اجراءات خصومة التحكيم / القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع / الكتب / القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم الألكتروني / الموقف التشريعي من مسألة تحديد القانون الموضوعي في حالة عدم الاتفاق عليه
الموقف التشريعي من مسألة تحديد القانون الموضوعي في حالة عدم الاتفاق عليه
الفقرة الأولى: موقف التشريعات الوطنية
إذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه أكثر اتصالا بالنزاع.
قانون الدولة التي جرى فيه وقائع النزاع أو أية قواعد قانونية نافذة في دولة أخرى، لكن هيئة التحكيم هنا تحديداً تكون سلطتها مقيدة في اختيار القانون وذلك أن يكون هذا الاختيار للقانون الأكثر اتصالاً وعلاقة بالنزاع المعروض عليها ولكن على هيئة التحكيم أن تراعي الأعراف والعادات الجارية حسب نوع المعاملة.
ويلاحظ في جميع الأحوال سواء تم تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع من جانب الأطراف أو من جانب المحكم أو هيئة التحكيم فإن ذلك يتطلب مراعاة القواعد المتعلقة بالنظام العام والمبادئ العامة للتحكيم والمساواة في التعامل ما بين الأطراف.
وبالتالي يمكن القول فيما يتعلق باتفاق التحكيم الإلكتروني أن للأطراف الحرية الكاملة في اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع الذي يتم بواسطة التحكيم الإلكتروني.
وفي حالة عدم الاتفاق فإن هيئة التحكيم أو المحكم أو مركز التحكيم هو الذي يختار القانون الواجب التطبيق، ولكن هل يشترط توافر العلاقة بين القانون المختار من جانب الأطراف وبين موضوع النزاع أو العقد؟
من خلال نصوص المواد السابقة الذكر فإنه يمكن القول أن اختيار القانون الأكثر اتصالاً بالموضوع يعتبر شرطة ملزمة لهيئة التحكيم أو للمحكم؛ وذلك بنص القانون.
ونرى هذا الشرط مهمة خاصة في مجال المنازعات الإلكترونية، وذلك لما لها من طبيعة خاصة، فإذا كان النزاع إلكترونياً؛ فإن على المحكم أن يختار القانون الأقرب لموضوع النزاع الإلكتروني ولا يختار القانون العادي.
الفقرة الثانية: موقف الاتفاقيات الدولية
فمثلا نص القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي في المادة (2/28) على أنه " إذا لم يعين الطرفان أية قواعد وجب على هيئة التحكيم أن تطبق القانون الذي تقره قواعد تنازع القوانين الذي ترى الهيئة أنها واجبة التطبيق".
كما جاء في الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي الصادرة عام 1961 في المادة (1/7) منها على حرية الأطراف في الاتفاق على تحديد القانون الذي تحدده قواعد تنازع القوانين الملائمة للموضوع، كما وجاء فيها أنه في كلتا الحالتين على المحكمين مراعاة نصوص العقد والعادات التجارية
وأيضاً جاء في نص المادة (3/13) من قواعد التحكيم للغرفة التجارية الدولية الذي أصدرته عام 1975 أنه " للفريقين ملء الحرية في تحديد القانون الذي يتعين على المحكم تطبيقه على موضوع النزاع، فإذا لم يحدداه طبق المحكم قاعدة تنازع القوانين التي يراها ملائمة في هذا الخصوص".
تلك هي إذا أحكام القوانين الوطنية وأحكام الاتفاقيات الدولية وقواعد التحكيم المعروفة دولية. والخلاصة أنها جميعا تعترف أنه في حالة عدم اتفاق الأطراف على تحديد القانون الواجب التطبيق فإن الحرية تعطى للمحكم في اختيار القانون الواجب التطبيق على الموضوع ولكن ضمن عدة ضوابط منها أن يكون القانون المختار ملائماً لموضوع النزاع؛ أي يكون الاختيار للقانون الأكثر اتصالاً بالموضوع، وأن يأخذ بنظر الاعتبار المبادئ القانونية والعادات والأعراف سواء أكانت دولية أم وطنية التي تخص موضوع النزاع.
ونرى أن الاتجاه الذي ذهبت إليه معظم التشريعات الوطنية والدولية في معالجة حالة عدم اتفاق الأطراف على تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع هو اتجاه صحيح؛ لأن المحكم يقدر موضوع النزاع ويحدد بموجبه القانون الواجب التطبيق. فترك الخيار للمحكم في حالة عدم الاتفاق يتيح للمحكم اختيار النظام القانوني الأفضل لفض النزاع المعروض عليهم.
نرى أن جميعها تتوافق وتنسجم مع بعضها، فكل منها تدعو المحكم أو هيئة التحكيم إلى اختيار القانون الموضوعي الأقرب والأكثر اتصالا بموضوع النزاع.