تطبق القواعد العامة في قوانين المرافعات بالنسبة لانقطاع خصومة التحكيم، في ما لم يرد بشأنه نص خاص، ما دامت تلك القواعد منسجمة مع التحكيم، وتتماشى مع طبيعته، دون حاجة لنص خاص كما تقدم . وبالرغم من ذلك، فإن بعض القوانين، مثل الإمارات وقطر ولبنان، تضمنت نصوصاً صريحة تحيل في مسألة انقطاع خصومة التحكيم، للقواعد العامة المطبقة على خصومة التقاضي . وبعض القوانين، تضمنت نصاً خاصاً يتعلق بأثر وفاة أحد الخصوم على العملية التحكيمية.
وبالنسبة لوقف الإجراءات، تقضي القواعد العامة بوقف الدعوى القضائية، إذا رأت تعليق الحكم في موضوعها على الفصل في مسائل أخرى، يتوقف عليها الحكم. وبمجرد زوال سبب الوقف، يكون لأي من الخصوم الطلب من المحكمة الاستمرار في السير بالدعوى من النقطة التي وصلت إليها يوم وقفها.
ومع مراعاة ما سبق ذكره بالنسبة لرد المحكم فإن هذا الحكم في القواعد العامة، ينسجم مع خصومة التحكيم. وبالتالي، يطبق على التحكيم دون حاجة للنص عليه، لأنه لا يمكن السير بالدعوى التحكيمية دون الفصل في المسألة الأخرى التي يتوقف عليها حكم التحكيم. وكذلك الأمر، قد تعرض على المحكم أثناء الإجراءات مسألة خارج اختصاصه، ويكون الاختصاص فيها مثلا للقضاء. في هذه الحالة، أوجبت بعض القوانين وقف إجراءات التحكيم إلى حين البت بتلك المسألة العارضة. ويطبق ذات الحكم إذا طعن بتزوير مستند مقدم لهيئة التحكيم، حيث يتوجب وقف الإجراءات إلى حين البت بدعوى التزوير . إلا أننا نرى قصر هذا الحكم على الأحوال التي يكون فيها الفصل بالمسألة العارضة له علاقة بموضوع النزاع بما يؤثر في الحكم. أما إذا لم يكن لها مثل هذه العلاقة عموماً، أو لها علاقة ولكن لا تؤثر في الحكم، فلا موجب لوقف الإجراءات. ونرى ترك تقدير ذلك للمحكم حسب الظروف، وهذا هو توجه قوانين التحكيم الحديثة .
ومثال ذلك، أن يكون موضوع النزاع عقداً بين (أ) و (ب) لا خلاف على إحالته للتحكيم. وأثناء نظر النزاع، وبعد تقديمهما العقد المذكور للمحكم، يطلب (أ) من المحكم الحكم له أيضاً بموجب عقد آخر مع (ب) ولكنه خارج نطاق التحكيم، ولا توجد له أي رابطة بالعقد الأول موضوع النزاع التحكيمي. وبناءً على دفع (ب)، يقرر المحكم عدم اختصاصه بنظر النزاع بالنسبة للعقد الأخر، فيلجأ (أ) للقضاء لاستصدار حكم حول هذا العقد في مواجهة (ب). في هذا المثال، لا يوجد مبرر لوقف إجراءات التحكيم، إلى حين فصل المحكمة بالنزاع بين (أ) و (ب). والشيء ذاته يقال بالنسبة مثلاً، للطعن بمستند بالتزوير، إذا كان الحكم بدعوى التزوير، مهما كانت نتيجته لا علاقة له بالدعوى التحكيمية، أو لا أثر له بحكم التحكيم.
،وإذا توقفت إجراءات التحكيم لأي . سبب، فيمتد أجل التحكيم، لمدة مساوية لمدة توقف الدعوى التحكيمية. وبمعنى آخر، لا تحتسب المدة التي توقف التحكيم خلالها، من ضمن الأجل الأصلي لإصدار الحكم وهذا المبدأ، إذ هو تطبيق للقواعد العامة، ليس بحاجة لنص خاص عليه. ومع ذلك، تم النص عليه صراحة في قوانين بعض الدول العربية .
وبعض القوانين نصت على حالات أخرى، تؤدي إلى وقف السير بإجراءات التحكيم. فقانون كل من الإمارات والكويت يقضي بأن المحكم يوقف عمله للرجوع إلى رئيس المحكمة المختصة في ثلاث حالات : الأولى - للحكم بالجزء المقرر قانوناً على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة الثانية - لاستصدار أمر بتكليف الغير بإبراز مستند في حوزته ضروري للحكم في التحكيم. الثالث - لتقرير إنابة قضائية.
وبالرغم من أن ظاهر النص، يوحي بوجوب وقف الإجراءات في هذه الحالة، إلا أننا نرى أن وقف السير بالتحكيم هنا ليس وجوبيا، وإنما هو تقديري لهيئة التحكيم، تقرر الفصل فيه حسب الظروف. فإذا رأت الهيئة أنه من الممكن الاستمرار بالتحكيم بالرغم من توفر إحدى هذه الحالات تستمر به، وإلا تقرر وقف التحكيم. وعلى سبيل المثال، قد تدعو الهيئة ثلاثة شهود في القضية يحضر إثنان أمامها ولا يحضر الثالث. في هذا الفرض قد تطلب هيئة التحكيم من المحكمة المختصة الحكم بالجزاء المطلوب على الشاهد الثالث، في حين تستمر بالسير بالدعوى والاستماع للشاهدين الآخرين وعلى العكس من ذلك، قد تكون الدعوى استكملت بيناتها، باستثناء الاستماع للشاهد الثالث. وفي وضع كهذا ، قد تجد الهيئة أن وقف السير بالدعوى إلى حين الحكم بالجزاء على هذا الشاهد، ومن ثم إحضاره ولو بالقوة للشهادة أمام الهيئة، هو الأجدى خوفاً من انقضاء مدة التحكيم قبل حضور الشاهد، فتقرر وقف الدعوى التحكيمية.
وأحياناً يكون وقف إجراءات التحكيم إجبارياً، وذكرنا فيما مضى بعض الأمثلة على ذلك .ومن الأمثلة الأخرى على الوقف الإجباري ذلك. ارتباط الدعوى المدنية أمام المحكم بدعوى جزائية منظورة أمام القضاء. ومثال ذلك وقوع حادث سير يذهب ضحيته أحد الأشخاص، مما يترتب عليه دعوى جزائية وأخرى مدنية. في هذا المثال، إذا تم الاتفاق على إحالة النزاع المدني على التحكيم، في حين لا زالت الدعوى الجزائية قائمة، فإن القواعد العامة تقضي بوجوب وقف الدعوى التحكيمية إلى حين البت بالدعوى الجزائية.