الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 31-32 / القانون الواجب التطبيق على المنازعات المعروضة أمـام محكمة تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 31-32
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    227

التفاصيل طباعة نسخ

الملخص:

    تعترف اتفاقية واشنطن المنشئة للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار لأطراف النـزاع بحرية كاملة في تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع من قبل محكمـة التحكـيم، بمعنى أنها تفصل في النزاع، وفق القواعد القانونية التي يتفق طرفا النزاع على تطبيقها، وذلـك احتراماً لحرية الإرادة باعتبارها أحد المبادئ الأساسية التي تحكم القانون الواجب التطبيق، وهـو ما تجسد في أحكامها.

   أما في الحالة التي لا يتفق فيها الأطراف على قانون معين، فإن محكمة التحكيم استناداً إلى أحكام الاتفاقية تطبق قواعد القانون الداخلي للدولة المتعاقدة الطرف في النزاع، بما في ذلك قواعد تنازع القوانين فيها، بالإضافة إلى قواعد القانون الدولي القابلة للتطبيق على النزاع، وفـي مـا يتعلق بتطبيق هذه الأخيرة، عند غياب اتفاق الأطراف على قانون معين طبعاً، فإن المحكمة تطبق تلك المبادئ في الحالات التي تحيل فيها قواعد القانون الداخلي للدولة الطرف في النـزاع علـى القانون الدولي، أو كان هناك مساس بالعدالة من طرف القانون الداخلي، أو في حالـة تـصرف الدولة الطرف بطريقة تثير احتجاج الطرف الخاص، هذا إلى جانب من المفترض هـو تطبيـق قانون الدولة المستقبلة، كما هو معروف.

   الكلمات المفتاح: عقود الدولة للتنمية الاقتصادية - المركـز الـدولي لتسوية منازعـات الاستثمار ICSID - شرط الثبات التشريعي – شرط تحديد القانون الواجب التطبيق – القواعـد الآمرة – مبدأ سلطان الارادة.

مقدمة:

   تهدف عقود الدولة للتنمية الاقتصادية التي تبرم بين الدولة ذات السيادة أو أحد مؤسساتها مع الشركات الخاصة الأجنبية إلى تنمية القدرة الاقتصادية للدولة المتعاقدة، بمساعدة رأس المـال أو التكنولوجيا المتقدمة أو المواد الأولية التي يملكها الأجنبي، وفي الوقت نفسه يـستهدف المتعاقـد الأجنبي تحقيق الربح من وراء تعاقده، وهو ما يجعل هذا الأخير حريصاً على ضـمـان مـستقبل استثماره، بالاتفاق على مجموعة من الشروط التعاقدية التي تكفل له أكبـر قـدر مـن المزايـا والحصانات طوال مدة العقد.

   ويسعی أطراف هذه العلاقة العقدية إلى إنجاح علاقاتهم ببذل أوجه التعاون الممكنة بينهم، إلا أن ذلك يقتضي تحديد حقوق والتزامات كل منهم بالاتفاق الـصريح بيـنهم أثنـاء إبـرام عقـد الاستثمار، بحيث تدرج ضمن نصوصه، وقد تحدد هذه الحقوق والالتزامات بصفة عامـة، مـع ترك التفاصيل للقانون الواجب التطبيق في التحكيم لتسوية المنازعات القانونية التي قد تنشأ بـين أطراف هذه العقود.

   وتتضمن الكثير من عقود الدولة للتنمية الاقتصادية، شروطا للتحكيم الدولي الخاص الـذي ينعقد للنظر في كل حالة على حدة، في ما يطلق عليه تحكيم Ad hoc، وكان الغالـب أن تفـشل هذه الشروط في النص على أسلوب لتحديد القانون الذي يجب على المحكمين إتباعه في إصـدار حكمهم.

   وقد ينشب الخلاف بين الأطراف المتعاقدة (الدولة أو أجهزتها والمستثمر الخاص الأجنبي)، ويعرض الأمر على محكمة تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، والتـي يجـب أن تواجه مشكلة البحث عن القواعد القانونية الأنسب التي تطبق على النزاع القـانوني المعـروض عليها، لكي تفصل فيه بحكم فأصل وعادل، في ظل غياب اتفاق الأطراف على القانون الواجـب التطبيق على التحكيم.

   وقد تضمنت اتفاقية إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، قواعـد صـريحة بشأن مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق، ولا سيما إذا ما نشأ نزاع حـول تنفيـذ العقـد، أو تفسيره، أو خرق شروطه، أو إنهائه... إلخ، وهو ما تدور حوله إشكالية بحثنا من خلال التساؤل الآتي:

    ما هي المبادئ والقواعد القانونية التي يمكن أن تقبل كقانون واجب التطبيق لإصدار قـرار التحكيم بشأن النزاع الناشئ عن عقد الاستثمار في حالة تحديد أو عدم تحديد ذلك القانون صراحة بموجب شروط العقد؟ وهل تركت اتفاقية واشنطن المنشئة للمركز الدولي للأطراف الحرية فـي تحديد هذا القانون؟ وإذ فرض أنها تركت لهم، ذلك فهل تركتها مطلقة أم وضعت عليهـا قيـوداً تحدد نطاقها؟

   وللإجابة عن هذا التساؤل اقترحنا فرضيات مختلفة، ويمكن إجمال هـذه الاقتراحـات فـي الإختيار بين القانون الوطني للدولة المضيفة للاستثمار، والقانون الوطني للدولة التي ينتمي إليها المستثمر الأجنبي، وقانون دولة مقر التحكيم، والقانون الدولي العام.

   ولا شك في أن الأخذ بأي من هذه المقترحات له مزاياه التي تحسب له، وأوجه الانتقاد التي توجه إليه، إلا أن كلاً منها على حدة قد لا يكفي لتقديم ما تبحث عنه هيئـة التحكـيم، فمن الأساسي أن يلاقي النظام القانوني المختار قبول كل من الدولة المـضيفة والمـستثمر الخاص الأجنبي، وأن تؤدي قواعد هذا القانون إلى التوصل إلى حكم فاصـل وعـادل فـي النزاع.

 خطة الدراسة:

   لذلك، فإن هذا الإسهام يهدف الى إثراء هذه المشكلة وتحليلها، وذلك بالتركيز على النقـاط الآتية:

    1- حرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق.

    2- تحديد القانون الواجب التطبيق في غياب الاتفاق الصريح للأطراف.

I. حرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق:

   لما كان لمبدأ سلطان إرادة الأطراف المتعاقدة دوره البالغ الأهميـة فـي تحديـد شـروط التعاقد، كان بديهياً أن يكون له دوره البـارز فـي تحديـد القـانون الواجـب التطبيـق علـى العلاقة العقدية، وهو ما انعكس على نصوص اتفاقية إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعـات الاستثمار.

