اجراءات خصومة التحكيم / مدى ولاية المحكم في قبول الطلبات العارضة / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / الأختصاص بالتحكيم في عقود التجارة الدولية / الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية في المعاهدات الدولية ولوائح التحكيم
الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية في المعاهدات الدولية ولوائح التحكيم
أولاً :- موقف المعاهدات الدولية بالتحكيم من مسألة لاختصاص بالإجراءات الوقتية أو التحفظية
1- معاهدة نيويورك :-
لم تتعرض نصوص اتفاقية نيويورك لمسألة الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية ، ومدي تأثير اتفاق التحكيم علي الاختصاص بتلك الإجراءات ، بأن يظل الاختصاص بتلك الإجراءات للقضاء الوطني أم ينعدم هذا الاختصاص لوجود اتفاق التحكيم ويصبح الاختصاص بها لهيئة التحكيم ، الأمر الذي أدي إلي اختلاف موقف القضاء في الدول الأطراف في المعاهدة حول تفسير نص المادة ٣/٢ من نصوصها ومدي سريانها أو عدم سريانها علي الإجراءات الوقتية والتحفظية " ، وذلك حيث تنص المادة ٣/٢ من المعاهدة علي أنه : (( علي محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان محل اتفاق من الأطراف بالمعني الوارد في هذه المادة ، أن تحيل الخصوم بناء علي طلب أحدهم إلي التحكيم وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل ، أو لا أثر له ، أو غير قابل للتطبيق )).
2- معاهدة جنيف :-
وعلي عكس معاهدة نيويورك ، جاءت معاهدة جنيف عام ١٩٦١ متخذه موقفا صريحا
وواضحا من مسألة الاختصاص بالإجراءات الوقتية أو التحفظية ، وذلك بتصريحها بإمكان اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المبرم بشأنها اتفاق تحكيم ، حيث نصت الفقرة الرابعة من المادة السادسة من المعاهدة علي أن (( طلب اتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية الموجهة إلى السلطة القضائية في الدولة لا يعتبر متعارضا مع اتفاق التحكيم ))"".
3- معاهدة واشنطن ١٩٦٥ :
نصت المادة ٢٦ من معاهدة واشنطن علي أن (( تعتبر موافقة الأطراف علي التحكيم في ظل هذه الاتفاقية موافقة علي استبعاد أي وسيلة أخري من وسائل الرجوع، ما لم ينص علي خلاف ذلك ، ويجوز لأي طرف متعاقد المطالبة باستبعاد كافة سبل التسوية القانونية المحلية والادارية كشرط لازم لقبول التحكيم في ظل هذه الاتفاقية .
ونصت المادة ٤٧ من ذات الاتفاقية علي أنه (( بخلاف ما قد يتفق عليه الطرفان يجوز للمحكمة أن توصي باتخاذ الإجراءات التحفظية المتعلقة بحماية حقوق الطرفين إذا رأت أن الظروف تحتم ذلك )) .
إلا أن محكمة النقض الفرنسية قد ذهبت إلى القول بأن نص المادة ٢٦ مـن معاهدة واشنطن لا يمنع من الالتجاء إلى قضاء الدولة بطلب اتخاذ الإجراءات التحفظية بشأن المنازعات التي تخضع للتحكيم وفقا لمعاهدة واشنطن ، وأن سلطة محاكم الدولة في اتخاذ الإجراءات التحفظية ، والتي لم تستبعدها معاهدة واشنطن ، لا يمكن استبعادها إلا بناء علي اتفاق صريح من قبل الأطراف أو باتفاق ضمني يستفاد منه تبني الأطراف للائحة تحكيميه تشمل مثل ذلك التنازل.
ثانياً : موقف لوائح التحكيم من مسألة الاختصاص بالإجراءات الوقتية أو التحفظية
1- لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس :-
فالفقرة الخامسة المادة الثامنة من من لائحة التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس ، تقضي بأنه للأطراف قبل تسليم الملف للمحكم وبصفة استثنائية بعد تسليمه له ، الحق في أن تطلـــب اتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية من السلطة القضائية ، دون أن يعد ذلك مخالفة لاتفاق التحكيم الذي يجمع بين الأطراف ودون المساس بالسلطة المقررة للمحكم في هذا الشأن . وأنه يجب دون تأخير إبلاغ أمانة هيئة التحكيم بهذا الطلب والإجراءات التي اتخذتها السلطة القضائية ، علي أن تقوم الأمانة بدورها بإعلام كل من المحكم أو هيئة التحكيم .
