اجراءات خصومة التحكيم / القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع / الكتب / التحكيم الدولي والتحكيم الأجنبي في القانون الخاص الكويتي / القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع
كما رأينا فـإن مـن المسـلـم بـه الآن في جميع التشريعات الوطنيـة والدولية وعند غالبية الفقه في القانون الدولي الخاص أن للإرادة المشتركة لأطراف العقود في التجارة الدولية الحق في اختيـار القـانون الذي يرونه مناسبا لحكـم عقودهـم والقـانون المختـار في العقـد هـو الـذي يحكـم موضوع النزاع المعروض على التحكيم والذي يثار بمناسبة هذا العقد.
واختيار القانون هذا قد يتم عن طريـق أحـد نـصـوص العقـد مثـار النزاع أو بمقتضى مشارطة مستقلة للتحكيم.
وكما سبق أن أشرنا فـإن هذا القانون ربما لا يكـون هـو نفسـه القـانون الذي يتـم اختيـاره لحكـم مشارطة التحكيم أو حكم الإجراءات المتبعة أمام المحكم، وحريـة أطـراف الخصومة في العقـود الدوليـة لاختيـار القـانون الواجب التطبيق لا يحدها عند غالبية الفقه وفي التشريعات الوطنية المختلفة إلا ضرورة وجود صلة بين العقد والقانون المختار مع ترجيـح الصلـة غـير المباشرة دون الصلة المباشرة وقد أشرنا إلى نصوص القانون الكويتي واتفاقيتي نيوريورك وعمان التي تقر هذه الأولولية لإرادة الأطراف ويصدق في هذه القاعدة ما قلناه سابقاً عن طبيعة الإرادة الـتي قـد تكون صريحة بالإشارة إلى قـانون وطـني معين أو مجموعـة قـواعـد جـرى العرف التجاري الدولي على تبنيها، أو بتضمين العقد مباشرة بنوداً تحوى هذه النصوص، وقد تكون الإرادة ضمنية يستخلصها المحكم من مؤشرات معينة في عبارات العقد والظروف المحيطة به.
وبالطبع فإن المحكـم، على عكس القاضي، يكون أكثر حرية في استخلاص هذه المؤشرات التي تعـد قرينة على اتجاه إرادة الأطراف لاختيار قانون معين لحكم موضوع النزاع فيما لو قدر لهم اختيار هذه القانون صراحة.
ومن هذه المؤشرات مكـان وإليك فيما يلي بعض الأمثلة :
المثال الأول – ففي نزاع بين شركة باكستانية لصنع السجاد وتاجر بلجيكي حول عمولة عقد توزيع سـجاد في بلجيكـا عـرض الأمـر أمام غرفة التجارة الدولية التي عينت محكماً واحـدا لفـض الـنزاع . وقد ناقش المحكم مسألة القانون الواجب التطبيق على النزاع وحيث إنه لم يكن هناك اختيار صريح للقانون فقد قرر أن القانون الباكستاني هو الأولى بالتطبيق لأن الاتفاق تم في باكستان كمـا تمـت مناقشـة شـروطه فيهـا بالإضافة إلى أن الشحن يتم منها ، وهذا كله يفيد أن القانون الباكستاني أوثق علاقة بالموضوع من أي قانون آخر.
المثال الثاني – وفي نزاع آخر بين شركة ألبانية وشركة سويسرية دار حول عمولة عقد تسويق المنتجات الزراعية التي تبيعها الشركة الأولى في سويسرا، حيث لم يتم الاتفاق الصريح بين الأطراف لاختيـار القـانون الواجب التطبيق على النزاع لذلك فقد بحثـت هيئـة التحكيـم عـن قـانـون الإرادة الضمنيـة.
و قد لاحظت الهيئة أن العقد قد تم توقيعه في زيورخ ( سويسرا ) على أن يتـم تنفيـذه فيهـا أيضـا ، كما أن سويسـرا هـي بلـد الوصول ، لذلك وإزاء عدم وجود اتفاق صريح فإن المؤشرات تدل على اتجاه الإرادة نحو تطبيـق القـانون السويسرى.
وهـذا الاستخلاص كما قالت الهيئة يتفق مع آخـر مـا وافقـت عليـه الشـركة الألبانيـة حيـث إنهـا أعلنـت موافقتهـا على تطبيـق القانـون الـذي تـراه محكمـة التحكيـم معقولا ، وهذا تفويض منها للهيئة في اختيار ذلك القانون.