اجراءات خصومة التحكيم / القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في منازعات الدولة في ضوء القانون المصري للتحكيم / القانون واجب التطبيق على موضوع التحكيم
أوضحت الأتفاقية في المادة 42 بأن تفصل محكمة التحكيم في النزاع المعروض عليها وفقاً للقانون الذي اتفق عليه الأطراف،وفي حالة وجود مثل هذا الإتفاق تطبق المحكمة قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع بما في ذلك قواعدها في تنازع القوانين ومبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق .
ويثار التساؤل عما إذا ما كانت المادة 42 والخاصة بقانون واجب التطبيق على النزاع تستلزم أن يكون اختيار الأطراف لهذا القانون صريحا أم يمكن أن يكون اختياراً ضمنياً من خلال الظروف المحيطة بالعقد ؟
وللإجابة على هذا السؤال نجد أن المادة 1/42 من الإتفاقية قد اكتفت بالنص على التزام محكمة التحكيم بالفصل في النزاع وفقاً للقانون الذي تم الإتفاق عليه بين الأطراف، ولم توضح ما إذا كان يشترط أن يكون هذا الاتفاق صريحاً أم يمكن أن يكون ضمنياً من خلال الظروف المحيطة بالعقد؟ ما ترتب عليه اختلاف الفقه في هذا الموضوع .
فيميل جانب من الفقه إلى عدم اشتراط أن يكون اختيار الأطراف للقانون الواجب التطبيق تم صراحة حيث يكفي الاختيار الضمني لتحديد هذا القانون.
ويعني ذلك أن أنصار هذا الإتجاه يميلون إلى التمسك بحرفية نص المادة 42 من الإتفاقية وعدم وذلك لعدم اشتراطها بأن يكون اتفاق الأطراف على القانون الواجب التطبيق قد تم صراحة،كما أنها تحظر أن يكون هذا الاتفاق قديكون ضمنياً.
ويترتب على هذا الاتجاه التزام محكمة التحكيم بتطبيق القانون الذي تم الاتفاق عليه صراحة بين الأطراف وعند عدم وجود مثل هذا الاتفاق يتعين عليها البحث عما إذا كان هناك اتفاقاً ضمنياً بين الاطراف علي القانون واجب التطبيق أم لا،ويمكن لمحكمة التحكيم أن تستخلص هذا الاتفاق الضمني بين الاطراف من الظروف المحيطة بإبرام العقد أو من خلال القرائن التي تؤدي إلى التركيز الموضوعي للعقد في قانون محدد فهذا الاتجاه يوسع من نطاق مجال تطبيق نص المادة 1/42 من الإتفاقية وبالتالي يوسع من نطاق سلطة محكمة التحكيم في تحديد القانون واجب التطبيق على النزاع التحكيمي من خلال من خلال الظروف المحيطة بالعقد وقد يترتب على تأييد هذا الاتجاه إمكان تطبيق المحكمة لقانون آخر يخالف التوقعات المشروعة للأطراف وخاصة الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع –أو إحدي هيئاتها أو جهاتها الإدارية والتي كانت تتوقع تطبيق قانونها الوطني على النزاع بما في ذلك قواعده في تنازع القوانين ومبادئ القانون الدولي وفقاً للعبارة الثانية من المادة 1/42 من الإتفاقية نتيجة لعدم الاتفاق صراحة عليا لقانون واجب التطبيق علي مما يترتب عليه أحجام الدول عن عرض منازعاتها للتحكيم وفقا لنظام المركز.
وفي المقابل هناك جانب أخر من الفقه يشترط أن يكون اختيار الأطراف للقانون الواجب التطبيق علي النزاع اختياراً صريحاً وهم بذلك ينكرون الاعتراف بالاختيار الضمني. ويترتب على تأييد وجهة النظر هذه التزام محكمة التحكيم بتطبيق القانون الذي تم الاتفاق عليه بين الأطراف عندما يكون هذا الاتفاق صريحاً وواضحاً وعند عدم وجود مثل هذا الاتفاق عليه بين الأطراف عندما يكون هذا الاتفاق صريحاً وواضحاً وعند عدم وجود مثل هذا الاتفاق تلتزم المحكمة بتطبيق قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع بما في ذلك قواعده في تنازع القوانين ومبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق.
هذا الاتجاه يضيق من نطاق سلطة محكمة التحكيم في تحديد القانون واجب التطبيق حيث تلتزم عند عدم وجود هذا الاختيار الصريح بتطبيق قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع بما في ذلك قواعده في تنازع القوانين ومبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق ولاتلتزم بالبحث عما إذا كان هناك اختيار ضمني بين الأطراف من الظروف المحيطة بإبرام العقد أو من خلال القرائن التي تؤدي الى التركيز الموضوعي للعقد في قانون محدد كما يترتب على تأييد هذا الاتجاه توفر قدر أكبر من الحماية للدولة المتعاقدة في مواجهة المستثمر الأجنبي.
