الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / انتهاء اجراءات التحكيم بقرار من هيئة التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن / مدی جواز تدخل قضاء مقر التحكيم لإنهاء إجراءات التحكيم بالإستناد إلى تفسير قضاء مقرالتحكيم لقوانينه المطبقة على التحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    641

التفاصيل طباعة نسخ

سنستعرض، خلال مداخلتنا، موضوع مهم يتعلق بمدى جواز تدخل قـضاء مقـر التحكـيم لانهاء اجراءات التحكيم بالإستناد إلى تفسير قضاء مقر التحكيم لقوانينه المطبقة على التحكيم.

في هذا السياق،

   لا بد من التذكير، بادئ ذي بدء، بأن التحكيم قـد يكـون مؤسساتي Institutionnel أو غيـر مؤسساتيAd hoc. وفي الحالتين، يمكن أن ينشأ نزاع، خلال السير بإجراءات التحكيم، حول المرجـع المختص لإنهاء إجراءات التحكيم في حال أثار أحد الخصوم مسألة إنقـضاء مهلـة التحكــم بحـسب القانون المطبق: هل هو المحكم أم قضاء المقر. وفي هذا السياق، تطرح عدة أسئلة، أهمها التالية:

- من هو المرجع المختص لتقرير إتهاء إجراءات التحكيم؟ هل القضاء العدلي أم المحكم؟

- من يمكنه تفسير النصوص بهذا الشأن؟ وماذا عن احترام إرادة الفرقاء الذين غالبا ما يختارون القواعد الإجرائية المطبقة على التحكيم، وبغياب هكذا اختيار يقوم المحكم بإختيـار القواعـد الإجرائية الأكثر ملاءمة لإرادة الفرقاء الضمنية وللقوانين المرعية الإجراء.

- ماذا لو وقع تضارب بين موقفي القضاء والمحكم، إذ يمكن للقضاء تقريـر وقـف إجـراءات التحكيم في حين يمكن للمحكم إتحاذ قرار يقضي بالسير بإجراءات التحكيم. - إلخ.

    انها سلسلة أسئلة تتوقف الإجابة عليها على تطبيق أو عدم تطبيق مبدأ له أهمية فـي حقـل التحكيم المحلي والدولي، وهو مبدأ "ولايـة المحكمـين للبـت باختـصاصهم" Principe de .compétence - compétence

   إن مبدأ "ولاية المحكـم للبت بإختصاصه" المكرس في تشريعات معظم البلدان المتطـورة يعني، من الناحية الإيجابية، أن للمحكم سلطة بت في أمر ولايته أو إختصاصه عندما ينــازع امامه بهذا الإختصاص، وذلك دون أن يكون ثمة مجال لتدخل المحاكم العدليـة فـي إجـراءات التحكيم.

    أما من الناحية السلبية، فالمبدأ المذكور يحتم على المحاكم العدلية التنحي عن النظـر فـي صحة سلطة المحكم بت النزاع وذلك لصالح المحكم نفسه ولمجرد وجود البند التحكيمي .

    نتيجة لذلك، لا يتوجب على المحكم وقف النظر في القضايا المطروحة أمامـه فـي إطـار إجراءات التحكيم ولا إستئخار البت بها لحين صدور أي قرار عـن المحـاكم العدليـة بـشأن إختصاصه، كونه سيد إختصاصه وصاحب الولاية.

    إن معظم البلدان، ومنها لبنان، قد كرست هذا المبدأ في تشريعاتها حيث جاءت المـادة 785 من قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد اللبناني (المطبقة في اطار التحكيم الداخلي، وكذلك في اطار التحكيم الدولي في غياب اتفاقيات خاصة) منسجمة مع المنحى الليبرالي الذي اتصفت به قواعد التحكيم الدولية الحديثة (نذكر منها قواعد الــــ (UNCITRAL)، قواعـد الـ ICC المعاهدة الاوروبية للتحكيم لسنة 1961، إلخ ...).

