اجراءات خصومة التحكيم / تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع / الكتب / دعوى بطلان حكم التحكيم في المنازعات التجارية الدولية / معايير تحديد القانون الواجب التطبيق
عرفنا مما تقدم أن مبدأ الاختصاص بالاختصاص قد أخذت به معظم التشريعات سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي رغم الجدل الفقهي حوله، وعرفنا كذلك أن المحكم يقع عليه عبء معرفة ما يختص بعملية التحكيم سواء في القانون الواجب التطبيق أو غيرها عند سكوت الأطراف، ليكون بعيداً بحكمه عن دعوى البطلان للوصول إلى حكم قابل للتنفيذ، وعرفنا أن اختيار القانون الواجب التطبيق أو ما يناسب العملية التحكيمية إما يكون سبباً للتنفيذ أو سبباً لعدم التنفيذ، لهذا سيكون محور هذه النقطة معرفة سلطة المحكم والمعايير التي يرتكز عليها في تحديد القانون الواجب التطبيق للخروج بحكم تحكيمي قابل للتنفيذ.
وعلى ما تقدم فإذا عهد الأطراف للمحكم بمهمة اختيار القانون الواجب التطبيق، فإن حرية المحكم في تحديد القانون الواجب التطبيق يجب أن تكون حرية وظيفية تنحصر في الاختيار بناءً على أسس موضوعية وليس مجرد اختيار تحكمي أو عشوائي.
ويثور التساؤل حول كيفية اختيار هذا القانون والقيود والضوابط التي تحكم هذا الاختيار. نصت المادة (36) من قانون التحكيم الأردني على أنه "أ ــ تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد القانونية التي يتفق عليها الطرفان وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين.
ب - إذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالاً بالنزاع.
ج - في جميع الأحوال يجب أن تراعي هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع شروط العقد موضوع النزاع وتأخذ في الاعتبار الأعراف الجارية في نوع المعاملة والعادات المتبعة وما جرى عليه التعامل بين الطرفين.
د ـ يجوز لهيئة التحكيم إذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويضها بالصلح أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بأحكام القانون".
ويتضح من هذه الصياغة أن نصوص القانون وإن أطلقت حرية الأطراف في اختيار القانون دون أية ضوابط أو قيود ، إلا أنها قيدت حرية المحكم عند اختياره بأن يتخير القواعد الموضوعية في القانون الذي يرى أنها أكثر اتصالاً بالنزاع .
وأرى لتوضيح ما تقدم أن أحدد القواعد التي صاغتها هذه المادة على النحو التالي:
أولاً : المبدأ الأساسي هو اختبار الأطراف للقانون، وتأتي سلطة المحكم في المقام التالي، ومن ثم يمتنع عليه الالتفات عن اختيار الأطراف الصريح أو الضمني والاستناد إلى قانون آخر.
ثانياً : الأصل هو رجوع المحكم إلى القواعد الموضوعية في القانون الواجب التطبيق مباشرة دون المرور على قواعد تنازع القوانين، ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك.
ثالثاً : يطبق المحكم القواعد التي يتفق عليها الأطراف، بما يفصح عن مناصرة المشرع للاتجاه الذي ينادي بإمكانية تجزئة النظام القانوني، أو الجمع بين أكثر من قانون، أو اختيار القواعد الملائمة من نظام قانوني معين.
رابعاً : إذا لم يتفق الأطراف على القواعد القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالاً بالنزاع.