   والحقيقة وإن كان لمبدأ سلطان الإرادة دوره البارز في الاتفاق على شروط التعاقد في العقود التي تبرمها الدولة مع المشروعات الخاصة الأجنبية، في ظل عدم تـوازن القـوى بـين الطرفين، بما في ذلك شرط تحديد القانون الواجب التطبيق، إلا أن هذا الدور لـيـس لـه صـفة الإطلاق، إذ أن هناك من المسائل ما لا يقبل الخضوع لقانون سوى قانون الدولة الطـرف فـي العقد، بما مفاده أن هناك اختياراً مسبقاً يسبق التعاقد، ويصدر عن المشرع في هذه الدولة، اختيار لا يقبل التعديل، لصدوره في صورة القواعد الآمرة التي لا يجوز مخالفتها، وإلا طبقـت فـكـرة النظام العام، وقد يضع المتعاقدون القواعد المذكورة في مشارطتهم العقدية بغرض تحويلها إلـى نصوص تعاقدية.

1- دور مبدأ سلطان إرادة الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع:

   إذا لم يكن هناك مثل هذه القواعد الآمرة، فقد يتفق الأطراف على القانون الواجب التطبيـق على عقدهم، سواء أكان هو قانون الدولة المتعاقدة أو قانون آخر، مستخدمين في ذلك ما أقره لهم النظام القانوني الأساسي من حرية الاختيار، تلك الحرية التي أصبحت مبدأ مستقراً وقضاء القانون الدولي، ويطلق عليه مبدأ سلطان الإرادة.

    ويعزا التسليم بهذا المبدأ إلى أسباب عملية أكثر منها نظرية، إذ تستجيب فكـرة حريـة الأطراف في اختيار القانون الذي يسري على عقدهم، للتعدد الكبير وللاختلافات في التعاملات العقدية الدولية، ذلك أنها تسمح للمتعاقدين بأختيار القانون الملائم لتحقيق النتيجة التي يرغبان في تحقيقها، كأن يختارا قانون دولة أخرى أجنبية عنهم، نظراً لما يتضمن من أحكام تنظم عقـدهم بصورة معينة أو بصورة تفصيلية، وأفضل من تلك التي كانت ستحققه الأحكام التي وردت فـي قوانينهم الشخصية، كأن يختارا القانون السويسري مثلاً ليسري على عقدهم لما يحققه ذلك مـن قيود أقل.

   إذن، فدور المبدأ لا يستهدف إلا تأكيد وضمان احترام التوقعـات المـشروعة للمتعاقــدين égitimes Prévisions de Parties باستخدامه لتحديد القانون الواجب التطبيـق مـن ناحيـة، معطياً الأطراف فرصة التحكم في هذا القانون، من ناحية أخرى، تفصيل ذلك أن مبـدأ سـلطان الإرادة يسمح للأطراف باستبعاد قانون معين، أو التغيير في طبيعة القانون الـذي يختارونـه بإدراجه في المشارطة العقدية ليصير في حكم الشروط العقدية، أو بتجزئـة أحكامـه وتقييـدها، ليتحول بذلك من مبدأ لحل مشكلة تنازع القوانين، إلى مبدأ يسمح بالحرية التعاقدية فـي المجـال التجاري والاقتصادي الدولي.

   ولذلك، فقد حرص واضعو اتفاقية إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، علـى إعطاء أطراف النزاع قدراً واسعاً من الحرية في اختيار القانون الواجب التطبيق على علاقاتهم، ولا سيما إذا ما أثير نزاع بشأنها وعرض الأمر على محكمة تحكيم المركز، ولم يقتصر ذلـك على حريتهم في اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع فحسب، بل على إجراءات تسوية النزاع أيضاً، وذلك لتحقيق أكبر قدر ممكن من الحرية لأطراف العلاقة، وتحديد الإطـار المناسب الذي ستتم في نطاقه تسوية نزاعهم".

   فقد نصت المادة (42) في فقرتها الأولى على أن: "تفصل المحكمة في النزاع المعـروض عليها وفقا للقواعد القانونية التي اتفق عليها الأطراف، وإن لم يوجد اتفاق، فللمحكمة أن تطبـق قانون الدولة الطرف في النزاع شاملاً قواعد تنازع القوانين، وقواعد القانون الدولي".

   ومؤدى ذلك أن للأطراف اختيار نظام قانوني متكامل لكي يطبق في التحكيم بيـنهم، أو أن يشترطوا تطبيق طائفة معينة من القواعد القانونية، فعلى سبيل المثال، يمكن للأطـراف اختيـار النظام القانوني لأي من الطرفين، أو كليهما، أو حتى قانون دولة ثالثة، وعلاوة على ذلك يمكنهم الاتفاق على فض منازعاتهم طبقاً للمبادئ العامة للقانون، أو بعض القواعد السائدة فـي نظـام قانوني معين .

   ويستخلص من ذلك، أن الفقرة الأولى من المادة (42)، قد قـدمت مبـدأ سـلطان الإرادة، باعتباره المبدأ الأساسي الذي يحكم القانون الذي تطبقه محكمة التحكيم، ومعنى ذلك، أنه قد تنشأ صعوبة عندما يختار الأطراف قانون دولة بعينها، حيث يثور التساؤل عما إذا كان هذا الاختيـار يشير إلى هذا القانون وقت انعقاد عقد الاستثمار، أو في الوقت الذي يكون عليه وقت انعقاد هيئة التحكيم؟

   وتتوقف الإجابة عن هذا التساؤل، على ما إذا كان الأطراف قد ضـمنوا اتفـاقهم شـرطاً يقضي بتجميد القانون الواجب التطبيق على علاقتهم، فيما يسمى شـرط التثبيـت التـشريعي Stabilisation Clause، أم خلا اتفاقهم من مثل هذا الشرط، فلو أن الأطراف لـم يـضمنوا اتفاقهم مثل هذا الشرط، فإن على هيئة التحكيم تطبيق القانون الوطني المختار بالحالة التي هـو عليها، وقت أن دعيت المحكمة لإصدار هذا التحكيم، أما إذا تضمن الاتفاق هذا الشرط، فـإن القانون الواجب التطبيق، يكون هو ذلك الموجود وقت انعقاد اتفاق الاستثمار.

   ويفهم من ذلك النص أيضاً، أن واضعيه قد استبعدوا إحدى الأفكار الحديثة التي يطلق عليها نظرية العقد بلا قانون "Contract sans lois، التي مؤداها أن للدولة والمتعاقد الخاص الأجنبي أن يدرجوا في عقدهم تنظيماً كاملاً مفصلاً لكافة جوانب علاقاتهم، بحيث يلجأ إلى هـذا النظـام تماماً عند حدوث أي نزاع، ودون الرجوع إلى أي نظام قانوني آخر، وبحيث يعتبر عقدهم اتفاق إطار بين أطرافه chart-cadre، وبحيث يفلت حتى في تفسيره من تطبيـق أي نظـام للقواعـد القانونية سواء الوطنية أو الدولية، ومن ثم إذا عرض الأمر على هيئة تحكيم المركز الـدولي لتسوية منازعات الاستثمار، فإن على المحكمة أن تبحث عن الإرادة الصريحة للأطـراف فى اختيار قانون ما، فإن لم تجد عليها أن تبحث في إرادتهم الضمنية دون أن تكتفي بمـا ورد فـي المشارطة العقدية، ذلك أن "العقد لا يمكن أن يوجد في فراغ"، على حد تعبير المحكم في تحكـيم أرامكو، بل يجب أن يعتمد على قواعد نظام قانوني معين لتمنح الأطراف الحرية فـي التعاقـد، واختيار القانون الواجب التطبيق.