التدابير الانفرادية للدول:
قد تقدم الدولة الطرف في اتفاق الاستثمار علي تأميم ونزع ملكية المشروع نحل الاتفاق فهل تحول اعتبارات السيادة التي دفعت الدولة لاتخاذ هذا الإجراء دون عقد الاختصاص بسلطة التحكيم بالنظر في المنازعات الناشئة عنها؟فهل يجوز لهذه السلطة التحكيمية بالنظر في المنازعات الناشئة عنها ؟فهل يجوز لهذه السلطة التحكيمية أن تراجع بواعث هذا العمل السيادي وأن تحكم عن الاقتضاء بإلغائه؟
فمقتضي نص المادة 1/25 بأن يمتد الاختصاص القانوني للمركز إلى أية خلافات قانونية تنشأ بين دولة متعاقدة أو جهاز تابع لها تخطر به المركز وبين أحد رعايا دولة متعاقدة اخري والتي تتصل اتصالاً مباشراً
باستثمار معين وأن يكون الأطراف قد ارتضوا كتابة الخضوع للمركز".
هذا النص قصر تحديد اختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار علي المنازعات ذات الطابع القانوني وأما خلو النص وخلو سائر نصوص الاتفاقية من تحديد دقيق للمقصود بهذا النوع من المنازعات صار هذا النص محض اجتهاد في التفسير.
يعد التفسير الذي ساد اجتماعات لجنة الخبراء القانونية أبان الاعداد للاتفاقية هو الأكثر قبولاً لاتفاقه مع الهدف من الاتفاقية وكذا الطابع الرادي الذي ساد نصوصها فهذا التفسير يمول الى جعل هذا الاصطلاح شاملاً لكل صور المنازعات القانونية بحيث يدخل في اختصاص المركز الطلبات المتعلقة بشرعية اجراء التأميم دون تعويض مالم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.
قمناط اختصاصا المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار هو إرادة الأطراف وحدها ، بل أن إرادة الدولة الطرف في النزاع لها دور خاص في هذا المجال حددته المادة 4/25 التي نصت على أنه " يجوز لكل دولة متعاقدة عند التصديق أو القبول أو اعتماد هذه الإتفاقية أو في أي وقت لاحق لذلك أن تخطر المركز بنوع أو أنواع النزاع التي تقبل عرضها طبقاً لاختصاصات المركز .........." مفاد ذلك أن أي دولة متعاقدة يمكنها أن تستبعد جانباً من المنازعات من اختصاص المركز ولو كانت هذه المنازعات ذات طبيعة قانونية .
إذا كانت إتفاقية واشنطن لم تتعرض صراحة لبند الثبات التشريعي فأنها لم تتبع ذلك المسلك مع نظرية العقد بلا قانون ، ولذلك نجد الإتفاقية قد نصت على أن تفصل المحكمة في النزاع وفقاً للقانون الذي تم الإتفاق عليه بين الأطراف وفي حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق فأنها يتعين عليها تطبيق قانون الدولة المتعاقدة بما في ذلك قواعده في تنازع القوانين ومبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق
وبدأت الإجراءات وبدراسة أعضاء محكمة التحكيم لنشأة النزاع تبين لهم وجود أتفاق أستثمار موقع بين شركة Agip SPA وحكومة الكونغو أتفق فيه الأطراف على أن : " يتم تسوية أية خلافات تتعلق بتطبيق أو تفسير بروتكول هذا الاتفاق وفقاً لأتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى ، والتي تم التصديق عليها من جمهورية الكونغو الشعبية بالقانون رقم 6965 في 30 ديسمبر 1965 م .
وقد طالبت شركة Agip SPA من محكمة التحكيم أن تحكم لها بالتعويض على أساس عدم وفاء حكومة الكونغو بإلتزاماتها التعاقدية تجاهها والتي كان من ضمنها تثبيت مركزها القانوني .
وبذلك تكون قد أوضحت الفقرة الأولى من المادة 42 إمكان تطبيق محكمة التحكيم لمبادئ القانون الدولي على المنازعات التي قد تثور بين الدولة المضيفة للأستثمار والمستثمر الأجنبي ، على أساس أن معظم النظم القانونية يوجد بها قصور في القواعد اللازمة لتنظيم موضوعات عقود الدولة للتنمية ، ونظراً لأن إتفاقية قد حظرت على المحكمين إنكار العدالة فقد أضافت مبادئ القانون الدولي الواجبة التطبيق إلى قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع لترجع المحكمة إليها في حالة عدم أتفاق الأطراف على القانون الواجب التطبيق .
لكن يجب ملاحظة أن الفقرة الأولى من المادة 42 قد نصت على أن مبادئ القانون الدولي مهمتها سد الثغرات التي توجد في الأنظمة القانونية الوطنية والتي لها الأولوية في التطبيق من جانب محكمة التحكيم بينما تعد مبادئ القانون الدولي ضابطاً احتياطيا تلجأ المحكمة عندما تعرض عليها إحدى المسائل ولا يوجد لها حكم في قانون الدولة المتعاقدة ، وقد أتضح ذلك جلياً في التحكيم الذي تم في نزاع شركة Agip SPA مع حكومة الكونغو فقد أتفق الطرفان على تسوية منازعات الاستثمار بينهم في نصوص أتفاقية واشنطن على أن يكون القانون الكونغولي مكملاً بالقانون الدولي العام هو القانون الواجب التطبيق على النزاع ، وقد التزمت محكمة التحكيم بإرادة الأطراف في هذا الخصوص وفقاً لنصوص الاتفاقية وفصلت في النزاع بمقتضى القانون الكونغولي في المسائل التي وجدت لها حكماً في هذا القانون، أما المسائل التي لم تجد لها المحكمة حكماً في القانون الكونغولي لجأت إلى القانون الدولي .