اجراءات خصومة التحكيم / تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع / الكتب / النظام القانوني الواجب الإعمال على العقود الإدارية الدولية أمام المحكم الدولي / إعمال القواعد الموضوعية
أولاً ـ أسانيد الفقه الداعي إلى إعمال القواعد الموضوعية
يرى هذا الفريق أن الأطراف إذا اختاروا قانوناً لكي يطبق على العقد، فإنه يتوجب على المحكم الدولى أن يطبق القواعد الموضوعية لهذا القانون، وقد استندوا في ذلك إلى الاعتبارات الآتية :
1 - إن الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية تؤكد تطبيق القواعد الموضوعية .
أ ـ الاتفاقيات الدولية
أكدت الاتفاقيات الدولية على تطبيق القواعد الموضوعية للقانون الذي اختاره الأطراف.
فقد نصت المادة ١/٧ من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي المبرمة في جنيف في ٢١ إبريل عام ١٩٦١ على أن «الأطراف أحرار في تحديد القانون الذي يجب أن يطبقه المحكمون على موضوع النزاع … وفي الحالتين يأخذ المحكمون في الحسبان اشتراطات العقد وعادات التجارة» .
ونصت المادة ۲۸ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، نظام الأنسترال لعام ١٩٨٥ على أن : ۱ - . . . أي اختيار لقانون دولة ما أو نظامها القانوني يجب أن يؤخذ على أنه إشارة مباشرة إلى القانون الموضوعى لتلك الدولة وليس إلى قواعدها الخاصة بتنازع القوانين، ما لم يتفق الطرفان صراحة على خلاف ذلك».
ب ـ القوانين الوطنية
نصت المادة ۸۱۳ من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني على أنه يفصل المحكم في النزاع وفقاً للقواعد القانونية التي اختارها الخصوم، وإلا فوفقاً للقواعد التي يراها مناسبة، وهو يعتد في جميع الأحوال بالأعراف التجارية .
أيضاً نصت المادة ٣٩ من القانون المصري للتحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ على ما يلي:
1- …. وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة، اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق على غير ذلك».
2ـ إن القول بأن قاعدة قانون الإرادة تعتبر قاعدة تنازع تقليدية يخالف حاجة المعاملات الدولية .
فإن الوضع يختلف بالنسبة للمحكم الدولي، لأن المحكم الدولي ليس قانون اختصاص ولا يصدر قراره باسم الدولة كما القاضي الوطني، ولا يخضع لسيادة أية دولة، مما يجعل كل القوانين الداخلية بالنسبة له أجنبية، ما يؤكد الطابع المادي للقاعدة التي تجيز للأطراف اختیار قانون العقد أمام المحكم الدولي، الأمر الذي يفقد معه قاعدة خضوع العقد لقانون الإرادة على هذا النحو طابعها التنازعي، وهكذا إذا اختار الأطراف في العقد الإداري الدولي قانون وطني لأي دولة، فإنه يقصد بذلك القواعد الموضوعية لهذا القانون وليس قواعد النزاع فيه .
ويخلص هذا الاتجاه إلى أن قاعدة الإسناد يتغير بحسب ما إذا دور كانت أمام القاضي أم المحكم الدولي، ففي حين يؤدي إعمال قانون الإرادة أمام المحكم إلى تغليب طابعها المادي على نحو يؤدي إلى أن تختفي معه تماما كافة الصفات المترتبة على كونه قاعدة تنازع، فإن دورها كقاعدة إسناد تبدو أوضح أمام القاضي.
فالمحكم الدولي ليس له lex fori ، لذلك فإن قانون الإرادة لا يستند إلى قاعدة إسناد تقليدية بل إلى قاعدة من قواعد القانون الدولي الخاص تتعلق بالتحكيم التجاري الدولي تلزم المحكم من أجل حل تنازع القوانين في شأن العقود الدولية بتطبيق القانون المختار من قبل الأطراف المتعاقدة، وتضفى على هذا الاختيار طابعاً قانونياً، وهذا المبدأ منفصل عن كل نظام قانوني ويتمتع بذاتيته أمام المحكم الذي يلتزم بتطبيقه، ويلجأ الأطراف المتعاملة في إطار العلاقات التجارية الدولية إليه دون إسناده إلى قانون وطني أو غير وطني، ومن هنا فإن المحكم لا يحتاج إلى نظام قانوني وطني أو غيره للإسناد من أجل البحث عن أساس قانون الإرادة.
ثانياً ـ عدم وجود أي رابطة موضوعية بين القانون المختار والعقد
تساءل البعض عما إذا كان يفترض بالقواعد التي اختارها الأطراف أن تتصل موضوعياً بالعقد.
يرى البعض أنه يجب أن يوجد رابطة توطين بين القانون المختار والعقد، مثل اختيار الأطراف لقانون دولة المنشأة التي تصنع السلع محل التعاقد، أو قانون دولة تنفيذ العقد أو اختيار الأطراف لقانون مهنة التجار .
وبالتالي فإنه لا يجوز للمحكم الدولي أن يغض النظر عن الاختيار الصريح للقانون بحجة أنه لا يتقابل مع التوطين أو التركيز الموضوعي للعقد.
وقد سلمت النظرية الثنائية بحرية طرفي التصرف في اختيار القانون الذي يريانه أكثر مناسبة لحكم علاقتهما على اعتبار أن اختيار الأطراف للقواعد القانونية مجرد اختيار مادي لا يفترض أي صلة بین هذه القواعد القانونية والعلاقة القانونية التي يختار لحكمها، ولا يؤخذ بأي تعديل يطرأ على هذه القواعد.