   فإن لم يختر الأطراف أحد النظم القانونية الوطنية لتكون هي القانون الواجب التطبيق علـى علاقتهم، فقد يختارون قواعد القانون الدولي لحكم العلاقة، فهل هناك مجال لتطبيـق القـانـون الدولي في ظل تطبيق الفقرة الأولى من المادة (42)؟

   بداية، يرى البعض أنه يقصد بالقانون الدولي: مجموعة القواعد العرفية والمعاهـدات، ولا سيما تلك التي تتصل بالتجارة الدولية والملاحة واتفاقيات حماية وتشجيع تبــادل الاستثمارات الأجنبية.

   وقد ذهب إلى أن لمحكمة تحكيم المركز أن تطبق القانون الدولي، وإن لم تشر إليه المـادة (42) في فقرتها الأولى، باعتبار أن ذلك من مستلزمات وجودها كهيئة إنشاءات للفصل في نزاع متعلق بعقود الاستثمار الدولي، وإن في ذلك وسيلة للحماية الدولية للاستثمار.

   ويلقى هذا الاتجاه تأييداً من جانب الفقه، وإن اختلفوا في تبرير ذلك، فقد ذهب آخر إلى أنه يمكن أن تؤخذ قواعد القانون الدولي في الاعتبار لدى المحكمة لتوضيح أو تكملة القانون الوطني الواجب التطبيق، وإن كان هذا الأخير مختاراً من أطراف النزاع.

   ويرى ثالث، أن تطبيق القانون الدولي رغم عدم النص عليه في الفقرة الأولى مـن المـادة (42)، يظل ممكناً في حالة كون القانون الذي اختاره الأطراف هو قانون الدولة المضيفة، أما إذا غيرت هذه الأخيرة قانونها لإنكار أو لإنقاص حقوق المستثمر، وبعبارة أخرى، فإن قواعد القانون الدولي قد تطبق باعتبارها جزءا من قانون الدولة المضيقة، وتلك هي وجهة النظر التي نجـدها واضحة في تحكيم شركة امينئويل سنة 1982، وتحكيم ليكتو، الصادر عن إحدى هيئات المركز الدولي. ،

   ولا يعني تطبيق قانون ما في النزاع، أن تستبعد الأحكام التي تضمنتها بنـود المـشارطة العقدية، بل على العكس، فإن تطبيق هذه الأخيرة يعد أمراً جوهرياً، تنص عليه كل النظم القانونية ويمثل مبدأ عاماً، فيما يعبر عنه بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز نقضه ولا تعديله.

   ووفقاً لهذه الظروف، فإن سلطة المحكمة في التصرف ستتلخص في مرحلتين:

   - ففي المرحلة المبدئية، يجب أن تتحقق المحكمة صراحة مما إذا كان الأطراف قد عبـروا عن إرادتهم صراحة، واتفقوا على قواعد القانون الواجب التطبيق في النزاع، فإن ثبـت لها وجود تلك الإرادة الصريحة، وجب عليها أن تلتزم بمـا اخـتـاره الأطـراف، ذلـك أن مخالفة هذه الإرادة سيعد تجاوزاً وتعسفاً مـ مـن المحكمـة فـي اسـتخدام سـلطتها Manifest excess of power بالمعنى الذي قررته المـادة (52) الفقـرة (01) مـن الاتفاقية، الأمر الذي يعرض حكمها للإلغاء.

   - ولا تقوم المحكمة – في المرحلة الثانية – بتحديد القانون الواجب التطبيق، إلا إذا توصلت بعد بحثها إلى أن الأطراف لم يستخدموا إرادتهم للتوصل إلى اتفاق صريح حـول هـذا القانون، وقد بينت معظم الأحكام المنشورة عن المركز الدولي، أن هنـاك أغلبيـة فـي حالات تحديد القانون الواجب التطبيق، وتشير هذه النصوص عادة إلى تطبيـق القـانون الوطني للدولة الطرف في النزاع، الذي يغلب أن يصطحب بـالنص علـى تجميـده أو تثبيته Frozen or stablized لأسباب مختلفة، وإن اختلف ذلك في الأحكام التي نشرت في السنوات الأخيرة.

   وإذا رجعنا إلى قضاء التحكيم أمام هيئة تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، لوجدنا نموذجاً واضحاً للاتفاق الصريح لأطراف النزاع على القانون الواجب التطبيق، وهو ذلك الخاص بالتحكيم بين شركة أجيب Agip ضد الكونغو، حيث اتفق الطرفان في عقدهما على أن:

"تسوى الخلافات التي قد تنشأ بين الأطراف بشأن تطبيق أو تفسير هذا الاتفاق تسوية نهائية وفقاً لاتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى، من خلال هيئة تحكيم من ثلاثة محكمين يعينون وفقاً لأحكام الاتفاقية، علـى أن تطبـق الهيئـة القـانون الكونغولي المستكمل في حالة الضرورة بأي من مبادئ القانون الدولي العام".

2- الاتفاق على تفويض المحكمة في تطبيق قواعد العدل والإنصاف:

   قد لا يتفق أطراف التعاقد على تحديد قانون معين للتطبيق على العلاقة، إلا أنهم يفوضـون الأمر إلى المحكمة التي يعرض عليها النزاع، في أن تـصدر حكمهـا وفقـاً لقواعـد العـدل والإنصاف، وذلك بشرط الاتفاق الصريح على ذلك بين الأطراف، ويرى البعض أن الـنص على ذلك يجب أن يحسب ضمن مزايا نظام تحديد القانون الواجب التطبيق الذي تضمنته الاتفاقية، حيث قننت أسلوباً مرناً لتسوية المنازعات، وإن شابهت في ذلك بعض نظـم الهيئـات الأخـرى للتحكيم، كغرفة التجارة الدولية التي ضمنت لائحتها للتوفيق والتحكيم نصاً مماثلاً في المادة (19) منها، تحت مسمى التسوية الودية Amiable Composition، ولكن لنا أن نتساءل: هل معنـى ذلك أن الاتفاقية تسمح للمحكمين بأن يحكموا وفق هواهم الخاص؟

   يغلب أن تطبق هيئة التحكيم نظاماً قانونياً معيناً، ويغلب أن يكون هو قانون الدولة المتعاقدة ذاتها، فإن وجد المحكمون أن بهذا النظام نقصاً أو ثغرات، فإنهم يبذلون جهدهم للتوصل إلى الحل الأكثر عدالة للنزاع المعروض، مستخدمين العدالة الطبيعية Justice Naturelle لتكملة العدالـة القانونية، دافعهم في ذلك أن مثل هذا الحكم لا بد من أن يتم تنفيذه، الأمر الذي يقتضي أن يكون مسبباً، ومستنداً إلى قانون ما، وإن لم يكن نظاماً قانونياً لدولة محددة.

