالة والإنصاف شريطة أن يجيزها في هذه الحالة طرفا العقد. وفي كل الأحوال، فإن لجنة التحكيم مقيدة بالحكم في النزاع المعروض أمامها بمقتضى القانون اليمني أو شروط العقد المبرم بين طرفي التحكيم مع التأكيد على أن تراعي الأعراف والعادات التجارية المتبعة في مثل ذلك النوع من المعاملات وعدم التعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء.
وبقية القوانين العربية محل الدراسة المقارنة جاءت بأوضاع مشابهة لما جاء به المشرع اليمني-- فالمادة (٢٥) من قانون التحكيم لسلطنة عمان قضت بأن لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقها في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في سلطنة عمان أو خارجها فإن لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة. ونفس المعنى كررته المادة (٣٩) من نفس القانون.
- الفقرة الثانية من المادة (١٩٨) من قانون المرافعات المدنية والتجارية لدولة قطر نصت بأنه إذا تم الاتفاق على التحكيم في قطر كانت قوانين دولة قطر هي الواجبة التطبيق على عناصر المنازعة ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.
- وقد نص القانون المصري في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية في المادة (39) على الآتي:-

1) تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة تبحث القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين، ما لم يتفق على غير ذلك .
٢) وإذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالًا بالنزاع.
3) يجب أن تراعي هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع شروط العقد محل النزاع والأعراف الجارية في نوع المعاملة.
ويتبين لنا من خلال الاستعراض الوافي الذي نصت عليه المادة أعلاه من القانون المصري أنه فرق بين ثلاث حالات هي:
۱- حالة اتفاق الطرفين على قواعد معينة لفض النزاع وفي هذه الحالة تطبق هيئة التحكيم هذه القواعد. أما في حالة اتفاقهم على قانون دولة معينة فتطبق القواعد الموضوعية في ذلك القانون.
٢- حالة عدم اتفاق الطرفين على قانون معين لفض النزاع وفي هذه الحالة تطبق هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي تقدر بأنه أكثر اتصالا بموضوع النزاع.

3- حالة الاتفاق الطرفين صراحة على تفويض هيئة التحكيم بالصلح في النزاع بمقتضى قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بأحكام قانون معين ففي هذه الحالة عليها أن تحكم لفض النزاع بموجب قواعد العدالة والإنصاف.
مع تأكيد المشرع المصري على أن تراعي هيئة التحكيم شروط العقد محل النزاع والأعراف الجارية في نوع المعاملة.
وفرق القانون المصري بين القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم، والقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع وأفرد لكل منهما مادة مستقلة، وان 
كان في كلتا الحالتين قد منح المحكم اختصاصًا في تحديد القانون الواجب التطبيق سواء على الإجراءات أو على موضوع النزاع في حالة عدم اتفاق الأطراف على ذلك. غير أنه أعطى المحكم سلطة تقديرية واسعة في اختيار إجراءات التحكيم التي راها مناسبة في حالة عدم اتفاق الأطراف عليها. وعند اختيار المحكم للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع فإنه يطبق القانون الذي يرى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع .
وعندما يختار المحكم القانون الواجب التطبيق فإنه يختاره بناءا على اسس موضوعية وليس مجرد اختيار تحكمي أو عشوائي، فعند اختياره للقانون الواجب 
التطبيق قد يختار قانون العقد أو قانون مكان التحكيم أو القانون الذي تحدده قواعد تنازع القوانين. وفي كل الأحوال فعلي المحكم وهو يمارس هذا الاختصاص ان يأخذ بعين الاعتبار كافة الأعراف والعادات الاجتماعية والتجارية المتبعة في مثل ذلك النوع من المعاملات .