ذهبت هيئة التحكيم إلى القول أما من حيث القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، بما أن الطرفين لم يحددا القانون المطبق على أساس النزاع ، واكتفيا باختيار قواعد تحكيم اليونسيترال لتطبيقها على إجراءات التحكيم.، وبما أنه أصبح واجبا على المحكمة التحكيمية أن تحدد القانون المطبق وفقا للأصول التي تنص عليها إجراءات اليونسيترال .
وبما أن مكان التحكيم هو القاهرة ، وبما أن القانون المصرى الجديد رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹٤ ، الصادر فى ١٩٩٤/٤/١٨ ، والمنشور في الجريدة الرسمية فى ١٤/٤/٢١ الخاص بالتحكيم ينص في مادته رقم ٢/٣٩ على ما يلي :
«إذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذى ترى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع».
ولكن القانون المصرى لا يصنف هذه القاعدة من فئة القواعد الآمرة ، ولا ينص على أى عقوبة تترتب على مخالفتها .
وبما أن قانون التحكيم المصرى الجديد رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ في المواد المدنية والتجارية ، تبنى قاعدة حرية الإرادة وأجاز لإطراف أى نزاع اختيار أى قانون تحكيم غير قانون مكان التحكيم .
وبما أن قانون التحكيم المصرى الجديد، يكون في ذلك متفقا مع معاهدة نيويورك التى فكت الارتباط بين مكان التحكيم وقانون مكان التحكيم، واعتمدت قانون سلطان الإرادة .
وبما أن سلطان الإرادة قد اختار نظام تحكيم اليونسيترال ، ليرعى إجراءات المحاكمة التحكيمية .
وحيث أن المادة ١/٣٣ و ٢ و ٣ من قواعد التحكيم التي وضعتها اليونسيترال ، والتي اتفق الطرفان على تطبيقها تنص على ما يلى :
1- تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القانون الذي يعينه الطرفان . فإذا لم يتفقا على تعيين هذا القانون، وجب أن تطبق هيئة التحكيم القانون الذي تعينه قواعد تنازع القوانين التي ترى الهيئة أنها الواجبة التطبيق في الدعوى .
2- يجوز لهيئة التحكيم الفصل فى النزاع وفقا لمبادئ العدل والإنصاف أو كحكم غير مقيد بأحكام القانون ، إلا إذا اتجهت إرادة الأطراف إلى ذلك صراحة ، وكان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم يجيز هذا النمط من التحكيم ·
3- وفي جميع الأحوال ، تفصل هيئة التحكيم في النزاع وفقا لشروط العقد وبمراعاة الأعراف التجارية السارية على المعاملة» .
وحيث ينبغي بالتالي ومهما كان القانون المطبق ، تطبيق الأعراف التجارية السارية على المعاملة عملا بالمادة ٣/٣٣ ، إنما حيث أن المحكمة التحكيمية في بحثها عن القانون الواجب التطبيق ، ملزمة بأن تطبق المادة ٣٣/ ١ من قواعد تحكيم اليونسيترال التي تقضى بأن تطبق القانون الذى تعينه قواعد تنازع القوانين التي ترى المحكمة أنها الواجبة التطبيق على الدعوى
وعليه وعملا بالمادة المذكورة أعلاه فإن المحكمة يجب أن تحدد :
أ- قواعد تنازع القوانين التى ترى أنها الواجبة التطبيق في هذه الدعوى .
ب- القانون الذى تعينه قواعد تنازع القوانين هذه لتطبيقه على النزاع المعروض.
وبما أن المحكمة التحكيمية طلبت من الطرفين أن يدليا بموقفهما من القانون المطبق ومن لغة التحكيم .
وبما أن الجهة المدعية أدلت بأن القانون المطبق هو القانون المصرى ، وفقا للشروط العامة لاستدراج العروض ، وطلبت منها المحكمة التحكيمية توضيحا لذلك فلم تقدمه .
وأدلت المدعى عليها ، بأن المدعية امتنعت عن اختيار قانون يطبق على أساس النزاع ، وليس هناك مستند تعاقدى فيه خيار للقانون المطبق لا بشكل صريح ولا بشكل ضمنى ·
وبما أن العقد هو عقد بيع Vente Cout et Fret ، فإن القانون المطبق هو قانون البلد الذى جرى فيه تنفيذ الإلتزامات الأساسية الذي هو فرنسا .
وأضافت الجهة المدعى عليها المدعية المقابلة ، بأن الامتناع عن اختیار قانون دولة ما يعنى اختيار أعراف التجارة الدولية أساس ، ولا يعود تطبيق القانون الفرنسى إلا بشكل تكميلي.
ويستند المدعى عليه إلى المادة ۳/۳۳ من قواعد تحكيم اليونسيترال المطبقة على إجراءات هذا التحكيم .
