الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / قانون الإرادة / الكتب / التحكيم في المعاملات المالية الداخلية والدولية / مبدأ اختصاص قانون الإرادة بحكم اتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد عبدالكريم سلامة
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    601
  • رقم الصفحة

    173

التفاصيل طباعة نسخ

- طبيعة اتفاق التحكيم ومبدأ قانون الإرادة: اتفاق التحكيم هو تراضى طرفين علي الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات، التي نشأت أو يمكن أن تنشأ مستقبلًا، بينهما بمناسبة علاقة قانونية معنية، عقدية أو غير عقدية.
والبادي من هذا التعريف أن اتفاق التحكيم هو تلاقي إرادتين بقصد إحداث أثر قانوني معين، هو إخراج النزاع من قبضة اختصاص قضاء الدولة، وإدخاله تحت سلطان هيئة تحكيم مختارة.
وبتلك المثابة يكون اتفاق التحكيم "عقد" له سائر أركان ومتطلبات العقود عمومًا.
والحال كذلك، فإنه إذا أبرم اتفاق تحكيم، وكان ينطوي على عنصر أجنبي، وله الطابع الدولي، فإنه يثور بشأنه تنازع بين القوانين. وهذا التنازع يفض بموجب قاعدة التنازع الخاصة بالعقود الدولية، والتي تقرر أن الاختصاص التشريعي يكون لقانون الإرادة lex voluntatis، أي القانون الذي اتفق عليه، واختاره، الأطراف
بإرادتهم الحرة، وهي القاعدة التي اعترفت بها جميع التشريعات المقارنة.
وهكذا، يخضع اتفاق التحكيم، ذي الطابع الدولي، للقانون الذي يختاره الأطراف، عملًا بمبدأ قانون الإرادة Principe d 'automonie de la volonté في العقود الدولية عمومًا.
التحكيم لقانون دولة مقر التحكيم. واستند في ذلك إلى عدة أسس:
منها، أن نظام التحكيم نظام اتفاقي طليق لا يرتبط بدولة معنية، وهو ما قد يعرقل فعاليته. ولابد، لتلافي ذلك، من ربطه بنظام أساسي "Système de base ينطلق منه، وهذا النظام يجب أن يكون هو السائد في دولة مقر التحكيم، أي المكان الذي تدور فيه عملية التحكيم.
ومنها، أنه يصعب قياس نظام التحكيم على نظام العقود الدولية، وإخضاعه، من ثم، لمبدأ قانون الإرادة، لاختلاف طبيعة كل منهما. فالتحكيم إن كان جوهره اتفاق، إلا أنه يمر بإجراء وينتهي بقضاء. فهو نظام مختلط من عناصر تعاقدية وقضائية.
- اتفاق التحكيم وقانون الإرادة في الاتفاقيات والأعمال الدولية:
ولعل التحليل السابق كان وراء عدم تردد العديد من الاتفاقيات والأعمال القانونية الدولية، في تقنين مبدأ اختصاص قانون الإرادة بحكم كل ما يتعلق باتفاق التحكيم، أيا كانت صورته: شرط تحكيم أم مشارطة تحكيم.

