اجراءات خصومة التحكيم / القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم
بداية أود أن أؤكد على أن الاتفاق على التحكيم هو: تراضي أطراف الخصومة في اللجوء إلى التحكيم ، وأن يكون موضوع النزاع من المسائل التي يجوز فيها التحكيم، وأن يكون الغرض المباشر المقصود من العقد الأساسي مصدر النزاع مشروعاً، وكذلك لابد أن تتوافر الأهلية في أطراف الخصومة، فالرضا لا يكون صحيحاً إلا إذا كان صادراً من ذي أهلية – كما نص نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية على ذلك.
تعريف اتفاق التحكيم طبقاً لنص المادة الأولى من نظام التحكيم السعودي الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم ٣٤ في ٢٠١٢/٤/١٦م.
عرفت المادة ۱/۱ اتفاق التحكيم على أنه اتفاق بين طرفين أو أكثر على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما في شأن علاقة نظامية محددة، تعاقدية كانت أم غير تعاقدية، سواء أكان اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد أن في صورة مشارطة تحكيم مستقلة.
ولا يجوز لاتفاق التحكيم أن يخالف أحكام الشريعة الإسلامية بالرغم من أن نظام التحكيم السعودي الجديد يأخذ بالأعراف التجارية المحلية والدولية في مجال التحكيم، إلا أنه راعى في المادة الثانية منه ألا يتعارض اتفاق التحكيم مع أحكام الشريعة الإسلامية وأحكام الاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفاً فيها.
وأكدت المادة الخامسة من نظام التحكيم السعودي الجديد على مبدأ عدم مخالفة اتفاق التحكيم لأحكام الشريعة الإسلامية حيث جاء نصها كالتالي: "إذا اتفق طرفا التحكيم على إخضاع العلاقة بينهما لأحكام أي وثيقة (عقد) نموذجي أو اتفاقية دولية أو غيرهما)، وجب العمل بأحكام هذه الوثيقة بما تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم، وذلك بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية".
ويجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً حيث لا يعتد نظام التحكيم السعودي بشفوية اتفاق التحكيم، فيجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً.
ويكون الاتفاق مكتوباً إذا تضمنه محرر صادر من طرفي التحكيم أو تضمنه ما تبادلاه من مراسلات موثقة أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال الإلكترونية.
كما يُعد في حكم اتفاق التحكيم المكتوب كل إحالة في العقد إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية.
كما أن الدائرة التجارية بديوان المظالم تراقب اتفاق التحكيم.
يتأثر تقدير مدى صحة حكم التحكيم وإمكان الأمر بتنفيذه، سواء كان ذلك من اختصاص قاضي وطني أو قاضي أجنبي، بمدى صحة اتفاق التحكيم، وطبقاً للقانون الذي يخضع له هذا الاتفاق فإذا كان اتفاق التحكيم دولياً، لارتباطه بعقد أو نزاع اكتسب وصف الدولية، فإن شروط صحته وآثاره تخضع للقانون الواجب التطبيق عليه وقد يكون قانون آخر غير قانون القاضي المعروض عليه الأمر.
مثال ذلك قانون الأونسترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي (١٩٨٥) ينص على أن تقدير مدى صحة اتفاق التحكيم يجري طبقاً للقانون الذي أخضع الطرفين للاتفاق له قانون (الإرادة) أو في حالة غيابه قانون دولة القاضي المعروض عليه طلب إلغاء حكم التحكيم.
هذا في حين أن اتفاقية نيويورك سنة ١٩٥٨ تنص على قاضي الدولة المطروح عليه طلب أمر تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي يقوم بتقدير مدى صحة اتفاق التحكيم طبقاً لقانون الإرادة أو حالة غيابه لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم..
نصت المادة الثانية من نظام التحكيم على أنه: (مع عدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية وأحكام الاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفاً فيها، تسري أحكام هذا النظام على كل تحكيم أياً كانت طبيعة العلاقة النظامية التي يدور حولها النزاع، إذا جرى هذا التحكيم في المملكة، أو كان تحكيماً تجارياً دولياً يجري في الخارج، واتفق طرفاه على إخضاعه لأحكام هذا النظام).
وهذا هو الحكم الذي تضمنته اتفاقية نيويورك ١٩٥٨م في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من الاتفاقية، والتي تقضي بأنه إذا طلب من يراد تنفيذ التحكيم ضده رفض الاعتراف بالحكم وتنفيذه فلا يجاب طلبه، إلا إذا قدم للسلطة المختصة بالدولة المطلوب فيها التنفيذ الدليل على عدم صحة اتفاق التحكيم وفقاً لقانون إرادة الأطراف، أو لقانون مكان صدور حكم التحكيم، في حالة عدم اتفاقهما على قانون يحكم الاتفاق.
وقانون مكان التحكيم هو أساس احتياطي عند غياب قانون الإرادة، وهو ما نصت عليه المادة الثانية سالفة الذكر من نظام التحكيم.