بالتالي،

إنطلاقا من المبدأ أعلاه،

   يتوجب على القضاء عدم التدخل لإنهاء إجراءات التحكيم، كون أي تدخل من هذا القبيل يشكل تعدياً على سلطة المحكم المستمدة من مبدأ ال compétence - compétence ومن إرادة الفرقاء.

    ومن هذا القبيل، وتطبيقاً للمبدأ المشار إليه أعلاه، نعرض مناقــشتنا إنطلاقـاً مـن تحكـيم مؤسساتي (institutionnel Arbitrage) منظماً حسب قواعد تحكيم محددة ومعدة سلفاً، اتفاق الفرقاء على تطبيق القانون المحلي لمقر التحكيم في ما يتعلق بأصول هذا التحكيم وإجراءاته و في كل المسائل التي لا يتناولها نظام التحكيم المؤسساتي المتفق على تطبيقه .

    وقد نصت مادة في القانون المحلي المطبق على أنه "بإمكان المحكمة العدلية المختصة، ما لم يكن الفرقاء قد اتفقوا على خلاف ذلك، إنهاء التحكيم، بناء على طلب أحد الفرقاء، إذا مضى على التحكيم اكثر من سنتين منذ بدايته ولم يكن المحكم قد أصدر قراره النهـائـي بعـد فـي النـزاع المعروض أمامه".

    تجدر هنا الاشارة، الى أن قواعد التحكيم المؤسساتي تتضمن أحكاماً واضحة في ما يتعلّـق بانهاء اجراءات التحكيم، وأن التحكيم قد مدد أصولاً بالاستناد إليها لفترات تتجاوز مهلة الـسنتين المذكورة في القانون المطبق.

    إلا أن أحد الفرقاء قرر، بالاستناد الى المادة المذكورة أعلاه من القانون المطبق، تقديم طلب لإنهاء التحكيم أمام المحكمة العدلية المحلية التي قبلت طلبه وأصدرت قراراً بإنهاء التحكيم.

السؤال الذي يطرح هنا هو التالي: من هي السلطة التي يتوجب عليها تفسير القانون المطبق والمادة الخاصة به التي تجيز إنهاء إجراءات التحكيم على النحو المشار إليه أعلاه؟ هل أن هـذه السلطة تعود للمحكم أم للمحكمة بموجب القانون المطبق؟

    نلاحظ، في هذا السياق، أن صلاحية القانون المطبق في ما يتعلق بإجراءات التحكيم مستمدة من إتفاق الفرقاء الذين أوضحوا بأن هذه الصلاحية يعمل بها في ما لا يتناقض مـع صـلاحية النظام التحكيمي المؤسساتي المتفق على تطبيقه.

     وبما أن النظام المذكور قد حدد شروط إنتهاء مدة التحكيم ومدد التحكيم أكثر من مرة علـى هذا الأساس، بموجب الأحكام المنصوص عنها في هذا النظام، فلا يكون القانون المحلي المطبق صالحاً في ما يتعلق بموضوع إنتهاء مدة التحكيم، بإعتبار ان هذا الموضوع يخضع لأحكام نظام التحكيم المؤسساتي المطبق وليس لأحكام القانون المحلي، ولا محل اذا لتطبيق هذا القانون بالنسبة لموضوع إنتهاء مدة التحكيم.

