فيقصد به إعلان المدعى عن إرادته في النزول عن جميع اجراءات الخصومة بما في ذلك الطلب المفتتح لها بغير حكم في موضوع الدعوى، وهو ما يعبر عنه أحياناً تجاوزاً بترك الدعوى وفي هذا المصطلح تجاوز، لأن ترك الخصومة La desistement d'instance يعني زوال حق الدعوى ويبدو أن هذه التسمية قد تأثرت بما نصت عليه المادة 143 مرافعات مصري «يترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك الدعوى والحكم على التارك بالمصاريف ولكن لا يمس ذلك الحق المرفوعة به الدعوی »
. فعبارة « بما في ذلك الدعوى» الواردة في هذه المادة لا تعني - في نظرنا - أكثر من صحيفة افتتاح الدعوى. أما الدعوى - كحق في طرح الادعاء - كما عرفتها المادة ۳۱ من تقنين المرافعات الفرنسي، فهي تبقى قائمة.
وهذا هو بالتحديد ما نصت عليه المادة 1/48 /ب من قانون التحكيم المصري بنصها - المأخوذ عن المادة 1/۱/۳۲ من القانون النموذجي - كحالة من حالات انقضاء الإجراءات «إذا ترك المدعي خصومة التحكيم، ما لم تقرر هيئة التحكيم بناء على طلب المدعى عليه أن له مصلحة جدية في استمرار الإجراءات حتى يحسم النزاع»(2). وهذا ما نصت عليه المادة ( 4/44) تحكيم أردني، (48)، تحکیم عماني (32)، تحكيم بحريني (41)، تحكيم سوري (53)، تحكيم بمني (79)، تحكيم تونسي.
والفارق الملحوظ هنا بين ترك الخصومة القضائية وخصوبة التحكيم أن الترك في الأولى لا يكون إلا بموافقة صريحة أو ضمنية قاطعة الدلالة على إرادته على الترك، متى كان قد أبدى طلبات في الخصومة بريد أن تحسمها المحكمة، في حين المشرع في قانون التحكيم سواء النموذجي أو قانون التحكيم المصري والقوانين التي حذت حذوه لا يشترط الموافقة الصريحة من جانب المدعى عليه، بل يشترط ألا يقدم اعتراضاً متى كانت له مصلحة مشروعة وجدية في الاستمرار في الإجراءات، ويخضع تقدير ذلك الهيئة التحكيم).
فإذا ما وقع الترك صحيحاً مستجمعا لشروطه، زالت ولاية هيئة التحكيم (م ۳/۳۲) من القانون النموذجي (م 3/4۸) من قانون التحكيم مي المصري.