اجراءات خصومة التحكيم / القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / بطلان احكام التحكيم الدولية من منظور الاختصاص الدولي والوطني / استبعاد القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه
يجب على المحكمين أنَّ يحترموا المهنة الموكلة إليهم مــن قبــل أطراف التحكيم، فعليهم الالتزام بكل ما اتفق عليه الخصوم من قواعد مطبقة على موضوع النزاع، سواء كانت قواعد إجرائية أو قواعد موضوعية هـذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى؛ يجب على المحكم أنَّ يحترم حدود اتفاق التحكيم، ولا يفصل في مسألة لم يشملها اتفاق التحكيم، ويجب على المحكم - أيضاً - أنَّ يحترم طلبات الخصوم فلا يقضى بشئ لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبه الخصوم، كما أنَّ المحكم قد يكون متجاوزاً إذا استخدم بعض سلطات القاضي في خصومه التحكيم والتي لم يمنحها له الأطراف.
هذا في حالة أن كان الأطراف قد اختاروا قانوناً معيناً ليحكم نزاعهم، ولكن الأمر يختلف حين لا يتعرض الأطراف للقانون الواجب التطبيق على النزاع، أو في حالة عدم وجود اتفاق على اختيارهم للقانون الذي يحكم موضوع النزاع بينهم، فما هو القانون الذي يحكم على المحكم أو هيئــة التحكيم الأخذ به؟
سوف أجيب عن هذا التساؤل وذلك من خلال تناول موضوع سلطة هيئة التحكيم في تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع في حالتين: حالة وجود اتفاق وتعيين هذا القانون، وحالة عدم وجود اتفاق بين الأطراف على تعيينه وذلك على النحو التالي:
أولاً: سلطة هيئة التحكيم فى تحديد القانون الواجب التطبيق عند الاتفاق على تطبيق قانون معين:
الأصل في التحكيم هو حرية الطرفين في اختيار القواعد القانونية الواجبة التطبيق باعتبار مالهما من سلطان إرادة في تحديد حقوقهما والتزاماتهما والتصرف فيها.
فإذا ما اتفق على تطبيق قانون دولة معينة أو قانون معين على موضوع النزاع، فمن الواجب على هيئة التحكيم التقيد والامتثال لهذا الاتفاق واحترام إرادتيهما.
والمشرع المصرى كباقى المشرعين - قد حرص على الأخذ بمبدأ سلطان الإرادة، فقد نص قانون التحكيم على حرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، حيث نصت ۱/۳۹ منه على أنه: "تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليهـا الطرفان، وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق على غير ذلك.
وبناءً على ذلك فإنَّ لطرفي النزاع الحرية فى اختيار القواعد الـتــــي يتعين على هيئة التحكيم تطبيقها، كأن يختار تطبيق القواعد التي نص عليها القانون المدني الأردني على موضوع تسليم البضاعة، وتعيين قواعد القانون المدنى الفرنسي على موضوع العيوب الخفية في البضاعة أو غيرهــا مـن القواعد التي تحكم نزاعهما.
خلاصة القول إنه إذا خالفت هيئة التحكيم إرادة الأطراف فيما اتفقوا عليه من تطبيق قواعد أو قانون دولة معينة، فنكون أمام أحد الأسباب التي يبنى عليها بطلان حكم التحكيم حسب نص المادة (١/٥٣/د) من قانون التحكيم المصرى.
ويثور التساؤل ؛ هل مخالفة حكم التحكيم للقانون الإجرائي الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على إجراءات التحكيم يعد سبباً للبطلان كما هو الحال في القانون الواجب التطبيق على الموضوع؟
الجواب أنَّ قانون التحكيم المصرى نص صراحة على استبعاد حكم التحكيم القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، أما مخالفة المحكــم لتطبيق القانون الإجرائي الذي اتفق الأطراف أو نص القانون على أنَّ يحكم التحكيم، يدخل فى موضوع بطلان حكم التحكيم لبطلان إجراءات التحكيم الذي نص عليه المشرع المصرى ١/٥٣.
هذا وقد نص قانون المرافعات الفرنسي الجديد في مادته ١٤٩٦ على حرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع دون التقيد بأى قانون وطني ودون التقيد بقواعد قانونية معينة، وإنما يجوز اختيار قواعد قانونية من قوانين متعددة لتطبيقه على النزاع.".
أما اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودى قد تضمنت صدور قرار المحكمين غير مقيدين بالإجراءات النظامية عدا ما نص عليــه فـــي نـظــام التحكيم ولائحته التنفيذية وتكونت قراراتهم بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة الفرعية (م۳۹) من اللائحة وهذا ما يدل على إمكانية اتفاق الخصوم على قواعد وأحكام أخرى بالإضافة إلى أحكام الشريعة الإسلامية.