الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / سرية جلسات التحكيم / الكتب / ضمانات التقاضي في خصومة التحكيم / ضمانة علانية الجلسات في الخصومة القضائية عكسية في الخصومة التحكيمية

  • الاسم

    د. طلعت محمد دويدار
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    384
  • رقم الصفحة

    136

التفاصيل طباعة نسخ

إن علانية الجلسات ضمانة دستورية في الخصومة القضائية نصت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان باعتبارها جزءاً من حق الإنسان في المحاكمة العادلة من ذلك ما نصت عليه المادة (۱۰) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة (6) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية ونحث عليها - الدساتير الوطنية من ذلك ما نصت عليه المادة (۱۱۹) من الدستور المصري.

والتشريعات العادية من ذلك ما نصت عليه المادة (۱۰۱) مرافعات والمادة 1/18 من قانون السلطة القضائية. وقد أملت هذه الضمانة عدة اعتبارات منها:

الرقابة الشعبية على أحكام وأعمال القضاء مما يزيد الثقة فيها.

- بث الهيبة في نفوس الناس من القضاء، مما يوفر فاعلية لتنفيذها.

- اطلاع الخصوم على مدى الجهد الذي يبذله القاضي مما يوفر توفيراً واحتراماً له.

ولما كنا في خصومة التحكيم أمام ألية إجرائية مختلفة تحكمها اعتبارات مختلفة أهمها السرية التي تعتبر من أهم عناصر شرعية التحكيم ومن أبرز مزاياه، وان الإعتبارات السابقة لا محل لها في خصومة التحكيم فقد حرصت الأنظمة الدولية للتحكيم وأنظمة مراكز التحكيم المؤسسي، والعديد من التشريعات الوطنية على تكريس ضمانة السرية، مما يقطع باستقلال التحكيم بطبيعته الفنية عن القضاء وأن هذه الضمائة معكوسة تماماً.

صحيح أن القانون النموذجي لم ينص عليها صراحة، إلا أنها مفهومة ضمنا من سباق نصوصه، غير أن هناك نصوص قطعت بتكريسها، من ذلك المادة ( 4/۲۰) من قواعد البونسترال حيث نصت على أن تكون جلسات المرافعات الشفوية وسماع الشهود مغلقة ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك». - بل أن مراكز التحكيم المؤسسي قد كرست السرية إلى أقصى مدى.

ليس فقط على جلسات التحكيم، بل على مجالس ادارات هذه المراكز وهيئاته المختلفة، كما سنرى حالاً. إلا أنه بشأن جلسات التحكيم فقد وردت نصوص عديدة من ذلك ما نصت عليه المادة ۳/۲۱ من نظام التحكيم لدي غرفة التجارة الدولية بباريس على أن يكون المحكمة التحكيم السلطة الكاملة في تنظيم سير الجلسات ويحق لجميع الأطراف حضورها، ويحظر حضور هذه الجلسات على كل من ليس علاقة بالتحكيم، إلا بموافقة محكمة التحكيم والأطراف، ومن ذلك كذلك ما نصت عليه المادة ( 4/25) من قواعد التحكيم في مركز القاهرة الإقليمي، وهي مطابقة تماما لنص المادة ( 4/20) من قواعد البونسترال.

وقد حرمته أغلب التشريعات الوطنية على تكريس مبدأ السرية استراحة وهي في معظمها التشريعات التي لم تأخذ - بعد - بالقانون النموذجي للتحكيم، أما تلك التي أخذت به، فقد سكت معظمها عن ذلك مثلما سكت القانون النموذجي

من ذلك مثلا ما نصت عليه المادة ۲۰ من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السوري من أنه «تنظر الدعوى أمام هيئة التحكيم بصفة علنية، إلا إذا رأت الهيئة بمبادرة منها جعل الجلسة سرية او طلب ذلك أحد المحتكمين لأسباب تقدرها الهيئة.

والغريب أن ما يأتي هذا النص في نظام التحكيم السعودي، حيث أن مبدأ العلانية أمام القضاء رغم النص عليه لا يطيق هناك إلا في أضيق الحدود، فما بالنا والتحكيم له طابع السرية أصلا.