    ومع أن تنفيذ أحكام التحكيم التي تصدرها هيئة تحكيم المركز، تحاط بهيبة خاصـة، إلا أن التسبيب والاستناد إلى فكر قانوني ما، يظل أمراً ضرورياً للحفاظ على توازن المـصالح بـين الأطراف، وتشجيع الاستثمار في الدول النامية.

   إذن فالفائدة التي تعود على المحكمة من هذا النص، أنه يوسع سلطات المحكمـة ويعطيهـا حرية أكبر في تسوية النزاع، فيستطيع المحكم عند اتفاق الأطراف على تفويضه فـي ذلـك، أن يختار أي نظام قانوني يراه ملائماً للتطبيق، ويستطيع أن يستخدم أساساً للتسوية يستمده مـن المبادئ العامة للقانون، كما أن بإمكانه أن يوسع نطاق تطبيق مبدأ قانوني معين أو تعديله ليناسب النزاع المعروض، الأمر الذي يساهم بدوره في تطوير القواعد القانونية الواجبة التطبيـق علـى عقود الدولة للتنمية الاقتصادية.

   ولا شك في أن كل ما عرضناه بشأن حرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيـق على موضوع النزاع، سيسري هنا، فإن لم يوجد اتفاق، أو وجد، ولكنه لم يكن كافياً لتغطية إحدى المسائل الإجرائية التي طرأت، فإن للمحكمة أن تفصل فيها .

II. تحديد القانون الواجب التطبيق في غياب الاتفاق الصريح للأطراف:

   قد يعبر أطراف عقد التنمية الاقتصادية عن إرادتهم المتجهة صراحة نحو تحديـد قواعـد قانون معين بذاته لينظم علاقاتهم التعاقدية وما ينأى عنها من آثار، ويحدث في بعض الأحيان أن يغفل المتعاقدون التعبير عن هذه الإرادة في صورة واضحة، فيبرم عقدهم دون تحديـد القـانون الواجب التطبيق على العلاقة، أو النزاع الذي قد ينشأ بينهم18، وقـد يرجـع ذلـك إلـى سـهو المتفاوضين، أو إلى رغبة المتعاقدين في تجنب إعاقة تنفيذ الاتفاق بالاختلاف على مسألة قد تبدو لهم آنذاك نظرية أو احتمالية، ولا سيما إذا كانت بينهم تعاملات سابقة.

   وسواء أكان هذا الإغفال مقصوداً أم سهواً من أطراف الاتفاق، فإن على محكمـة تحكـيم المركز أن تفصل في النزاع، فإن لم تكن بصدد تحديد القانون الواجب التطبيق تحديداً صـريحاً بموجب شرط بالمشارطة العقدية، ولا نص في قانون الدولة المتعاقدة، فلا مناص من أن يحـدد المحكم أو المحكمون هذا القانون، باستخدام القواعد الملائمة لذلك، وأول ما يبدأ به هو البحث في نصوص اتفاقية إنشاء المركز، وهنا يثور التساؤل: هل راعـي واضـعو الاتفاقيـة مثـل هـذا الاحتمال؟

   إن أبرز الحلول التي تقترح في هذه الحالات، هي ترك الحرية التامة للمحكم فـي اختيـار القانون الواجب التطبيق، حيث يفوضه الأطراف في تسوية النزاع بما في ذلك تحديـد القواعـد القانونية التي تسري عليه، وذلك هو الأسلوب الأكثر إتباعاً في حالات إنشاء هيئات تحكيم المرة الواحدة Ad hoc، فضلاً عن الأخذ به في لوائح بعض هيئات التحكيم المؤسسي، ولا سيما فـي لائحة محكمة التحكيم الأوروبية.

   ولا شك في إتباع ذلك الأسلوب مرونة تسمح للمحكمين بأن يأخذوا في اعتبارهم الظـروف المحيطة بالنزاع وفقاً لكل حالة على حدة، كأن تؤخذ في الاعتبار جنسية الأطراف، وصفتهم "من أشخاص القانون العام أو من أشخاص القانون الخاص"، وذلك هو الأسلوب الذي اتبع في تحكـيم "أرامكو".

  وبديهي أن محكمة التحكيم، لا بد من أن تعتمد على معايير موضوعية في بحثها عن ذلـك القانون، إلا أن تلك الحرية في الاختيار قد تؤدي إلى حالة من عدم اليقـين ومخالفـة التوقعـات المشروعة للأطراف، وقد يسيء المحكم استخدامها.

   لذلك فقد اهتم واضعو اتفاقية إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، بأن يقيـدوا من هذا الإطلاق بوضع قاعدة موضوعية واضحة تضمنتها عبارات الفقرة الثانيـة مـن المـادة (42)، التي قدمت قاعدة احتياطية لتواجه بها المحكمة الحالة التي يفشل فيها الأطراف في وصف وتحديد القانون الواجب التطبيق، بحيث يلتزم المحكم في حالة غيـاب الاتفـاق الـصريح مـن الأطراف بتطبيق:

    - إما قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع، بما في ذلك قواعد لتنازع القوانين.

    - وإما قواعد ومبادئ القانون الدولي المتعلقة بالمسألة محل النزاع .

   معنى ذلك أن الاتفاقية، قد افترضت أن سكوت الأطراف المتعاقـدين عـن تحديـد القـانون الواجب التطبيق، يجب أن يفستر باعتبار أن إرادتهم الضمنية قد اتجهت إلى تطبيق القانون الوطني للدولة المتعاقدة الطرف في النزاع، ثم إلى تطبيق القانون الدولي، إذن فقد أزالت هـذه الاتفاقيـة، غموض مشكلة البحث عن القانون الواجب التطبيق في غياب الاتفاق الصريح بين الأطراف .

   وإذ أن بمعظم النظم القانونية الوطنية قصور في القواعد اللازمة لتنظيم موضـوعات عقـود الدولة للتنمية الاقتصادية، وكانت الاتفاقية قد حظرت على المحكمين إنكار العدالة No liquet، فقد أضافت الاتفاقية قواعد ومبادئ القانون الدولي المناسبة للتطبيق لترجع المحكمة إليها بعد البحث في قانون الدولة الطرف في النزاع لتكمل منها ما قد يوجد في الأخير من أوجه نقص أو قصور.

   1- تطبيق قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع بما في ذلك قواعد تنازع القوانين.

   أ- تطبيق قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع:

   * التزام هيئة تحكيم المركز بتطبيق قانون الدولة المتعاقدة:

   عند غياب الاتفاق بين الأطراف على اختيار القانون الذي يجب إعماله من قبل المحكمـين على النزاع المعروض على المحكمة، فإن أحكام الاتفاقية تلزم هيئة التحكيم بتطبيق قانون الدولة المضيفة للاستثمار شاملا القواعد الخاصة بتنازع القوانين .

