الأصل في القضاء هو علانية الجلسات، ولا تكون سرية إلا عندما تقدر المحكمة أو يطلب الخصوم منها ذلك حفاظاً على النظام العام أو الأداب أو أسرار الأسرة أو يتعلق بأمن الدولة. وجعل جلسات علانية لتحقيق العدالة والمصداقية لدى الرأي العام وتمكينهم من مراقبة عمل القضاة وتطبيقهم للقانون ومدی حيادهم. لذلك يسمح للغير والذي ليس له صفة في الخصومة من حضور الجلسات ومعرفة ما يدور في الجلسة .
أما الوضع في التحكيم مختلف عنه في القضاء، باعتبار التحكيم قضاء خاص، حيث يقوم الخصوم باختيار قضاتهم وإدارة الخصومة وإجراءاتها، فهم يلجأون إلى التحكيم لاعتبارات معينة منها الحفاظ على أسرار معاملاتهم وشركاتهم ومشروعاتهم التجارية والمالية، فضلا عن سمعتهم التي من الممكن أن تتأذى بإفشائها، ولهذا فإن جلسة التحكيم تكون سرية لا يحضرها إلا المحكمون و الطرفين وممثليهما، فلا يسمح للغير بالحضور إلا بموافقة المحكمين أو الطرفين .
أما بقية القوانين الوطنية المقارنة لم تنص على مبدأ علانية الجلسات من عدمها، إلا أنـه بـالمفهوم المخالف فعدم النص على علانية جلسات التحكيم يستفاد منه إمكانية أن تكون الجلسات سـرية، فالعلـة من لجوء الخصوم إلى التحكيم الابتعاد عن علانية جلسات المحاكم، فليس لهيئة التحكيم أن تقرر جعل الجلسات علنية إلا بموافقة الأطراف على ذلك . ويبقى حضور هذه الجلسات محظوراً على كل من ليس له علاقة بالخصومة. وفي حالة مخالفة هيئة التحكيم مبدأ عدم علانية الجلسات، فإن هذه المخالفـة لا يترتب عليهـا بطلان الحكم. وإنما على الطرف المتضرر من هذه العلانية مطالبة هيئة التحكيم بـالتعويض وفقـاً للقواعـد العامة، في حالة اعتراضه على العلانية وإصرار الهيئة عليها .
وفي حقيقة الأمر، نناشد المشرع في القوانين الوطنية لدول مجلس التعاون الخليجي والخاصة بالتحكيم أن يحسم المسألة وينص صراحة على مبدأ سرية جلسات التحكيم وسماع الشهود ويقصر حضور تلك الجلسات على حضور الأطراف وممثليهم والمحكمين، ويمنع الغير من حضورها إلا بموافقة الطرفين أو هيئة التحكيم، وذلك مراعاة لخصوصية طبيعة خصومة التحكيم من جهة، والحفاظ على أسرار الخصوم التجارية والصناعية وسمعتهم المالية من الإنشاء من جهة أخرى، وذلك كما فعل نظيره المشرع الدولي في الأنظمة المقارنة.