هو مبدأ ثبات النزاع بعناصره الثلاثة الأطراف والموضوع والسبب، غير أن هذا الأصل نظري خالص، يتراجع أمام قوة الأسس الأربعة السابق بيانها التي يقوم عليها إمكانية تعديل الموضوع أو السبب بما يعرف بالطلبات العارضة، وهذه الأسس تتمثل في ما أسميه بمبدأ الرشادة الإجرائية بما في ذلك ترشيد استخدام فكرة الوقت في الدعوى ومبدأ حسن التقدير القضائي، ومنع تعارض الأحكام، واحترام حقوق الدفاع، وهذه الأسس من الصعب علينا التضحية في التحكيم بها لمجرد القول بأن خصومة التحكيم تتأبى على بعض القواعد الإجرائية المألوفة، نعم هي كذلك، ولكن لا بد من ضبط المسألة بما لا يخل بضمانات التقاضي الاساسية.
فالأصل هو ثبات النزاع، والتزام المحكم بموضوع الدعوى كما حدده
الخصوم في نطاقه الأولي، وبموضوع العقد الأساسي والاستثناء هو تعديل هذا النطاق:
ا- فمن ناحية فان الاتفاق على التحكيم هو الذي يضع للمحكم حدود سلطته أو ولايته من الناحية الموضوعية، ولذلك حرصت المعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية وأنظمة مراكز التحكيم المؤسسي على تنظيم ما يعرف ببيان الدعوى الذي يحدد العناصر الثلاثة للادعاء من حيث الموضوع والأطراف والسبب، ويجب على المحكم التقيد بهذه العناصر، وإلا يكون قد أخل بمبدأ الحياد كما رأينا.
وبنفس القدر الذي تلتزم فيه هيئة التحكيم ببيان الدعوى تلتزم كذلك ببيان الدفاع.
وقد جمع القانون النموذجي بين البيانين في مادة واحدة، حيث نصت المادة ۲۳ منه على أنه على المدعى أن يبين خلال المدة التي يتفق عليها الطرفان أو تحددها هيئة التحكيم الوقائع المؤيدة لإدعائه، والمسائل موضوع النزاع، والتعويض المطلوب، وعلى المدعى عليه أن يقدم دفاعه فيما يتعلق بهذه المسائل، ما لم يكن الطرفان قد اتفقا بطريقة أخرى على العناصر التي يجب أن يتناولها هذان البيانان، ويقدم الطرفان مع بيانيهما كل المستدات التي يعتبر إنها ذات صلة بالموضوع، أو يجوز لهما أن يشير إلى المستندات والأدلة الأخرى التي يعتزمان تقديمها
غير أن قواعد التحكيم السويسرية)، ونظام التحكيم بمركز القاهرة الإقليمي كانوا أكثر دقة وتوفيقاً في تحديد بيان الدعوى، وبيان الدفاع وكذلك المادة ۲۷ من قانون التحكيم المصري، والقوانين العربية التي حذت حذوه كما رأينا.
وتبدو - في نظرنا - الدقة ومظاهر التوفيق في هذه النصوص من أنها فصلت عناصر النزاع الثلاثة تفصيلاً وافياً، على نحو يساعد المحكم على الالتزام بمبدأ حيادة تجاه عناصر النزاع.