     ويرجع السبب في تطبيق قانون الدولة المضيفة للاستثمار، إلى رؤيـة الـبعض أن القيـام باستثمار في دولة معينة يشتمل ضمنياً على الرضا بتطبيق قانون هذه الدولة، حيث أنه القـانون الأوثق علاقة بالعقد، وذلك إعمالا بنظرية التركيز، والتي مؤداها أن القانون واجب التطبيق على العقد، هو القانون الذي يتركز فيه العقد، حيث أن نظرية التركيز تقوم على مكان تنفيذ العقد، وهو إقليم الدولة المتعاقدة، وعلى ارتباط هذا العقد بالمصالح الأساسية للدولة المتعاقدة.

   يرى البعض، أنه في حالة غياب اتفاق صريح بين الأطراف على اختيار قانون معين، وإن كان على هيئة التحكيم أن تطبق قانون الدولة المضيفة أو الطرف في النزاع، وقواعـد القـانـون الدولي بحسب الأحوال، فإن لها أن ترفض تطبيق قواعد القانون الوطني للدولـة الطـرف فـي النزاع، إذا كان هذا الأخير يخالف قواعد القانون الدولي.

   ذلك أن الإشارة إلى تطبيق القانون الوطني للدولة المتعاقدة والطرف في النزاع، لم يأت من فراغ ولم يكن مطلقاً من كل قيد، إذ أن الخضوع له إنما نشأ نتيجة لخضوع الدولة أو الـشخص العام الطرف في عقد التنمية الاقتصادية لذلك القانون الذي يحدد شروط تحديد من هو الأجنبـي وما هي حقوقه في مثل هذا التعاقد، في ظل القواعد العرفية للقانون الدولي المعمول بها في هـذا الشأن، فضلاً عن القواعد الاتفاقية في المعاهدات الدولية واتفاقيات تشجيع الاستثمار.

   والحقيقة أن تفسير مفهوم قواعد القانون الوطني الواجبة التطبيق في مختلف نظـم تنـازع القوانين بشأن العقود يؤدي إلى واحد من اثنين:

   - إما أن يكون قانون محل إبرام العقد.

   - وإما أن يكون قانون محل التنفيذ.

    وبديهي أنه في حالة إبرام عقود التنمية الاقتصادية، التي ينتج منها نشاط للمستثمر في الدولة المضيفة، سيندمج كلا التفسيرين لمصلحة قانون الدولة المضيفة، حيث يغلب أن يبرم العقد، فضلاً عن تنفيذ ما يرتبه من التزامات في إقليم تلك الأخيرة، ومن ثم ندرك أن الاتفاقية لم تفعل سـوى الله تقنين الواقع العملي.

* استبعاد تطبيق قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع:

    قد يثور التساؤل عن السبب الذي دعا واضعو هذا النص الى استبعاد النظام القانوني الوطني للمستثمر الطرف في النزاع؟

    الحقيقة أن الإجابة عن هذا التساؤل، تكمن في تطبيق هذا القانون، لكن يعترضه عائقان:

- يرجع إلى أن طبيعة ما يقدمه المستثمر نفسه من مال أو تكنولوجيا، يتميز بكونه منقـولاً غير ثابت، فضلاً عن احتمال تعدد مقدمي هذه العناصر ممن يتقدمون للتعاقـد فـي ذات المشروع (سواء كانوا أفراداً طبيعيين أم معنويين أم مختلطين).

 ولا شك في أن وحدة الأداة العقدية تقتضي وحدة القانون الذي يحكمها، الأمر الذي يثيـر مشكلة في الاختيار والتفضيل بين عدة نظم قانونية وطنية.

- ويرجع إلى طبيعة الدولة أو الشخص المعنوي المتعاقد، حيث يصعب تصور إخـضاعه لقانون دولة أخرى دون وجود اتفاق صريح علـى ذلـك، إذ أن النـشاط ينفـذ علـى إقليمه الوطني، وفي إطار قانونه، ولا سيما ما يتعلق منها بالنظام العام، والقواعـد ذات التطبيق الفوري، التي يلزم تطبيقها إعمالاً للقواعد العامة، ذلك أنه لا يمكن أن نتـصور استبعاد تطبيق مثل هذه القواعد من النطاق الأصيل لتطبيقهـا، ولاسيما إنهـا تتـصل بسياساتها الاقتصادية والاجتماعية، دون أن يتعرض تنفيذ العقد لعوائـق جـسيمة تفقده قيمته.

* تقييم تطبيق قانون الدولة الطرف في النزاع:

    في غياب أي قرينة أخرى، فإن قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع، يصبح هو القانون الواجب تطبيقه تلقائياً، بما في ذلك ما يشتمل عليه من قواعد لتنازع القوانين حتى ينتفي عن هـذا القانون شبهة الجمود.

   وإذا ما وجد أن قانوناً آخراً هو القانون الذي تشير إليه قواعد الإسناد، فـإن هـذا القـانون يصير هو القانون الواجب التطبيق، وإن كان ذلك أمراً نادر الحدوث.

    ومن ثم فإن القواعد الموضوعية في القانون الوطني للدولة المتعاقدة ستكون هي القانون الواجب التطبيق في معظم الأحوال، وهو ما يواجه بالانتقادات التالية:

- لا يخفى مدى الصعوبة التي تواجه تطبيق قانون وطني أمام القضاء الدولي، إذ لا يستطيع أحد أن يقول بأن على المحكمة الدولية أن تعرف كل القوانين الوطنيـة أو أن تـستطيع تطبيقها، هذا فضلاً عن أن محكمة التحكيم ستطبق هذا القانون أياً كانت طبيعة قواعده، أو ما تتسم به من العدالة، وأياً كانت ظروف القضية المعروفة، والتي قد تشير إلـى صـلة العلاقة بقانون آخر.

علاوة على أن تطبيق قانون الدولة المتنازعة يعطيها ميزة معرفتها الأوسـع والأعمـق بقانونها بالنسبة للطرف الثاني في النزاع، مما يجعلها أقدر على تفسيره وبـسط حجتهـا أمام هيئة التحكيم.

 ومن ناحية أخرى، فإن النزاع إذا كان قد سبق عرضه على إحدى المحاكم الوطنية فـي الدولة المضيفة، سيجعل من رفع النزاع إلى محكمة تحكيم المركز نوعا من الاستئناف، حيث ستطبق نفس القانون بنفس الأسلوب، مما يجعل تحكيم المركـز مـضيعة للوقـت ووسيلة للتسويف وإطالة أمد النزاع، وتظهر المشكلة أكثر إذا ما أصدرت محكمة التحكيم حكماً يخالف الحكم الذي أصدرته المحاكم الوطنية استناداً إلى نفس القواعد القانونية، مما يؤثر بالتالي في إمكانية تنفيذ حكم التحكيم. –

- إن الدولة هي متحكمة في التشريع الوطني، ثم في إمكانها أن تعدل فيه، بحيث تبطل، بل تعدم Annihiler التزاماتها التعاقدية، إضافة إلى أن الدولة المتعاقدة قد ترهق الطـرف الثاني، بل تعجزه بالتغيير المستمر – وأحياناً المتعارض – في تشريعاتها، وإن لم تكـن تنغيا إلا المصلحة العامة، ومن ثم يصير القانون الواجب التطبيق معلقاً على إرادة أحـد أطراف النزاع، وهو الأمر الذي دفع المحكمين في الكثير من الأحيان لأن يتهربوا مـن تطبيق القوانين الوطنية، والسعي نحو تسبيب أحكامهم استناداً إلى قواعد القانون الدولي، أو المبادئ العامة للقانون.

