التحكيم هو طريق استثنائي للتقاضي يقوم على مبدأ سلطان الإرادة، ويكون اتفاق ) طرفيه هو الحاكم له، وكصورة من صور اعتراف النظام بالتحكيم الاعتراف للأطراف بسلطة تنظيم إجراءات التحكيم بينهما.
ولقد أكد النظام على هذه السلطة في المادة الخامسة والعشرين منه؛ حيث نص على أنه: "لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم ..."، وسيأتي - إن شاء الله - شرح هذه المادة لاحقاً عند تناول شرح باب إجراءات التحكيم
غير أن ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن هذه السلطة هي من أهم مزايا التحكيم.
بل يمكنني الذهاب إلى أبعد من ذلك بالنص على أن أغلب نظام التحكيم لا يطبق إلا . عندما لا يتفق الأطراف على الإجراءات، فهو ذو طبيعة مكملة لإرادة الطرفين.
وبالتأكيد، إن هذه المكنة لا تعني أنها مطلقة، فهناك قيود عليها مثل تلك التي وردت في المادة الخامسة والعشرين من النظام بعدم مخالفتها للشريعة الإسلامية الغراء، أو مخالفتها ( للنظام العام وما يرتبط به من وجوب احترام الضمانات الأساسية للتقاضي.
وبالنسبة لنوع هذه الإجراءات التي يمكن للأطراف التقيد بها، فالأمر فيها واسع جداً، فيمكن الاتفاق على قانون إجرائي قائم، أو حتى قانون إجرائي ملي، أو حتى قانون أجنبي.
وفي هذا قضت محكمة استئناف القاهرة بأن: "... هيئة التحكيم تصدر أحكاماً غير مقيدة بإجراءات المرافعات إلا إذا أراد طرفا التحكيم أو هيئة التحكيم تطبيق إجراءات المرافعات في قانون معين".
وقضت في حكم آخر بأن: "إلغاء هذا القانون لا يؤثر في كون طرفي العقد قد ارتضيا بتسوية ما قد ينشأ بينهما من نزاع بخصوصه عن طريق التحكيم".
بل وزادت في حكم آخر أنه: "يكون الأمر كذلك ولو اتفقا على تطبيق القانون الملغي باعتباره قانوناً قائم"، ولا يلزم أن يكون الاتفاق بين الأطراف على اختيار القواعد المنظمة للتحكيم صراحة، بل يمكن أن يكون ضمناً.
- فإذا اختار الأطراف أن يجري التحكيم في المملكة العربية السعودية دون تحديد صريح الإجراءات التحكيم، أو دون اختیار مرکز تحکیم محدد، فهذا يعني ضمناً اختيارهم الإجراءات الواردة في نظام التحكيم السعودي.