وإذا كانت المادة ٥/٨ من لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس تقر للقضاء الوطني بالحق في اتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية ، وأن ذلك لا يعتبر تنازلا من الأطراف عن التحكيم ، فإن لائحة غرفة التجارة الدولية تعترف للمحكم بالسلطة في اتخاذ هذه الإجراءات فيتمتع المحكم في ظل النظام المعمول به وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس بسلطة إصدار الأوامر ذات الطابع التمهيدي الوقتي في المسائل المتصلة بالنزاع المعروض للفصل فيه بالتحكيم أمامه . وهذه السلطة الممنوحة للمحكم محدودة بإصدار الأوامر الوقتية في مواجهة الأعراف فقط ، بحيث لا يستطيع المحكم إصدار تلك الأوامر في مواجهة الغير ، وذلك للطبيعة النسبية لاتفاق التحكيم ، ومن ناحية أخري فإن الأوامر الصادرة من المحكم للأطراف المعنيين بالتحكيم لا تتمتع بالقوة التنفيذية الملزمة .
قضاء التحكيم المستعجل وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس :-
أنشأت غرفة التجارة الدولية بباريس نظاما جديدا يعرف بنظام قضاء التحكيم المستعجل ، وبدأت سريان القواعد الخاصة بهذا النظام ابتداء من أول يناير ۱۹۹۰ ، وتهدف إجراءات القضاء المستعجل ، والذي يستند إلي تعيين محكم من قبل الغرفة بناءا علي رغبة الأطراف ، قبل تشكيل هيئة التحكيم إلى وضع نظام إجرائي سريع وعاجل داخل نظام غرفة التجارة الدولية بباريس .
وتقضي المادة ١/٢ من القواعد المنظمة للمحكم المختص بالفصل في الأمور المستعجلة قبل تشكيل محكمة التحكيم بأن يختص المحكم وفقا لهذا النظام بما يلي :-
1- بإصدار الأمر باتخاذ أية إجراءات تحفظية أو أية إجراءات أخري تتسم بالضرورة بالطابع المستعجل ، لمنع ضرر مباشر أو خسارة غير قابلة للتعويض وذلك للمحافظة علي أي مـــــن حقوق أو ممتلكات أحد من الأطراف
2- أن يأمر أي طرف بأن يوفي للطرف الآخر أو لشخص آخر بأي مبلغ يجب الوفاء به .
3- أن يأمر باتخاذ أية إجراءات ضرورية للمحافظة أو إقامة الدليل .
وطبقا للمادة السادسة من القواعد المنظمة لاختصاص المحكم المستعجل ، يكون للمحكم إصدار الأوامر المتعلقة بالمسائل المستعجلة في خلال ثلاثين يوما .
ولا يعد القرار الصادر عن المحكم المستعجل حكم تحكيمي ، وبالتالي لن يكون هذا القرار الصادر عن المحكم المختص بالفصل في المسائل المستعجلة ، محلا للفحص والموافقة من قبل محكمة غرفة التجارة الدولية بباريس كما هو الحال بالنسبة للحكم التحكيمي وهو الأمر الذي أكدت عليه اللجنة الـــتي أعدت القواعد المنظمة لاختصاص المحكم المستعجل هذا فضلا عن أن هذا القرار أو الأمر الصادر عن المحكم المستعجل لن يكون قابلا لإصدار الأمر بتنفيذه من قبل المحاكم الوطنية وفقا للقواعد التي تحكم تنفيذ أحكام التحكيم .
2- الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية وفقا للقانون النموذجي التجاري الدولي :-
نصت المادة التاسعة من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي اعتمدته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ، علي أنه (( لا يعتبر مناقضا لاتفاق التحكيم أن يطلب أحد الطرفين ، قبل بدء إجراءات التحكيم أو في أثنائها من إحدى المحاكم أن تتخذ إجراءا وقائيا مؤقتا وأن تتخذ المحكمة إجراءا بناءا علي هذا الطلب )).
ونصت المادة ٣/٢٦ من لائحة التحكيم التي وضعتها ذات اللجنة علي أن (( تقديم أحد الأطراف لطلب اتخاذ إجراءات وقتية لدي السلطات القضائية لا يعد متعارضا مع الاتفاق علي التحكيم ، كما أنه لا يعد بمثابة تنازل عن هذا الاتفاق علي التحكيم )).
هذا وإذا كانت المادة ١/٢٦ من ذات اللائحة تقضي (( بأن لهيئة التحكيم السلطة في اتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات وقتية متي طلب ذلك أحد الأطراف وكان الإجراء متعلقا بنزاع يدخل في اختصاص هيئة التحكيم، ولا سيما الحق في اتخاذ إجراءات المحافظة علي السلع موضوع النزاع وطلب إيداعها في مكان أمين لدي شخص من الغير أو الأمر ببيعها إذا كانت قابلة للتلف )) .
إلا أن ما جاءت به المادة ٣/٢٦ يستهدف حماية موقوتة لدرء خطر محتمل ، إما ما هو منصوص عليه بالفقرة الأولي من ذات المادة يهدف إلي حسم نزاع علي نحو قاطع يجعل الحق مؤكدا وليس ضمنيا. ومن ثم ، كان منطقيا أن يظل لجوء أحد الأطراف إلى طلب اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي دون تأثير علي الأحقية في تحريك إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيه استنادا إلى اتفاق التحكيم الذي أبرمه وقبل الالتزام به مسبقا .