- أنه من المتوقع ألا يمكن تطبيق قواعد القانون الوطني للدولة المتعاقدة، لما يشوبه من أوجه قصور في التشريع، أو نظرا الى طبيعته الدينيـة، ولا سيما – علـى حـد زعمهم – قوانين الدول الإسلامية التي وضعت في القرن الثامن والتاسع، والتـي لا تتضمن القواعد الملائمة لتفسير عقد كعقود الامتياز البترولية، وكذلك قوانين الـدول النامية التي لم تتضمن بعد التنظيم المناسب لعمليـات نقـل التكنولوجيـا الحديثـة، عن أن مثل هذه القوانين، قد لا تكون ملائمة للحكم على مدى صحة الشروط العقدية وأثرها التي تتخطى حدود عدة دول وتحتاج إلى تطبيق العديد مـن الـنظم القانونية.

   ومع تلك الانتقادات، ذهب دعاة تدويل عقود الدولة للتنمية إلى أن تطبيـق أحـد القـوانين الوطنية، ما زال لا يستبعد في كل الأحوال لصالح تطبيق القواعد العامة أو غيرها، إلا أن هـذا التطبيق يغلب أن يقتصر على أن يكون تطبيقاً جزئياً، ذلك أن افتراض تطبيقـه يـسقط - في رأيهم – إذا ما واجه مبادئ أسمى وأهم مثل مبدأ العدالة، أو احترام الحقوق المكتسبة أو وجـوب توازن العلاقات التعاقدية.

   ومن ثم فلم يعد مناسباً الزعم بأن القانون الوطني يجـب أن يطبـق تلقائيـاً، ولا سيما أن العلاقة بين الأطراف المتعاقدة لا بد من أن تقوم على التعـاون لا التعـارض، ولذلك يجـري قضاء محاكم التحكيم على مراعاة طبيعة التعاقد واحتمالات المخاطر وشروط العقد قبل تطبيـق قانون الدولة المضيفة، باعتبار أن محرري مثل هذه الاتفاقيات المهمة كان بإمكانهم – إن كانـت هناك رغبة أكيدة في تطبيق قانون الدولة المضيفة – أن يدرجوا ذلك صـراحة ضـمن شـروط العقد.

   وينبغي ألا يفسر السكوت عن تحديد القانون الواجب التطبيق لصالح تطبيق القانون الوطني وحده، بل يدعي المحكم، لأن يبحث في ضوء روح الاتفاق عن التف سیر المناسـب لنـصوص الاتفاق محل النزاع، الذي ربما يرى أنها قد تفسر بتطبيق قانون وطني محدد أو تفسر بالرغبـة في إخضاع العقد لقواعد أوسع وأشمل كالقواعد العامة للقانون.

   وبديهي أن في ذلك الاتجاه ما يخالف الاتجاه الذي اعتمدته المحكمة الدائمة للعدل الدولي - ومازلنا نؤيده – في قضايا القروض الصربية والبرازيلية، والذي كان الأساس الذي يستند إليـه لتعليل قاعدة افتراض تطبيق قانون الدولة الطرف في النزاع بصورة تلقائية، تأسيساً على أن أحد الأطراف دولة ذات سيادة، ولا يمكن أن نتصور افتراض خضوعها لقانون دولة أخــرى ليحـدد صحة شروط تعاقدها والتزاماتها اتجاه غيرها.

 ب- تطبيق قواعد تنازع القوانين للدولة المتعاقدة:

   إن المحكمة، قد تصل إلى تطبيق قواعد نظام قانوني آخر تشير إليه قاعدة من قواعد الإسناد التي تضمنها القانون الوطني للدولة الطرف في النزاع، سواء كان هذا النظام نظاماً قانونياً وطنياً، أم كان هو القانون الدولي ذاته.

   بل أن البعض ذهب إلى أن طبيعة التحكيم ذاته باعتباره قضاء يخرج عن إطـار القـضاء الوطني، تحتاج إلى أن يطبق في أحكامه قواعد عامة تتخطى حدود تطبيق قانون محـدد بذاتـه وأنه إذا كان هناك من الأحكام ما طبق القاعدة التي جاءت في قضاء المحكمـة الدائمـة للعـدل الدولي منذ 1929 فيجب ألا يعتبر ذلك عرفاً واجب الإتباع.

   من ذلك أن المحكم في تحكيم أرامكو رأى أن تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص (تنـازع القوانين) الموجودة في قانون المملكة العربية السعودية، يجب أن يسبق بتفسير هـذه القواعـد أو تكملتها عند الحاجة بالمبادئ العامة للقانون والعادات المتعارف عليها فـي صـناعة البتـرول، باعتبار أن مثل هذه المفاهيم تعد نوعاً من النظام العام الأسمى، وقد طبقت هذه القواعد في العديد من أحكام التحكيم التي صدرت عن المركز.

   ففي قضية بونفينيوتي وبون فانت Benvenuite et Bon Fant ضد الكونغو سـنة 1977 استظهرت هيئة التحكيم عدم تعبير الأطراف المتعاقدين عن رغبتهم الصريحة في تطبيق قـانون معين.

   ثم لجأت المحكمة إلى تطبيق الفقرة الثانية من المادة (42) من اتفاقية إنشاء المركـز، وانتهت إلى أن القانون الواجب التطبيق هو قانون دولة الكونغو، فضلاً عـن قواعـد العـدل والإنصاف التي يحق للمحكمة تطبيقها وفقاً لاتفاق أطراف النزاع، وهو نفس ما اتبعتـه محكمـة التحكيم التي شكلها المركز للفصل في نزاع شركة أمكو آسيا ضد اندونيسيا سنة 1981، حيـث وجدت المحكمة أن الأطراف لم يتفقوا صراحة بشأن تحديد القانون الواجـب التطبيـق علـى علاقتهم، كما لم يفوضوا المحكمة سلطة الفصل في النزاع وفقا لقواعد العدل والإنصاف.

   ومن ثم طبقت نص الفقرة الثانية من المادة (42) من الاتفاقيـة، وانتهـت إلـى تطبيـق القانون الاندونيسي باعتباره قانون الدولة المتعاقدة، فضلاً عن إشـارة الأطـراف إليـه فـي مناقشاتهم أثناء التحكيم باعتباره القانون الواجب التطبيق، إضافة إلى تعلق النزاع باستثماراتهم في اندونيسيا، وهو ذاته ما أيدته محكمة التحكيم الخاصة التي تشكلت للنظـر فـي طـلـب أندونيسيا بإبطال الحكم.

    كذلك اتجاه المحكمة في تحكيم كلوكونر Klockener ضد الكاميرون سنة 1981، إذ بينمـا تضمن العقد محل النزاع شرطا للتحكيم لدى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، خلا من وجود شرط صريح لتحديد القانون الواجب التطبيق، الأمر الذي فسرته المحكمة بأن نية الأطراف قد اتجهت إلى تطبيق قانون دولة الكاميرون، باعتباره قانون الدولة المتعاقـدة، مـدعماً بقواعـد القانون الدولي الملائمة للتطبيق.

