أشارت المادة (26) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 ، على وقف السير في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية حتى يكتسب القرار الصادر في الدعوي الجزائية ، درجة البتات ، والعلة في هذا هو لمنع صدور أحكام متعارضة بين القضاء المدني والجزائي .
فبإمكان المتضرر من فعل جنائي معاقب عليه إقامة الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض أمام المحكمة الجزائية أو إقامتها أمام هيئة التحكيم في حال الاتفاق على ذلك ، في وقت إقامة الدعوى الجزائية ، وإن دعوى المطالبة بالتعويض عن ضرر حصل عن فعل معاقب عليه تقوم على أساس وقوع فعل – خطأ – وضرر ، وعلاقة سببية ، الذي يهم في مجال بحثنا هو الخطأ الذي يرتب حقاً للمتضرر للمطالبة بالتعويض ، ولو دققنا النظر في الأفعال لو وجدنا أنها على نوعين ، أفعال مباحة ، وأفعال محرمة ، والنوع الأخير هو الذي يدخل في موضوع البحث ، والذي هو علي ثلاثة أنواع :
أولاً: أفعال محرمة تحريماً جنائياً لإلحاقها الضرر بالمجتمع - كجرائم التشرد والتسول، ولعب القمار، وحيازة سلاح دون إجازة سياقة مركبة دون رخصة تخوله ذلك.
ثانياً: أفعال محرمة تحريماً مدنياً، تتمثل بأفعال إتلاف المال أو التجاوز على ملك الغير وما إلى ذلك من أفعال يترتب عليها المسؤولية المدنية. ثالثاً: أفعال محرمة تحريماً مدنياً وجنائياً، كجرائم القتل، وجرائم الجرح والإيذاء، والقذف وغيرها من الأفعال .
ويهمنا النوع الثالث، وهي الأفعال المحرمة تحريماً مدنياً وجنائياً فمن حق المتضرر من فعل محرم تحريماً جنائياً ومدنياً، اللجوء إلى المحاكم المدنية، أو هيئة التحكيم، للمطالبة بالتعويض، إلا أنها لا تستطيع السير بالدعوى المدنية لحين حسم الدعوى الجزائية، وصدور حكم بات فيها، وهذا تطبيق لقاعدة الجنائي يوقف المدني، أو الجزاء يعقل الحقوق، وهذا ما نصت عليه المادة «٢٦» من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي ، والتي تقوم على فكرة أن القاضي المدني، أو هيئة التحكيم، ليس لهم إصدار حكم في الدعوى المدنية المعروضة قبل حسم الدعوى الجزائية عن الفعل الذي ولد المسؤوليتين الجنائية والمدنية، وقضي في هذا: أصدرت المحكمة قرارها بناء على ذلك وحكمت بإلزام المدعى عليهما بتأديتهما لشركة التأمين الوطنية المبلغ المدعي به على أساس أن الوفاة نشأت خطأ ارتكبه السائق مورث المدعى عليها الثانية، وهذا يجعل جسیم التثبت من نتيجة الدعوى الجزائية مهما فإذا ظهر بأنه لم يصدر قرار نهائي بشأنها
فيتعين إبقاء الدعوى مستأخرة إلى نتيجة البت في الدعوى الجزائية». أن مبدأ الجزاء يعقل الحقوق، لا يطبق إذا مورست الدعوى أمام المرجع الجزائي أو على الأقل، لا تكون دعوى الحق قد تحركت بشكل صحيح . وهذا المبدأ الذي أقرته التشريعات معروف منذ القدم ويعرف بمبدأ (electa unavia الذي يقوم على فكرة أن من اختار الطريقة المدنية لا يحق له العدول عنها إلى الطريقة الجزائية.