 نصًا صريحًا خاصًا بتنازع القوانين في شأن تقدير وجود وصحة اتفاق التحكيم، الذي قد يثار أمام قضاء إحدى الدول الطرف فيها. حيث نصت المادة ٢/٦- أ على أنه "تفصل محاكم الدول المتعاقدة، في وجود أو صلاحية اتفاق التحكيم... طبقًا للقانون الذي أخضع له الأطراف اتفاق التحكيم". وأعقبت الاتفاقية هذا النص بنص آخر، في المادة 179- الخاصة بالاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه، جاء فيه أن بطلان قرار التحكيم في دولة متعاقدة لا يعد سببًا لرفض الاعتراف به وتنفيذه في دولة متعاقدة أخرى، إلا إذا كان هذا البطلان قد تقرر في الدولة التي صدر فيها أو وفقًا لقانونها صدر الحكم، وكان لسبب من الأسباب الآتية "(أ)... إذا لم يكن اتفاق التحكيم صحيحًا طبقًا للقانون الذي أخضعه له الأطراف".
ومن غير المتعذر إدراك أن كلا النصين الواردين في المادتين ٢/٦- أو ١/٩- أ، يعطيان الاختصاص بتقدير وجود وصحة اتفاق التحكيم، سواء عند بدء إجراءات التحكيم، أو عند طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، وأمام قضاء إحدى الدول الطرف في الاتفاقية، لقانون إرادة الأطراف، أو كما يعبر النصان "للقانون الذي أخضع له الأطراف اتفاق التحكيم".
وهذا الحل الذي أتت به الاتفاقية الأوروبية، والذي يتوافق مع أحكام اتفاقية نيويورك لعام 1958، وإن كان خاصًا بكيفية حل تنازع القوانين في شأن اتفاق التحكيم.
- اتفاق التحكيم وقانون الإرادة في التشريعات الوطنية : المتأمل في قانون التحكيم المصرى يدرك أنه أهمل تمامًا مشكلة تنازع القوانين في شأن اتفاق التحكيم، حيث خلت نصوصه مـن أي نص بهذا الخصوص.
غير أننا نرى وجوب تطبيق مبدأ اختصاص قانون الإرادة بحكـم اتفاق التحكيم في القانون المصرى. وذلك لعدة أسباب : 
منها ، أن اتفاق التحكيم هو تصرف قانوني إرادي ، أي عقد ، والعقد الدولي يخضع ، عمومًا ، لقاعدة التنازع الواردة بالمادة 1/19 من القانون المدنى ، والتي تخضع العقود الدولية لمبدأ قانون الإرادة .
ومنها ، أن القانون المصرى ، بشأن التحكيم ، قد التزم ، بل نقل ، معظم أحكام القانون النمطى للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي الخاص بالتحكيم لعام 1985 وهـو إن لم ينقـل كـل الأحكام ، ومنهـا حـكـم المادتين ٢/٣٤ -أ و 1/36- أ ، المذكور نصيهما فيما قبل، فإن روح هاتين المادتين لا ينبغي أن تغيـب عـن تفسير نصوص قانون التحكيم المصرى .
النص يغني عن أي تعليق، وهو يتمشى مع القواعد العامة في حل تنازع القوانين في العقود الدولية في القانون الدولي الخاص الأسباني، الذي يقرر الاختصاص دائمًا لقانون الإرادة بخصوصها (م5/10 مدنی).
ونضيف قانون التحكيم السويدي لعام ١٩٩٩ الذي نص في المادة 1/48 على أنه "عندما يكون لاتفاق التحكيم طابع دولي، فإن القانون الذي اختاره الأطراف يطبق على الاتفاق...
وهناك القانون الجزائري لعام 1993، الذي نص في المادة ٤٥٨ مكرر (۱) إجراءات مدنية على أن يكون اتفاق التحكيم صحيحًا من ناحية الموضوع إذا توفرت فيه الشروط التي يستلزمها القانون الذي اختاره الأطراف لحكم هذا الاتفاق وفي يقيننًا أن تشريعات التحكيم المقارن، التي لم تورد نصًا صريحًا بشأن اختصاص قانون الإرادة بحكم اتفاق التحكيم، لا تخرج عما قننته التشريعات التي ذكرناها. فهي تعترف بذلك، بالضرورة، في نصوصها الخاصة بأسباب الطعن على حكم
التحكيم بالبطلان، وفي نصوصها المتعلقة بشروط الأمر بالتنفيذ حيث يلزم، في الحالتين، أن يكون قرار التحكيم قد صدر طبقًا لاتفاق تحكيم صحيح حسب القانون الذي اختاره الأطراف.
(111).