الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر فكرة النظام العام على حكم التحكيم في منازعات العقود الإدارية / النظام العام وأثره على حرية هيئة التحكيم في تحديد القانون واجب التطبيق على المنازعات الإدارية

  • الاسم

    عبدالرزاق هاني عبدالرزاق المحتسب
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    591
  • رقم الصفحة

    385

التفاصيل طباعة نسخ

النظام العام وأثره على حرية هيئة التحكيم في تحديد القانون واجب التطبيق على المنازعات الإدارية

   من أهم القيود التي فرضتها قوانين التحكيم الوطنية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم ضـرورة مراعاة حكم التحكيم لأحكام النظام العام في بلد التنفيذ، حيث ان مخالفة الحكم لقواعد النظام العام ستؤدي الى امتناع القاضي المختص عن إصدار أمر التنفيذ للحكم التحكيمي وبالتالي يفقد حكم التحكيم قوته التنفيذية، ولا يحقق التحكيم هدفه الرئيسي وعلى النحو الذي بيناه سابقاً. وبالتالي يجب على المحكـم أو هيئة التحكيم – مـن حيـث المبـدأ - مراعاة قواعد النظام العام في إختيار القانون واجب التطبيق على العقود الإدارية الدولية، صحيح ان التشريعات اختلفت بمدى حرية هيئة التحكيم في اختيار القانون واجب التطبيق؛ فمنها من يجيز للمحكم اللجوء الى قواعد تنازع القوانين التي يراها أكثر ملائمة لموضوع النزاع، ومنها اجازت للمحكم تطبيق القانون الذي يراه هو ملائماً للنزاع، وبعضها الآخر وضع مجموعة من الضوابط قيد من خلالها حرية هيئة التحكيم بإختيار القانون واجب التطبيق ومنها القانون المصري والأردني. 

   اذا تم تطبيق ذلك على منازعات العقود الإدارية، فانه وبلا شك ان القانون الأكثر اتصالاً بموضـوع النزاع هو القانون الوطني للدولة المتعاقدة، وعند مراعاة القواعد الموضوعية للعقد الاعراف الجارية فان القانون الوطني للدولة المتعاقدة هو القانون واجب التطبيق على اعتبار ان العقود الإدارية لا يطبق عليها الا القواعد الوطنيـة وهـي قواعـد متصلة بالنظام العام لا يمكـن مخالفتها او الاتفاق على الاستبعادها. 

   وكذلك الحال اذا ما تعلق الأمر في منازعات العقود الإدارية فان على هيئة التحكيم الالتزام عند تحديدها للقانون واجب التطبيق على هذه المنازعات، ان تضع بإعتبارها ان يكون القانون واجب التطبيق هو القانون الوطني للدولة المتعاقدة بإعتباره قانون الإرادة الضمنية والمفترضة للخصوم، حيث ان إرادة أطراف النزاع المفترضة في منازعات العقود الإدارية تتجـة الى تطبيق قواعد القانون الوطني للدولة المتعاقدة بإعتباره القانون الملائم للعقد والذي يتوافق مع طبيعة العقد الإداريـة كـون ان عقود الدولة تخضـع دائمـاً لقواعدها الإداريـة الوطنية، فضلاً عن تعلق الاحكام واجبة التطبيق على العقود الإدارية بالنظام العام للدولة لإرتباطها المباشر بمصالح الدولة العليا السياسية والاقتصادية، فضلاً عن ان القانون الوطني للدولة المتعاقدة هو القانون الطبيعي واجـب التطبيق في المنازعات الإدارية.

   والجدير بالذكر هنا ان اختيار القانون واجب التطبيق على عقود الدولة الإدارية هو محور تنفيذ العقد الإداري، فمن خلاله يتم تحديد حقوق الأطراف وواجباتهم، ومن خلاله يتم تحديد هل للدولة دور في تعديل العقد بإرادتها المنفردة وتحديد سلطاتها وامتيازاتها في مواجهة المتعاقد معها أو عدم قدرتها على ذلك، وتحديد أيضاً مدى مشروعية تدخل الدولة في العقد وذلك اعتماداً على نوع العقد اذا كان عقداً إدارياً او عقداً من عقود القانون الخاص.

   لذلك تعتبر مسالة تحديد القانون واجب التطبيـق فـي عـقـود الدولة الإدارية من المسائل الشائكة فعلاً، حيث ان اختيار المحكم أو هيئة التحكيم للقانون واجب التطبيق عند عدم اتفاق الأطراف على اختياره يجب ان يكون اختياراً موضـوعياً مقيداً بحيث يتوافق مع التوقعات المشروعة لأطـراف النزاع، وهذا بطبيعة الحال يقتضي التركيز على نظام قانوني تكون له صلة مباشرة بالعلاقة العقدية محل النزاع، وان تكون القواعد الموضوعية المختاره تتوافق مع قواعد النظام العام ولا تخالفه.

    لذلك تعتبر قواعد القانون الوطني للدولة المتعاقدة أفضل قواعد قانونية يمكن اختيارها في منازعات العقود الإدارية، وتحقق القيود الواردة على سلطة هيئة التحكيم في اختيار القانون واجب التطبيق، لكونه أنسب قانون يمكن ان يطبق على النزاعات الإدارية الدولية فهو الأكثر ملائمة للعقد وقواعده تتفق مع قواعد النظام العام المتمثلة بضرورة تطبيق قانون الدولة الوطني على العقود الإدارية.

مع ملاحظة ان اختيار القانون الوطني للدولة المتعاقدة غير ملزم للمحكم كونه يستطيع تطبيق اي نظام قانوني آخر يرى المحكم فيه انه الأكثر ملائمة للعقد شريطة عدم مخالفته لقواعد النظام النظام في دولة التنفيذ. 

   ويمكننا القول ان القانون واجب التطبيق في منازعات العقود الإدارية في حال عدم أختيار الأطراف القانون واجب التطبيق فيجب ان يكون القانون المختار هو القانون الاقرب الى العلاقة العقدية، مما يعني ان هناك قرينه على أن قانون الدولة المتعاقدة هو القانون واجب التنفيذ كون الاحكام التي تطبيق على العقود الإدارية من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام وتساهم في حفظ سيادة الدولة، مع الملاحظة هنا ان تجاوز هيئة التحكيم سلطاتها في القانون واجب التطبيق فأن ذلك يعني ان هيئة التحكيم استبعدت القانون واجب التطبيق وبالتالي فأن حكمها يكون عرضة للبطلان.