   وبجوار هذه الأحكام نجد نموذجاً آخر لم يسبق في قضاء هيئة تحكيم المركز، نقصد ذلـك الخاص بالحكم في تحكيم شركة آسيا الزراعية المحدودة ضد سيريلانكا سنة 1987.

 

   ذلك أن الاتفاق المبرم بين الطرفين لم يكن يشير إلى اختصاص المركـز الـدولي لتـسـوية منازعات الاستثمار، فضلاً عن أنه لم يتضمن إشارة صريحة إلى القانون الواجب التطبيق.

   وبعد أن فصلت المحكمة في اختصاصها بنظر النزاع، اتجهت إلى البحـث عـن القـانون الواجب التطبيق على موضوعه، وإذ رأت أن الاختيار السابق والصريح للقانون الواجب التطبيق مسألة يصعب تصورها في تحكيم نشأ مباشرة عن اتفاق بين دولتين لحماية رعاياهمـا وتـشجيع تبادل الاستثمارات بينهما.

   واستخلصت المحكمة من ظروف إبرام العقد ولجوء الأطراف إلى التحكيم في إطار المركز الدولي، أن إرادة الطرفين كانت تتجه إلى تطبيق نصوص الاتفاقية الثنائية المعقودة بين سيريلانكا وبريطانيا في المقام الأول، على أن تستكمل بتطبيق قواعد القانون الدولي العام العرفي في المقام الثاني، مع مراعاة أن أحكام الاتفاقية المشار إليها قد صـارت جـزءاً مـن النظـام القـانوني لسيريلانكا، ومن ثم يكون هذا الأخير هو الواجب التطبيق.

 2- نطاق تطبيق القانون الدولي:

   وفي ضوء الأحكام التي أصدرتها محاكم التحكيم التابعة للمركز الدولي، اتجه الفقـه إلـى البحث في نطاق تطبيق القانون الدولي في المنازعات التي قد تثور بين أفراد عقود الدولة، وهـو ما نعرض له في النقاط التالية:

أ- مفهوم القانون الدولي في ظل المادة (42) الفقرة (01):

   حدد تقرير مجلس المحافظين بشأن اتفاقية إنشاء المركز، أن مفهوم القانون الدولي يجب أن يفسر بالمعنى الوارد في نص المادة (38) الفقرة (01) من ميثاق إنشاء محكمة العـدل الدوليـة، وهو ما يقتضي أن يؤخذ في الاعتبار أن هذه المادة قد وضعت لتطبق بشأن العلاقات بين الـدول باعتبارها أشخاص القانون الدولي .

ب- مدى إمكانية خضوع أحد أشخاص القانون الخاص للقانون الدولي:

    من المسلم به أن القانون الدولي يطبق أساساً في العلاقات بين الدول، والحقيقة أن المستثمر الخاص الأجنبي – في ظل اتفاقية البنك الدولي - يصبح طرفاً مباشراً في نزاع يواجه فيه الدولة، أمام هيئة تحكيم دولية المنشأ، تجري أمامها إجراءات تسوية النزاع وفق قواعد القانون الـدولي، وتصدر حكماً دولياً يرتّب عدم تطبيقه آثاراً هي أيضاً أثار دولية.

   ومؤكد أن المستثمر الخاص لم يتقاض في ظل هذا القانون، إلا مـن خـلال إرادة الدولـة الطرف في الاتفاقية وبشرط أن تظل طرفاً فيها.

ج- نطاق تطبيق القانون الدولي في التحكيم أمام مركز تسوية منازعات الاستثمار:

   إن مراجعة الأعمال التمهيدية للاتفاقية المنشئة للمركز، جعلت البعض يحدد نطاق تطبيـق هذا القانون في غياب الإرادة الصريحة للأطراف محصوراً في الحالات الآتية:

   * إذا ما أشار القانون الوطني ذاته إلى تطبيق القانون الدولي.

   * إذا ما كانت المسألة المعروضة مما ينظم بطبيعته مباشرة بقواعد القانون الدولي.  

   * في حالة ما إذا كان القانون الوطني أو الحل الذي يؤدي إليه يمثل مخالفة وخرقاً للقانون الدولي.

    وتحتاج الحالة الأخيرة إلى تبين الكيفية التي يطبق بها كل من القـانـون الـوطني والقـانـون الدولي دون تعارض.

3- حدود تطبيق القانون الوطني والقانون الدولي على موضوع النزاع:

    يلاحظ البعض، أن آلية وفلسفة تنازع القوانين التي قدمتها المادة (42) في فقرتهـا الثانيـة تدعو إلى تطبيق قانون الدولة الطرف في النزاع، وتلك القواعد التي يمكن تطبيقها من القـانون الدولي، إلا أن هذا النص لم يبين بصورة واضحة الحدود التي تطبق فيها المحكمة قواعد كل من القانون الوطني والدولي.

   فإذا افترضنا أن المعروض على المحكمة نزاع يتـصل بخـلاف حـول مـسألة قانونيـة Legal issue تتعلق بمصادرة الاستثمار الخاص بأجنبي، وأن تشريع الدولة المضيفة يعفيها من أن تؤدي أي نوع من التعويض إلى المستثمر الأجنبي، فمن المؤكد أن قاعـدة القانون الدولي المتعلقة بمثل هذه الحالة لن تتفق مع تشريع هذه الدولة، وهنا يختلط الأمر على المحكمة، أياً من القوانين تطبق في غياب اتجاه معين من الأطراف؟

   وقد اتجه البعض إلى أولوية قواعد القانون الدولي بالتطبيق، ويبرر ذلك بأن الترتيب الوارد في المادة (42) والذي جعل قواعد القانون الدولي تأتي في المقام الثاني بعد قواعد القانون الوطني ترتيب غير متبع في ما يجري عليه العمل في محاكم التحكيم، فضلاً عن أن النية التـي عبـرت عنها المفاوضات بين الدول المختلفة التي شاركت في المؤتمرات الإقليمية المبدئية، وفي لقـاءات اللجنة القانونية علاوة على وجهات النظر التي عبر عنها ممثلو المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار تعطى مبرراً كافياً لتأييد هذا الاتجاه.

   وهو ما أيده جانب من الفقه بحجة أخرى، مؤداها أنه "إذا كانت محاكم التحكيم التـي تنـشأ بموجب اتفاقية إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار تنتسب الى المحاكم الدولية، فإن عليها أن تطبق قانون القاضي Lex fori وهو القانون الدولي.

   ولا شك في أنه يمكن بسهولة استظهار صفة الدولية في تلك المحاكم التي تنشأ فـي إطـار المركز الدولي، ذلك أن وثائق إنشائها تؤكد أن تلك الاتفاقية قد وضعت أساسـاً لإيجـاد هيكـل للتحكيم الدولي يستطيع فيه الأشخاص والشركات الخاصة أن تحصل على نفس الوضـع الـذي تحصل عليه الدولة في ادعاءاتها أمام محكمة العدل الدولية، ومن ثم يكون حق محكمـة تحكـيم المركز في تطبيق قانون القاضي، أي القانون الدولي غير قابل لإثارة التساؤل أو الاختلاف.

