ومن المبادئ المتعارف عليها في التحكيم أن الأصل فيه هو سرية جلساته وليس علانيتها، خلافاً للقواعد العامة في إجراءات التقاضي. وتعني السرية قصر حضور الجلسات على هيئة التحكيم، وأطراف الخصومة ، وممثليهم ومساعديهم، دون غيرهم، وأي شخص آخر ترى الهيئة ضرورة حضوره لحسن سير التحكيم، مثل كاتب الجلسات والسكرتارية. ويشمل ذلك بطبيعة الحال الشهود والخبراء بالنسبة للجلسات التي تعنيهم وما عدا ذلك، لا يجوز لأي شخص حضور الجلسات إلا بموافقة طرفي الخصومة، بل وهيئة التحكيم أيضاً. ويمكن القول أن هذا من الأعراف التحكيمية الواجب إتباعها من جميع الأطراف المعنية بالتحكيم، دون حاجة لنص عليها. وبمعنى آخر، فإن سرية الجلسات هو الأصل، ما لم يوجد نص خاص يقضي بغير ذلك. وباستعراض القوانين محل البحث، نجد أن كافة هذه القوانين، باستثناء القانون السعودي، لا تتضمن نصاً خاصاً بسرية أو علنية الجلسات، مما يعني سريتها تطبيقاً للعرف التحكيمي.
علنية الجلسات ( القانون السعودي )
أما القانون السعودي، فقد تضمن نصاً يقضي بعلنية جلسات التحكيم كمبدأ عام ما لم تقرر الهيئة غير ذلك، أي سرية الجلسات، مما يعني أنه يجوز في القانون السعودي لأي شخص مهما كان حضور الجلسات دون موافقة أو إذن من الخصوم أو هيئة التحكيم. وفي هذا الشأن تقضي المادة (20) من اللائحة التنفيذية بأنه تنظر الدعوى أمام هيئة التحكيم بصفة علنية، إلا إذا رأت الهيئة بمبادرة منها جعل الجلسة سرية أو طلب ذلك أحد الخصوم.
وكما نرى، فإن مثل هذا الحكم مخالف للأعراف والتقاليد وبالتالي لا لزوم له. وكان من الأجدر إما تأكيد سرية المحاكمات صراحة، وعدم جواز حضور الجلسات من شخص ثالث غريب إلا بموافقة الأطراف بمن فيهم هيئة التحكيم، أو السكوت عن ذلك كما فعلت القوانين الأخرى، وعندئذ يطبق العرف التحكيمي المتضمن سرية الجلسات كما تقدم.