    فضلاً عن ما تقدم، وفي موضوع التحكيم المعني بالذات، طبقت المحكمة العدليـة المعنيـة القانون المحلي في غير محله. ولكن، وفي حال افترضنا ان القانون المحلي مستوجب التطبيـق، السؤال الآخر الذي يطرح هنا هو التالي: هل على المحكم ان يفسر هو المادة المعنية في القانون المحلي أم يعود ذلك الى القضاء المحلي؟ وهل أن من حق المحكم أو من واجبه القيـام بتفـسير القانون المحلي للنظر في ما إذا كان طبق بشكل صحيح أم لا؟ بعبارة أخرى، هل أن المحكم ملزم بقرار المحكمة العدلية أم أنه ملزم هو بذاته بتفسير القانون المطبق؟

    إن المحكم ملزم وحده بتفسير وتطبيق القانون الصالح وغير ملزم بأي قرار يصدر عن المحاكم العدلية طالما انه لم يصدر قراره النهائي بشأن النزاع موضوع التحكـيم المعـروض عليـه، وذلـك بالاستناد بصورة أساسية الى مبدأ: "سلطة المحكم في النظر في ولايته واختصاصه الـذي أشـرنا إليه اعلاه وبينا مفاعيله الرئيسية والذي اعتمدته محكمة استئناف باريس في قرارها الصادر فـي 18 تشرين الثاني 1987 في معرض نزاع قائم في ما بين جمهورية غينيا وعدد من الشركات الفرنسية.

   يرجى هنا مراجعة مؤلف غاري بورن"، وهو من كبار المحكمين المعتمدين في عالم التحكيم الدولي والذي أيد ما أدلينا به بحيث قال حرفيًا:

 "....The better view is that, where the New York convention applies, jurisdictional decisions by national courts should have only very limited preclusive effect in international arbitral proceedings (...). The arbitral tribunal is not obliged to give preclusive effect to a jurisdictional decision by the court of the arbitral seat. This analysis rests on the premise that, despite their supervisory authority, the courts of the arbitral seat have no absolute priority or superseding authority with regard to jurisdictional questions arising in an international arbitration. It also rests on the recognition that, if a valid arbitration agreement exists, pursuant to the New York convention, then the judicial determination to the contrary was not merely wrong but an improper intrusion into matters reserved by the arbitration agreement for the tribunal's decision. National court decisions violating the New York convention are illegitimate and not entitled to recognition, whether issued in an annulment context or otherwise".

Gary B. Born, "International Commercial Arbitration",

    وفي المسألة التي طرحناها أعلاه، يتبين بان القانون المحلي ذاته أفسح في المجـال للأخـذ بإرادة الفرقاء حينما قال انه "ما لم يتفق الفرقاء خلاف ذلك، للمحكمة العدليـة المحليـة انـهـاء التحكيم بعد سنتين الخ...". ويتبين من صراحة هذا النص ان الفرقاء قد اتفقوا على تطبيق قواعد التحكيم المؤسساتي اولاً وتطبيق القانون المحلي فقط في كل ما لم تنص عليـه قواعـد التحكـيم المتفق عليها.

     كل ذلك يؤيد المبدأ الذي اشرنا اليه، وهو ان على المحكم فقط الالتزام بالقـانـون الـصالح في ما اذا كانت شروط تطبيقه متوافرة ام لا. فإذا رأى المحكم ان هـذه الـشروط غيـر متوافرة وان المحكمة العدلية المحلية اساءت تفسير وتطبيق القانون الصالح، ولم يكن لها الحـق بإنهاء التحكيم، فيبقى للمحكم كامل الصلاحية في المضي قدماً في اجراءات التحكيم وصولاً الـى اصدار قراره التحكيمي النهائي رغم أي قرار مخالف صادر عن المحكمة العدلية المحلية بهـذا الخصوص، والقول بخلاف ذلك يهدد استقلالية المحكم ومبـدأ compétence - compétence كما ومصداقية مؤسسة التحكيم على حد سواء.

    وتلافياً لحصول تدخلات من قبل القضاء المحلي مستقبلاً في حـالات مماثلـة، نقتـرح ان يضاف الى النظام المؤسساتي المعتمد نصاً صريحاً يؤكد على الحق الحصري للمحكم الواضع يده على اساس النزاع النظر في كل مطلب او دفع يتعلق بصحة البند او العقد التحكيمي ومدة ولايـة المحكم الناشئة عن أي منهما.