إن مبدأ حياد هيئة التحكيم وما يقتضيه من الالتزام بعناصر النزاع، وخاصة العنصر الموضوعي لا يعني جمود أو ثبات هذا العنصر عند بدايته كما حدده الأطراف، بل يجوز لهم تعديله في أية مرحلة من مراحل الخصومة، ويجب على هيئة التحكيم أن تفسح لهم المجال لذلك، وذلك إعمالا لحقوق الدفاع، على ألا يكون ذلك على حساب قيمة الوقت في خصومة التحكيم، وهي قيمة غالية يستمد التحكيم شرعيته من الحفاظ عليها.
ولذلك نصت المادة ۲/۲۳ من القانون النموذجي على أنه ما لم يتفق الطرفان عمي شيء آخر، يجوز لكل منهما أن يعدل ادعائه أو دفاعه أو أن يكملهما خلال سير الإجراءات إلا إذا رأت هيئة التحكيم أنه من غير المناسب إجازه مثل هذا التعديل لتأخر وقت تقديمه.
وتأخير وقت تقديم طلب التعديل يعني في لغة قانون المرافعات قفل باب المرافعة، إلا أن هذا لا يعني الترادف الحتمي بين الأمرين، فقد ترى الهيئة ذلك قبل قفل باب المرافعة وقد ترى إمكان ذلك بعد قفل باب المرافعة، ولذلك نصت اتفاقية عمان العربية على أنه يجوز للهيئة إما تلقائياً أو بناء على طلب أحد طرفي النزاع أن تقرر في أي وقت بعد قفل باب المرافعة وقبل النطق بالقرار فتح باب المرافعة من جديد لأسباب وجيهة.
والأسباب الوجيهة هنا هي مناط إعادة فتح باب المرافعة، وهي مسألة موضوعية تخضع للسلطة التقديرية لهيئة التحكيم، على أن تأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر عند إعادة فتح باب المرافعة لقطع الطريق على هواة الكيد والمطل، وخاصة أن الخصم بعد قفل باب المرافعة قد يستشعر ضعف موقفه في الدعوى فلا تهمة السرعة في إصدار الحكم فيها بقدر ما يهمه إعاقة وإرباك هيئة التحكيم في إنجاز الخصومة، ولذلك أضافت المادة ۲۰ من قواعد اليونسترال وكذلك المادة ۲۰ من نظام مركز القاهرة للتحكيم على فيود التعديل قيد عدم الإضرار بالطرف الأخر أو لأية ظروف أخرى.
ومن الضمانات الأساسية في هذا الشأن ألا يكون من شأن التعديلات على الطلبات والدفوع ان نخرجها من نطاق اتفاق التحكيم، شرطا كان أو مشارطة، ولذلك نصت المادة ۲۰ من قواعد اليونسترال وكذلك المادة ۲۰ من نظام تحكيم مركز القاهرة الاقليمي على أنه يجوز لكل من الطرفين خلال إجراءات التحكيم تعديل طلباته وأوجه دفاعه أو استكمالها إلا إذا رأت هينة التحكيم أن من غير المناسب إجازة التعديل لتأخر وقف تقديمه أو لما قد ينشأ عنه من ضرر للطرف الآخر أو لأية ظروف أخرى، ومع ذلك لا يجوز إدخال تعديلات على طلب يكون من شأنها إخراج هذا الطلب بعد تعديله عن نطاق شرط التحكيم أو الاتفاق المنفصل عن التحكيم.