وبما أن مفهوم المحكمة التحكيمية لقواعد تنازع القوانين الواجبة التطبيق ، هو القواعد التي يضعها المشرع الوطنى لاختيار أكثر القوانين المتزاحمة ملاءمة لحكم العلاقة الخاصة المتضمنة عنصرا أجنبيا ، وأكثرها إيفاء بمقتضيات العدالة «تنازع القوانين» ، د . هشام على صادق ۱۹۹۳ وكذلك «تنازع القوانين» ، فواد رياض وسامية راشد (۱۹۹۱).
ولما كانت العلاقة القانونية تتكون من ثلاثة عناصر (الأطراف - الموضوع - الأسباب) ، فإنه من البديهي أن يستمد المعيار أو الضابط الذي يتم بمقتضاه تحديد القانون الواجب التطبيق على العلاقة عن طريق أحد هذه العناصر . ونظرا لأن أهمية كل عنصر من عناصر العلاقة القانونية تختلف وفقا لطبيعة العلاقة محل البحث ، فإنه من الضروري التعرف على العنصر الذى يشكل مركز الثقل فى العلاقة القانونية ليستمد منه المعيار الذي يتحدد بمقتضاه القانون الواجب التطبيق من بين القوانين المتصلة بعناصر العلاقة المختلفة ) «تنازع القوانين» ، فؤاد رياض وسامية راشد ۱۹۹۱ ، ص ٣٤).
ولما كان من المتفق عليه بين الطرفين والمحكمة التحكيمية مقتنعة بذلك أن العقد أساس النزاع هو عقد Vente International Cout et Fret.
ولما كانت القوانين التى قد تتنازع التطبيق في هذه الدعوى هي :
أ - قانون بلد البائع أو قانون محل إقامته. ب- قانون بلد المشترى. ج - قانون مكان تنفيذ العقد - د - قانون مكان إبرام العقد . هـ- قانون مكان الدفع .
وحيث أن هذه القوانين تتلخص جميعها بالقانون المصرى أو الفرنسي . ومن الطبيعى والمنطقى بالتالي أن يبحث عما إذا كان القانونان المصرى والفرنسي يحتويان على قواعد خاصة بتنازع القوانين فتحدد المحكمة التحكيمية أي من هذين القانونين هو الواجب التطبيق على النزاع.
وبما أن المحكمة في بحثها عن قواعد تنازع القوانين الواجبة التطبيق فى الدعوى ، والتي تشير إلى القانون المطبق تقف عند قاعدتين الأولى واردة في القانون المصرى والثانية في النظام القانونى الفرنسي ، وترى أنهما واجبتا التطبيق فى هذه الدعوى ، لأنها تعتبر أن فيهما القواعد التي وضعها المشرعان المصرى والفرنسي لاختيار القانون الأكثر ملاءمة من بين القوانين المتزاحمة ، وهى ملائمة لحكم العلاقة الخاصة المتضمنة عنصرا أجنبيا والأكثر إيفاء بمقتضيات العدالة ، وذلك من وجهة نظر المشرعين المصرى والفرنسي .
القاعدة الأولى :
هي القاعدة التي ينص عليها القانون المدنى المصرى فى المادة ١/١٩ من القانون المدنى ونصها يسرى على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا ، فإن اختلفا موطنا سرى قانون الدولة التى تم فيها العقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانونا أخر هو الذي يراد تطبيقه» .
وحيث يتبين للمحكمة التحكيمية أن الطلبية تمت في القضية الحاضرة فى مصر بالفعل ، فإن استدراج العروض قد وضع واستلم من ممثل الجهة المدعى عليها فى مصر ، وعليه فإن الطلبية قد استلمت من الجهة المدعى عليها المدعية المقابلة) بواسطة ممثلها في مصر ، مما مفاده أن العقد قد أبرم في مصر.
وبما أن المحكمة التحكيمية ، تجد أن القاعدتين اللتين بحثتهما تشكلان ضابط الإسناد الذي يرشد إلى القانون واجب التطبيق .
وبما أن المحكمة التحكيمية ، وجدت أن قانون مكان إتمام العقد هو القانون المصرى ، وهو العنصر الذى يشكل بنظر المحكمة مركز الثقل في العلاقة القانونية ، وبالتالي فإنه أخذا بهذه القاعدة فإن القانون المصرى هو المطبق .
وبما أن المحكمة التحكيمية تجد أن القاعدة الثانية الواردة في المادة الثالثة ، فقرة ٢ من معاهدة لاهاى بتاريخ ٥٥/٦/١٥ التي انضمت إليها فرنسا حول القانون المطبق على البيوعات ذات الطابع الدولى للأموال المنقولة المادية والتي تعتبر قانون بلد محل إقامة المشترى ، حيث جرى استلام العرض هناك ، وهو العنصر الذى يشكل في بنظر المحكمة التحكيمية مركز الثقل في العلاقة القانونية.