خاتمة:

   كما رأينا فإن النظام القانوني للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار يسمح لأطراف عقد الدولة للتنمية الاقتصادية بمجال واسع من حرية اختيار النظام القانوني الذي يطبق على علاقتهم، وقنن ذلك في المادة (42) الفقرة الأولى، ثم حدد لمحكمة التحكيم التي تنشأ في إطار المركز الخط الذي تسير عليه في تحديد النظام القانوني الواجب التطبيق على النزاع القانوني المعروض عليها في حالة عدم اتفاق الأطراف على ذلك، فجعلت القانون الوطني للدولة المتعاقـدة هـو القـانون الأولى بالتطبيق، وإن تركت للمحكمة فرصة التوسيع في هذا التطبيق حين جعلت مفهوم القـانون الوطني مشتملاً على قواعد تنازع القوانين، بحيث يسمح ذلك بإمكانية تطبيق القانون الذي تـشير إليه هذه القواعد، والذي يكون قانون آخر غير القانون الوطني للدولة المتعاقدة، ثم جعلت للمحكمة إمكانية تطبيق قواعد القانون الدولي العام بما في ذلك المبادئ العامة للقانون، سواء لعدم وجـود قواعد قانونية مناسبة للتطبيق على النزاع في القانون الوطني، أو لتكملة النقص في هذا الأخيـر أو إذا كان ذلك القانون مخالفاً لأحكام القانون الدولي.

   وهكذا يسمح هذا النظام لأطراف النزاع منذ البداية، بخلاف الحال إذا ما عرض النزاع على هيئة تحكيم مؤسسي أخرى كغرفة التجارة الدولية، أو الجمعية الأمريكية للتحكيم، بـأن يعرفـوا القواعد التي يتوقع أن تطبقها هيئة تحكيم المركز على النزاع.

   فضلاً عن أن هذا النظام يتفادى بوضوحه الغموض الذي قد يحيط بمسألة اختيـار القـانون الواجب التطبيق في أنظمة التحكيم المؤسسي الأخرى في حالة غياب اتفاق الأطراف، فلم تـنص اتفاقية إنشاء المركز كغيرها على أن تراعي المحكمة العدالة والحس السليم والعادات التجاريـة، بل حددت القواعد التي ستطبق، وإن كان ذلك مشمولاً بمرونة كبيرة تسمح للمحكمـة بالتجديـد والتطوير المستمر للقواعد التي تطبقها بما يحقق إصدار أحكام متوازنة تراعـي فيهـا العدالـة، وتضع بذلك حلولا واضحة ومتطورة لمشكلة القانون الواجب التطبيق على المنازعات التي تنـشأ عن عقود الدولة للتنمية الاقتصادية.

   ورغم أن هذه المرونة قد تسمح للمحكمين بالوقوع في نفس الأخطـاء التـي وقـع فيهـا المحكمون في التحكيمات البترولية الشهيرة، حين استبعدوا القانون الذي كان يجب تطبيقه لحساب ما يبتكرونه من المبادئ القانونية التي تخدم مصالح المستثمرين الأجانب علـى حـساب الدولـة النامية، إلا أن النظام الذي وضعته اتفاقية إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار يقلـل من هذا الخطر، إذ ورغم ما تتمتع به أحكام المركز من احترام، وتعرض من يخالفها لجـزاءات دولية، إلا أن في وجود فرصة للطعن في الحكم الصادر أمام هيئة تحكيم خاصة تعيد النظر فـي الموضوع، وفي القانون الواجب التطبيق، ما يقلل من الانتقادات التي توجه إلى النظام الذي قدمته المادة (42) من الاتفاقية.

قائمة المراجع

1- المراجع باللغة العربية:

أ- الكتب:

    1- أحمد عبد الكريم سلامة، نظرية العقد الدولي الطليق بين القانون الدولي الخاص وقانون التجارة الدولية "دراسة تأصيلية انتقادية"، دار النهضة العربية، 1989.

    2- صلاح الدين جمال الدين، عقود الدولة لنقل التكنولوجيا، رسالة دكتوراه، جامعة عـين شمس، 1993.

    3- صلاح الدين جمال الدين، دور أحكام التحكيم في تطوير حلول مشكلة تنازع القـوانين، "دراسة في أحكام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بواشنطن، دار الفكـر الجامعي، الاسكندرية، 2004.

     4- طه أحمد علي قاسم، تسوية المنازعات الاقتصادية الدولية "دراسة سياسية قانونية لدور المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار"، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، .2008

     5- عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص، الجزء 02، الطبعة 9، الهيئة العامة للكتاب المـصرية 1986.

     6- فؤاد عبد المنعم رياض، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وآثار الأحكـام الأجنبية، دار النهضة العربية، الطبعة 1994.

     7- هشام صادق، تنازع القوانين، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2003. =

ب - الأبحاث:

     8- جلال وفاء محمـدين، التحكـيم تحـت مظلـة المركـز الـدولي لفـض منازعـات الاستثمار ICSID، بحث مقدم إلى ندوة أهمية الالتجاء إلى التحيكم التجاري بالمنطقـة بدلاً من التحكيم في دول الغرب، المركز الدولي للتحكيم التجاري بالاسكندرية، جامعـة الاسكندرية في 19 أكتوبر 1991.

ج- المجلات:

   9- عبد الكريم سلامة، شروط الثبات التشريعية في عقود الاستثمار والتجـارة الدوليـة المجلة المصرية للقانون الدولي، عدد رقم 43، 1987.

2- المراجع باللغة الأجنبية:

أ- باللغة الفرنسية:

 10- Batiffol, Les conflits de lois en matière de contrats, Paris, 1938. 11- Goldman, Le droit applicable selon la convention de la B.I.R.D, du 18 mars 1965, pour le règlement des différends relatif aux investissements entre états et ressortissants d'autres états, dans investissements étrangers et arbitrage entre états et personnes privées, la convention B.I.R.D du 18 mars 1965, 1969.

12- Jean M. Jaquet, Principe d'autonomie et contrats internationaux, Economica, 1983.

13- J. P. Nipoyet, La théorie d'autonomie la volonté, RCADI, Vol. 16, T, I, 1927.

14- P. Weil, Les clauses de stabilisation ou d'intangibilité insérées dans les accords de développement économique, Mélanges Ch. Rousseau, Paris.

15- R. Preiwerk, La protection des investissements privés dans les traites bilatéraux, Zurich, 1963.

ب- باللغة الإنجليزية:

16- G. R. Delaume, The pyramids stand, the pharohs can rest in peace, ICSID Rev, Vol.08, No.02, 1993.

17- J. D.M. Lew, Applicable law in international commercial arbitration, A study in commercial arbitration Awards, Oceana pub, New York, 1978.

18- Nigel S. Rodly, Some Aspects of the World Bank convention the settlement of investment disputes, Canadian yearbook of international law, No.4, 1966.