وبمعنى آخر فإن الأصل هو انعقاد جلسات للمرافعة الشفوية والاستثناء هو الاكتفاء بالمذكرات والمستندات المكتوبة التي يقدمها الأطراف إلى هيئة التحكيم، وعلى ذلك تلتزم هذه الأخير بعقد جلسات مرافعة شفوية إذا طلب منها أحد الأطراف ذلك، ولا يسوغ لها رفض طلبه، وإلا كان في ذلك إخلال بحق الدفاع، مما يشكل وجها من وجوه الطعن بالبطلان على الحكم . وفي هذا الصدد يثور التساؤل هل من المقبول إدارة الجلسات في الشكل الإلكتروني؟وهناك اتجاه آخر يري أنه بالنظر إلي أن الوسائل الفنية متاحة في هذاالمجال حيث ظهره من خلال الإنترنت وسائل حديثة للإتصال تسمح بتبادل الأصوات والصور والنصوص بشكل شبه متزامن بين الأطراف، ومن ثم فلا غضاضة في إدارة الجلسات إلكترونياً .
ويضيف بأن البريد الإلكتروني يسمح بنقل النصوص وكذلك المستندات المسموعة والمرئية، وأنه يمكن أن يكون استعماله أكثر في تقديم الأدلة للمرافعة و الجلسات في الحدود التي لا يكون فيها تبادلها فوريا . كما أن أماكن المؤتمرات الإفتراضية تسمح لكل شخص يعمل على كمبيوتر يرسل ويقرأ في أن واحد رسائل بالمشاركة مع أشخاص آخرين يتمركزون في غرفة.وفيما يتعلق بتمثيل الخصوم في التحكيم وامتناعهم عن استكمال إجراءات التحكيم، ففي إطار التحكيم العادي فإن تغيب المدعي أو المدعي عليه عن جلسات التحكيم لا بعد إقراراً منه وتسليماً بطلبات الطرف الآخر، وفي هذا الشأن يقع على عاتق هيئة التحكيم تمحيص إدعاءات كل طرف من حيث الواقع والقانون وفق المستندات والأدلة المتوافرة لديها. وتتجه تشريعات ولوائح التحكيم إلى أن تغيب أحد الطرفين أو كلاهما لا يؤثر، بحسب الأصل، على سير إجراءات خصومة التحكيم، فلا يؤدي إلى عدم نظرها، أو إلى القضاء تلك الخصومة بغير حكم في موضوعها، أو إلى شطبها، وإنما يكون لهيئة التحكيم الإستمرار في نظرها، أو أن تؤجل النظر فيها إلى جلسة أخري إن قدرت أهمية حضور الأطراف أحدهما أو كلاهما.
وفي هذا الشأن تقرر المادة ١٧ من لائحة المحكمة القضائية أنه "إذا رفض أحد الأطراف أو امتنع عن المشاركة في أي إجراء من الإجراءات بصورة كلية أو جزئية فيجب على المحكمة الإستمرار في نظر النزاع بالرغم من هذا الإعتراض أو الإمتناع .
وفيما يتعلق بتبادل المستندات المكتوبة وتقديم أوجه الدفاع الممكنة من جانب الأطراف المتنازعة، فقد أشرنا إلى أن تنظيم المرافعة لا يقتصر على جانب الأقوال الشفوية، بل يمتد إلى الإجراءات الكتابية التي توضح موقف كل طرف ورؤيته في الرد على إدعاءات الطرف الآخر وتقديم سائر أوجه دفاعه
وفي إطار التحكيم التقليدي فقد حرصت التشريعات الوطنية والدولية على تقرير هذا الحق لأطراف المنازعة، فقد نصت المادة ٣٦ من قانون التحكيم اليمني رقم ۲۲ لسنة ۱۹۹۲ على أن على الطرف المدعي عليه أن يقدم بيان دفاعة مكتوباً إلى الطرف المدعي إلي كل عضو من إعضاء لجنة التحكيم وأن يشمل رده كل ما ورد في بيان الإدعاء وأي بيانات وطلبات ودفوع اخري يري أنها ضرورية، كما أن عليه أن يرفق ببيان دفاعه كل المستندات والوثائق والأدلة ذات الصلة بموضوع المنازعة، ويحق للطرف المدعي عليه أن يعدل طلباته ودفوعه أو أن يضيف إليها خلال سير إجراءات التحكيم ما لم تقرر لجنة التحكيم أن ذلك قد جاء متأخراً . - وفي سوريا، فقد تضمن قانون التحكيم رقم ٤ لسنة ٢٠٠٨ في المادة ۱/۲۸ أنه على الطرف المدعي عليه أن يقدم لهيئة التحكيم دفاعاً مكتوبا ويسلم نسخة منه إلى المدعي خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم .وعلى المستوي الدولي، فإنه لتبسيط إجراءات التحكيم تحرص مراكز التحكيم النظامي على تكوين سكرتارية لها تؤمن سير التحكيم من الناحية الإدارية فتتلقى الطلبات والمذكرات والمستندات من الخصوم، وتقوم بتسليم صور منها إلى المحكمين أو إلى الخصم الآخر، وتحتفظ بالأصول، وتنبه الخصوم إلى مختلف الأعمال الإجرائية . .
وقد أكدت على ذلك المادة ٣/٢٤ من قانون التحكيم التجاري الدولي النمطي لعام ۱۹۸۵ حيث نصت على أن جميع البيانات والمستندات والمعلومات الأخري التي يقدمها أحد الطرفين إلي هيئة التحكيم تبلغ إلي الطرف الآخر .
وفي نطاق التحكيم الإلكتروني، فقد تضمنت لائحة تحكيم القاضي الافتراضي أنه بقبول المدعي عليه للخصومة ينعقد الإختصاص للمحكم الإفتراضي للفصل في النزاع، ويلتزم المحكم بالرد على طلبات الخصوم خلال ويستفاد مما سبق أنه عقب تقديم المدعي لطلب التحكيم مرفقا به كافة المستندات والأدلة على صحة إدعائه يخطر بها المدعي عليه، فإذا قبل التحكيم فإن من حقه أن يرد على إدعاءات المدعي ونفيها، وتقديم الأدلة والمستندات التي تفيد عدم صحة إدعاءات المدعي .