ومن القوانين التي أخذت بالقانون النموذجي، ومع ذلك كرست مبدأ السرية صراحة مشروع قانون التحكيم السوري، حيث نصت المادة ۲/۲۵ على أن تكون جلسات هيئة التحكيم سرية ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك .

ومع ذلك أجمعت التشريعات التي أخذت بالقانون النموذجي على قاعدة عدم جواز نشر حكم التحكيم أو جزء منه إلا بموافقة طرفي التحكيم (م ۲/44 تحكيم مصري) (م۲ 4/ب تحكيم أردني) (م ۲/۵۱ تحكيم يمني).

۲/4 تحكيم عمائي) ( ۲/۰۲ تحكيم سوري) (م ۳۱/ه تحکیم بحريني)۔ وقد أخذت بهذا الحكم المادة 4/7 من قانون التحكيم القضائي الكويتي رغم انقطاع الصلة بينه وبين القانون النموذجي

ونلاحظ من ناحية أخرى أن أنظمة التحكيم في هيئات ومراكز التحكيم المؤسسي قد وضعت نظاما صارما لسرية أعمالها، ليس على مستوى جلسات التحكيم فقط، وإنما على مستوى الأعمال الإدارية للهيئة القائمة على تنظيم العمل، من ذلك مثلا ما نصت عليه المادة (6) من القانون الأساسي للهيئة الدولية للتحكيم لدى غرفة التجارة الدولية من أنه يكون العمل الهيئة طابع السرية ويتعين على كل من يشارك في عملها بأية صورة كانت مراعاة ذلك، وتحدد الهيئة قواعد حضور أشخاص من الخارج اجتماعات الهيئة واجتماعات الجانها وحق هؤلاء في الاطلاع على المواد المقدمة للهيئة ولأمانتها العامة .

وتطبيقا لهذا النص صدر النظام الداخلي للهيئة الدولية للتحكيم الغرفة التجارة الدولية بعده نصوص تكرس ذلك، من ذلك مثلا قصر حضور الإجتماعات على الأعضاء (م ۱, ۲)، عدم تسليم الوثائق إلا لأعضاء الهيئة (م۳)، جواز اطلاع الباحثين القائمين بالبحث العلمي في مجال التجارة الدولية على أحكام التحكيم وغيرها من الوثائق ذات الفائدة العلمية، ما عدا المذكرات والتقارير والمراسلات والمستندات المقدمة من الأطراف في إطار اجراءات التحكيم (م4)، وحتى في حالة الأذن بالإطلاع على ما سبق فقط، يلتزم المستفيد باحترام السرية، ولضمان السرية تقوم الهيئة باعدام كافة المستندات المتعلقة بخصومة التحكيم بعد فترة زمنية.

فهو واجب أخلاقي قبل أن يكون واجبة قانونية، يرتبط بالسلوك المهني الواجب وما ينبغي أن يكون عليه من أخلاقيات المهنة.

ولذلك ورد النص على هذا الواجب ضمن القواعد الحاكمة للسلوك المهني للمحكمين لدى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم فنصت المادة (7) منه على «لا يجوز للمحكم الاستفادة من المعلومات التي حصل عليها أثناء اجراءات التحكيم التحقيق أي مغنم لنفسه أو لغيره للمساس بمصالح الآخرين، والمادة (8) يلتزم المحكم بالمحافظة على سرية كافة المسائل المتعلقة باجراءات التحكيم بما فيها المداولات وحكم التحكيم، وكذلك ما نصت عليه المادة ۷/۲۰ من نظام التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية بباريس «يجوز لمحكمة التحكيم أن تتخذ أية تدابیر الحماية الأسرار التجارية أو المهنية أو المعلومات سرية الطابع».

وهذا الواجب عام يرتبط بكل مهنة، وبكل وظيفة، فهو كما يرتبط بمهنة المحكم الدائمة أو مهمته المؤقتة، فإنه يرتبط بوظيفة القاضي ويعد الإخلال به خطا تأديبية يستوجب مساءلته.

غير أنه يجب الاعتراف بالواقع والقول بأن هذا الواجب أمر يرتبط بأخلاقيات الشخص قبل أن تمليه عليه النصوص، فتقول «من أبطأت به أخلاقه، لن يسرع به قانونه.